منذ اليوم الأول للفصل الدراسي الثاني، ووتيرة الاحتجاجات تتصاعد بشدة داخل أسوار الجامعات المصرية، مطالبة بإقالة الرؤساء والنواب والعمداء والوكلاء، مطالبة بأن يكون اختيار هؤلاء بالانتخاب الحر، وليس عبر آلية التعيين التي كان أساسها الانتماء للحزب الوطني، هذا بالإضافة إلى إصرار الطلاب على وضع لائحة طلابية جديدة، ووضع قانون جديد لتنظيم الجامعات، ومن ثم حل الاتحادات الطلابية، وإجراء انتخابات نزيهة، والأهم هو تنفيذ القرار الخاص بطرد الحرس الجامعي ومنع تدخل الأجهزة الأمنية في كل ما يتعلق بشئون الجامعة.
وقد شارك في تلك الاحتجاجات جميع العناصر المكونة للجامعة، من طلاب وأعضاء هيئة تدريس، ومعيدون ومدرسون مساعدون، بالإضافة إلى بعض العمال والموظفين الذين طالبوا بتحسين شروط العمل الخاصة بهم وزيادة الحوافز.
وقد ذكرت صحيفة الشروق في عدد 8 مارس، أن عدد من طلاب الجامعات قرروا تنظيم أنفسهم فيما يعرف بائتلاف طلاب الثورة، وهو يضم عدد من الجامعات \”القاهرة، عين شمس، حلوان، الأزهر، جامعة المستقبل، وأكتوبر للعلوم الحديثة والآداب\” ، بالإضافة للعديد من التيارات السياسية، مثل الإخوان، العدالة والحرية، 6أبريل، اشتراكيين ثوريين، إلى جانب بعض الطلاب المستقلين، وذلك بهدف طرح برنامج طلابي ثوري شامل يتلاقى مع مطالب الثورة.
هذا، فقد رصدت لنا باحثة المؤسسة \”خلود صابر\” معظم أحداث الاحتجاج بجامعة القاهرة، فمنذ الأيام القليلة الأولى ، ومطالب الطلاب تتبلور حول مطلب أساسي واحد وهو رحيل د.حسام كامل، رئيس الجامعة، وبعض عمداء الكليات المحسوبين على النظام مثل عميد كلية الإعلام وعميد كلية التجارة، بالإضافة إلى عدد من المطالب الأخرى وهي : : إسقاط اللائحة الطلابية، تغيير قانون تنظيم الجامعات، انتخاب الإدارات الجامعية، إلغاء كافات العقوبات التأديبية بحق الطلاب، وإعادة تسكين طلاب المدن الجامعية المستبعدين لأسباب تتعلق بانتماءاتهم السياسية. إلا أن الطلاب حددوا مطلب رحيل رئيس الجامعة، كشرط أساسي لبدء التفاوض حول جدول زمني لتحقيق المطالب الأخرى، بالإضافة لرفضهم التفاوض مع إدارة الجامعة الحالية لكونها \”فقدت شرعيتها\” على حد تعبيرهم.
ولتحقيق هذه المطالب، لجا الطلاب إلى الاعتصام أمام مبنى القبة بالجامعة بداية من يوم الاثنين 7 مارس،معلنين أنهم لن يرحلوا حتى يرحل رئيس الجامعة، وفي اليوم ذاته قابل وفد طلابي، ممثلين عن القوات المسلحة، وقدموا لهم عريضة بمطالبهم، والتي تم وعدهم بالنظر فيها. هذا وقد ضم الوفد، عدة تيارات سياسية مثل \” الإخوان المسلمين، وحركة حقي\” إلى جانب بعض الطلاب المستقلين.
وقد استقى الاعتصام شكله الأساسي من ميدان التحرير، حيث شهد نصب خيام أمام مبنى القبة، ودخول عدد من البطاطين، بالإضافة إلى تشكيل نواة لجنة نظام، ولجنة مسئولة عن الإذاعة الخاصة المقامة عند القبة، وفي صباح اليوم التالي، قام وزير التعليم العالي د.\”عمرو عزت سلامة\” بزيارة للطلاب المعتصمين، حيث دعا وفد منهم للاجتماع ومناقشة مطالبهم، وهو ما حدث بعدها بساعات قليلة دون التوصل لقرار واضح، غير إعلانه بأنه لا يملك الحق في إقالة رئيس الجامعة، لكونه معينا بقرار جمهوري،والطرف الوحيد الذي يستطيع البت في هذا الأمر هو \”المجلس الأعلى للقوات المسلحة\”.
وبهذا استمر الطلاب في اعتصامهم يوم الثلاثاء، ومن ثم تم تعليق المبيت أيام الأربعاء والخميس والجمعة، مع استمرار الفعاليات الاحتجاجية صباحا، ثم عادوا ثانية للاعتصام والمبيت ابتداء من السبت 12 مارس.
واجتمع وفد من الطلاب الذي تم تشكيله سابقا بوزير التعليم العالي مرة أخرى يوم الثلاثاء 15 مارس، دون التوصل لأي جديد، غير بعض الوعود التي تتعلق بانتخابات اتحادات الطلبة.
وبذلك مع نهاية الأسبوع الأول للاعتصام، بدأت عدد من اللجان الطلابية في التشكل، بدءا بلجنة النظام والإذاعة، ثم اللجنة الإعلامية المسئولة عن إصدار البيانات الإعلامية، والتحدث مع وسائل الإعلام، وبعدها لجنة السفراء والتي تشكلت من طالبين من كل كلية من الكليات المشاركة في الاعتصام، وهذه بدورها تتولى مسئولية تعبئة باقي الطلاب من خارج الاعتصام، ودعوتهم للمشاركة.
وتعد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، هي أبرز نموذج احتجاجي، يجسد لنا اعتراض طلاب الجامعة على إدارتها، حيث نظم الطلاب اعتصاما مفتوحا، طالبوا فيه بإقالة عميد الكلية د.\”سامي عبد العزيز\” لكونه أحد رموز الحزب الوطني وعضو لجنة سياسيات، ولم تقتصر الاحتجاجات المطالبة بإقالته على الطلاب ، بل قام 30 عضو من أعضاء هيئة التدريس بالكلية، بالتوقيع على بيان موجه لوزير التعليم العالي، معلنين فيه عن تضامنهم مع الطلاب، ومطالبين بإقالة عميد الكلية، وقد جاء في هذا البيان ، اقتراحا بتشكيل مجلس انتقالي يقوم على تيسير أعمال إدارة الكلية لحين إجراء انتخابات،مؤكدين على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة ضد المتسببين في الفوضى و الاضطرابات التي حدثت داخل الكلية.
هذا وقد قام الطلاب بتصعيد احتجاجاتهم بإعلان إضراب تصاعدي عن الطعام، بحيث يضرب في اليوم الأول خمسة طلاب، وينضم لهم خمسة آخرون في اليوم التالي، وهكذا.
وقد توجه محامي المؤسسة لتحرير محضر إثبات حالة رقم 1692 لسنة 2011، إداري قسم جيزة، وتم إثبات حالة الطلاب المضربين وهم \”عمر عصام فرحات\”، \”حامد فتحي حامد\”، \”أحمد جمال نجار\”، \”عمرو محمد محمد\” و\”محمد حسن عبد الحميد\”، حيث من المفترض أن تقوم النيابة بالتحري عن الموضوع لمعرفة أسباب الإضراب، وفي نفس الإطار وبعد مرور 48 ساعة على إعلانهم الإضراب المفتوح، أصيب طالبين بحالة من الإغماء، مع إصرارهم على عدم فض الإضراب إلا بعد الاستجابة لمطالبهم، وذكر الطلاب أن الكلية أغلقت عيادتها أمام هذين الطالبين وذلك بأوامر من اللواء \”معتز أبو شادي\” أمين الجامعة.
وبصفة عامة فإن اعتصام طلاب جامعة القاهرة، مازال مستمر حتى وقتنا هذا، مصاحبا بالدعوى للتصعيد وبحث أساليب جديدة للضغط من أجل رحيل رئيس الجامعة الدكتور ، \”حسام كامل\” .
هذا وقد رصدت لنا الزميلة \” فاطمة سراج\” بعضا من الاحتجاجات في جامعة عين شمس، فمنذ الأسبوع الأول، والطلاب قرروا الاعتصام أمام قصر الزعفرانة مطالبين بإصلاحات داخل الجامعة على رأسها المطالبة برحيل د.\”ماجد الديب\” رئيس الجامعة، وإصلاح العملية التعليمية، توفير الخدمات العامة بالجامعة، إتاحة المناخ الذي يدعم حق الطلاب في ممارسة مختلف الأنشطة الطلابية، هذا بالإضافة إلى عدد من المطالب التي تخص حقوق العاملين بالجامعة، ومطالب أخرى تخص أعضاء هيئة التدريس، وعلى رأسها حل نوادي أعضاء هيئة التدريس وتكوين نقابة خاصة بهم، والعمل على أن تعتمد كل المناصب بالجامعة على آلية الانتخاب وليس التعيين . وفي مشهد مشابه لاعتصام جامعة القاهرة، قرر بعض الطلاب مواصلة اعتصامهم بالمبيت داخل الجامعة.
وفي الاثنين 14 مارس، قامت الشرطة العسكرية، بتهديد الطلاب المعتصمين داخل الجامعة، بفض الاعتصام بالقوة في حالة عدم انصرافهم، إلا أن الطلاب أصروا على موقفهم بالاستمرار مدعومين من أعضاء هيئة التدريس.
الثلاثاء 15 مارس
تظاهر أكثر من 2000 طالب بجامعة حلوان للمطالبة بإقالة رئيس الجامعة، كما دعا الطلاب إلى تخفيض سعر الكتاب الجامعي ودعمه ومنه بيعه خارج الجامعة، مع تأمين الجامعة بشكل مناسب وتخفيض المصاريف الدراسية، وذكرت صحيفة اليوم السابع أن ذلك تزامن ذلك مع تظاهر حوالي 200 طالب بالمدينة الجامعية أمام قبة الجامعة للمطالبة بتخفيض مصاريف المدن الجامعية والتي تصل إلى 175 جنيه شهريا لبعض الطلاب، في حين يدفع آخرون 240 جنيها بالشهر.
ولم تقتصر الحركات الاحتجاجية على الجامعات الحكومية فقط، بل امتدت لتشمل العديد من الجامعات الخاصة، وهنا يمكننا أن نستعرض أحد نماذج تلك الاحتجاجات، المنشورة في جريدة الدستور يوم 7 مارس والتي وصلت إلى حد أن اتخذ المجلس العسكري قرارا بإغلاق جامعة 6 أكتوبر، لمدة يومين، لحين الانتهاء من التحقيقات في قضايا الفساد المالي والإداري، وبحث مطالب أعضاء هيئة التدريس والطلاب والعاملين، وجاء ذلك بعد أن تظاهر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، للمطالبة بتنظيم العمل داخلها، عن طريق وجود نظام تأمين صحي لائق، وكذلك الحصول على الزيادة السنوية المقررة، فضلا عن المطالبة بمنحهم صورة من تعاقدهم مع الجامعة. كما دخل جميع موظفي الجامعة في إضراب مفتوح عن العمل لعدم تحقيق مطالبهم، والمتمثلة في تحسين الرواتب، وأن تكون هناك عدالة في توزيع المكافئات، واحتساب سنوات الخبرة، وتحسين الخدمات الطبية، وتعديل لائحة الجزاءات.
وفي نفس الخبر أشارت الصحيفة، إلى أن أكثر من 700 طالب بجامعة المستقبل، نظموا وقفة احتجاجية، للمطالبة بتشكيل اتحاد حر، وعدم زيادة المصروفات الدراسية، وتطبيق نظام الساعات المعتمدة.
كما ذكرت صحيفة المصري اليوم في 11 مارس، أن طلاب الجامعة الألمانية قد تظاهروا للمطالبة بحقهم في تشكيل اتحاد طلاب.
وفي نفس الإطار، ذكرت صحيفة اليوم السابع، أن إدارة كلية الأسنان بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا،\” MSA\” قامت بفصل أحد طلابها بشكل تعسفي، وذلك إثر وقفة احتجاجية، دعا فيها طلاب الجامعة من جميع الكليات، إلى وجود اتحاد طلاب حر، ومطالبين بوجود حرية تعبير لتناول الموضوعات.
كما ذكر الموقع الإلكتروني لجريد الأهرام في 16 مارس، أن نجل رئيس مجلس إدارة جامعة النهضة بمحافظة بني سويف، قد اعتدى على عدد من الطلاب المعتصمين منذ 15 مارس داخل الجامعة، فضلا عن فصل عدد منهم، وكان الآلاف من الطلاب قد حاصروا مبنى الإدارة الموجود به مكتب الدكتور \”صديق عفيفي\” رئيس مجلس الإدارة، للتنديد بالفساد الإداري داخل الجامعة.
وتعقيبا على هذه الحركات الاحتجاجية التي تعم جامعات مصر مطالبة بإصلاح إداري أو حتى بعزل رؤساء الجامعات، ذكرت صحيفة الشروق في 14 مارس على لسان وزير التعليم العالي د.\”عمرو عزت سلامة\” قوله \”ليس من سلطتي، إصدار قرار بتغيير رؤساء الجامعات، فهم يعينون بقرار جمهوري، ويعزلون بقرار جمهوري\”.
هذا وقد صدر قرار بحل جميع الإتحادات الطلابية، بجميع الجامعات المصرية ، وتم فتح باب الترشيح، لإنتخابات الإتحادات الطلابية، وسوف تصدر مؤسسة حرية الفكر والتعبير، تقريرا حول أهم معالم تلك الإنتخابات الطلابية