مذبحة ماسبيرو: وقائع قتل على أساس الهوية

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter

التقرير إعداد
سارة رمضان وعماد مبارك

محتوى التقرير
مقدمة التقرير 1
منهجية التقرير 2
خلفية عن أبرز أحداث العنف الطائفي في مصر بعد الثورة 4
المناخ المُمَهد لماسبيرو 7
هدم الجيش لسور دير “الأنبا بيشوي” 7
22 فبراير 2011 7
هدم كنيسة أطفيح كبداية للحراك 7
4 مارس 2011 7
استفتاء مارس الطائفية بديلًا للسياسة 8
19 مارس (أنا مع حذف الجزء دا) 8
أحداث إمبابة فشل وتواطؤ الدولة 9
7 مايو 9
لجنة العدالة الوطنية وإجهاض قبل البداية 9
مايو 2011 9
الماريناب قشة ماسبيرو 10
أغسطس – 30 سبتمبر 2011 10
مشاهد الغضب القبطي 11
ماسبيرو وقائع العنف المميت 13
من الذي دعا؟ 13
الأحد الدامي 14
النصف ساعة الأكثر دموية 16
التفتيش والبحث على أساس الهوية 18
المستشفى القبطي 18
خطاب اﻹعلام الرسمي 19
تحريض ضد المتظاهرين 19
أقتحام القنوات الفضائية 22
رواية السلطة للإحداث 23
الحكومة 23
المجلس العسكري ورواية مغايرة 24
محاولات طمس الحقيقة 26
لا صلاة على الجثث (المشرحة) 26
تلاعب بالتقارير الطبية 27
لا قيمة للأحراز 28
لا تعاون مع لجان تقصي الحقائق 29
القضية 30
عن ملف القضية 30
معلومات أساسية عن القضية: 30
أسماء القتلي وفقا لتقارير الطب الشرعي: 30
نتيجة الهرس والدهس 30
نتيجة اﻹصابة بطلق ناري 32
أسماء المتهمين: 35
الرواية الرسمية للأحداث 36
رواية إدارة الشرطة العسكرية فرع التحريات للأحداث: 36
تحريات اﻷمن العام بوزارة الداخلية 37
تحريات قطاع اﻷمن الوطني 39
المخابرات العامة 39
1. لا تتوافر لدينا أية معلومات بخلاف ما تم التنسيق بشأنه وتتضمن اﻷتي: 39
2. استعدادنا الكامل للتعاون مع سيادتكم بشأن أية معلومات تطلب منا للتوصل لنتائج تفيد التحقيقات”. 39
لجنة تقييم اﻷداء الإعلامي المشكلة بقرار وزير اﻹعلام: 40
عن اﻷسلحة وتقارير الطب الشرعي بشأنها (التقرير رقم 129): 41
عن تحقيقات قاضي التحقيق والنتيجة التي توصل إليها: 43
قاضي التحقيق وشهادات الزور: 43
لجنة تقصي الحقائق عن أحداث ماسبيرو 45
أولا: حالات الوفاة واﻹصابة: 45
1. المتظاهرون: 45
2. القوات المسلحة والشرطة: 45
3. المسئولية عن حالات الوفاة واﻹصابة: 45
4. حدث اعتداء بالحجارة من بعض اﻷهالي على المتظاهرين أثناء سيرهم في نفق شبرا، وسمع دوي إطلاق نار – وإن لم تحدث إصابات – وعلى جهة التحقيق الوصول إلى مرتكبي الواقعة. 45
وأخيرا التوصيات: 46
ملخص انتهاكات حقوق اﻹنسان التي شهدتها اﻷحداث 47
خاتمة التقرير 48

مقدمة التقرير

هل ينتمي الحدث، أي حدث، إلى الذاكرة، أم إنه ينتمي إلى الحقيقة، بوصفها واقعا خارجا عن أي ذاكرة فردية أو جمعية؟ لو سلمنا بأن ﻷي حدث وجودا مستقلا عن أي ذاكرة اتصلت يه، فلا إمكانية للوصول إلى الحدث في حقيقته، ﻷن ما يبقى لنا من الحدث هو فقط مجموع ما اختزنته الذاكرة البشرية أو امتداداتها عنه. في المقابل، لو أننا سلمنا بأن الحدث يوجد فقط في الذاكرة، فإن وجوداته المختلفة بين ذاكرة وأخرى تصبح متساوية في موثوقيتها، حيث أنه لا أصل خارج كل ذاكرة، يمكن مقارنة أي منها به والحكم عليها بالصدق أو الزيف.
تبدو هذه التساؤلات محلقة في سماء النظرية بعيدا عن أرض الواقع واحتياجاته. على هذه اﻷرض نحتاج بصفة دائمة إلى التثبت من رواية محددة نعتمدها كحقيقة ﻷي حدث. هذه ضرورة لا يمكن تصور حياتنا اليومية دونها. وفي أغلب اﻷحيان لا يضعنا الواقع المعاش أمام مثل هذه التساؤلات النظرية. فلا يجول بخاطر أي منا أن يتساءل إن كانت واقعة يومية بسيطة هي أكثر من ذاكرته عنها. فبالنسبة له، ذكرى الواقعة هي الحقيقة، بالرغم من يقينه بأن الواقعة نفسها لها وجود مستقل عن ذاكرته. ولكن الواقع المعاش نفسه قد يفرض علينا أن نتشكك في هذا التطابق المفترض والضروري بين الحقيقة والذاكرة.عندما تتعدد مرويات الذاكرة عن الحدث وتتناقض، نضطر إلى البحث عن وجود مستقل له عن أي رواية/ذاكرة ونصطدم بحقيقة أننا لا نملك عنه إلا ركاما من الروايات/الذاكرات. ولكن حقوق البشر ومصائرهم قد تكون على المحك ولا يمكننا |زائها أن نتوقف عند منطقة الشك الفلسفي فلا نتجاوزها. فإذا لم يكن للحدث وجود خارج الذاكرة، فوجوده فيها يبقى قابلا للتدقيق، لنصل إلى شروط موضوعية لنقد كل رواية للحدث. وفي هذه الحالة لا يمكن إدعاء أن الشروط الموضوعية تتعلق بالحدث كحقيقة خارج أي ذاكرة وإنما تتعلق بالاتساق الداخلي للذاكرة والذي يطرد التناقض ويسمه بالغربة والاندساس المتعمد على ما لا ينتمي إليه.
ما يسعى إليه هذا التقرير، كما كان الحال في تقريرنا السابق حول “أحداث محمد محمود”، هو مراكمة الذاكرة لتنسج بنفسها المجال الموضوعي لنقد أي رواية للحدث. هذه المرة الحدث هو ما أصبح معروفا باسم “أحداث ماسبيرو” نسبة إلى المبنى العلامة على ضفة نيل القاهرة والذي يؤوي المؤسسة اﻹعلامية اﻷهم في مصر، اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون، والذي في ظله تتابعت وقائع ليلة التاسع من أكتوير 2011، تحت مرأى من المبنى وكاميراته التي نقلت هذه الوقائع حية إلى بيوت ملايين المصريين. ومع هذه المتابعة الحية كان الحدث ولا زال يحيا في رمادية الشك حول “حقيقة” ما جرى. ليكون بذلك نموذجا صارخا ﻷن ما تراه العيون مباشرة أو من خلال الكاميرا، لا يكفي بذاته لتشكيل ذاكرة يمكن التسليم بالشكل المعتاد بأنها تطابق الحقيقة التي نفترض أنها مستقلة عنها.
ما نعرفه يقينا عن الحدث هو نتائجه المادية المباشرة. القتلى والمصابون، السيارات (عسكرية أو مدنية) المحترقة، فوارغ الطلقات النارية، إلخ. بخلاف ذلك فإن تفسير النتيجة المادية تتنازعه روايات متناقضة، أخذ بعضها طريقه إلى صفحات الوثائق الرسمية ليتحصن بها، والبعض اﻵخر رددته وسائل اﻹعلام ونشرته ليصنع ذاكرة جماعية لا يستهان بها، في حين بقي البعض اﻵخر محتجزا في ذاكرة من عاشوا الحدث بأنفسهم.
الوثائق الرسمية، تقارير اﻷجهزة، محاضر التحقيقات، وقائع جلسات المحاكمة، نسجت الرواية التي تحددت على أساسها المسؤولية الجنائية، أو لم تتحدد، وتركت المسؤولية السياسية معلقة في فراغ اﻹنكار أو هائمة تتعلق بأي طرف حسب ظروف وتقلبات السياسة في المرحلة اللاحقة. في المقابل فإن ذاكرة من عايشوا الحدث لم يقدر لها أن تنسج روايتها البديلة بالقدر الكافي ﻷن تؤثر في الواقع. وهو التناقض الذي يحاول هذا التقرير في جانب منه أن يظهره وإن لم يكن قادرا على حله بشكل كامل. فمن خلال تجميع هذه الذاكرة المنفية عن الوثائق الرسمية وأضواء اﻹعلام، نسعى ﻷن تنسج الرواية البديلة وجودها. وإلى جانب ذلك فإن تجميع ما وثقته اﻷوراق الرسمية مما انتقته من الذاكرة المعايشة للحدث يمكن بقدر ما تبين حدود المجال الموضوعي للمتسق بين تلك الذاكرة وما هو بالضرورة غريب عنها، بحيث يمكن محاكمته بالاختلاق والتدليس والكذب.
لا يتعامل الزمن بالشكل نفسه مع الذاكرة إن بقيت محتبسة في صدور أصحابها كما يتعامل مع تلك التي سمح لها بأن تخرج إلى اﻷوراق ووسائل التسجيل والتوثيق اﻷخرى. ومن ثم فإن ما يأخذ طريقه من ركام الذاكرة إلى ما نسميه بالتاريخ، لا يكون بالضرورة عادلا إزاء تلك الذاكرة التي لم يسمح لها بالتسجيل. ولا ينفصل سؤال ما يمكن له أن يبقى من الذاكرة عن سؤال السلطة، فالسلطة بتجلياتها المختلفة تملك أغلب أدوات التسجيل، وهي في أغلب اﻷحيان قادرة على نفي الذاكرة البديلة إلى نسيان يتسع بمرور الزمن. وبشكل ما فإن تقريرنا هذا كسابقه يحاول أن يتيح القدر الضئيل من أدوات التسجيل خارج سيطرة السلطة لذاكرة بديلة، أملا في ألا يغفلها التاريخ.
منهجية التقرير
موضوع التقرير هو أحداث العنف التي جرت يوم 9 أكتوبر 2011 وعرفت باسم “مذبحة ماسبيرو”، لكنه أيضًا من خلال الحدث الرئيسي يتناول سريعًا أحداث عنف وشحن طائفي وقعت منذ ثورة 25 يناير انتهاءً بالمذبحة، والتي يرى معدو التقرير أنها شكلت المناخ المُمهد لليوم الأكثر دموية في تاريخ الأقباط. كما يشير التقرير إلى أحداث ووقائع في التاريخ الحديث كمحاولة لفهم ملامح مشهد العنف الطائفي لمصر، ووضع الحدث الرئيسي –موضوع التقرير- في سياق أوسع.
ويسعى التقرير إلى تغطية الحدث، ورصد سياقه، واﻷطراف التي دعت إليه، ومطالبها، وانتهاكات حقوق اﻹنسان التي وقعت وما زالت، وكذا مراحل التقاضي المختلفة، وما صاحبها من محاولات لطمس بعض الوقائع. لذا جاءت الحاجة لكتابة هذا التقرير، لأهمية توثيق الأحداث من وجهة نظر غير رسمية –بخاصة من قبل الضحايا- وإتاحتها، في الكشف عن انتهاكات حقوق اﻹنسان التي وقعت خلال تلك اﻷحداث، وبالتالي إعادة إحياء الوقائع والذاكرة، من خلال جمع المادة وإتاحتها، ومن ثم تجهيز مادة أولية في طريق السعي لاستجلاء الحقيقة. آملين أن تساهم هذه المادة مستقبلًا في المساعدة على تحقيق العدالة الانتقالية، في حال وجود راغبين في ذلك على رأس السلطة.
كما يأتي هذا التقرير كرد فعل لمحاولة الحكومة المصرية طمس الحقائق. فقد امتنعت الحكومة المصرية عن نشر تقارير لجان تقصي الحقائق التي تولت جمع المعلومات عن هذا الحدث وأحداث أخرى تلت الثورة.لذا كان هناك ضرورة لمحاولة تقديم رواية بديلة عن رواية السلطة المروج لها في الإعلام الرسمي، ومحاولة سرد الوقائع وأحداث العنف التي شهدتها هذه اﻷحداث.. في محاولة لإنشاء قواعد تعزز مفهوم ذاكرة وضمير الضحايا والمجتمعات وتحافظ عليها وتعززها في مجابهة رواية السلطة ومحاولاتها طمس الحقائق.
مصادر المعلومات
يعتمد التقرير على عدد من المقابلات أجراها معدو التقرير خلال هذا عام 2015 مع مجموعة ممن شاركوا في أحداث ماسبيرو. كما اعتمد بشكل أساسي على العشرات من الشهادات الموثقة والمنشورة للمشاركين في الحدث، والتي وثقها أصحابها بعد الحادث مباشرة، ورأى معدو التقرير الاعتماد على الأخيرة بشكل أساسي لتجنب مراوغات الذاكرة، سواء بحذف أو إضافة أية تفاصيل، وذلك دون إغفال أهمية الأولى والتي تكون قد تحررت بدرجة ما من الانفعال والعاطفة التي تتلو هذه الأحداث. كما أعتمد أيضا على مجموعة من اﻷخبار والتقارير واﻷوراق والمقالات والتصريحات والمواد المصورة، التي تم نشرها أثناء وبعد اﻷحداث. كذلك يعتمد التقرير على تفريغ 290 دقيقة من بث التلفزيون الرسمي المصاحبة للحدث والتي وردت بشكل أكثر تفصيلًا في تقرير المؤسسة بعنوان ماسبيرو مجرمًا.1 هذا بخلاف أوراق القضية المعروفة بأحداث ماسبيرو بشقيها المدني والعسكري. باﻹضافة إلى ما رصدته المنظمات الحقوقية المختلفة. فمن خلال تلك الوثائق نحاول سرد الوقائع واﻷحداث في محاولة منا لطرح رواية مغايرة لراوية السلطة.
صعوبات التقرير
على مدار 7 أشهر وهي فترة إعداد التقرير، واجه فريق العمل صعوبات تنوعت طبيعتها تبعًا لمراحل الإعداد والكتابة، كان ظننا أن أغلبها قد يتعلق بالموضوعية، أو بتجهيل شهادات المشاركين في التقرير لضمان حمايتهم وتأثير ذلك على مصداقية المحتوى لدى المتلقي، وغيرها من المشكلات التي عادة ما تواجه الباحث في مصر، إلا أن موضوع وتوقيت كتابة التقرير وأطراف الصراع فيها قد فتحوا أبوابًا من الأسئلة الصعبة حول ما نحاول بالضبط تقديمه وأهميته في ظل هذا المناخ السياسي، والأرشفة في سياقها الأعم والأوسع، والإتاحة، والكتابة، وعما إذا كنا بالفعل نستطيع ضمان أمن وسلامة المشاركين في لحظة لا نستطيع فيها ضمان أمننا نحن.
في مراحل الإعداد الأولى، أثناء جمع المعلومات والبحث في الأرشيف الإلكتروني للصحف، والفيديوهات، وجدنا أن الكثير منه قد مُحي، وأصبح مجرد ومضات في ذاكرة بعض المعايشين للواقعة، فأصبحت التفاصيل التي قد لا تمثل أهمية وقت الانفعال بالواقعة ولكنها ضرورية في عملية التوثيق عصية وتحتاج لعناء بحثي لتدقيقها.
وجدنا كذلك صعوبة شديدة في الحصول على أوراق قضية ماسبيرو كاملة بشقيها المدني والعسكري، طرقنا أبوابًا كثيرة في أوساط المحامين والحقوقيين والنشطاء إلى أن تمكنا بعد أكثر من شهرين من تجميعها، إما لعدم رغبة في التعاون من قبل بعض الأطراف وإتاحة هذه الأوراق، أو لفقد جزء كبير من الأوراق نتيجة لعدم أرشفتها، فكان واضحًا أمامنا بعد كل هذه الرحلة أهمية وضرورة إتاحة هذه الأوراق من خلال أرشيف إلكتروني، يوفر على الراغبين عناء وجهد البدء من نقطة الصفر، ربما ليذهبوا أبعد مما استطعنا نحن الذهاب، أو لإتاحتها للقراءة والاطلاع فقط.

وخلال جمع شهادات من المشاركين لنسج رواية الضحايا عما حدث، وجدنا أنه بعد 5 سنوات من تاريخ الواقعة قد محيت من ذاكرة الضحايا تفاصيل بعض الأحداث، وأنهم بحاجة لجهد لاستدعائها مرة أخرى، خاصة مع تسارع الأحداث في تلك الآونة وتشابه تسلسلها، فكانت عملية التوثيق بعد 5 سنوات آلية خاضعة للذاكرة البشرية سواء بإضافة أو حذف تفاصيل، فرأينا الاعتماد بشكل أساسي على الشهادات المُؤرشفة على الفضاء الإلكتروني بعد الرجوع لأصحابها، فوجدنا أنفسنا أمام سؤال أخلاقي: هل نستطيع بحق تأمين وحماية المشاركين في وقت قد نعجز فيه نحن عن تامين أنفسنا وسط الهجمات الأمنية المتلاحقة؟ فبقدر ما نعي ما تحمله كلمة “تأمين” من معنى، بقدر ما واجهنا حقيقة أننا لا يمكننا ضمان تحقيقها للمشاركين. إلا أننا كنا حريصين على توضيح الخطر وضمان السرية لمن اختارها بتجهيل أسمائهم، وتجهيل كل ما يرغب المشارك في إخفائه كضمان لعدم الوصول إلى هويته، كما وجدنا ضرورة أخلاقية في البحث عن أصحاب الشهادات المنشورة والمتاحة على الإنترنت للحصول على موافقة من جديد على استخدام هذه المادة وتسليط الضوء عليها في هذه اللحظة وما تحمله من خطورة.

كل هذه الأسئلة وأكثر تجعل من عملية التوثيق، وجمع الشهادات والكتابة عن الأحداث المتتالية خاصة في فترات التحول السياسي مهمة صعبة ولكن أساسية، فمنذ عام 2011 وحتى اليوم تتوالى أحداث ترسم شكل هذه الفترة من التحول السياسي والاجتماعي في مصر.

خلفية عن أبرز أحداث العنف الطائفي في مصر بعد الثورة
للدولة المصرية الحديثة تاريخ طويل من التمييز ضد الأقباط والفشل في حمايتهم من هجمات المتطرفين، بل والتواطؤ أحيانا فيها، فكانت تلك سمة مشتركة بين الأنظمة السياسية التي حكمت مصر، والتي دائمًا ما كانت تزعم تأسيسها لـ “دولة القانون والمساواة”. ودائمًا ما سعت هذه الأنظمة لضمان اصطفاف الأقباط مع الدولة باستخدام الكنيسة، وبإطلاق فزاعة الحكم الإسلامي المتطرف كبديل حال هبوب رياح التغيير، وذلك على الرغم من كون الدولة نفسها طرفًا فيما يمارس ضد الأقباط من عنف، فبدءًا من توظيف الخطاب الطائفي في المواقف المختلفة، ومرورا بسياسات التعليم وصولًا إلى التمثيل في مؤسسات الدولة وبناء نظام تشريعي وسن قوانين ترسخ للعنف ضد الأقليات ومن بينها الأقباط، كان لابد لقطاع كبير من الأقباط على اختلاف تنويعاتهم الاجتماعية من أن تصبح الكنيسة الملاذ الآمن بالنسبة لهم، خاصة خلال عصر السادات الذي عدل المادة الثانية من الدستور، لتصبح “الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، بعد أن كانت الشريعة الإسلامية “واحدة من المصادر الرئيسية للتشريع”، والذي أطلق أيضًا العنان للجماعات الإسلامية والجهادية في حربه ضد التيارات القومية واليسارية2.

استمرت مطالب الأقباط نفسها تقريبًا على مدار هذه السنوات، ونجحت الكنيسة في كثير من الأحيان في أن تتحدث باسم أقباط مصر كمدافع ومتفاوض على حقوقهم، وظلت احتجاجات الأقباط حبيسة داخل أسوار الكنيسة، إلا أنه مع اتساع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية والحراك المناهض لمبارك في 2010 والذي شمل قطاعات عديدة، نقل الأقباط احتجاجهم إلى الشارع، فتظاهروا لأول مرة بميدان التحرير في فبراير 2010، للتنديد بأحداث نجع حمادي والتي أسفرت عن مقتل 7 من الأقباط3، وفي أعقاب تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس السنة عام 2011، والتي راح ضحيتها العشرات، خرج الأقباط مرة أخرى للشارع بمسيرات استمرت أسبوعًا تجوب شوارع شبرا، اتسعت هذه الاحتجاجات نتيجة لوجودها خارج الكنيسة، مما ساهم في انضمام ومساندة عدد من الحركات السياسية لها والتي ألقي القبض على عدد منهم أثناء الاحتجاجات4. تدخلت الكنيسة لوقف الاحتجاجات، وانتقد البابا شنودة5 المتظاهرين بدعوى أن هذه التظاهرات تسيء إلى صورة الأقباط، وأن هناك قوى تندس لركوب الموجة باسم التعاطف وهم بعيدون كل البعد عن المشكلة، مضيفًا “هذه العناصر تتكلم باسم الأقباط وهم بعيدون عن قيمنا.”6
ومع انطلاق دعوات التظاهر التي أطلقتها القوى السياسية والثورية في يناير 2011، رفضت الطوائف القبطية الثلاث؛ الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية، المشاركة معلقين “لا نقبل الخروج على الحاكم إطلاقًا”، واتخذ البابا شنودة موقفًا محافظًا، مثل شيخ الأزهر، وحث الكنائس على ضرورة توعية الشباب لعدم الانجرار لتلك الدعوات، مشيرًا إلى أن الأقباط شعب لا يثور ولا يعصي السلطة.7 إلا أن شباب الأقباط خرج كغيره للتظاهرات، التي تحولت فيما بعد لثورة شعبية، أطاحت بمبارك، وأدت إلى تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة في فترة انتقالية امتدت طوال عام ونصف.
ارتفعت آمال وطموحات الجميع، ومن بينهم الأقباط، منتظرين نفحات عصر الحرية الجديد، وإنهاء إرث من الطائفية والعنف الذي تعرضوا له، بسبب استبداد النظام وقمعه الأمني. ساهم في ذلك الصورة الملحمية التي شهدت عليها ميادين مصر، والتي كانت وحدة طوائف الشعب حاضرة فيها في مواجهة الدولة، إلا أن حلم مصر 25 يناير قد تبدد سريعًا، وظل تفاؤل الأقباط بدولة المواطنة يتراجع مع سلسلة من الأحداث بدأت خلال الفترة الانتقالية إلى أن وصلت ذروتها في أحداث ماسبيرو.
ففي أعقاب الثورة، وعلى مدى فترة 9 أشهر انتهت بمجزرة للأقباط، ظلت أسباب العنف الطائفي تتصاعد بوتيرة غير مسبوقة؛ خاصة مع تجاهل أسبابه والتعامل معه فور حدوثه. وانتهج المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال هذه الفترة، سياسات الأنظمة السابقة مع الأقباط، بل سياسات اتسم بعضها بالعنف والتواطؤ. فعمل على استمرار الاحتقان الطائفي وشارك في تأجيج أسبابه، بعدم وجود تشريعات لحماية المسيحيين، وكون السبيل الأول إلى العلاج والحل يبدأ من الدولة، والتي يمكنها نزع فتيل العنف الطائفي؛ بشرط توافر الإرادة السياسية اللازمة، وبتبني سياسات تعلي من وتحترم سيادة القانون العادي غير الاستثنائي، ولا تميز بين المواطنين، وترسّخ قيم المواطنة وأسس العدالة والمساواة.8 إلا أن طوال هذه الفترة تجاهل المجلس العسكري مطالب الأقباط والتي تمثلت في إخضاع تراخيص بناء وترميم الكنائس للقواعد العامة للبناء، والتي تسري على بناء المساجد، بإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة؛ احترام حق المواطنين الدستوري في ممارسة شعائرهم الدينية دون تمييز؛ إلغاء سياسة التمييز غير المكتوبة والمعمول بها من حظر التحاق الأقباط ببعض الوظائف في المؤسسات السيادية (الجيش ووزارة الداخلية)؛ مراعاة التمثيل العادل للأقباط في المواقع التشريعية والتنفيذية، وتنقيح الخطاب الديني، وإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، وهي المطالب التي تتقاطع مع مطالب فئات أخرى.
وتشير التقارير والإحصائيات الحقوقية إلى أن النزاعات المتعلقة ببناء الكنائس على رأس أسباب العنف الطائفي، يليها النزاعات المرتبطة بالعلاقات العاطفية أو الجنسية، وتأتي النزاعات المتعلقة بالتعبير عن الرأي في المسائل الدينية في المرتبة الثالثة، ثم النزاعات المدنية كمفجر للعنف الطائفي.9
وتحاول السطور القادمة أن تسرد أهم ملامح المشهد الذي سبق ومهد لأحداث اليوم الأكثر دموية وطائفية في تاريخ مصر بعد الثورة آنذاك، في محاولة للوصول من خلاله إلى أن هناك ما كان يستدعي ويستوجب خروج الأقباط للمطالبة بحقوقهم والمحافظة على الإحساس بالمواطنة الذي عززته الثورة، وأنه في المقابل سعى المجلس العسكري لوأد أي حراك للأقباط، خاصة بعد أن تكونت من رحم الثورة حركات احتجاجية قبطية تضامن معها شباب الثورة، حتى وإن تضمن ذلك استخدام العنف المفرط والقتل خارج إطار القانون الغير مسبوقين ضد أقلية سلمية مضطهدة لضمان إرثه وبسط سيطرته على البلاد من أي حراك قد يهدد ذلك، فلجا إلى الكنيسة لاحتواء الغضب القبطي، واعتمد على جلسات عرفية تتحدث عن “الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة” لاحتواء النزاعات والاعتداءات الطائفية على الكنائس ودور العبادة، كبديل عن تطبيق أحكام الدستور والقانون وفتح حوار مجتمعي تشارك فيه فئات المجتمع، هذه الجلسات التي اعتمدت على بسط الأغلبية سلطتها على الأقلية والضغط على الضحية للتراضي. واستمر المجلس العسكري في سياسة الدولة المعتمدة لحل الأزمة على التدخل الأمني وتجاهل علامات التوتر والاحتقان وعدم التعامل مع أسبابه ثم الدفع بقوات اﻷمن لوقف العنف بعد اشتعاله ومطاردة الجناة.

إلى جانب ذلك ساهمت عوامل اقتصادية واجتماعية في رسم مشهد العنف الطائفي، وتشير تقارير وإحصائيات حقوقية إلى أن أغلب حوادث العنف الطائفي كانت في المناطق التي تحتل مرتبة متأخرة وفقًا لمعدلات التنمية البشرية.10

المناخ المُمَهد لماسبيرو

هدم الجيش لسور دير “الأنبا بيشوي”
22 فبراير 2011
بعد أقل من شهر من اندلاع ثورة الخامس والعشرون من يناير، وتحديدًا في 22 فبراير عام 2011 قامت مجموعة من قوات الجيش بهدم سور في مواجهة دير الأنبا بيشوي11 بوادي النطرون، كان قد بناه الرهبان حينها بهدف التأمين بعد الانفلات الأمني الذي صاحب أحداث الثورة، أصيب خلال عملية الهدم خمسة من العمال بالدير وأحد الرهبان نتيجة لاستخدام قوات الجيش العنف المفرط، جاء العنف كبديل عن القانون في حل نزاع يعتبر مخالفة تعدي على أراضي مملوكة للدولة، والتي من شأن القانون أن يُحدد وحده القائمين عليها والعقوبة المناسبة لفعلها، أدانت الكنيسة في بيان رسمي ما حدث رافضة استخدام العنف الذي وصفته بغير المبرر، كما دعت مجموعة من الشباب القبطي لتظاهرات انطلقت من الكاتدرائية إلى ميدان التحرير للتنديد بما حدث12، في اليوم التالي أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانه رقم (13)13 عبر الصفحة الرسمية له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” نفى خلاله أي اعتداء على الدير، مؤكدًا أن ما تم هدمه هو السور المخالف المبنى خارج الدير على أراضي الدولة.

هدم كنيسة أطفيح كبداية للحراك
4 مارس 2011
انطلقت في قرية صول بحلوان محافظة الجيزة شائعة مفادها أن مسيحيو القرية يستخدمون كنيسة أطفيح في أعمال السحر والشعوذة، وذلك على أثر خلاف بين عائلة مسيحية وأخرى مسلمة، بسبب ما أُشيع عن علاقة عاطفية بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي.14 بعد ثلاثة أيام، في 4 مارس 2011، هدمت مجموعة من الأهالي الغاضبين كنيسة الشهيدين “مار جرجس ومار مينا” انتقامًا.
دفع الاعتداء الثاني على دور العبادة المسيحية بعد الثورة، مجموعات من الشباب والنشطاء المسيحيين لبناء حركة تمثلهم وتطالب بحقوقهم15. أعلنت الحركة عن نفسها باسم “اتحاد شباب ماسبيرو”، وهي أول حركة سياسية قبطية تنشأ بهذا القدر من الاستقلال عن مؤسسة الكنيسة. يقول أحد مؤسسي الحركة في شهادته لحرية الفكر والتعبير، “اتفقنا كمجموعة على أن يكون لنا صوت؛ خاصة بعد الثورة. اتفقنا على النزول. وقع اختيار المكان على ماسبيرو. اخترناه لأنه مكان حيوي،[له] رمزية. لأننا نريد إيصال أصواتنا”. فكان اتحاد الإذاعة والتلفزيون الاختيار الأنسب لبدء الاعتصام.
يبدو أن أيام الاعتصام التسع قد أتت ببعض الثمار (6 – 15 مارس)، ففي اليوم الثاني ألتقى الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء حينها، المتظاهرين أمام مبني التليفزيون ووعد بإعادة بناء الكنيسة، والتحقيق مع المتسببين في هدمها.، وكما جرت العادة تعاملت الدولة بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالطريقة الأقدم، واعتمدت على جلسة عرفية لحل النزاع، كبديل عن الحلول السياسية والقانونية. حيث أكد اللواء حسن الرويني، قائد المنطقة المركزية للقوات المسلحة السابق، خلال مؤتمر عقده بالقرية حضره قيادات أمنية، ومشايخ العائلات، بالإضافة للشيخ محمد حسان، التزام القوات المسلحة بإعادة بناء الكنيسة وترميمها في التوقيت المحدد،16 فيما مارس ضغوطًا على مطران منطقة حلوان لنقل الكنيسة من موقعها القديم إلى خارج القرية بهدف الحماية، وهو ما رفضته قيادات كنسية.17
لم تقنع وعود المجلس العسكري للأقباط اتحاد شباب ماسبيرو بفض الاعتصام، فلجأ المجلس لاستخدام القوة بشكل واضح لأول مرة ضد الأقباط، فتم فَض الاعتصام وألقى القبض على 17 من المعتصمين.18
بعد شهرين صرح المتحدث الرسمي للنيابة العامة المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد أنه لم يقدم للنيابة العامة أي متهمين، وأن النيابة ستطلب أن يتولى القضاء العسكري إجراءات التحقيق والمحاكمة في حال تقديم متهمين.19
استفتاء مارس الطائفية بديلًا للسياسة
19 مارس
على الرغم من أن استفتاء 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية كان أول تجربة ديمقراطية تُخاض بعد إسقاط ثورة 25 يناير لنظام مبارك، إلا أنها حدثت وسط أجواء شديدة الاستقطاب، تحول فيها النقاش على التعديلات من دستوري وسياسي إلى نقاش طائفي على الهوية بدأته التيارات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين20 ولحقت به الكنيسة.21
وفي إطار سعي كلا التيارين إلى فرض رؤيته، توجه كل طرف إلى خيار الشارع كوسيلة للضغط، وتحقيق مكاسب ربما تعجز السياسة عن تحقيقها، فامتلأت الشوارع بدعاية طائفية موجهة وفتاوى قادتها التيارات الدينية، فأصبحت “نعم” بقيادة التيارات الإسلامية طريقًا للجنة، تعبر عن نصرك للدين، ومجابهتك للدولة المدنية التي تسعى لإلغاء المادة الثانية من الدستور والتي لم تكن طرفًا في التعديلات، بجانب الترويج بالطبع لدعاوى الاستقرار والأمن وعودة الجيش السريعة إلى الثكنات، و”لا” بقيادة الكنيسة وبعض التيارات المدنية والتي مثلت طوق النجاة من الدولة الدينية وخطر الإسلاميين حال وصولهم للحكم. جاء هذا جنبًا إلى جنب مع دعاوى أقل انتشارًا من تيارات مدنية ثورية تضمنت انتقادات دستورية وسياسية دعتها لرفض التعديلات، مطالبين بدستور جديد يحقق المطالب التي قامت الثورة لأجلها ويحمي مكتسباتها ويواءم متطلبات المرحلة الراهنة.
وبين “غزوة الصناديق” و”قالت الصناديق للدين نعم” التي روج لها أحد شيوخ السلفية22، و”ابحث عن العِمة” الذي روج له أحد القساوسة23، أٌجري الاستفتاء على التعديلات الثمانية في دستور عام 1971 كحزمة واحدة، اختصت جميعها بتنظيم إجراء الانتخابات الرئاسية ومدتها وشروط خوضها.
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في اليوم التالي للاستفتاء الذي تخطت نسبة المشاركة فيه 41% ممن لهم الحق في التصويت، أن النتيجة “نعم” بنسبة 77%، بواقع 14.2 مليون مشارك، وأن “لا” 4.2 مليون بنسبة 22.8%24.
عقب ظهور نتيجة الاستفتاء بالموافقة، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عزمه إصدار إعلان دستوري ينظم العمل في المرحلة الانتقالية، حتى انتخاب رئيس الجمهورية والمجلسين التشريعيين، وصدر الإعلان الدستوري في 30 مارس 2011.

أحداث إمبابة فشل وتواطؤ الدولة
7 مايو
توجهت مجموعة مسلحة في 7 مايو 2011 إلى كنيسة مار مينا بإمبابة. ذهبوا لتفتيش الكنيسة بحثا عن سيدة تدعى عبير، قال زوجها إنها اختفت في مارس بعد إشهارها الإسلام وزواجهما، وأنه تلقى اتصالًا منها يفيد بأنها محتجزة بإحدى كنائس إمبابة بشارع المشروع. حاصر المسلمون الكنيسة بعد امتناع المسيحيون عن السماح لهم بالتفتيش. وانفجر المشهد بعد عيار ناري أطلق في الهواء، واندلعت اشتباكات حادة بالأسلحة البيضاء وقنابل المولتوف بين الطرفين، راح ضحيتها 13 قتيلًا وأكثر من 280 مصابًا، بالإضافة إلى حرق كنيسة العذراء وتدمير بعض المنازل والمحال التجارية.
لم تتدخل قوات الجيش لحماية الكنيسة أو لتمكين سيارات الدفاع المدني من الوصول إليها لإطفاء النيران، بل حتى لم تمنع مسلميالمنطقة من إتمام عملية الهدم.25
بعد أسبوع، أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريره عن الواقعة، وأكد فيه أن الشرطة لم تتمكن من السيطرة على الموقف، لافتا إلى أنه بعد أن حضرت قوات الجيش إلى مكان الواقعة، لم تتخذ الإجراءات التي تنهي الاشتباك،، مما أدى إلى استمرار المشاحنات بالمنطقة إلى الثالثة من صباح اليوم التالي. وأضاف التقرير، أن المسيرة، التي وصلت إلى كنيسة العذراء وأضرمت فيها النيران، لم يتم التعامل معها، رغم تواجد قوات الجيش، وأن الاعتداء على الكنيسة استمر 45 دقيقة.26
اكتفى اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية حينها، بالتصريح عن وجوب التعامل بحزم.27 دون إشارة لتقاعس الدور الأمني في الحد من المواجهات وتأمين باقي الكنائس في المنطقة، بلغ فشل الأجهزة الأمنية –الشرطة والجيش- حد اضطرار الأهالي نقل المصابين بأنفسهم، وتكوين شباب المنطقة لجانا شعبية، ودروع وقاية، لحماية الأهالي والمنازل، أما المجلس اﻷعلى القوات المسلحة فقد لجأ للآليات العرفية فاستعان بالشيوخ لتهدئة المسلمين، وبالقساوسة لتهدئة الأقباط، وأعلن المجلس الأعلى في رسالته رقم (48) إحالة 190 شخصا تم القبض عليهم إلى النيابة العسكرية العليا.28
اعتبر الأقباط تصريح المجلس اﻷعلى للقوات المسلحة مجرد وعود كسابقيها، وقرر اتحاد شباب ماسبيرو، للمرة الثانية منذ تأسيسه، الاعتصام أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، للمطالبة بمحاكمة المتورطين في أحداث العنف الطائفي، تعديل المادتين الأولي والثانية من الدستور، وسن قوانين أحوال شخصية مدنية تطبق على الجميع. في اليوم التاسع للاعتصام وبعد اشتباكات بين (أفراد في زي مدني) والمعتصمين بالحجارة المولتوف، طالب البابا شنودة بفض الاعتصام، وقال في بيان وجهه إلى المعتصمين وألقاه سكرتير البابا “إن الأمر تجاوز التعبير عن الرأي وقد اندس بينكم من لهم أسلوب غير أسلوبكم، وأصبح هناك شجار وضرب نار، وكل هذا يسيء إلي سمعة مصر وسمعتكم أيضا. لذلك يجب فض هذا الاعتصام فورا. وأن ما يحدث لا يرضي أحدا. وان صبر الحكام نفذ. وأنتم الخاسرون إذا استمر اعتصامكم”29، رفض المعتصمون بيان البابا واستمروا في اعتصامهم حتى 19 مايو إلى أن أعلن القمص متياس نصر، أن الحكومة استجابت لمطلب الإفراج عن خمسة مسيحيين اعتقلوا بعد صدامات أمام كنيسة العذراء.
لجنة العدالة الوطنية وإجهاض قبل البداية
مايو 2011

عقب أحداث إمبابة في مايو 2011، كلف المجلس العسكري حكومة عصام شرف آنذاك، بتشكيل لجنة “العدالة الوطنية بمجلس الوزراء”، والتي ضمت خبراء في مجالات مختلفة، بهدف صد محاولات الفتن الطائفية، ورسم خريطة للمشاكل والقضايا المتعلقة بهذا الملف، واقتراح الحلول الفعالة وسرعة تنفيذها، وتم تكليف اللجنة بإعداد مشروع قانون يجرم كل أنواع التمييز بين كل المواطنين المصريين عملا بنصوص المواد الواردة في الإعلان الدستوري، ودراسة مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة، بالإضافة للاستجابة لطلبات فتح الكنائس المغلقة بعد دراسة كل حالة، وحظر التظاهر والتجمهر أمام دور العبادة، وتفعيل القوانين التي تحظر استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية والحزبية، كما تضمن عمل اللجنة موافاة رئاسة مجلس الوزراء بنتائج التحقيقات في أحداث الفتنة الطائفية التي حدثت بعد الثورة، والإعلان عنها دون الإخلال بسرية التحقيقات.30
بدأت الانقسامات والخلافات تتصاعد داخل اللجنة بعد شهر واحد من تشكيلها، حيث أبدى بعض المؤسسين من الأقباط وشباب الثورة استياءهم من رئيس اللجنة، الدكتور على الغتيت، المستشار القانوني لمجلس الوزراء، لعدم عقد أي اجتماعات رسمية، ولضعف أداء عمل اللجنة، والتي لم تتطرق إلى أي قضية من القضايا الطائفية العاجلة حينها، ولم تقم بدورها، بالاطلاع على قانون بناء دور العبادة الموحد.31
استمرت اللجنة في عملها بشكل صوري، تعقد اجتماعا من حين إلى آخر، وتصدر تقارير يتم تجاهلها، كان أخرها تقرير اللجنة حول هدم كنيسة الماريناب بأسيوط، الأمر الذي دفع المستشارة نهى الزيني وآخرين لتجميد عضويتهم باللجنة32، فكان آخر عمل للجنة في أكتوبر 2011، لتندثر بعد ذلك بعد أن تم إجهاض أي محاولات جادة لعملها.
الماريناب قشة ماسبيرو
أغسطس – 30 سبتمبر 2011
شهدت قرية الماريناب، التابعة لمركز إدفو محافظة أسوان، على مدار شهر، أعمال عنف بين مسلمين ومسيحيين، انتهت بهدم عدد من المسلمين كنيسة الشهيد مار جرجس، وحرق بيوت للمسيحين. تفجرت الأحداث عندما شرع أقباط القرية في تحويل مبنى خدمي، من الطوب اللبن، إلى كنيسة، بعد حصولهم على ترخيص من الجهات المختصة بإعادة بنائه بالخرسانة.
تفيد الشهادات والأوراق الرسمية بأن مسيحيو القرية واظبوا على الصلاة في المبني محل الخلاف منذ عام 1940، وخوفًا من انهيار المبني تقدموا بطلب للإدارة الهندسية لترميم الكنيسة، بعد معاينة لجنة استشارية هندسية من محافظة أسوان للمكان، أصدرت تقريرها بأن المبنى لا يصلح للترميم أو للصلاة فيه وأنه يجب إحلاله وتجديده، أرسل محافظ أسوان طالبًا رأى مفوضي هيئة الدولة، صدر القرار بأنه لا مانع من إحلال وتجديد الكنيسة، وافقت الإدارة الهندسية للمحافظة على الرسوم الهندسية، وصدرت رخصة البناء برقم 42 لسنة 2011 باسم كنيسة مار جرجس.33
بعد احتجاجات مسلمو القرية على عملية البناء وتجدد المناوشات والاحتجاجات أمام الكنيسة، ‏صدرت أوامر أمنية بوقف عملية البناء لحين انتهاء الأزمة، عقدت ‏خلال هذه الفترة 3 جلسات‏ ‏عرفية بحضور‏ ‏قيادات أمنية ‏وممثلين لعائلات القرية ‏المسلمين والمسيحين، اضطر المسيحين خلال الجلسة الأولى للموافقة على شروط المسلمين والتي تضمنت عدم‏ ‏وضع‏ ‏صلبان‏ ‏‏أعلى ‏الكنيسة، وعدم‏ ‏تعليق أجراس‏ أو ميكروفونات. فيما رفضوا هدم القباب الست الموجودة أعلى الكنيسة، انتهت الجلسة برضا الطرفين وتعهد المسلمين باحتواء الشباب، وعدم التعرض لعملية البناء، إلا أن احتجاجات تجددت بعد يومين ورفض مسلمو القرية أن يتم بناء الكنيسة من الأساس، وفشلت جلسات الصلح، إلى أن انتهى الأمر بهدم الكنيسة في حضور القوة الأمنية المعينة للحماية بعد تحريض من خطيب صلاة الجمعة في 30 سبتمبر.34
كان لتصريحات محافظ أسوان “مصطفى السيد” دور في اشتعال الأزمة، حيث نفى وجود اضطهاد للأقباط في القرية أو تعرض اﻷبرياء للاعتداءات أو المساكن للحرق، كما برر اللواء السابق عملية الهدم بدعوى أن المبنى “مضيفة” وليس كنيسة، وأن المسيحيين خالفوا شروط البناء بتعديهم المساحة المصرح بها بالمستندات القانونية، مما استدعى عملية الهدم تطبيقًا للقانون، مضيفًا أن الكثافة السكانية أقل من الحد الذي يسمح بإقامة كنيسة، وأن أقرب كنيسة تقع على بعد 2 كم فقط.35
غضب المسيحين يتصاعد، ويبدو أنه لا نية لدى حكومة عصام شرف والمجلس العسكري لإيجاد جلول جادة لحل الأزمة، كسابقتها اكتفي الطرفان بالوعود والجلسات العرفية كبديل للحلول السياسية والقانونية، وبالرغم من التقارير التي رفعتها عدة جهات لمجلس الوزراء، والتي تضمنت تحذيرات من اشتعال الأحداث، وكذلك نقاط واضحة لحل الأزمة، إلا أن قيادة البلاد قابلتها بالتجاهل التام، حيث أوصت لجنة “العدالة الوطنية”، التي شكلها مجلس الوزراء لمتابعة ملف الأزمات الطائفية، بعزل محافظ أسوان، لعدم كفاءته في التعامل مع أزمة كنيسة الماريناب، وحملته مسئولية توتر الأوضاع، وطالبت اللجنة في تقريرها بالترخيص للكنائس التي تقام فيها الصلوات والتي لم تحصل على تصاريح في السابق.
أصدرت اللجنة تقريرها بعد الاطلاع على تقرير لجنة تقصى الحقائق التي ذهبت إلى أسوان للوقوف على أسباب وتداعيات الحادث، وقالت اللجنة في تقريرها “اللواء مصطفى السيد محافظ أسوان، أخطأ في التعامل مع الأزمة بالإضافة التي تصريحاته التي استفزت الأقباط”، كما قدم المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية، تقريرًا لرئيس الوزراء د. عصام شرف، يتضمن مجموعة من الإجراءات للتعامل مع الموقف، لم تُعلن الحكومة وقتها عن نتائج أي من التقارير، كما لم تشر في أي من بياناتها الرسمية إلى دور اللواء مصطفى السيد في اشتعال الأزمة خاصة بعد تصريحاته الرسمية التي لم تتبرأ منها الدولة وبالتالي تعبر عن موقف الحكومة.36
مشاهد الغضب القبطي
1 أكتوبر – 8 أكتوبر
يُعلن القمص صليب إلياس الديك، وكيل مطرانية أسوان، عن صوم انقطاعي للأقباط في أسوان لمدة ثلاثة أيام، قائلا “نحن نهدف في صومنا أن نقول لله ارحمنا يا الله، وأن يتدخل في حل الأزمة الحالية، وهذا دور الكنيسة الروحي أنها تلجا لله في وقت الأزمات والضيقات لكي يتدخل برحمته.”37
خارج أسوار الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، كانت هناك مشاهد أخرى للتعبير عن الغضب، مئات الأقباط يفترشون الأرض بشارعي 26 يوليو ورمسيس، يرددون هتافات ضد حكم المجلس العسكري، ينضم إئتلاف شباب الثورة للاحتجاجات للمطالبة بإعادة بناء الأجزاء المزالة من كنيسة الماريناب وإقالة محافظ أسوان.38 تظاهرات في 3 أكتوبر أمام ديوان عام محافظة أسوان اعتراضًا على منع الأقباط من إقامة دور للعبادة وحرق منازلهم.39 4 أيام مرت دون إعلان اعتذار من الحكومة أو إقالة المحافظ، فانطلقت دعاوى من اتحاد شباب ماسبيرو للتظاهر أمام اتحاد الإذاعة والتلفزيون، آلاف يستجيبون و يعلن المتظاهرون في 4 أكتوبر عن نيتهم الدخول في اعتصام مفتوح للمرة الثالثة أمام ماسبيرو لحين تنفيذ مطالبهم.40 في المساء فضت قوات الشرطة العسكرية الاعتصام بالقوة، أطلقت الرصاص في الهواء، واستولت على محتويات سيارة نصف نقل كانت تنقل خيام وبطاطين تمهيدًا لبدء الاعتصام.41 زاد غضب الأقباط بعد انتشار فيديو على موقع يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة اﻹنترنت لمطاردة المعتصمين في الشوارع واحتجازهم في سيارة الترحيلات، واعتداء الشرطة العسكرية على مواطن، عرف فيما بعد بأنه “رائف أنور فهيم.”42 وأنه أصيب بكسور في ساقه وذراعه، وجروح قطعية في الوجه ومناطق متفرقة في جسمه، نٌقل على أثرها إلى المستشفى القبطي لتلقي العلاج.43 تتزايد الاحتجاجات، ويعلن اتحاد شباب ماسبيرو عن فعاليات “يوم الغضب القبطي” في التاسع من أكتوبر، مسيرات وتظاهرات تنطلق بالتوازي في 7 محافظات، الإسكندرية وبني سويف وقنا وأسيوط والمنيا والأقصر، وبطبيعة الحال –المركزية والكثافة السكانية- تركزت الكتلة الأساسية في القاهرة، مسيرة أخطر الاتحاد بها الجهات المختصة، ضمت الآلاف يتضامن معها ائتلاف شباب الثورة ومجموعة من الحركات والأحزاب السياسية، تبدأ في الرابعة عصرًا من دوران شبرا متجهة إلى ماسبيرو لتنضم إلى مئات المتظاهرين المتمركزين بالقرب من ماسبيرو، للتنديد بتعامل الدولة مع قضايا الأقباط، والمطالبة بإقالة محافظ أسوان، بناء كنيسة الماريناب، وإقرار قانون موحد لدور العبادة.44

ماسبيرو وقائع العنف المميت

رد الفعل كان سريع، فقد قابل عنف الدولة في تعاملها مع الأقباط انتشار سريع لدعاوى التظاهر التي تضامنت معها جهات عديدة، فرفع اتحاد شباب ماسبيرو مطالب اليوم التي كان على رأسها رفض تعامل الدولة بعنف وإقالة محافظ أسوان وإعادة بناء الكنيسة، وبتطور الأحداث اشتبكت قوات الجيش والأمن بمساعدة مدنيين مع المتظاهرين أمام ماسبيرو، فكانت محصلة يوم الغضب الذي دعا إليه الأقباط أحداث ماسبيرو( 24 قتيل وعشرات المصابين).

من الذي دعا؟
تبنى اتحاد شباب ماسبيرو الدعوة للمسيرة المركزية بالقاهرة، تبدأ من دوران شبرا في الثالثة عصرًا وتنتهي أمام ماسبيرو45، لتنضم إلى وقفة تبدأ هناك في وقت سابق ، وقد أجرى الاتحاد في 7 أكتوبر استفتاء لقياس نسبة المشاركة في المسيرة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وافقت خلاله الأغلبية على النزول ردًا على هدم كنيسة الماريناب والاعتداء على الأقباط في اعتصامهم الأخير.46
كما أعلن الاتحاد في نفس اليوم عن التنسيق مع مجموعاته في محافظتي الإسكندرية والمنيا، لتبدأ مسيرات بالتوازي أمام مكتبة الإسكندرية وأمام المطرانية بالمنيا.47 سرعان ما انتشرت الدعوة، وتضامن معها حركات سياسية مثل ائتلاف شباب الثورة، وشباب من أجل العدالة والحرية، وحركة شباب 6 أبريل وأحزاب مثل التحالف الشعبي الاشتراكي والعدل.48
بالتوازي مع دعوة مسيرة شبرا، انطلقت دعوة لوقفة احتجاجية أمام ماسبيرو، قادها المجلس الاستشاري القبطي –الاتحاد القبطي المصري حينها-، أحد الكيانات السياسية القبطية التي تشكلت بعد الثورة، والذي أسسه المحامي ونائب مجلس الشعب السابق إيهاب رمزي. ففي السادس من أكتوبر أعلن الاتحاد القبطي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن الاتفاق مع كيانات سياسية على تنظيم وقفة احتجاجية على كورنيش النيل أمام ماسبيرو، تبدأ في الخامسة وتنتهي في الثامنة من مساء يوم الأحد 9 أكتوبر، كما دعا لتنظيم وقفات أمام مقار المحافظات أو على كورنيش النيل أو البحر، بالتزامن مع الوقفة الرئيسية بالقاهرة.49
أوضح الاتحاد القبطي في بيان رسمي صدر صباح اليوم المنتظر عن خطة سير اليوم، “ندعو شرفاء مصر لوقفة احتجاجية سلمية بالملابس السوداء والشموع مع الأحزاب والحركات الوطنية للتعبير عن رفضنا للظلم الذي يتعرض له أقباط مصر”، منوهين على أنه لا نية للاعتصام، وأن عدة مسيرات ستتحرك من شبرا والعمرانية وإمبابة ليلتقوا جميعًا مع الوقفة أمام ماسبيرو في الخامسة من عصر الأحد.50
الأحد الدامي
في الرابعة عصرًا، بدأ المتظاهرون في التجمع أمام ماسبيرو استعدادًا للوقفة بالشموع المتفق عليها، والتي شارك فيها قساوسة وانضم إليها نشطاء ومتضامنون وأعضاء في حركات وأحزاب سياسية بشكل فردي.
“وصلت عند ماسبيرو حوالي الساعة ٥:٣٥ مساءً للمشاركة بالوقفة بالشموع …. قابلت زميل لي هناك وكنا نوزع الشمع على المتظاهرين…. لاحظت وأنا ماشية باتجاه المبنى إن في كم مهول لم أشهده في أي مظاهرة من قبل من قوات أمن مركزي وشرطة عسكرية ومدرعات جيش. حينما وصلت مسيرة شبرا كنا نصفق ونرحب بها وكان الهتاف مستمر قبل وبعد وصول المسيرة بهتافات مثل مسلم مسيحي ايد واحدة – يسقط يسقط حكم العسكر”51.
“التواجد الأمني أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون كان مكثفًا، برزت في مشهد التأمين قوات الجيش والشرطة العسكرية، مجهزين بمعدات فض الشغب، الهراوات والخوذ والعصيان، فيما كان التواجد الأمني لأفراد الشرطة المدنية متواريًا”52.
“لما وصلنا ماسبيرو شفنا عساكر الجيش واقفة على ناحية المبنى بكثرة مع عصيان وفي منهم في الجزيرة اللي في الوسط والناحية التانية من الشارع مع ضباط جيش واحنا كنا واقفين على الناصية التانية، وقفنا وكانوا الناس اللي واقفين معانا بيوزعوا شمع وولعناه وكنا مبسوطين مع ناس رافعين صلبان ويفط وكمان كان فيه معانا قساوسة وناس مسلمين وأحزاب وقنوات بتصور وكنا مستنيين لما مسيرة شبرا توصل عشان نتجمع ونقول مطالبنا ونطالب بحقوقنا مع الاتفاق مع القسس ان الوقفة لغاية 8 مساءا بس ونروح”53.
في الثالثة والنصف تقريبًا واستجابة لدعوة اتحاد شباب ماسبيرو، انطلقت مسيرة قدرت في بدايتها بـ 5 آلاف مشارك من دوران شبرا في اتجاه مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، للتنديد بتعامل الشرطة العسكرية مع اعتصام الأقباط، والاعتداء على رائف، والمطالبة بإقالة محافظ أسوان، وبناء كنيسة الماريناب، وإقرار قانون موحد لدور العبادة.
انطلقت المسيرة يتقدمها أقباط يرتدون أكفانًا بيضاء، رافعين صلبانا ولافتات كتب عليها “شهيد تحت الطلب” وبعضًا من مطالبهم، وعربة نصف نقل تحمل معدات الصوت والمكبرات، ويعتليها بعضٌ من المنظمين والقساوسة.
“وصلت الساعة 3 الظهر، المظاهرة كانت بتتجمع، أعداد كبيرة جدًا، أسر كاملة كتير: أطفال وآباء وجدود مع بعض، صلبان مرفوعة، شباب وشابات لابسين باستسلام مرايل مكتوب عليها “شهيد/ة تحت الطلب”، وهتافات بحرقة بتتسائل ليه المصري لو مسيحي ما يبقاش آمن على كنيسته؟ ليه البوليس والجيش ما بيحموش الكنائس من التخريب؟ وليه بعد الثورة لسه النظام بيستخدم نفس أساليب أيام مبارك؟”54
كانت أعداد المتظاهرين غير اعتيادية، وتشير إلى أن الحادث الأخير وتبعاته كانا فارقين في نوعية وأعداد المشاركين في اليوم، العشرات من المتظاهرين ينضمون إلى المسيرة، لتتضاعف الأعداد في نقاط الالتقاء المعلن عنها، حتى وصلت حسب تقديرات البعض من 20 إلى 25 ألف متظاهر أمام ماسبيرو.
“كانت المسيرة المتجهة من حي شبرا إلى شارع ماسبيرو تضاهي في ضخامتها الأعداد التي خرجت يوم الثامن والعشرين من يناير…. بدأت المسيرة في حوالي الرابعة عصرا من شارع شبرا، عابرة غابة من المباني، أحد المشاركين يشرح السبب الذي جعل عدد المتظاهرين في تلك المسيرة يفوق تلك التي خرجت الأسبوع الماضي للاحتجاج على الهجوم على كنيسة القديس جرجس في أسوان، فيقول إن جنود الجيش قاموا بضرب أحد القساوسة بقوة أثناء فض اعتصام الأقباط أمام مبنى ماسبيرو يوم الأربعاء”55.
في حدود “الساعة 4:30: القسيس المتحدث بيأكد ان المسيرة سلمية وبيحيي المسلمين المتضامنين.”، بعدها بشوية، الهتاف كان: “يا طنطاوي جيشك فين، حرقوا بيوت المسيحيين، حرقوا كنايس مصريين”، كنا بنهتف “يا ابن شبرا أنزل من دارك، لسه في مليون مبارك”، “أنزل يا مصري”، والأعداد فعلاً كانت بتزيد، مسيحيين ومسلمين كانوا بينضموا للمسيرة، أغلب المسلمين اللي عدوا علينا في شبرا كانوا بيبينوا تضامنهم، يبتسموا، ويأكدوا على الهتافات”56.
إلا أنه أثناء مرور المسيرة من نفق شبرا فوق كوبري السبتية، تعرضت لاعتداءات بالحجارة والزجاج من مجهولين يُعتقد انهم من أهالي المنطقة، كما سُمع دوي طلقات نارية.57 هذا ما أشار إليه أحد منظمي المسيرة في شهادة مجهلة لمؤسسة حرية الفكر والتعبير كما أكدت عليه أغلب الشهادات التي حصل عليها باحثو المؤسسة، وكذلك المواد المصورة سواء التي حصل عليها فريق العمل أو المتاحة من خلال الإنترنت.
“وفي أحد الأنفاق المرورية في شارع شبرا، وبعد وقت قصير من انطلاق المسيرة، فوجئ الجميع بصوت ما يشبه إطلاق النيران، مما دفع السائرين في المقدمة إلى أن يطلبوا من بقية المتظاهرين في الخلف أن يتوقفوا، فالمسيرة تتعرض لهجوم. وابل من الحجارة انهال من اليمين واليسار ومن فوق الكوبري الذي احتمى المتظاهرون أسفله.”58
“مشينا طبيعي جدا ف شارع شبرا، شوية احتكاكات بسيطة ومضايقات كالعادة، بس لأن العدد كان ضخم والناس غضبانة جداً محدش تجرأ على إنه يشتمنا أو يتف علينا زي المرتين اللي فاتو. وصلنا أول شبرا بسلام واحنا معديين ف نفق شبرا تحت كوبري السبتية لقينا سيل حجارة وطوب نازل علينا من فوق الكوبري، شوية ناس اتصابت اصابات خفيفة تم اسعافهم على طول، فضلنا واقفين تحت الكوبري لحد لما شباب من اتحاد ماسبيرو طلعوا فوق الكوبري والناس اللي كانوا بيرموا طوب اول ما شافوهم جريوا، تأكدنا ان الحوار بسيط وان دول مجرد أهالي مش عاجبهم منظر الصلبان اللي ف المسيرة ف قالوا يصبحوا علينا بطريقتهم”59.
دون إصابات بالغة أكملت المسيرة طريقها، وفي منطقة القللي حدثت مناوشات بين الأهالي والمتظاهرين مرة أخرى، وبعد اطلاع فريق عمل التقرير على العديد من المواد المصورة، تبين أن هناك مجموعة من الأفراد اعتلوا أسطح الأبنية، وألقوا الحجارة وزجاجات المولوتوف على المسيرة، على أثر ذلك بادلهم بعض المتظاهرين إلقاء الحجارة، فيما استمر باقي المتظاهرين في طريقهم إلى ماسبيرو.
“كملنا لحد القللي وعند مبنى هناك تابع للحى سمعنا ضرب نار شديد جداً، الناس اتفرقت وابتدت تجري ف كل حتة، كان فيه أب كاهن واقف فوق عربية من اللي فيها الهتّيفة اللي بيقودوا المظاهرة،أاول ما لقى القلق ده مسك الميكروفون وابتدى يهدّى الناس وقال بالحرف الواحد: ”ياجماعة احنا مظاهرتنا دي سلمية، مهما ظهرت استفزازات او احتكاكات هتفضل سلمية وبعد اذنكم مش عايزين اي حد يتنرفز ويفقد أعصابه حتى بالشتيمة او الإهانة، مش عايزين نبوظ شكل المسيرة.”60
وصلت المسيرة شارع الجلاء، مرة أخرى دون إصابات خطيرة، يتقدمها القس متياس نصر، والقس فلوباتير جميل، وقيادات من الاتحاد، لتكمل طريقها مرورًا بمنطقة الإسعاف، بهدف الوصول إلى نقطة الالتقاء مع الوقفة أمام ماسبيرو.
“تحت كوبري الجلاء، كانت الروح المعنوية للمسيرة عظيمة، هتافات قوية، أغلب الهتافات ذات الطابع الديني اختفت، وكتبت الساعة 6:04 : “المظاهرة مليانة عواجيز و أطفال، لو حصل عنف هتبقى مأساة.” كنا بنهتف: “يسقط يسقط حكم العسكر، احنا الشعب الخط الأحمر” و “مصر لكل المصريين، أي ملة وأي دين”، “الكنيسة أتحرقت ليه؟ العادلي راجع ولا إيه؟” ساعتها كنا حوالي 25 ألف شخص، أنا قررت أروح أشوف من الناحية التانية الوضع عامل إيه.”61
بحسب الشهادات والمواد المصورة التي اطلعنا عليها والتي تصور المشهد في محيط ماسبيرو، فإن التواجد الأمني كان كثيفًا، خاصة لقوات الجيش، التي تمركزت بشكل أساسي أمام ماسبيرو، وبعرض كورنيش النيل لمنع وصول المتظاهرين إلى بوابات مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، كما تمركزت قوات ومركبات عند ميدان عبد المنعم رياض وأمام كورنيش النيل.
وعلى الجانب الآخر من كورنيش النيل في اتجاه ماسبيرو، كان المشاركون في الوقفة الاحتجاجية متجمعين حول المنصة التي يديرها المنظمون في انتظار وصول المسيرة، تتولى المنصة تنظيم الوقفة، والهتافات، وإلقاء الخطب والكلمات من المشاركين –أغلبهم شخصيات عامة وقساوسة- بهدف بث الحماس في المتظاهرين والتأكيد على المطالب وعلى سلمية الوقفة، وقد أعلن أحد القساوسة في كلمته عن الترحيب بمشاركة المسلمين في الوقفة، فيما رفض تواجد الأخوان المسلمين قائلًا: “احنا عارفين اللي عايزين تعملوه في البلد. الهتافات تتصاعد “ارفع ايدك فوق انت مصري” “مليونية مليونية”، طلبت المنصة من المشاركين الهدوء حتى يتمكن الجميع من سماع كلمة الكاتبة فاطمة ناعوت، وفي الوقت التي كانت تستعد ناعوت لإلقاء كلمتها، كانت مسيرة شبرا على مشارف الوصول، وصلت مقدمة المسيرة بالفعل، وكانت البقية في طريقها للحاق بهم، وهنا بدأت صفوف الشرطة العسكرية المنتشرة بعرض كورنيش النيل قبل ماسبيرو في التحرك باتجاه المتظاهرين.62

أنا وصلت قبل ما المسيرة الكبيرة توصل، يعني كان فيه بالفعل ناس بتطلع قدام، وعربيات وموتوسيكلات بتطلع تشوف الدنيا فيها إيه، وتحذرنا، وصلت قدام مبنى الإذاعة والتلفزيون، يعني جيت من عند هيلتون كده، وما دخلتش من ورا، دخلت من قدام عند كوبرى أكتوبر كده، بمجرد ما دخلت شفت حوالي أربع خمس عربيات اللي هم فهد وكام عربية جنبيها، كانوا راكنين بالضبط على الرصيف قدام مبنى الاذاعة والتلفزيون، كانوا واقفين مش بيتحركوا، وكانت الوقفة موجودة عند حتة كنا بنسميها البُرْجيلة، اللي هي حتة جوه شوية كده ناحية مبنى الاذاعة والتلفزيون، في الشارع الجانبي كده وراها، كان الناس واقفين هناك بالشموع بقالهم ساعتين من الساعة 4 إحنا كنا واقفين من الساعة 4 لحد 6، الدنيا كانت زي الفل، وكنا بنصوّر فيديو، والناس كانت واقفة بالشموع، ولا أي حاجة، مجرد بس ما المسيرة بدأت تدخل. يعني أول حاجة شفتها إن الجنود كانوا بيضربوا نار من فوق المدرعات.63

النصف ساعة الأكثر دموية
“مره واحده لقيت دراعي بيتشد لتحت ببص على الواد اللي كان ماسكني لقيت رجله تترنح وفيه رصاصة في جنب راسة اليمين وتقريباً طلعت من الناحية التانية أو لأ معرفش، الواد بدأ يترنح ووقع متكعبل على الأرض وباصصلي فوق نظرة إذبهلال، نظرة عدم تصديق اللي حصل، نظرة هو أنا بموت طب ليه وإزاي، نظرة عدم تصديق للموت نفسه.”64

مع بداية وصول مقدمة المسيرة لمحيط ماسبيرو بدأت المناوشات بين قوات الجيش والمتظاهرين في الصفوف الأمامية، وأشارت العديد من الشهادات إلى أنه بمجرد وصول المتظاهرين إلى أطراف ماسبيرو ارتبكت قوات الأمن من أعداد المشاركين، وأنه بعد ثواني معدودة سُمع دوي إطلاق أعيرة نارية، ومن هذه الشهادات اتضح أن بداية إطلاق الرصاص كان حوالي الساعة 6:20 تقريبًا، وأنه بدأ في الهواء لمنع المسيرة من التقدم في طريق ماسبيرو.
“عند بداية بوابات مبنى ماسبيرو، حيونا المتظاهرين في الوقفة وهتفنا أول هتاف لمدة ٣٠ ثانية بالضبط ومرة واحدة طلعت الشرطة العسكرية والأمن المركزي علينا بغباوة لما اكتشفوا إن المسيرة ٢٠ ألف.65”
“أول ما وصلت لأطراف مبنى ماسبيرو، وقبل ما المسيرة تلحق توصل من الناحية التانية، لقيت الناس بتوع الوقفة بيهتفوا، “مسلم ومسيحي يد واحدة”، وبعدها بحوالي 30 ثانية لقيت صفوف من الأمن المركزي بتجري علينا وهم بيضربوا نار في الهوا، الناس كلها جريت عشان تهرب من الضرب، والضرب اللي كان في الهوا ابتدى يبقى على مستوى جسمنا…. الناس كلها بتجري. وعساكر الجيش والأمن المركزي محاصرينا من كل اتجاه، فوق الكوبري، تحت الكوبري، شارع هيلتون رمسيس وميدان عبد المنعم رياض. الناس اللي معاها أطفال أو ناس كبيرة في السن، بدأت تدور على بعض وتحاول تبعد بعيد عن الخطر. كل الناس كانت مخضوضة جدًا، محدش كان مستعد للعنف ده، الساعة 6:26 قلت على تويتر: “ولاد الكلب بيضربوا نار على مسيرة مليانة أطفال، 6:32: ضرب نار تاني.”66
“لم تتعدى مدة زمنية ٣٠ – ٤٠ ثانية من وصول المسيرة وبدأت الشرطة العسكرية في إطلاق النار على المتظاهرين، كنا بنجري زي الفراخ وعمالين نشوف ناس بتقع من حولينا. إصابات ودم كثير وشفت أنا وزميلي واحد ميت بعد ما أخد رصاصة في ظهره وواحدة أخرى بين فخذيه (تقريباً ردت من الأرض إلى هذه المنطقة). كانت الناس في حالة هيستيرية وكل المحلات كانت بتقفل”67.
استمرت قوات الجيش في إطلاق الأعيرة النارية في الهواء، واستمرت المناوشات في الصفوف الأمامية بين المتظاهرين وصفوف قوات الشرطة العسكرية لفترة قدرها باحثو المؤسسة وفقًا لمشاهداتهم ب 5 دقائق تقريبًا، إلى أن بدأ إطلاق الرصاص في مستوى أجساد المتظاهرين، وبعد أقل من دقيقة، بدأت مدرعات الجيش في التحرك باتجاه المتظاهرين.
“أول ما وصلت جنب ماسبيرو لقيت الناس بترجع جري والعساكر جاية علينا، كان في صوت رصاص كتير، معرفش حي ولا ايه، جرينا اخر الشارع ولفيت من عند الكورنيش، وشفت بعيني مدرعتين جيش طالعين علينا بسرعه والناس بتجري منهم، واحدة منهم دهست اتنين تقريبا راحت الناس اتلمت عليها و ولعوا فيها، المدرعات وهي جاية كانت بتخبط العربيات اللي راكنة وتقلبها كمان… لقينا المدرعة التانية جاية علينا بسرعه جنونيه، الناس اللي كانت بتطلع على الرصيف كانت بتطلع وراهم، دهست مش خبطت، ابتدينا نشيل في الجثث و ندخلهم في العمارات و نجرى، و هرج و مرج”68.
“خارج فندق رمسيس هيلتون، توقفت الهتافات لوهلة، وتضاءلت فرحة النجاة من هجوم شبرا مع انحراف المسيرة باتجاه شارع ماسبيرو. فقد قوبلت التظاهرة على الفور بطلقات نارية في الهواء، ولم تتوقف الطلقات مع مضي المتظاهرين في طريقهم.
فجأة! تراجعت حشود كبيرة من البشر، وحدث شيء غريب. فقد شرعت مدرعتان في السير بسرعة مخيفة، مخترقة صفوف المتظاهرين الذين قفزوا مبتعدين عن طريقها. وعلى سطح كل عربة كان هناك جندي يحمل بندقية يوجهها في جميع الاتجاهات بعشوائية. ورغم ذلك، صعبت أصوات الصراخ المتعالية من تحديد مصدر أصوات النيران.
اندفعت العربتان العسكريتان في مسار متعرج عبر شارع ماسبيرو وأسفل كوبري أكتوبر ثم عادت إلى الخلف في نفس الوقت، وسط أصوات الطلقات النارية وصراخ المتظاهرين التي لا تتوقف.
“ثم حدث الأمر، قفزت واحدة من هاتين العربتين فوق الجزيرة الوسطى كحيوان هائج، ورأيت أشخاصا يختفون أسفلها. لم أتمكن من رؤية ما حدث لهؤلاء حيث بدأت المركبة تندفع باتجاهي”69.
“اهم جزء هو شهادتي اللي هقولها في النيابة إن كان جنب رجلي مخ إنسان دهس. وبعديها ب ٣٠ دقيقة كنت واقف في حتة بعيدة قوي عن الضرب وقدامى شاب مرة واحدة وقع وطلع خد رصاصة في ظهره وشيلته انا ومجموعة وودناه للإسعاف.”70
تشير كثير من الشهادات إلى أن الأمر برمته استغرق نصف ساعة، لكنها كانت الأكثر دموية، وظلامًا أيضًا، حيث انقطع التيار الكهربائي عن المنطقة مع بداية تحرك المركبات العسكرية، وأنه كانت هناك ثوانٍ معدودة بين إطلاق الرصاص على مستوى أجساد المتظاهرين وسقوط القتلى وبين بدء تحرك المدرعات لتفريق المتظاهرين، كما تؤكد جميع الشهادات أن المدرعات تحركت في مسارها ذهابًا وايابًا عدة مرات.
“مرة واحدة سمعنا صوت طلقات رصاص غزيرة جداً، لقينا كل اللي قدامنا بيلفوا ويجروا علينا وبيصرخوا ” اجروا دول بيضربوا نار“، مرة واحدة الانوار كلها فصلت، وسمعت صوت عربية بتفرك ف الأرض، ببص لقيت مدرعة جيش جاية من بعيد بسرعة جنونية، وفي عسكري فوق المدفع بتاعها فاتح الرشاش ف كل اتجاه، الناس كانت بتجري زي المجانين ف كل اتجاه، والمدرعة كانت بتدهس أي حد ف سكتها، النور كان ضعيف جداً ومحدش شايف قدامه، سامعين بس اصوات صراخ وقزاز بتاع المبنى اللي قبل ماسبيرو بيتكسر من الرصاص، وبعدين لقيت مدرعتين تانيين بيجروا بنفس الطريقة، وبيدهسوا اي حد ف سكتهم، خلصوا الشارع ولفوا ورجعوا كرروا اللي عملوه الناحية التانية71.
“التلات عربيات جريوا واختفوا بسرعة، واحدة منهم تباطأت، فالناس اتجمعوا وجريوا وراها بالطوب وهي بتمشي، وقفوها ورموا عليها باقي إشارة مرور مكسورة ومولعة، المدرعة ولعت، والطوب كمل، أغلب الناس ابتدوا يهتفوا “وقفوا الطوب”، وقعدوا يهتفوا للعسكري عشان ميخافش “اطلع اطلع اطلع”، كانوا خايفين انه يتحرق جواها، العسكري أخيرًا طلع ونط، ناس قعدت تضربه، وناس أكتر قعدت تخلص فيه. العسكري ده كان لسه قاتل أخواتنا، كان لسه طايح فينا كلنا بقلب ميت، لكن الناس قررت ما توسخش إديها بدم، شفته بيجري في حماية أتنين رجالة كبار في السن”7273.
“وصلت بعد ما المدرعات دهست المتظاهرين وتم إطلاق النار بالضبط بيمكن ١٠ دقائق، كان في حالة هلع، صريخ وبكاء هستيري من السيدات والاطفال و قابلت راجل عجوز بيبكي بحرقة و كل اللي نازل عليه “ابني مات، داسوا على ابني”، وكان في مصابين كتير شفتهم بعد ما العساكر ضربوهم كان في اصابات في الرأس واصابات بطلق ناري كتير، وناس سايحة في دمها ومش عارفين يروحوا بيهم فين والعربيات رافضة طبعاً تقف تأخذ أي من المصابين، جثث الشهداء كانت محطوطة في عمارة أو جراج أو يمكن في الاثنين، بس أنا شفت منهم اتنين، كانوا مدهوسين تماماً والملايات لونها أحمر من كتر الدم”74.
التفتيش والبحث على أساس الهوية
كان لتغطية التلفزيون المصري والخطاب التحريضي الذي تم بثه خلال أحداث ماسبيرو الآثر الأكبر في خلق حالة احتقان طائفي، والذي آدي لنزول المواطنين للدفاع عن الجيش وعما اعتبر تهديد لهويتهم الإسلامية، وعلى الرغم من أن أغلب الشهادات تؤكد تفتيش واعتداء قوات الجيش على المواطنين على أساس هويتهم وذلك بمساعدة المدنيين، إلا أن شهادة محمد جوهر رئيس مجلس إدارة قناة 25 يناير تبقى الأهم في هذا الشأن، والتي استطاع أن يدلي بها صراحة ويكشف هويته بعد خروجه من مصر ومرور عام على المذبحة خلال مداخلة مصورة له مع يسري فودة75، وكان فودة قد أورد ذكر بعض تفاصيل شهادة جوهر خلال مقال له في المصري اليوم بعنوان “شاندلر مصر” جُهل فيه المصدر حينها لحماية جوهر.

“إحنا في الأول خالص كنا بنبث على الهوا البرنامج المشهور بتاع الست داليا الطابخة، وده في الدور التالت، فبنبقي قريبين جدًا من الشارع،… فوجئنا قبل ما نخلص الكلام نشوف قوات كبيرة جدا جدا من الجيش تطلق النار على المتظاهرين الأقباط في الهوا, وعلي قد معرفتي إن الطلقات اللي كانت بتطلق في الأول كانت “فشنك زى ما بيقولوا” صوت يعني طلقات صوت، وبعدين بعد كده لقينا وابل من الرصاص انطلق على المتظاهرين من أفراد مدنيين عند الكوبري، جايين من كوبري 6 أكتوبر ومجموعات تانية في الظلام -مش عارفين- كانت واقفة فين فوق الأسطح إذا كان 6 أكتوبر أو أسطح فندق هيلتون رمسيس قريب من المكان, … دخلت في بهو العمارة اكتشفت إحنا كانت العمارة المفتوحة الوحيدة للمصابين لأن عربيات الإسعاف ما كانتش بتوصل الطرق كانت مقطوعة، ففتحنا العمارة لكل مصاب وكل مقتول، شفت حوالي 9 جثث، وحوالي أكتر من 20 مصاب، وأهاليهم بتصوَّت، وشفت مصابين مضروبين بالرصاص، وشفت مصابين مدبوحين، وشفت أجسام مهروسة بالدبابات, وطبعا الأستوديو في الدور ال 11، فما قدرتش أطلع, رجعت تاني على الدور ال 3. والحقيقة إحنا صورنا كل المناظر دي لكن ما قدرناش نعرضها نظرًا لبشاعتها، المهم طلعت في الدور التالت تاني، وقبل ما أقعد على الكنبة لقيت الأمن الخاص بينا، عندنا لحماية المبنى 18 فرد أمن بقيادة لوا سابق, فلقيت اللوا السابق بيكلمني بيقولي: ده فيه أفراد من الشرطة العسكرية معها أفراد مدنيين عايزين المتظاهرين اللي طلعوا الدور ال11 على رجليهم، واستخبوا فوق. أنا كان رد فعلي الطبيعي أنا قبل معرف إن هما طلعوا ومين اللي طلع قلتله: إحنا ما عندناش حد طلع. وبصيت فوق لقيت فعلًا فيه 17 متظاهر، أنا افتكرتهم كلهم أقباط، بعد 3 أيام عرفت إن فيهم اتنين مسلمين وكان معاهم قس قبطي “قسيس”، فأنا بدون تفكير دول ناس قلتلهم: دول ناس لا معاهم أي أسلحة ولا أي حاجة ولا معاهم إطلاقا… دول ناس طالعين مذعورين لأن فيه ذعر وهيستريا حصلت عمري ما شفتها في حياتي، وطبعا في بعض من أهالي الضحايا كانوا بيجيبوا الجثث، ويطلعوا يضربوا في الجيش اللي واقف برا، والجيش اللي كان بيقبض عليهم، فكان بيجري وراهم, فبعضهم لما دخلوا العمارة وبعضهم طلع من ورا، وفيه 17 دول طلعوا السلم لفوق. فأنا بدون تفكير كان في عندنا في الدور ال 12 كان فيه حمام كده قررنا نعمله حمَّام بعد مدة فمش باين أوي انه حمام، فرحت مدخلهم الحمام ده، وفيه ستارة وحطينا مكتب قدام الستارة، وإحنا سامعين قوات الجيش طالعة تكسر في كل إزاز تلاقيه، وبتعمل أصوات برجليها، وبتعمل أصوات إرهاب، لغاية ما جم عندنا، ودخلوا على المذيعة اللي كانت على الهوا ..”شيرين الصياد”، وهى كانت بتصوَّت تقولهم: أنا حامل، ارحمونى ارحمونى. لأنهم كانوا حاطين المدفع، أمروا كل الناس اللي موجودين في المكتب ينبطحوا في الأرض، وحطوا المدافع في وشهم … أول ما الناس كلهم اتجمعوا على الأرض ابتدوا يدوروا على البطاقات، أول واحد كان شاب مصور عنده 23 سنة لقوا بطاقته مسيحي ضربوه وكسروا له إيده وعوروه في دماغه فتحوا له دماغه بضهر المدفع، وكانوا كل دقيقتين يعمروا المدافع ويسألوا: فين؟ بعد كدا ما لقوش ولا بطاقة مسيحي لأن زملائهم إدوا بطاقتهم زي ما حضرتك قلت إدوهم البطاقات، أنا مش لوحدي اللي حميت، ده ربنا وكل أفراد 25 اللي كانوا بيشتغلوا، ..اللي كانوا همهم يحموا إخوانهم الأقباط, وبعدين فضلوا يدوروا بشكل هيستيري وعصبي ما لقوش ولا بطاقة بعد كدا، لأن أول واحد ما لقوش معاه بطاقة برضه ابتدوا يضربوه فقرأ قرآن، فراحوا سايبينه، … واستمروا حوالي 25 دقيقة، وبعدين نزلوا فلقيت الأمن بيكلمني مرة تانية، فأنا هداني تفكيري إني أتخلص من الأمن، هم طلعوا لرجالة الأمن وما بيوقفهمش، وأنا خفت لاحسن الأمن من الناس التانية، أو امن المبنى يقولوا لهم على الأقباط ..
المهم الجندي دخل بمدفع الرشاش ووقف على بعد خمس أو عشرة سنتي من الباب، لو كان فتح الباب كان هيلاقي ال 17 والقسيس في وسطهم, … بعتوا بقى جابوا قوات تانية من الشرطة، وبرضه مدنيين معاهم … بس أنا بصيت في وش واحد من الجنود وسألته “أنا فاهم إن إنت جندي، لكن مين اللي معاك ده؟” فقال لي: “ده مواطن شريف”. المواطن الشريف ده كان ماسك سيف وسلسلة في إيديه، وعمَّال يكسر في الحيطان، ويكسر في الإزاز، ويكسر في كل شيء …. أنا هداني تفكيري بقى بعد ما مشّيت الأمن بتاعي نقلت الناس, عندنا شقق كتير تحت في العمارة … استمريت في نقلهم 12 ساعة، من الساعة 7 للساعة 7 تاني يوم الصبح انقلهم، كل ما تحصل هجمة أروح ناقلهم في مكان تاني أخاف لاحسن يكون حد قالهم إن دول موجودين في المكان ده من 7 ل 7 الصبح، كان بقى فيه حظر تجول اتفك الساعة 7, الساعة 7 الصبح لقيت المبنى ما زال محاصر بنفس الأشخاص المدنيين والجيش وقوات من الأمن المركزي وكانوا برضه بيفتشوا في الشارع على البطايق وكانوا بيوقفوا العربيات اللي يلاقوا فيها صلبان ويعتدوا عليها, فإحنا قررنا إن من أول ما طلع الفجر وحظر التجول إن إحنا نبتدي نطلع الناس الموجودين لأن ابتدينا نتعب، القس هو كان المشكلة، لأن هو رفض يغير ملابسه، واتحايلنا عليه، وقال إن هو عايز يستشهد في هدوم القساوسة, قلت له: يا ابونا حتى اقلعْ غطاء الرأس الأسود ده، قلت له: بص تحت، لسه بيعتدوا على الناس تحت، ومنتظرينكم وعارفينكم ومنتظرين، وبيبحثوا عنكم بالذات, فقالي: لا مطلقًا. وصمم كمان إنه ينزل ويحضر الجنازة، كانت الساعة بقت حوالي 2 الضهر، واستمر التسريب من 7 ل 2 الضهر, القس في الآخر مقبلش مني اكتر من إني حطيت له المصحف معاه”.

المستشفى القبطي
بعد اشتعال الأحداث وفور سقوط مصابين، تولى المشاركون في التظاهرة عملية الإسعاف بنقل المصابين لأقرب مستشفى، فكان “المستشفى القبطي” أحد الخيارات بحكم قربه من موقع الأحداث وتواجدها برمسيس، إلا أن تحريض التلفزيون الرسمي ودعاوى “حماية الجيش”، قد نقلت الاشتباكات بين المواطنين إلى أماكن متفرقة حتى وصلت إلى المستشفى القبطي الخالي تماما من الحراسة.
وتفيد الشهادات التي حصل عليها باحثو المؤسسة أن المتضامنين اضطروا إلى تكوين لجان شعبية لحراسة المستشفى من هجمات البلطجية، فظل محيط المستشفى القبطي ساحة معركة حتى ساعة باكرة من صباح اليوم التالي.

وأعلن المستشفى القبطي في اليوم التالي للأحداث أنه استقبل 88 حالة ناتجة عنها ماسبيرو، منهم 17 حالة وفاة، ,و12 حالة تم حجزها بالمستشفى نظرا لحالتهم الصحية التي تحتاج لرعاية طبية ,و 69 حالة تلقت الإسعافات اللازمة و غادرت المستشفى.

خطاب اﻹعلام الرسمي

ترسخت رسالة الإعلام الرسمي في دول النظم السلطوية، في كونه جناح السيطرة الناعمة للسلطة السياسية على شعوبها، يقابله جناح السيطرة بشكلها الأعنف متمثلا في المؤسسة الأمنية، وتتشكل منهجيات العمل بمؤسسة الإعلام الرسمي بما يوافق المزاج العام للسلطة، ويترجم ذلك تلقائيًا إلى معايير يضبط بها إيقاع العمل الإعلامي ككل، من غير الوارد الخروج عنها، وحتى إن أتيح خروج فهو خروج محدد مسبقا بهدف التنفيث السياسي واستكماا ديكور الديمقراطية وشعارات الرأي والرأي الآخر. وتعتبر تغطية التلفزيون الرسمي لأحداث الأحد الدامي نموذجًا لذلك، حيث انحازت الرسالة الإعلامية بشكل صارخ لجهة من جهات النظام السياسي والمتورطة كطرف في الحدث؛ ففي مذبحة ٩ أكتوبر كان ماسبیرو المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة76،
تحريض ضد المتظاهرين
قال أسامة هيكل وزير اﻹعلام في ذلك الوقت في كتابة “حقيقة في زمن الكذب – 150 يوم في تاريخ مصر” عن تغطية التلفزيون للأحداث:
“نقل التلفزيون المصري أحداث ماسبيرو في 9 أكتوبر 2011 كاملة وعلى الهواء مباشرة، حيث كان المتظاهرون قد بدأوا وقفتهم الاحتجاجية أمام المبنى في الخامسة مساء، ثم اندلعت أعمال العنف في السادسة والنصف، وبدأ النقل على الهواء في تمام الساعة الثامنة مساء وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، وقد راح ضحية هذا الحادث نحو 25 مواطنًا مصريا مسيحيًا وأحد جنود القوات المسلحة، ولم يكن ممكنا أن يقع حادث مأساوي أمام مبنى التلفزيون دون أن ينقله على الهواء”77
لا يرى هيكل أن هناك تحريض ضد المتظاهرين في تغطية التلفزيون، ويصف اﻷمر بأنه مجرد انفعال طبيعي حيث أشار في كتابة إلى أنه:
“في حدود الثامنة مساء مع بدء التغطية المباشرة على قناتي النيل للأخبار واﻷولى، وقد لاحظت أن المذيعة “رشا مجدي” قد بدأت التغطية بدرجة من الانفعال بالحدث، وهذا طبيعي نظرًا لوجود المبنى في قلب الحدث، إلا أن اﻹعلامي يجب أن يتخلى عن انفعالاته، فاتصلت بإبراهيم الصياد رئيس قطاع اﻷخبار، وطلبت منه أن أجري مداخلة على الهواء وقلت في المداخلة إننا لا نعرف من الذي يطلق الرصاص على من، وأن ما يحدث ليس فتنة طائفية، ولكنه محاولة ﻹسقاط الدولة المصرية”78
ويستمر في تعليقة على التغطية ويقول : “لكنني بعد فترة وجدت القناة اﻷولى تقدم تقريرا من داخل مستشفى اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون، والتي يتم نقل مصابي الشرطة العسكرية إليها، وقد تحدث أحد الجنود عن زميله الذي سقط قتيلًا بجواره، وأطلق لفظ سباب للأقباط على الهواء، فانفعلت جدًا واتصلت مرة أخرى برئيس قطاع اﻷخبار، وطلبت منه اعتذارًا فوريًا عن هذا الخطأ للمشاهدين، وقد استغرق هذا الاعتذار 35 دقيقة حتى تم بثه على الشاشة، وطلبت من رئيس قطاع التحقيق في الواقعة”.
وقال “دفعني تزايد نبرة الهجوم على التلفزيون المصري، واتهامه بالتحريض على قتل اﻷقباط لتشكيل لجنة محايدة من خارج مبنى اتحاد اﻹذاعة ولتلفزيون برئاسة الدكتور “صفوت العالم” أستاذ اﻹعلام، وعضوية كل من “ليلى عبد المجيد” و”محمود علم الدين”، والخبير اﻹعلامي “ياسر عبد العزيز”. وطلبت منهم وضع تقييم دقيق لأداء التلفزيون المصري وتحديد ما إذا كان محرضًا أم لا”79
توصل تقرير اللجنة إلى “أنه لم يكن هناك تحريض من جانب التليفزيون المصري خلال تغطيته لهذه الأحداث، لكن كان هناك أخطاء وقع فيها التليفزيون المصري وقنوات فضائية أخرى.”80
وقال أسامة هيكل في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط “أن التقرير أوضح أن التغطية في بعض الأحيان كانت تتسم بعدم الحياد وأن الإفادات الواردة من قبل المراسلين وبعض المذيعين اقتصرت على رواية الأحداث من جانب واحد، وهو جانب القوات المسلحة دون محاولة إبراز آراء المتظاهرين أو من يمثلهم أو يتعاطف معهم.. كما أن التقرير انتقد أداء المذيعة رشا مجدى”.81
وخلص تقرير كانت قد أعدته مؤسسة حرية الفكر والتعبير82 بشأن الأداء الإعلامي لماسبيرو -وهو الهيئة الحكومية الوحيدة المحتكرة للبث الأرضي- في هذه الفترة، من خلال تحليل 270 دقيقة من التغطية الإخبارية المباشرة لقناة النيل الإخبارية، إلى التورط المباشر لسياسات الإدارة باتحاد الإذاعة والتلفزيون في اهم الجرائم السياسية التي هددت الأمن والسلم العام في لحظة من أكثر اللحظات حرجا ودقة ألا وهي التحريض على العنف والكراهية والتضليل والتشويه المتعمد، باستهداف فئات وشرائح من المجتمع ضد أخرى.
ومن معاينة فريق عمل التقرير لتفريغ النشرات الإخبارية يمكن القول بأنه كان هناك أوجه قصور في مراعاة معايير الحياد والتوازن والموضوعية في التغطية الإخبارية والكثير من الأخطاء المهنية في تغطية الإعلام الرسمي المرئي، حيث أذاع التلفزيون أخباراً عن إطلاق المتظاھرین “الأقباط” أعيرة نارية على جنود القوات المسلحة تسببت في قتل ثلاثة جنود وإصابة العشرات، دون الإشارة إلى الضحايا من المتظاهرين اللذين تم تجاهلهم تماما.
فكان من أكثر الانحيازات التي رصدها التقرير، الحرص والإصرار على وصف المتظاهرين بالـ”أقباط” دون مراعاة لحساسية وخلفيات التوتر الاجتماعي الطائفي في مصر، ووضع فئة من فئات المجتمع المصري في مقابل المؤسسة التي تراها قطاعات عريضة من المجتمع المصري الكيان الراسخ والأهم المسئول عن إدارة الدولة المصرية في تلك الآونة، حيث صور التلفزيون الرسمي ما يحدث على انه صدام مع المؤسسة العسكرية كلها وليس فقط الفرع السياسي منها، فضلًا عن عدم مراعاة التوازن سواء في توصيف ونقل الأفعال التي يقوم بها كل طرف من أطراف الأزمة، أو في تغطية الإصابات والقتلى من الجانبين.
ونعرض هنا مقتطفات توضح انحياز التلفزيون الرسمي والتحريض الذي تم بثه على لسان مقدمي ومراسلي النشرات الإخبارية.
“7:17 مشاهدينا وتصحيحًا للنبأ الذي أذعناه منذ قليل نذكركم أن جنديًا واحدًا من القوات المسلحة وليس ثلاثة جنود قد استشهدا وأصيب عشرون آخرون بعد إطلاق متظاهرين أقباط النار عليهم”
“9:04 ثلاثة شهداء وأكثر من مائة مصاب من جنود الجيش بعد إطلاق النار عليهم من متظاهرين أقباط أمام ماسبيرو”
“ونذكر بالخبر العاجل حيث قام المتظاهرون الأقباط أمام مبنى ماسبيرو برشق رجال الجيش والشرطة كما قاموا بحرق بعض العربات التابعة للجيش أمام المبنى”
كما قالت المذيعة رشا مجدي:
“حتى الآن يمكن أكتر من ثلاثة شهداء عشرين مصاب وكلهم من جنود الجيش وبأيدي من ليس بأيدي الإسرائيليين او بأيدي عدو ولكن بأيدي فئة من أبناء الوطن هذا الجيش الذي يضرب الآن هو الذي وقف بجوار الثورة، هذا الجيش هو الذي حمى الثورة، ورفض أن تطلق رصاصة واحدة على أي من أبناء الشعب المصري، لنجد اليوم أن هناك من يطلق الرصاص على أبناء الجيش”
كان هذا بعض مما أذاعه التلفزيون الرسمي أو ورد على شريط اﻷخبار على شاشته على مدار 270 دقيقة –فترة تغطية الأحداث-، حيث جاءت إما على لسان مراسلين أو مذيعين بقنوات النایل تى في، وأخبار مصر والنيل للأخبار.
ويمكننا هنا الإشارة إلى دور التغطية الإخبارية غير المتوازنة في التحريض أو استعداء أطراف خارج الحدث لتكون جزء من الحدث مع طرف ضد آخر، وأن ما حدث لا يقتصر على تشخيص الأزمة تحت إطار القصور المهني حيث تم استغلال ذلك بشكل متعمد وبتوظيف سياسي مركزي لأن تتم صياغة الأحداث بشكل إثاري وتحريضي ومضلل لخدمة أهداف وتوجهات النظام السياسي القائم.
فعندما تم إذاعة أول خبر بعد حوالي أكثر من ساعة من تغطية غير متوازنة من قبل المراسل الميداني أثناء حواره مع المذيع عن دخول طرف ثالث في مشهد الأحداث وهم (أهالي بولاق أبو العلا)، جاءت صياغة المراسل للخبر تحمل انطباعًا إيجابيا حول نزول الأهالي ودورهم في تأمين منطقة الكورنيش والحيلولة دون اشتباك المتظاهرين مع جنود القوات المسلحة، وكان كالتالي:
(في النصف ساعة الثالثة) أول إعلان عن توجه مواطني بولاق أبو العلا لمهاجمة المتظاهرين الأقباط:
المراسل الميداني: هل تسمع هذه الصيحات الشديدة الآن؟
المذيع: نعم أسمعك.
المراسل الميداني: من الواضح أن بعض المواطنين من منطقة بولاق يحاولون الهجوم على المتظاهرين الأقباط لا أدري لماذا، بعضهم يقول إن رؤيتهم للعساكر وهي تموت وتصاب أمامهم دفعت بعض المواطنين من المناطق المحيطة بماسبيرو يحاولون الدخول والتعامل مع المتظاهرين، ولكن الشرطة تحجز بين الفريقين.
وفي النصف ساعة الخامسة في حوار بين المذيع وموفد قناة النيل في منطقة الكورنيش:
المذيع: ويبدو لي من المشهد إن أهالي منطقة بولاق وحتى منطقة روض الفرج انضم بعض الأهالي إلى المكان ويبدو أن لهم دور كبير في السيطرة على الأوضاع، والأمور تبدو هادئة إلى حد بعيد.
المراسل: ….. ولكن قيل لي أيضا إن بعض الأهالي كان لهم دور كبير في السيطرة على الأمر وتفريق المتظاهرين اللذين كانوا يرشقون الجيش وبعضهم اتجه إلى منطقة الزمالك واعتلى كوبري ٦ أكتوبر وحاولوا إبعاد المتظاهرين بأكبر قدر ممكن وبالفعل المتظاهرون الذين كانوا يلقون الحجارة فروا من المكان من جهة منطقة ٦ أكتوبر.
المذيع: سعيد أنت تشير إلى نقطة بالغة الأهمية في سياق المعالجة لهذا الحدث وهي الدور الشعبي في التعامل مع الأمر، هل لمست من قيادات الشرطة والقيادات العسكرية عندك أي منهم يلتقط هذا الخيط ويوجه هذا التفاعل الشعبي لاحتواء الموقف؟
المراسل: بالفعل أنا حاولت أن اتصل بقيادات من الشرطة والجيش وخاصة من الأمن المركزي لكن تبدو الأوضاع الحالية صعبة للحصول على تعليقات منهم على الموقف، ولكن ما يبدو لي أحمد أن نسبة وجود المدنيين من أهالي المنطقة نسبة كبيرة بالنسبة لقوات الأمن المتواجدة في المكان وهذا ما يرجح دور الأهالي في أنهم هم من تصدوا للمتظاهرين بشكل كبير.
بدا المشهد بعد تغطية التلفزيون الرسمي مختلفًا، حيث انضم أهالي منطقة بولاق أبو العلا وغمرة والمناطق المحيطة إلى صفوف الشرطة العسكرية لحمايتهم مما صوره التلفزيون على انه “هجمات الأقباط ضد الجيش”، ليتحول الوضع إلى خلق قوات الجيش باستخدام التلفزيون الرسمي لصراع مدني على الهوية بين المسلمين والأقباط، وفي فيديو التقطه سرًا أحد شهود الواقعة أثناء تواجده بين الأهالي الغاضبة83، نجد أنه بمساعدة الشرطة العسكرية والأمن المركزي، قد جرت عمليات تفتيش في الأبنية والمناطق المحيطة امتدت حتى وسط البلد والشوارع الجانبية، للبحث عن الأقباط والاعتداء عليهم بالضرب المبرح والسباب وتسليمهم لقوات الأمن، قادها مواطنون يرتدون زي مدنيًا ويحملون أسلحة بيضاء ومولتوف وأمنت عليها قوات الأمن، لتستمر المطاردات حتى ساعات متأخرة بعد أن فرضت القوات المسلحة حظر التجوال في الحادية عشر من مساء الأحد، على مناطق ماسبيرو، وميدان عبد المنعم رياض، وميدان التحرير، وميدان الإسعاف، وميدان رمسيس، وغمرة، والعباسية وكوبري القبة، حيث أعلن التلفزيون المصري عن خبر عاجل بفرض الحظر من الساعة الثانية صباحًا وحتى السابعة لتهدئة الأوضاع.84
“رأيت ناس يحملون العسكر على أكتافهم ويصرخون الله أكبر وكما يقول صديق كانت تلك من أتعس اللحظات التي أسمع فيها ذكر الله بهذه الطريقة، لم تكن حالة إيمانية بل إرهاب يشترك فيه بضعة من المواطنين والدولة، الأسلحة البيضاء والموقف الطائفي كانا مفزعين.”
“سمعنا عن أحداث العنف ونحن متواجدون بالزمالك، قررنا أن نذهب لنرى بأنفسنا، ونحن في الطريق على كوبري 15 مايو رأيت أعداد من الناس معظمهم شباب ذاهبة إلى ماسبيرو من ناحية وزارة الخارجية، توقف رجل يركب دراجة نارية وسأل شخص عادي ماذا يحدث هناك فرد الرجل: “المسيحيين مولعين الدنيا”، بدأنا نقترب من الحدث وكان هناك جمع من الشباب يهتفون الله أكبر ويسبون للناحية الأخرى،… نعم كان هناك بضعة من البلطجية، ولكن كان أغلب من رأيتهم ناس عادية جدا غير منظمين، قررنا أن نمضي متجهين إلى هيلتون رمسيس و في الطريق (أمام مطلع [كوبري] مايو من ناحية الخارجية) رأينا شاب مصاب فسألناه إذا كان يريد المساعدة. فقال انه بخير وأنه وآخرون يسيرون بالشوارع بحثا عن سيارات بها صلبان كي يحطموها “يجب أن نحطم سيارات النصارى”، وفي طريقنا إلى هيلتون رمسيس من على كوبري أكتوبر رأينا شباب يثنون سيارة شرطة ونش عن المضي في سيرها على الكوبري قائلين: “المسيحيين حيكسروهالك!” كانت هذه أكثر الأيام التي أسمع فيها كلمة “المسيحيين”. ذهبنا إلى ميدان التحرير ثم رأينا مجموعة تهتف إرفع رأسك فوق انت “مسلم” تسير خطوة بخطوة مع أفراد من العسكر، ثم ونحن واقفون رأينا مجموعة أخرى تهتف أيضا إسلامية إسلامية وارفع رأسك فوق انت مسلم وهم محاطون بعناصر من الجيش، جلسنا نستريح بالميدان وإذ بنا فجأة نرى الناس تجري من كل مكان والجيش يداهم كل من تبقى في الميدان ويطارده”85.
أقتحام القنوات الفضائية
 خلال تغطية الأحداث، قامت قوات من الشرطة العسكرية باقتحام مقر قناة 25 يناير الكائنة في مبنى مجاور لماسبيرو، مدعين بأن مطلوبون يختبئون في أحد الطوابق، وأثناء حوار على الهواء مع الخبير اﻷمني اللواء سامح سيف اليزل، حطمت قوات الشرطة العسكرية الأبواب والنوافذ، وقامت بتفتيش موظفيها، وأرغمتهم على وقف البث المباشر، وقال أحد العاملين بالقناة في شهادته لمركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، بأن عملية الاقتحام كانت بهدف مصادرة شريط تم بثه بالفعل، يظهر بعض أفراد الجيش يقودون ناقلات الجنود وهي تدهس المتظاهرين، ويطلقون النار على الحشود.
“كنت أغطي على الهواء مباشرة ما يدور أمام ماسبيرو في ذلك الوقت، وأقدم وصفا شاملا للوضع عندما كانت اﻷخبار تصلني، وكنت أقوم بإجراء حوار مع اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني وفي ثالث سؤال له سمعت صوت مرتفع يأتي من خارج الاستوديو، وإذا بزملائي يجرون أمامي داخل الاستوديو وكان هناك سبورة حاول أحد المقتحمين أن يوقعها، لم أتحرك من مكاني حتى دخل الاستوديو مجند من الجيش يحمل سلاحه، و8 عساكر امن غير مسلحين بسلاح ناري ولكن كانوا يحملون عصيا ودروع إضافة إلى قائدهم. قام بالهجوم علينا مجند بالجيش وكان يصرخ ويقول: “أنا زملائي ماتوا لازم انتقم منكم”، وما دفعني للصراخ على الهواء انه قام بركل الترابيزة التي أمامي برجله فقمت فجأة ووقعت على الأرض، وكان المجند يوجه السلاح في وجهي وكان يبدو عليه الانهيار. بعد فترة قصيرة قام قائد عناصر الشرطة بتهدئته، ومن كثرة توتره وثورته توقعت أن يقوم بإطلاق النار علي، وقتها كنت أنا وأحد المصورين في وضع الجالس على الأرض ويده على رأسه كما لو كنا أسرى. بعد ذلك قمت أنا ورئيس تحرير البرنامج وزميلة أخرى بالتسلل هربا إلى استوديو الصوت فدخل علينا زميلنا بالقناة يبكي ويقول سوف يقتلوننا، وكانوا يبحثون عن أي شخص مسيحي وقاموا بالتفتيش عن الصليب في ايدينا وقال لنا أحد أفراد الأمن: “نحن مسلمون مثلكم وهذا فقط إجراء أمنى.”86

كما اقتحمت قوات الشرطة العسكرية مبنو قناة “الحرة”، التي تقع في نفس مبنى قناة 25، حيث أظهرت لقطات مصورة عملية الاقتحام التي وقعت أثناء البث المباشر في الاستوديو.87 ويظهر المقطع المذيع عمرو خليل الذي بقي عدة دقائق على الهواء مباشرة في محاولة لتهدئة العساكر الغاضبة قائلًا “أنا مصري .. أنا مصري”.
رواية السلطة للإحداث

الحكومة
توالت البيانات الرسمية من الدولة وأجهزتها منذ مساء الأحد، أدانت جميعها الحادث، لكن لم يعلن أي منها عن تحمل الدولة المسئولية الدستورية والقانونية عما حدث، حيث حرص مجلس الوزراء والمجلس اﻷعلى للقوات المسلحة على توصيف أحداث القتل باعتبارها اشتباكات بين مجموعتين من المسلمين والمسيحيين تسببت فيها “عناصر خارجية” تهدف للوقيعة، متجاهلين تورط ضباط وجنود القوات المسلحة فيما حدث والتي أشارت كل من الشهادات والتقارير والمواد المصورة إليه، ولم يشر أيضًا أي من البيانات إلى تغطية الإعلام الرسمي للأحداث والتي حرض فيها ضد الأقباط، بل أن المؤتمر الصحفي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أشاد بحيادية التغطية الإعلامية، واتهم المتظاهرين السلميين الذين خرجوا من منطقة شبرا إلى ماسبيرو في مسيرة بأنهم اعتدوا على رجال القوات المسلحة.
وفي بيان صحفي أصدره الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء مساء الأحد، 10 أكتوبر 2011، وصف خلاله الأحداث بأنها “عنف غير مبرر،” مرجعًا أسبابه إلى مؤامرة للعبث بملف الوحدة الوطنية وإثارة الفتنة بين المسيحيين والمسلمين، متجاهلًا بذلك وقائع الدهس وإطلاق الرصاص التي حدثت بحق المتظاهرين، قائلًا “إن أخطر ما يهدد أمن الوطن هو العبث بملف الوحدة الوطنية، وإثارة الفتنة بين المسيحيين والمسلمين من أبناء مصر العزيزة، وكذلك بين الشعب والجيش، ومناخ يتيح الفرصة لأعداء الوطن كي يعبثوا بأمنه ويثير الفرقة والشتات… هذا هو الهدف، ولكننا لن نستسلم لهذه المؤامرات الخبيثة، ولن نقبل بالعودة إلى الخلف، … ومن الصعب أن نركن لفكرة أن ما حدث في مصر خلال الساعات الماضية هو فتنة طائفية، ولكن المؤكد أنه مشهد من مشاهد هذه المؤامرة، وأثق في قدرة المصريين على تجاوز الأمر، والفطنة لأبعاد هذه المؤامرة”.
كما دعا بيان رئيس الوزراء الشعب المصري بكل طوائفه للتماسك والوحدة في التصدي لهذه المؤامرات. “أدعو رجال الدين الإسلامي والمسيحي، ورجال الإعلام والفكر والثقافة والفن لتحمل مسئولياتهم الوطنية في سد الثغرات في نسيج الأمة، والتي تمكن مثيرو الفتن من النفاذ من خلالها للعبث بأمن وسلامة الوطن.”88
صدر البيان المشار إليه سابقا في أعقاب جلسة عقدها مجلس الوزراء برئاسة الدكتور عصام شرف لبحث تداعيات الأحداث، والتي خلص منها إلى عدة قرارات من بينها “تشكيل لجنة تقصي حقائق تبدأ عملها فوراً لبحث أسباب وتداعيات الحادث، وإعلان نتائج أعمالها في أسرع وقت، وكشف المحرضين [عليها] والمسئولين عنها، وتحديد هوياتهم ومحاسبتهم بشأنها وإعمال القانون عليهم، تأكيد مسئولية الحكومة عن دعم قدرة قوات الأمن لتمكينها من القيام بواجباتها والتصدي بحزم لكل الأعمال غير المشروعة والتطبيق الصارم للقوانين القائمة، عرض مشروع مرسوم بقانون بتقنين أوضاع دور العبادة القائمة غير المرخصة علي اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء، وتكليف لجنة العدالة الوطنية بسرعة الانتهاء من الحوار المجتمعي بشأن قانون دور العبادة الموحد، وإضافة مادة جديدة إلي الباب الحادي عشر من قانون العقوبات المشار إليه برقم 161 مكرراً، بشأن منع التمييز وذلك علي النحو الآتي:
يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وترتب علي هذا التمييز إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها في الفترة الأولي من هذه المادة من موظف عام أو مستخدم عمومي أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية.89
كما عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعًا طارئًا صباح الاثنين، برئاسة القائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، كلف خلاله مجلس الوزراء بسرعة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وجاء في بيان المجلس الذي ألقي عقب الاجتماع، “لقد تابع شعب مصر بقلق شديد الأحداث المؤسفة، التي شهدتها البلاد مساء أمس، والتي حولت التظاهرات السلمية إلى تظاهرات دموية أدت إلى وقوع ضحايا ومصابين من أبناء هذا الشعب”. وقد أكد المجلس حرصه على عدم التجاوب مع محاولات الوقيعة بين القوات المسلحة والشعب المصري وعلى استمراره في تحمل المسؤولية الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعب ومكتسباته بعد ثورة 25 يناير، وتنفيذ خارطة الطريق حتى نقل المسؤولية إلى سلطة مدنية منتخبة.90
واستجابة لذلك أصدر وزير العدل محمد عبد العزيز الجندي قراره رقم (10014) لسنة 2011، جاء في المادة الأولى منه تشكيل وزارة العدل للجنة تقصى الحقائق وجمع المعلومات بشأن أحداث ماسبيرو، وبحث أسباب وتداعيات تلك الأحداث بداية من الوقائع التي حدثت بقرية الماريناب بإدفو محافظة أسوان، على أن تقدم اللجنة تقريراً عن أعمالها وما توصلت إليه من نتائج ومقترحات فور الانتهاء من أعمالها. وقد تولى المستشار عمر الخطاب مروان عبد الله رئاسة اللجنة وبعضوية كل من المستشار حماده السيد الصاوي والمستشار أيمن محمد كامل عفيفي.91
المجلس العسكري ورواية مغايرة
لم يعترف المجلس العسكري بمسئوليته عما حدث أمام ماسبيرو من عمليات قتل، بل على العكس من ذلك وجه الاتهامات إلى المتظاهرين أنفسهم.
ففي 12 أكتوبر 2011 أقام المجلس العسكري مؤتمرًا صحفيًا بشأن اﻷحداث، حاول من خلاله تبرئة القيادات الميدانية.
فقد قال اللواء أركان حرب محمود حجازي رئيس هيئة التنظيم والإدارة في ذلك الوقت ويشغل حاليا منصب رئيس أركان القوات المسلحة في المؤتمر الصحفي92:
“إن أفراد القوات المسلحة الشرفاء الآن تؤمن الحدود والأهداف الحيوية، جاهزة للتضحية بالنفس لحماية هذا البلد، ليس من المقبول أو المعقول أن يكون جزاء هؤلاء الناس أو يقابل هذا العطاء بالجحود أو بالتعدي على أحد أفراد القوات المسلحة، الثابت اللي بعد كدة أن هناك أعداء للوطن يتخذوا من حالة التظاهر فرصة للاندساس لتحقيق أهداف هدامة مما قد يتطلب منا جميعًا مراعاة هذا حرصًا على مصالح الوطن، ولو استرجعنا أحداث من العباسية للسفارة للأحداث الأخيرة في ماسبيرو هنجد إن الأمور تبدأ بمظاهرة ممكن تبقى سلمية، لكن فجأة تنقلب هذه السلمية إلى عنف يهز أركان الأمن في الوطن، ويؤدي إلى نتائج قد تكون غير محمودة”.
كما أكد خلال كلمته أن الشرطة العسكرية لم تطلق النيران، وذلك اتساقًا مع عقائدها، ويرى إن نجاح مهمة القوات المسلحة هي في قيادة وحماية الشعب وليس في مواجهة الشعب، ولكنها قد تضطر إلى استخدام الحزم طبقًا للقانون في مواجهة أعداء هذا الشعب. كما أكد على أن “سلاح القوات المسلحة يختلف عن غيره من التسليح، سلاح القوات المسلحة سلاح للقتل وليس للتأمين ولو أنهم استخدموا هذا السلاح أو سمحنا باستخدامه لكانت العواقب كارثية”.
أما اللواء عادل عمارة مساعد وزير الدفاع قد بدأ حديثة بقوله ” نحن أمام حقائق ليست موضع شك”، وإن مبنى الإذاعة والتلفزيون هو أحد أهم الأهداف الاستراتيجية، لذا يجب أن يؤخذ كل ما يصدر من تهديدات تهدف إلى اقتحامه أو تعطيله بمأخذ الجد شأنه شأن جميع مرافق الدولة.
وعن تأمين اتحاد اﻹذاعة والتلفزيون قال عمارة أن الأفراد الموجودون من القوات المسلحة لتأمين المبنى من الخارج، لا يتجاوز عددهم ال300 فرد وهم مسلحون بمعدات لمقاومة الشغب، وأنكر وجود ذخائر حية مع الجنود، وقال “وهو مبدأ ومنهج من بداية 25 يناير ألا يرفع سلاح في وجه الشعب المصري، أو تطلق رصاصة في صدر مواطن مصري، ده مبدأ القوات المسلحة خدته على عاتقها”.
وبدأ بعد ذلك في سرد اﻷحداث وفقا لما يراه المجلس العسكري، الذي اعتبر أن هناك تحريضا واضحا من الشخصيات العامة ورجال الدين المسيحي قبل المسيرة وأثنائها على خلفية حادث كنيسة الماريناب بإدفو. وللتدليل على هذا التحريض تم عرض شريط مصور يضم مداخلة هاتفية مع جورج إسحاق لقناة الحياة، وآخر لدعوةلأحد القساوسة في الكنيسة لمسيرة الكرامة قائلًا “هنعمل مسيرة مصر مشافتهاش قبل كدة”، كما تضمن الفيديو كلمة لأحد القساوسة في المسيرة قال خلالها “المحافظ يقدم استقالته، ويتقبض على الجناة والكنيسة تتبني، والمشير يعمل كدة، لو معملش كدة هو عارف ايه ممكن يحصل، والمحافظ لو مقدمش استقالته خلال 48 ساعة هيموت موتة شنيعة”، كما اتهم خلاله المحافظ بالكذب، فيما تضمنت باقي المقاطع عرضا لمطالب المتظاهرين.
واستمر قائلا “نحن نذكر وقائع وحقائق نحن لا نحلل ولا نقيم الموضوع من وجهة نظرنا وهي حقائق مسجلة”، تلك الحقائق التي يدعيها المجلس العسكري عبارة عن حالة أنكار لكل الاتهامات ولتحمل المسئولية عن وقائع العنف التي تمت.
حيث قال “اللي بيدعوا إن كان في ذخيرة حية، لو الأفراد اللي بتتهاجم في المركبات دي وكان معاهم ذخيرة حية، مكانش فيه كائن من كان يقدر يقرب من هذه المركبة”.
ويستمر قائلا “بداية فكرة استخدام المعدة في دهس إنسان دي فكرة محذوفة من قاموس القوات المسلحة، معندناش حاجة في عقائدنا كدا حتى في قتالنا مع العدو لا نرتكب مثل هذه الأخطاء وهذه الأخطاء محرمة دوليًا، ولم يحدث حتى في حروبنا مع أعدائنا إن في فرد من أفراد القوات المسلحة دهس مواطن أو إنسان بالعربية، لا يمكن أن ينسب هذا للقوات المسلحة المصرية، ينسب إلى أي حد تاني، لكن لن يسجل في التاريخ عننا في يوم من الأيام أننا دهسنا حد حتى في قتالنا مع العدو الحقيقي”.
“أنا لا أنكر إن قد يكون أثناء سير العربية حد اتخبط، ولا أؤكد ذلك لكن هذا الموضوع اللي أنا أؤكده أن الموضوع ليس ممنهج، وعيب إن مصري يقول إن فيه مصري من أفراد القوات المسلحة يبقى من ضمن تدريبه أنه يدهس المتظاهرين، وكان من باب أولى تسليح الجنود بذخائر ومكنش حد اقترب”.
استمر المؤتمر الصحفي في أنكار كل أعمال العنف المميت التي مورست ضد المتظاهرين، بل قدم اﻷعذار للجنود سائق المركبات الذين تعرضوا للضغوط الشديدة بسبب اعتداء المتظاهرين عليهم مما أثر عليهم نفسينا.
محاولات طمس الحقيقة

لا صلاة على الجثث (المشرحة)
“يومان قضيناهما في المشرحة، يومان مع جثامين تناضل للاحتفاظ بلقب شهيد، تناضل ضد نظام مبارك كله؛ ليس فقط عسكر مبارك الذين دهسهم، ولا إعلام مبارك الذي سحب منهم لقب شهيد ونعتهم بالقتلة، ولا نيابة مبارك التي تملصت من البحث عن حقهم، بل ناضلت الجثامين لتحتفظ ببهاء يليق بالشهادة في مشرحة مستشفى حكومي فقير منعدم الإمكانيات. ناضلت ضد خرافات عصر مبارك القائلة إن التشريح تمثيل بحرمة الميت لا انتصارا لحقه، ناضلت ضد سطوة فقهاء وقساوسة السلطان القائلين إن الباحث عن العدالة في الحياة الدنيا وكأنما تخلى عنها في الآخرة، ناضلت ضد طائفية مبارك التي تجعل فقير يرى في فقير مثله عداوة ليلتهي عمن سرق لقمة عيشهما.”93
بدأ المتظاهرون في نقل القتلى والمصابين، فور سقوطهم، إلى المستشفيات المتواجدة بالمناطق المحيطة، تواجدت أكثر الحالات بالمستشفى القبطي برمسيس، لم يكن بالمستشفى متسع لـ 22 جثة، فتوزعوا حسب أسبقية الحضور في غرفتي التشريح، وعلى الأرض في الأروقة، أعداد غفيرة من المتضامنين تنتظر في الداخل بجوار الضحايا وذويهم، وبالخارج آخرون يحاولون تأمين المستشفى من الهجمات.
عقب إعلان حظر التجوال انصرفت مجموعات من أمام المستشفى، وبقي آخرون في الانتظار، وفي الثانية والنصف صباحًا توجهت النيابة لإجراء معاينة أولية -كشف ظاهري- للجثامين، وصرحت بدفن 5 جثث دون تشريح، وأعلنت عن رغبتها في استخراج تصاريح لباقي الجثامين بالطريقة ذاتها، والاكتفاء بالتقارير الأولية الصادرة عن المستشفى وبالكشف الظاهري.94
“تقدم القساوسة بنصيحتهم: لندفنهم سريعا؛ فالجو حار والمشرحة بلا ثلاجات. تدخلنا نحن بغرور الميدان وسذاجته: ماذا عن العدالة؟ ماذا عن القصاص؟ هؤلاء آخر فرصة لإثبات الجرم، نحتاج لتقرير طب شرعي.”95
مارس بعض القساوسة المتواجدون بالمستشفى ضغوطا على أهالي الضحايا ليمتنعوا عن إجراء التشريح لذويهم، وتشير الشهادات التي حصل عليها باحثو المؤسسة إلى أن القساوسة أخبروا الأهالي أن البابا لن يتمكن من الصلاة على الجثث لضيق الوقت، وانه يجب استخراج تصاريح الدفن وعدم الانتظار أكثر من ذلك وأن جزائهم في الجنة مع الشهداء.
في ذلك الوقت توجه المحامي الحقوقي خالد علي لمكتب النائب العام، المستشار عادل السعيد، لطلب إجراء التشريح للضحايا، وبعد تفاوض، انتهى الأمر بالموافقة على انتقال لجنة التشريح من مشرحة زينهم إلى المستشفى القبطي، وبتحمل خالد على مسئولية انتقال وتأمين الفريق الطبي وإخلاء المستشفى من الأهالي لتجنب حدوث مشادات.96
“نعم، بدأ الأمر بأننا مسئولون عن تأمين تظاهراتنا، ثم تطور لنصبح مسئولين عن تأمين المنشآت العامة، وها نحن اليوم مسئولون عن تأمين موظفي الدولة إن أردنا أن تتصرف الدولة وكأنها دولة. لم نشغل نفسنا بسؤال «وما دور الشرطة والجيش»، فالإجابة واضحة على أجساد الشهداء.”97
أجرى التشريح بإمكانيات محدودة، ووسط مجموعات للتأمين شكلها الأهالي والمتضامنون والحقوقيون، وكان مساعد وزير الداخلية للأمن العام اللواء أحمد جمال قد أخبر خالد علي أن حالة غضب الأهالي لن تسمح بتأمين قوات الجيش أو الشرطة للفريق الطبي.
أجري داخل المستشفى القبطي تشريح 17 جثة، 7 حالات منهم قُتلت بطلق ناري في أماكن متفرقة، و10 حالات بسبب هرس وكسور، ويُحمل خالد علي مسئولية استخراج تصاريح لخمسة جثامين دون إجراء تشريح للنيابة العامة باعتبارها المسئول الأول.
“ساعات من البكاء والنقاش والأحضان. نحارب الزمن خلالها بألواح ثلج ومراوح بائسة عسى أن تكون محبتنا كافية للحفاظ على طهارة الجثامين.”98
تلاعب بالتقارير الطبية
من إصابة بالكوع أدت إلى الوفاة والاصطدام بجسم صلب للإصابة بالرصاص والدهس كان الفرق بين أسباب الوفاة في التقارير الطبية قبل وبعد العرض على الطب الشرعي.
يؤكد المحامي الحقوقي خالد علي أن التقارير الطبية الأولية في المستشفى القبطي كتبت على عكس الحقيقة، وأنه كان هناك تلاعب بالتقارير، فوصفت حالة مينا دانيال في البداية بهبوط في الدورة الدموية أدى إلى الوفاة، وأن سبب الوفاة في التقارير اللاحقة تحول بعد ضغط شقيقة مينا وبعد حضور فريق تشريح الطب الشرعي، ليصبح إصابة نارية مفردة بأعلى يمين الصدر، مما أحدث تهتك بالرئة اليمنى والكبد ونزيف دموي غزير.99
“ونحن على شفا الانتصار واجهنا أصعب محنة، الأهالي آمنت بحلم العدالة، وتركتنا نعبث بأجساد أبنائها، وفاتها كرامة أن يصلى عليهم سيدنا بل وقد يتأخر الدفن لليلة أخرى، ضحوا بكل ما طلبنا منهم أن يضحوا به رغم ترددهم في البداية، والآن يريدون ضمانا، يريدون أن يحسوا بتلك العدالة، ونحن نقدم لهم كلاما تقنيا وكعابيل قانونية غير مفهومة. لماذا يقول التقرير دهس بمركبة ثقيلة؟ الحق بيّن وكلنا نعلم أنها مدرعة، لماذا لا يقول مدرعة؟ ما هذا المقذوف الناري؟ لماذا لم تكتبوا «رصاص ميري؟»، ألم تعدوني بعدالة؟ أين اسم الجاني وكلنا نعرفه؟”100
تقول الدكتورة جين لومين عضو مجموعة أطباء لمراقبة الخدمات الطبية، أن التقرير الطبي المبدئي لحالة عماد عبد الحميد، وُصف على أنه طلق ناري موجود في عضلات أنسجة الحوض، وأن استكمال التقرير جاء بدون تأريخ أو توقيع وتحول إلى جسم غريب معدني شبه أسطواني بالمثانة، طوله حوالي 2 سم وقطر حوالي 4 سم، دون التصريح بأن الجسم المستخرج والمحرز رصاصة.101.
يقول الدكتور محمد فتوح استشاري الجراحة العامة ورئيس جمعية أطباء التحرير، -جمعية طبية أنشئت بعد الثورة للتدخل الطبي السريع في حالات الأزمات والطوارئ-، أن خبرًا ورد إليهم بأن أهالي الشهداء رفضوا التشريح إلا في مراقبة أطباء مستقلين لضمان عدم التلاعب بتقارير الصفة التشريحية، ويضيف “توجهت إلى هناك ودخلنا غرفة تحوي ثلاجة بها ثلاثة عيون لحفظ الموتى، وغرفة أخرى ملحقة، بها مصطبة وضع الشهداء عليها، أعدد الجثث كثيرة، وضعت بعض الجثث على الأرض، إجراء التشريح كان في الغرفتين، أجزاء من بعض الجثث كانت مشوهة وفاقدة للأطراف، التحرك وسط الجثث كان صعبًا، والرائحة أيضًا، فالجثامين موجودة منذ الأمس، حضر طاقم التشريح، مكون من 6 أطباء بالإضافة للعاملين، الأطباء الشرعيين قاموا بعملهم بمهارة، وكانوا جادين في محاولة الوصول للحقيقة في حدود الإمكانيات الضعيفة الموفرة لهم.”
يضيف الدكتور فتوح في لقاء مصور102 له بأن الأطباء اضطروا إلى كتابة تقارير بديلة ل 8 شهداء لتهدئة الأهالي لحين صدور تقارير الطب الشرعي، كانت 3 حالات منهم إصابات بطلقات نارية، أاحدها مؤثر، دخل من الصدر، وأدي إلى الوفاة نتيجة لتهتك في الأحشاء الداخلية، و5 آخرون كانت إصاباتهم ردية هرسية نتيجة جسم ثقيل للغاية، تحديدًا مركبات ذات ثقل عالي، أحدثت تهتكات وبترًا في الأطراف، وقصورًا في القفص الصدري، ونزيفًا دمويًا داخليًا، وأن عملية التشريح لم تسفر عن تحريز طلقات، لأنها كانت ذات فتحة دخول وخروج.
لا قيمة للأحراز
لم ينتج عن عملية تشريح الجثامين تحريز طلقات، لأن المقذوفات كانت ذات فتحة دخول وخروج، إلا أن الأطباء تمكنوا من استخراج طلقات من اثنين من المصابين، فكانت الطلقة المستخرجة من فك علي خالد في مستشفى النزهة، والأخرى المستخرجة من عماد عبد الحليم في المستشفى القبطي، أدلة جنائية تم التلاعب بها إلى أن أصبحت مجهولة المصير.
في اتصال هاتفي بأحد البرامج للدكتور هشام شيحة مساعد وزارة الصحة للطب العلاجي، قال إن الرصاصة المستخرجة من جسد عماد عبد الحليم، في 17 أكتوبر، محرزة في مكتب مدير المستشفى القبطي، الدكتور محب إبراهيم، في انتظار الإجراءات القانونية لتسليمها للنيابة العامة، ثم إلى مصلحة الطب الشرعي.103
إلا أن غادة شهبندر، عضو مجلس إدارة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أرسلت تليغرافًا للنائب العام برقم 615/670 يخطره بالرصاصة المحرزة، ويحمل مدير المستشفى القبطي المسئولية القانونية عن التباطؤ في تسليمها، وذلك بعد أن أكدت أن مدير المستشفى كان عنيفًا مع من طالبوا بتسليم الرصاصة المحرزة للنيابة المختصة لاستكمال التحقيق، وأنه تطاول عليهم قائلًا “ملكوش دعوة، يعني إيه حقوق إنسان؟”104
مرت أيام ولم يُسلم الحرز (الرصاصة) للجهة المختصة لاستكمال التحقيق، وقد أوضح مجدي إبراهيم مدير المستشفى القبطي، أنه بفور تحريز المقذوف الناري من جسد عماد، وقعت عليه لجنة طبية، وتم إرساله لنيابة وسط في 19 أكتوبر، إلا أن النيابة أخطرت المستشفى أن القضاء العسكري هو الجهة المختصة بالاستلام، كما أكد انهم أعادوا إرسال الحرز مرة أخرى إلى القضاء العسكري في نفس اليوم، وورد علم بالاستلام في اليوم التالي، وأرسلوا مرة أخرى في 24 أكتوبر طلب استعجال لسرعة استلام المقذوف، وأنه حتى تاريخ 30 أكتوبر لم يرسل أحد لطلب الحرز الموجود بمكتب مدير المستشفى.105
الرصاصة الأخرى والتي جرى تتبعها كحرز، استخرجت من فك المصور علي خالد، وحُرزت في مكتب مدير مستشفى النزهة، إلا أنه بعد مرور 5 سنوات على الواقعة أكد علي خالد في اتصال هاتفي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير بأنه يجهل مصير الرصاصة في القضية.
“رأيت الموت بعيني، من أفراد يقولون عن أنفسهم حماة البلد، كنت أرصد الأحداث الحقيقية فوق كوبري 6 أكتوبر، ثم أطلق عليّ الرصاص من فوق فندق هيلتون رمسيس، لأني كنت مصور، قام الناس بحملي، وآخرين قاموا بسرقتي في موتي، المستشفى كان غير مجهز بأي شيء.”106
ويضيف خالد في شهادته للمؤسسة، أن ضغوطًا شديدة مورست بحقه، من وزير الصحة وآخرين لإجراء عملية استخراج الرصاصة في المستشفى الحكومي التي أرسل إليها فور إصابته، ويوضح أنهم أرادوا التحكم في مصير الرصاصة المستخرجة، باعتبارها دليل إدانة ضد الدولة.
وفي 2 نوفمبر، صرح مصدر عسكري رفض ذكر اسمه لبرنامج على قناة أون تي في، إن الرصاصات المحرزة “ملهاش لازمة”، وأنها لا تدل على بصمة السلاح باعتبارها مقذوف، أما الفوارغ فهي التي تحمل دلالات جنائية.107.
إلا أن الدكتور أيمن فودة، استشاري الطب الشرعي، نفي في نفس البرنامج صحة هذه المعلومات، وأكد أنه من خلال شكل فتحة دخول المقذوف، نستطيع تحديد مسافة الإطلاق، واتجاه الإطلاق، ومستوى الإطلاق، وأن المقذوف يمكننا من تمييز نوعية السلاح المستخدم، وإذا ما كان من ذوات السرعة العالية أو المتوسطة، وما إذا كان أطلق من سلاح مدني أو نظامي.108
لا تعاون مع لجان تقصي الحقائق
بعد ثلاثة أسابيع من أحداث ماسبيرو، أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان نتائج لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس من بين أعضائه، وذلك بموجب قرار صدر في جلسته الطارئة بتاريخ 10 أكتوبر، وقالت اللجنة في تقريرها أنها اعتمدت على الشهادات الميدانية، وجلسات الاستماع، وتقارير المنظمات الحقوقية عن الحادث، إلا أن حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو لجنة تقصي الحقائق، أكد في لقاء مصور109 له أن الأدلة المتاحة للجنة غير كافية، مؤكدًا أن وزارة الدفاع لم تتعاون، ولم تقدم أي أدلة لمساعدة اللجنة في أداء عملها، مما أوجد قصورًا في المعلومات الخاصة بالعسكريين وإصاباتهم، كما أشار إلى عدم حصولهم على تقارير من الأدلة الجنائية، أو تقارير فنية لنوع الذخائر المستخدمة وصناعتها، وما إذا كانت مستخدمة من قبل القوات النظامية، خاصة أن شهادات أكدت إطلاق هذه القوات للرصاص أمام ماسبيرو.
ويشير حافظ إلى أن التقرير لم يؤكد استخدم قوات الجيش لرصاص فشنك من عدمه، لكنه وثق شهادات أن هناك رصاص حي، وأخرى أكدت أن الرصاص المستخدم فشنك، وأن جميع الشهادات أكدت إطلاق أفراد مجهولون يرتدون الزي المدني الرصاص على المتظاهرين في نفق شبرا وماسبيرو وكوبري أكتوبر، وأن شهادة دكتور عماد جاد، عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أكدت أيضًا وجود قناص على كوبري أكتوبر، كذلك شهادات وجود قناصة في العمارات المحيطة لمنطقة ماسبيرو، وأن قوات الأمن لم تحمي المتظاهرين رغم حصول المسيرة على تصريح أمني.
وتوضح الدكتورة منى ذو الفقار رئيس لجنة تقصي الحقائق، أن اللجنة لم تتمكن بشكل رسمي من معرفة أسباب وفاة المتظاهرين، لأن بيانات الضحايا الصادرة عن وزارة الصحة اكتفت بذكر الأسماء وأماكن تواجدهم، باعتبار أن تحقيقات النيابة فيما يتعلق بالجنائي سرية، وقالت ذو الفقار “المسألة كانت تستدعي مزيد من شفافية”، وأن اللجنة حصلت على 21 شهادة وفاة من أصل 28، عرفت اللجنة عنهم بالصدفة من خلال كشوف المستشفيات، وأن بيان وزارة الصحة، لم يشر إلى تقييم حالة المصابين من العسكريين، لتعذر حصول المستشفى على بيانات.
القضية

ملف القضية مسارات متعددة
حسب ما جاء بأوراق القضية فإن واقعة أحداث ماسبيرو رغم حدوث الجزء الأكبر منها في محيط مبني الإذاعة و التلفزيون إلا أن الواقعة قد امتدت بمسارات زمنية مختلفة و في أماكن مختلفة، و بالتالي خضعت لتحقيق أكثر من جهة تحقيق حسب النطاق المكاني بين نيابات شبرا و الساحل و بولاق أبو العلا و منشية ناصر و قصر النيل و الأزبكية. بالاضافة إلى دخول الواقعة لاختصاص نيابة أمن الدولة و أيضا قيام النيابة العسكرية بالتحقيق فيها كون القائم بالضبط هم تابعين للقوات المسلحة. و حسب مسار الأوراق فإن القضية قد تجمعت في النهاية بيد قاضي التحقيق المنتدب من نيابة الاستئناف.
و نتيجة لهذا التداخل الكبير في الاختصاص و لأسباب أخرى فإن ملف القضية الذي بين أيدينا ليس ملف القضية الكامل، ولكنه الجزء الذي استطعنا الحصول عليه. وهو ما ترتب عليه وجود صعوبة لبناء خط زمني لسير التحقيق في القضية. فالنيابات المختصة كان كل منها بحقق في واقعة مختلفة حسب الاختصاص المكاني مثلا، أاو نتيجة لبلاغات محددة الوقائع، وليس الواقعة بأكملها , إلا أنه علي ما يبدو من الأوراق فإن نيابة بولاق أبو العلا – و هي النيابة التي يدخل في اختصاصها مكانيا محيط منطقة مبني الإذاعة و التلفزيون – و نيابة شرق العسكرية و نيابة أمن الدولة، بالإضافة لقاضي التحقيق، قد نالوا الجزء الأكبر من التحقيق. فقامت نيابة بولاق بجزء من التحقيق في وقائع القتل، من متابعة عملية التشريح، والتصريح بدفن الجثث، وأخذ أقوال أهالي القتلي، وأيضا الاستماع لشهادات المصابين المدنين، ومعاينة محل الواقعة بمحيط مبني الإذاعة و التلفزيون و التحقيق في وقائع إتلاف الممتلكات الخاصة، والسماع لبعض الشهادات من المبلغين والمجني عليهم. كما قامت النيابة العسكرية بالتحقيق مع المقبوض عليهم، وسماع أقوالهم، والتحقيق في وقائع سرقة السلاح المفقود من القوات المسلحة، ومعاينة التلفيات الواقعة علي معدات وأدوات القوات المسلحة، وسماع أقوال المصابين من أفراد الجيش والأمن المركزي. كما قامت أيضا بسماع أقوال بعض الشهود المدنين من المبلغين أو المجني عليهم من المشاركين في المسيرة. أما نيابة امن الدولة فهي التي آل إليها الاختصاص بعد خروج الأوراق من النيابة العسكرية، بعد تنحي اﻷخيرة عن نظر القضية، وبالتالي كانت هي المسؤولة عن التحقيق في كامل واقع القضية، والتي آل في النهاية التحقيق فيها إلى قاضي التحقيق المنتدب.
نوضح هنا أن ملف القضية الذي بين أيدينا ينقصه أغلب محاضر الإجراءات و محاضر إثبات الحالة, فالملف لا يحتوي علي محضر إثبات الواقعة و القبض المحرر بمعرفة الشرطة العسكرية، ولكن تم الحصول عليه من تفريغ المحضر في النيابة العسكرية أثناء أخذ أقوال ضباط الواقعة والمتهمين , كما أن الأوراق لم تحتوي الجزء الخاص بإحالة أوراق القضية للمتهمين من العسكريين، ولم تحتوي مذكرة حفظ التحقيق بالنسبة للمدنين. و أيضا الملف لم يحتوي أغلب أوراق تحقيق النيابات المختلفة اﻷخرى، اللهم إلا محاضر إرسال ملفات التحقيق بين النيابات بعضها البعض دون وجود محتوي ملف التحقيق ذاته.

معلومات أساسية عن القضية:
قيدت القضية برقم 855 لسنة 2011 جنايات مدعي عسكري شرق القاهرة. في 19 نوفمبر 2011 صدر بيان المجلس العسكري رقم 82 بإحالة قضية أحداث ماسبيرو، والجاري التحقيق فيها أمام النيابة العسكرية، إلى النيابة العامة المختصة. وفي 23 نوفمبر 2011 قامت إدارة المدعي العام العسكرية نيابة شرق القاهرة بإرسال كافة أوراق القضية إلى المحامي العام لنيابات أمن الدولة ﻷجراء شئونها فيها مع استبقاء التحقيقات الخاصة بالعسكريين لاستكمال التحقيقات فيها بمعرفة النيابة العسكرية. وفي 11 ديسمبر 2011 تم إرسال ملف القضية إلى رئيس نيابة الاستئناف والنائب العام، من قبل المحامي العام اﻷول لنيابة أمن الدولة العليا للاختصاص.
وفي 11 ديسمبر 2011 أرسل رئيس المكتب الفني للنائب العام أوراق القضية إلي رئيس الاستئناف رئيس المكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة، ﻹرسالها إلى رؤساء الاستئناف ثروت محمد أحمد حماد وعادل إبراهيم السيد الغويط، المنتدبين قضاة للتحقيق في وقائع أحداث ماسبيرو، بموجب القرار رقم 38 لسنة 2011 الصادر من السيد المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 10 ديسمبر 2011.

أسماء القتلي وفقا لتقارير الطب الشرعي:
نتيجة الهرس والدهس

م
الاسم
رقم التقرير
محتوى التقرير
القضية
1
جرجس راوي راضي
144
– الإصابات المشاهدة والموصوفة ظاهريا وتشريحيا بالجثمان هي أصابات رضية هرسية حيوية حديثة وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة وثقيلة أيا كان نوعها وفي تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة.
– تعزى وفاة المذكور للإصابات الرضية وما أحدثته من كسور وتهتك بالرئتين والكبد ونزيف دموي وصدمه نزفيه غير مرتجعه.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
2
مايكل مسعد جرجس
142
– الإصابات المشاهدة والموصوفة ظاهريا وتشريحيا بالجثمان هي أصابات رضية هرسيه حيوية حديثه وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة وثقيلة أيا كان نوعها وفي تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة.
-تعزى وفاة المذكور للإصابات الرضية الهرسية الشديدة وما أحدثته من تهتك بالأحشاء الداخلية ونزيف دموي داخلي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
3
عيسى إبراهيم رزق
148
تعزى وفاة المذكور لحالته اﻹصابية الرضية الهرسية وما أحدثته من كسور بعظام الصدر والحوض وتهتك بالرئة اليسرى وما صاحبها من نزيف غزير أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
4.
فارس رزق أيوب
131
– الإصابات المشاهدة والموصوفة ظاهريا وتشريحيا بالجثمان هي أصابات رضية هرسيه حيوية حديثه وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضية وثقيلة أيا كان نوعها وفي تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة.
– تعزى وفاة المذكور لحالته اﻹصابية الرضية الهرسية وما أحدثته من كسور باﻷضلاع وبالحوض وبعظام الطرف السفلي اﻷيمن وتهتك الرئة اليمنى والمثانة البولية وما صاحب ذلك من نزيف دموي جسيم وصدمه.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
5
شنودة نصحي عطية
136
– تبين لنا من فحص وتشريح جثة المتوفي وجود إصابات هرسية شديدة حيوية حديثة شملت عموم الرأس والصدر والطرف العلوي اﻷيمن وحدثت هذه اﻹصابات من الاصطدام بجسم أو أجسام صلبة ثقيلة جدا أيا كان نوعها.
– الوفاة إصابية وحدثت من الإصابات الرضية الهرسية والتي شملت عموم الرأس والصدر وما أحدثته من كسور مفتتة بكل عظام الرأس والوجه وما أدت إليه من تهتك شديد بأنسجة المخ وفقد أجزاء كبيرة منه وكذا كسور مفتته بكل عظان الأضلاع والفقرات الصدرية وما أحدثته من تهتك بالقلب والرئتين مما أدى إلى الوفاة الفورية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
6
جمال فايق ونيس
138
– تبين لنا من فحص وتشريح جثة المتوفي وجود إصابات هرسية شديدة حيوية حديثة شملت عموم الصدر وما أحدثته من كسور مفتتة باﻷضلاع الصدرية اليسرى والفقرات الصدرية وحدثت هذه اﻹصابات من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضية ثقيلة أيا كان نوعها.
– الوفاة إصابية وحدثت من الإصابات الرضية الهرسية الحيوية الحديثة الموصوفة بالجثة وما صاحبها من كسور مفتتة شملت عموم اﻷضلاع اليسرى والفقرات الصدرية مما أدى إلى تهتك شديد بالرئة اليسرى ونزيف خلف البريتون أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
7
روماني مكاري لمبي جرجس
130
– تعزى وفاة المذكور للإصابة القطعية الرضية الحيوية الحديثة الموجودة بالرأس والموصوفة تفصيلا بعالية وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة وتهتكات بالمخ وأنزفه دماغية وتوقف للمراكز الحيوية العليا بالمخ وما نتج عنه من توقف للدورة التنفسية والدموية وحدوث الوفاة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
8
مجلي منير مجلي
151
– الكدمات المتسحجة المشاهدة بالفروة والوجه ويمين الصدر واﻷطراف وكذلك الجروح المشاهدة بالوجه إصابات حيوية حديثة ذات صفة رضية احتكاكية ورضية هرسية وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة رضية بعضها خشن أيا كان نوعها.
– تعزى وفاة المذكور للإصابات الرضية الهرسية الموصوفة بالرأس وما صاحبها من كسور بالجمجمة وتهتك بالسحايا والمخ وساعد على حدوث الوفاة أيضا الكسور المشاهدة بالفقرات العنقية والضلوع وما صاحبها النخاع الشوكي والرئة اليمنى وحدوث نزيف إصابي أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
9
مسعد مهنى مسعد إبراهيم
139
– تبين لنا من فحص وتشريح جثة المتوفي وجود إصابات هرسية حيوية حديثة شملت عموم الأضلاع الصدرية اليمنى واليسرى والحوض وحدثت من الاصطدام بجسم أو أجسام صلبة راضية ثقيلة أيا كان نوعها.
-الوفاة إصابية وحدثت من الحالة اﻹصابية الرضية الهرسية الحيوية الحديثة السالف بيانها الموصوفة بالجثة وما صاحبها من الكسور الموصوفة بعموم اﻷضلاع الصدرية وبالحوض، وما نشأ عن ذلك من تهتك بالرئتين والطحال والجزء اﻷيمن من الكبد وتهتك اﻷوعية الدموية الرئيسية بالحوض مما أدى إلى نزيف شديد وهبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
10
ميخائيل توفيق جندي
143
الإصابات المشاهدة والموصوفة ظاهريا وتشريحيا بالجثمان هي أصابات رضية هرسية حيوية حديثة وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضية وثقيلة أيا كان نوعها وفي تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة.
– تعزى وفاة المذكور للإصابات الرضية الهرسية الشديدة السالف بيانها بالجثة وما أحدثته من كسور بالعظام المبينة عالية وتهتك باﻷوعية الدموية الرئيسية بالفخذين واﻷحشاء الداخلية ونزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
11
أسامة فتحي عزيز حنا الله
153
– الإصابات المشاهدة والموصوفة ظاهريا وتشريحيا بالجثمان هي أصابات رضية هرسية حيوية حديثة وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضية وثقيلة أيا كان نوعها وفي تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة.
– تعزى وفاة المذكور للإصابات الرضية الهرسية الشديدة السالف بيانها بالرأس وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة وتهتك بأنسجة المخ ونزيف تحت اﻷم الجافية وتحت اﻷم العنكبوتية وتوقف المراكز الحيوية بالمخ.

القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
12
مجدي عبده رزق
149
– الإصابات المشاهدة بعموم الجثة حيوية حديثة، وهي ذات طبيعة رضية احتكاكية وهرسية وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة رضية وثقيلة بعضها خشن السطح أيا كان نوعها.
– تعزى وفاة المذكور للإصابات الرضية الهرسية السالف بيانها وما أحدثته من كسور بالضلوع والحوض وتهتكات بالكبد والكلية اليمنى وما صاحب ذلك من نزيف اصابي غزير أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
13
أيمن صابر بشاي
135
– الإصابات المشاهدة والموصوفة بعموم الجثة حيوية حديثة، وهي ذات طبيعة رضية احتكاكية وهرسية وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة رضية وثقيلة بعضها خشن السطح أيا كان نوعها.
– تعزى وفاته إلى إصاباته الرضية الهرسية المتعددة الحيوية الحديثة وما أحدثتها من كسور باﻷضلاع وبالحوض وتهتك بالرئتين والكبد وما صاحب ذلك من نزيف جسيم وصدمة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
14
مجدي فهيم مسعد

– تبين لنا أن إصاباته الموصوفة بالرأس والوجه والعنق والصدر والبطن وذلك على الجانب اﻷيمن منها، وكذا بالطرف السفلي اﻷيمن -جميعها من طراز رضي تسحجي – وحدثت جميعها جراء المصادمة الرضية الشديدة بجسم صلب راضة ذات طبيعة خشنة الملمس. وإصابات المذكور قد تحدث نتيجة مصادمة احدى مركبات النقل الآلية.
القضية رقم 855 لسنة 2011 ج ع شرق القاهرة العسكرية
15
نصيف راجي نصيف
141
الإصابات المشاهدة والموصوفة بأعلى الفخذ اﻷيمن والحوض هي إصابات رضيه هرسيه حيوية حديثة حدثت من المصادمة بجسم أو صلبة راضة وثقيلة أيا كان نوعها وفي تاريخ يعاصر تاريخ اﻷحداث.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.

نتيجة اﻹصابة بطلق ناري

م
الاسم
رقم التقرير
محتوى التقرير
ملاحظات
16
سامح جرجس ميخائيل
150
– الجرح المشاهد بالعضد اﻷيمن إصابة حيوية حديثة ذات طبيعة نارية حدثت اﻹصابة بمقذوف عيار ناري مفرد من عيار 7,62 في 39 مم دخل من فتحة الدخول بالعضد اﻷيمن ليستقر المقذوف أسفل عظمة اللوح اليمنى، وكان اتجاه اﻹطلاق أساسا من اليمين لليسار وذلك في الوضع القائم المعتدل للجسم مع اﻷخذ في الاعتبار المدى الحركي الواسع للجذع، وأطلق المقذوف من مسافة تعدت مدى قرب اﻹطلاق الذي يعد حوالي نصف متر للأسلحة طويلة الماسورة ونصف تلك المسافة للأسلحة قصيرة الماسورة، وتلك اﻹصابة لا تحدث الوفاة.
– نعزى وفاة سالف الذكر إلى اﻹصابة القطعية الرضية السالف بيانها المشاهدة بالعنق وما صاحبها من قطع باﻷوعية الدموية الرئيسية والمرئ والقصبة الهوائية وفصل للعمود الفقري وساعد على حدوث الوفاة اﻹصابات الرضية الاحتكاكية المشاهدة بالصدر والبطن وما صاحبها من تهتك باﻷحشاء مما أدى إلى حدوث نزيف إصابي غزير أدى إلي هبوط حاد بالدورة الدموية.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
17
محمد على شتا (جندي)
147
– اﻹصابتين المشاهدتين والموصوفتين بالوجه هي إصابتين حيويتين حديثتين عبارة عن فتحتي دخول وخروج مقذوف عيار ناري مفرد أطلق من سلاح معد ﻹطلاق تلك النوعية من الطلقات، وكان اتجاه اﻹطلاق أساسا من اليسار لليمين في الوضع الطبيعي القائم والثابت للجسم مع اﻷخذ في الاعتبار المجال الحركي للجسم، وعلى مسافة جاوزت مدى اﻹطلاق القريب، ويتعذر فنيا تحديد عيار المقذوف الناري محدث إصابة المذكور نظرا لعدم استقراره، وقد حدثت تلك اﻹصابة بتاريخ معاصر للواقعة.
– تعزى وفاة المذكور للإصابة النارية المفردة السالف بيانها بالصدر وما أحدثته من تهتك بالرئتين واﻷوعية الدموية للقلب ونزيف دموي إصابي غزير وصدمة نزفية (مرتجعة).
القضية رقم 855 لسنة 2011 ج.ع.شرق
18
أيمن نصيف وهبه
152
– الكدمات المتسحجة المشاهدة والموصوفة بالوجه وبأعلى الصدر هي إصابات رضية احتكاكية حيوية حديثة وحدث كل منها من المصادمة والاحتكاك بجسم صلب راض ذو سطح خشن أيا كان نوعه.
– اﻹصابة المشاهدة والموصوفة بالبطن هي إصابة نارية حيوية وحدثت من اﻹصابة بمقذوف عيار نظرا لعدم استقراره وقد كان اتجاه اﻹطلاق أساسا من اليسار إلى اليمين في الوضع الطبيعي القائم للجسم ومن مسافة جاوزت مدى اﻹطلاق القريب.
– تعزى وفاة المذكور للإصابة النارية…بالبطن وما أحدثته من تهتك بالطحال والمعدة واﻷمعاء والمساريقا والكلية اليمنى ونزيف… غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
19
صبحي جمال نظيم
134
– اﻹصابة المشاهدة بالفخذ اﻷيمن نارية حيوية حديثة حدثت من اﻹصابة بمقذوف مفرد لعيار ناري لم يستقر أو يترك جزءا منه بالجسم اﻷمر الذي يجعل نوعه أو عياره أو نوع أو عيار السلاح المطلق له متعذر فنيا.
– وكان اتجاه اﻹطلاق في الوضع الطبيعي القائم للجسم من اﻷمام إلى الخلف وفي مستوى أفقي تقريبا مع اﻷخذ في الاعتبار حرية الحركة والدوران لحظة اﻹطلاق وطريقة حمل للسلاح المستخدم.
– وبالنسبة لعدم وجود علامات لقرب اﻹطلاق حول الجرح الناري الدخولي بالجثة أو الملابس مقابلها فإن مسافة اﻹطلاق كانت قد جاوزت مدى حدوث علامات قرب اﻹطلاق وهو ما نقدره بنحو 1\4 – 2\1 متر وقد تزيد المسافة عن ذلك قليلا أو كثيرا.
– وتعزى وفاته وإصابته النارية وما أحدثتها من تهتك بالشريان الفخذي الرئيسي اﻷيمن وما صاحب ذلك من نزيف جسيم وصدمة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
20
أيمن فؤاد أمين
133
– اﻹصابة والمشاهدة والموصوفة بالصدر نارية حيوية حديثة حدثت من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد لم يستقر أو يترك جزءا منه بالجسم اﻷمر الذي يجعل تحديد نوعه أو عياره أو نوع أو عيار السلاح المطلق له متعذرا فنيا.
– وكان اتجاه اﻹطلاق في الوضع الطبيعي القائم للجسم من اﻷمام إلى الخلف مع ميل بسيط من أعلى واليسار إلى أسفل واليمين مع اﻷخذ في الاعتبار حرية الحركة والدوران لحظة اﻹطلاق وهو ما نقدره بنحو 1\4 – 1\2 متر وقد تزيد المسافة عن ذلك قليلا أو كثيرا.
– وتعزى وفاته إلى إصابته النارية السالف بيانها وما أحدثته من تهتك بالقلب وبالرئة اليمنى وما صاحب ذلك من نزيف جسيم.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
21
وائل ميخائيل خليل
132
– اﻹصابة والمشاهدة والموصوفة بالعنق هي إصابة نارية حيوية حديثة حدثت من عيار ناري بمقذوف مفرد لم يستقر أو يترك جزءا منه بالجسم اﻷمر الذي يجعل تحديد نوعه أو عياره أو نوع أو عيار السلاح المطلق له متعذرا فنيا.
– وكان اتجاه اﻹطلاق في الوضع الطبيعي القائم للجسم من اليمين إلى اليسار وفي مستوى أفقي واحد تقريبا مع اﻷخذ في الاعتبار حرية الحركة والدوران لحظة اﻹطلاق.
– بالنسبة لعدم وجود علامات لقرب اﻹطلاق حول الجرح الناري الدخولي بالجثة فإن مسافة اﻹطلاق كانت قد جاوزت مدى حدوث علامات قرب اﻹطلاق وهو ما نقدره بنحو 1\4 – 1\2 متر وقد تزيد المسافة عن ذلك قليلا أو كثيرا.
– وتعزى وفاة المذكور إلى إصابته النارية الحيوية الحديثة السالف بيانها وما أحدثتها من كسر بالفك السفلي وتهتك باﻷوعية الدموية الرئيسية بالعنق وما صاحب ذلك من نزيف دموي جسيم وصدمة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
22
شحات ثابت حنبلي معوض
140
– الإصابتين المشاهدتين والموصوفتين بالجزع حيويتين وحديثتين وعبارة عن فتحتي دخول وخروج عيار ناري مفرد اطلق من سلاح ناري معد ﻹطلاق الطلقات المفردة.
– وكان اتجاه اﻹطلاق أساسا من اليسار لليمين ومن اﻷمام للخلف قليلا في الوضع الطبيعي القائم والثابت للجسم مع اﻷخذ في الاعتبار المجال الحركي للجسم ويتعذر من الوجهة الفنية تحديد عيار المقذوف الناري محدث إصابة المذكور نظرا لعدم استقراره بالجثة، وعلى المسافة جاوزت مدى اﻹطلاق القريب.
– تعزى وفاة المذكورة للإصابة النارية المفردة السالف بيانها الموصوفة بالبطن وما أحدثته من تهتك بالأحشاء الداخلية واﻷوعية الدموية ونزيف دموي غزير بالبطن وصدم نزفية غير مرتجعة.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
23
مينا إبراهيم دانيال
145
-جرح مصحوب بفقد بالنسيج حوافه متسحجة ومنقلبة للداخل قطره حوالي 1 سم يقع بمقدم الكتف اﻷيمن (فتحة دخول عيار ناري مفرد)ولا توجد حوله علامات قرب اﻹطلاق.
– جرح مصحوب بفقد بالنسيج في مساحة حوالي 1،5 في 1،5 سم يقع بأسفل يمين الظهر أعلى العرف الحرقفي بحوالي 4 سم ولليمين عن الخط المنصف بحوالي 4 سم (فتحة خروج عيار ناري مفرد.
القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.
24
هادي فؤاد عطية
137
– تبين لنا وجود إصابة نارية حيوية حديثة بخلفية يمين أعلا الظهر حدثت من اﻹصابة بمقذوف عيار ناري مفرد (رصاص) يتعذر تحديد عياره بدقة فنيا لعدم استقراره أو أجزاء منه، أطلق عليه من مسافة جاوزت مدى اﻹطلاق القريب وفي اتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى اﻷمام واليسار نع ميل لاعلى في الوضع الطبيعي القائم للجسم.
لقضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق أبو العلا.

أسماء المتهمين:
م
الاسم
م
الاسم
1
جرجس عبد السيد أيوب تادرس.
15
أمين منير عياد مخائيل
2
اسحاق إبراهيم رافائيل ميخائيل.
16
هاني حلمي عزيز
3
عصام ربيع راشد خليل واصف.
17
أنور ريمون أنور اسكندر
4
اندرو مكرم شحاته غطاس.
18
مايكل فايز صادق فرج الله
5
فادي بكش رافائيل ميخائيل.
19
روماني عزت ونيس يقطر
6
هاني كامل محمود سالم.
20
هاني مجدي انيس يقطر
7
عاطف محمد محمد كسبر.
21
ميلاد نبيل أديب رزق الله
8
جورج صفوت جرجس.
22
أسامة سمير توفيق اسعد جرجس
9
إبراهيم منير عجبان بباوى
23
مينا سمير عياد
10
هيثم ميلاد عبده منصور
24
ابانوب سمير توفيق اسعد جرجس
11
عيد مكرم الله زاخر حنا
25
مينا طلعت نصحي
12
ممدوح عياد نعمان عياد
26
عبد الرحمن محمد مصطفى قطب
13
ميلاد صادق فهيم عبد الملاك
27
علاء أحمد سيف الاسلام عبد الفتاح
14
أمين دانيال جاب الله دانيال
28
مايكل عادل نجيب فرج

الرواية الرسمية للأحداث
في هذا الجزء من التقرير نتناول الرواية الرسمية المتمثلة في تحريات الشرطة العسكرية، وتحريات وزارة الداخلية، باﻹضافة إلى استعراض تقرير اللجنة المشكلة بشأن التغطية اﻹعلامية والتحقيقات التي تمت بشأنها، كذلك أقوال عناصر الشرطة العسكرية واﻷمن المركزي المشاركين في اﻷحداث.
ونختم هذا الجزء باستعراض ملخص تقرير لجنة تقصي الحقائق في أحداث ماسبيرو المشكلة بقرار وزير العدل رقم 10014 لسنة 2011 بتاريخ 10 أكتوبر 2011 برئاسة المستشار عمرو مروان مساعد وزير العدل.

رواية إدارة الشرطة العسكرية فرع التحريات للأحداث:

نعتمد فيما يلي على محضر تحريات الشرطة العسكرية، ليكون المصدر الأساسي لرواية اﻷحداث من جانب القوات المسلحة، رغم تأخر المحضر عن الوقائع التي يتناولها بستة أيام، ووجود شهادات سابقة لضباط ومجندين تسبقه في التاريخ. وذلك لكون هذا المحضر الوثيقة الرسمية الوحيدة بأوراق القضية، المؤرخة والمحددة المصدر والصادرة عن القوات المسلحة. إضافة إلى ذلك يحصر المحضر وقائع التظاهر باﻷماكن المختلفة إلى جانب واقعة الاشتباك عند مبنى اﻹذاعة والتليفزيون، وهو أيضا يحصر قتلى ومصابي القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، وكذا التلفيات التي أصابت معدات القوات المسلحة والمفقودات من اﻷسلحة، كما حدد أعداد المقبوض عليهم، وأسماء المحرضين على الواقعة (وفق رؤية تحريات الشرطة العسكرية).
في 15 أكتوبر 2011، أرسل فرع التحريات بالشرطة العسكرية إلى رئيس هيئة القضاء العسكري التحريات بشأن الواقعة والخسائر التي تمت خلال اﻷحداث.
حيث قال “في إطار قيام إدارة الشرطة العسكرية (فرع التحريات) بتنفيذ تعليمات القيادة العامة للقوات المسلحة ومتابعة اﻷحداث التي تشهدها الساحة الإقليمية منذ أحداث 25 يناير 2011، [وتشمل] كافة اﻷحداث (اعتصامات – إضرابات – مظاهرات – تسلل – اقتحام – تخريب – تعطيل الإنتاج… الخ). وجمع المعلومات [ذات الصلة] … لتهديد أمن المنشآت وسلامتها. وخاصة حول ما قد يتم تدبيره من قبل بعض العناصر الخارجة عن القانون. ﻹحداث عملية ترويع وبلطجة، أو استغلال التجمعات لزعزعة اﻷمن والاستقرار الداخلي – كذا جمع المنشورات التي يتم توزيعها، وذلك بغرض الإبلاغ المبكر عن أي أحداث غير عادية، وإبلاغ المستوى اﻷعلى بكافة تفاصيل اﻷحداث لاتخاذ القرار المناسب”.
وقد ورد في مذكرة التحريات العسكرية أنه “في حدود الساعة الثانية ظهرا يوم 9 أكتوبر 2011، تجمع حوالي 250 فرد مسيحي الديانة أمام موقف الأتوبيس بجهة منطقة دوران شبرا مصر – القاهرة، مرددين هتافات معادية للمجلس اﻷعلى للقوات المسلحة، ومطالبين بإعادة بناء الكنيسة المشار إليها [كنسية الماريناب]، فتم من جانبنا دفع عناصر قسم المساعدات الفنية بفرع الشرطة العسكرية لتصوير أي تطورات للموقف، وإعداد المادة الفيلمية اللازمة. وتلاحظ تزايد أعداد اﻷفراد حيث وصل عددهم لحوالي عدد (3500) فرد. وعقب ذلك قاموا بمسيرة في اتجاه شارع رمسيس. وأثناء المسيرة بدأ ينضم إليها بعض اﻷفراد إلى أن وصل عدد اﻷفراد (8000) فرد منهم حوالي (90) فرد كانوا يتقدمون المسيرة مرتدين الجلباب اﻷبيض مدون عليه عبارة (شهيد تحت الطلب). والبعض اﻷخر يحملون اﻷسلحة النارية (بنادق آلية – مسدسات 9 مم – فرد خرطوش مصنع) واﻷسلحة البيضاء (مديات – سكاكين – آلات حادة متنوعة) والعصى الخشبية”.
وعن وصول المسيرة الساعة 6 و20 دقيقة قالت المذكرة “وصلت المسيرة القادمة من شبرا لمنطقة ماسبيرو أمام مبنى اﻹذاعة والتلفزيون وانتشارهم على مسافة حوالي 1،5 كم بداية من أول مطلع كوبري أكتوبر الكائن أمام هليتون رمسيس وحتى مطلع كوبري 15 مايو وبلغ عدد أفرادها في ذات التوقيت حوالي (10000) فرد وعقب ذلك قام أحد اﻷفراد بتمزيق المصحف وأطلق بعض اﻷفراد اﻷعيرة النارية واستخدام اﻷسلحة البيضاء والعصى الخشبية والرشق بالحجارة لعناصر الشرطة العسكرية مما أدى إلى قيام عناصر الشرطة العسكرية بإطلاق الذخيرة الفشنك للتفريق وقيام المتظاهرين بإشعال النيران في المركبة فهد وعربة جيب حربي وأتوبيس تابع لجهاز النقل العام للقوات المسلحة”.
اما عن كيف تم الاشتباك عند ماسبيرو فان أقوال العميد محمود محمد مصطفي شلبي وهو قائد عناصر الشرطة العسكرية، والتي كانت مكلفة بحراسة وحماية مبني الإذاعة والتلفزيون أمام النيابة العسكرية بتاريخ 21/10/2011 قد وصفت الاشتباك كالتالي “بداية أفعال الاعتداء من قبل المتظاهرين كانت منظمة ومحدد فيها الأدوار. فقد بدأت بقيام مجموعة كبيرة منهم برشق عناصر الشرطة العسكرية بالحجارة بكثافة ثم قامت مجموعة أخري بمباشرة الاعتداء علي عناصر الشرطة العسكرية مستخدمين عصي خشبية وأسياخ حديدية وأسلحة بيضاء و سنج و سيوف و مطاوي. ثم قيام مجموعة ثالثة بإشعال النيران في مركبات و مدرعات الشرطة العسكرية وقيام البعض الآخر بتشكيل مجموعات منهم لمحاولة الاستفراد بأحد الجنود و إحاطته من جميع الجوانب، والتعدي عليه بالضرب بصورة مبرحة. و كان هناك آخرون من المتظاهرين يتواجدون بأعلى كوبري أكتوبر يقذفون من يتقدم من عناصر الشرطة العسكرية لرد الاعتداء و دفع المتظاهرين للخلف بالحجارة لإجباره علي العودة إلى الوراء وتمكين باقي المتظاهرين من الاعتداء علي عناصر الشرطة العسكرية وصولا إلى مقر اتحاد الإذاعة والتلفزيون؛ و أنا معتقدش إن الترتيب و التنظيم و تحديد الأدوار الذي تم بالصورة دي مايكونش تم الإعداد ليه مسبقا وإنه يكون تلقائيا و ده مش متصور”.

أما عن موقع قوات الأمن من جيش و شرطة بنطاق مبني ماسبيرو و تسليحهم: فان أقوال العميد عبد الحميد توفيق سرور ( قوة إدارة الشرطة العسكرية) أمام النيابة العسكرية بتاريخ 17/10/2011 عند سؤاله من النيابة عن كيفية تمركز القوات بنطاق مبني ماسبيرو أجاب “الأمن المركزي كان قافل اتجاه بولاق أبو العلا و أفراد الشرطة العسكرية عاملين كردون حولين المبني و مكان التظاهر و أفراد بتمشي الطريق و الضباط كانوا بيهدوا الناس.” وعند سؤاله عن تسليح افراد القوات المسلحة أجاب، “جزء معاه الواقي و العصي و الخوذ و باقي الأفراد معاه بنادق آلية معمرة بذخائر فشنك”.
أما إجابة الملازم محمود ضياء محمد محمد عن سؤال تسليح الضباط -أمام النيابة العسكرية – فكانت “تسليح الضابط ضبنجة 9مم بها سبع طلقات، ذات العيار، حية” أما عن تسليح صف الضابط و الجنود فأجاب “بالنسبة لصف الضباط مكنش معاه سلاح وبالنسبة للجنود منهم 16 كان عساكر دوريات معاه سلاح وبندقية آلي عيار 39، و بالنسبة للذخيرة كل عسكري معاه خزينة من طلقات فشنك، و عشرين عسكري فض شغب معاهم الصدادة و عصاية و معهمش أي سلاح. وباقي العساكر … كانوا لبسين لبس الشرطة العادي الافرول المموه و العلامة و البريه ووغير مسلحين.”

وعن سيطرة القوات المسلحة على الموقف في حدود الساعة العاشرة مساء أشارت المذكرة إلى “أمكن السيطرة على الموقف، ومنع أي فرد من اقتحام مبنى اﻹذاعة والتلفزيون، وفض التجمع. إلا أن بعض اﻷفراد المتجمعين قاموا بأعمال بلطجة بالشوارع والميادين وأحداث تلفيات ببعض العربات، وقام حوالي عدد (3500) فرد بالسير في اتجاه شارع رمسيس، وإطلاق اﻷعيرة النارية، أمام مستشفى القبطي، وإشعال النيران بأحد الأتوبيسات المدنية، وامتدت النيران منه للطابق اﻷول بعقار كائن أمام الهيئة القومية للأنفاق بجوار المستشفى، لترويع أمن المواطنين – كذا احتراق أكثر من عدد (10) عربات وتم السيطرة على الحريق بواسطة عدد (49 عربات تابعة للدفاع المدني”.
ومن الملاحظ وفقا لهذه المذكرة أنه تم فقد العديد من اﻷسلحة وغيرها، ولعل أهم ما تم فقده هو اﻷسلحة والذخيرة وهي كالتالي:
– فقد عدد (4) بندقية آلية. وفجر اليوم التالي للأحداث تمكن العقيد أحمد خيري مفتش مباحث فرقة غرب بالتنسيق مع عناصر الشرطة العسكرية من ضبط أحد المتظاهرين وبحوزته بندقية آلية من البنادق الفقد. وبذات التاريخ عثر بعض اﻷهالي على بندقية أخرى من تلك البنادق مع أحد المتظاهرين، وتم ضبطه، وتبين أن خزنتها مذخرة بطلقات فشنك. وتم التحفظ على البندقيتين، وتحرر عن الواقعتين المحضر رقم 2840 لسنة 2011 إداري قسم بولاق أبو العلا، وبعرضه على نيابة وسط القاهرة الكلية قررت إرسال الحرزين رقمي 126 – 128 لسنة 2011 مضبوطات لمصلحة الطب الشرعي لفحص السلاح الناري ومدى صلاحيته للاستخدام من عدمه.
– كذلك تم فقد رشاش خاصة بالمركبة فهد المحترقة رقم 145355 وعدد 16 خزنة بندقية آلية – وعلبة شريط ذخيرة رشاش (300) طلقة عيار 7,62 في 39 مم حية، (200) طلقة عيار 7,62 في 51 مم حية، (60) طلقة عيار 7,62 في 39 مم فشنك، (50) طلقة عيار 7,62 في 51 مم فشنك عهدة الكتيبة اﻷولى شرطة عسكرية. و(130) طلقة عيار 7,62 في 54 مم عادة، (70) طلقة عيار 7,62 في 51 مم كاشفة، و(50) طلقة عيار 7,62 في 54 مم ثاقب حارق عهدة السرية الخامسة شرطة عسكرية.
وتشير المذكرة إلى إنه “بمناقشة كل من العميد محمود محمد شلبي – والمقدمان ياسر عزمي (قوة إدارة الشرطة العسكرية) محمد أحمد السيد خلف (قائد السرية الخامسة شرطة عسكرية) شفاهة قرروا أنه عقب وصول المتظاهرين أمام مقر مبنى اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون تبين أنهم حاملين أسلحة نارية (بنادق آلية – مسدسات 9 مم – فرد خرطوش مصنع) وأسلحة بيضاء (سيوف – سنج – مطاوي – سكاكين – آلات حادة) وعصى خشبية وقيامهم بإطلاق النيران من أماكن مختلفة – كذا الاعتداء على عناصر الشرطة العسكرية باﻷسلحة البيضاء والعصي الخشبية ورشقهم بالحجارة مما أدى لوفاة جندي وإصابة آخرين.
وأضافوا أنه نظرا لذلك قامت عناصر الشرطة العسكرية بالدفاع عن أنفسهم مع ضبط النفس قدر المستطاع وإطلاق ذخيرة فشنك وتمكنوا من السيطرة المبدئية على الموقف إلا أن المتظاهرين قاموا بإشعال النيران في بعض العربات المدنية والمركبات خاصة القوات المسلحة وقام المسئولين من ضباط الشرطة العسكرية بمحادثة قادة وعناصر قوات اﻷمن المركزي المتواجدة للتدخل وأقدمهم العميد شرطة مدنية مدحت عبد الشافي لم يتم الاستجابة للمطلب والتجاوب مع الموقف لعدم صدور تعليمات لهم بالتعامل مع الموقف رغم تواجدهم ومشاهدتهم للأحداث وسعت 1930 قاموا بالاشتراك بعد صدور تعليمات لهم وتم السيطرة على الموقف سعت 2200 وإخلاء المكان من المتظاهرين والمصابين”.
ووفقا للمذكرة فقد أضاف المقدم ياسر عزمي “أنه بإجراء معاينة لمحل الواقعة تبين وجود أثار طلقات نارية بأعمدة اﻹنارة المثبتة أمام مبنى اﻹذاعة والتلفزيون والمتواجدة خلف عناصر الشرطة العسكرية مما يشير إلى إطلاق النار كان في اتجاه عناصر الشرطة العسكرية كذا تبين وجود بعض أسطوانات غاز الفريون أسفل العربة فهد مما أدى لاشتعال العربة والاستيلاء على الرشاش المثبت عليها وعدد (4) بندقية آلية. وأضاف المقدم محمد أحمد أنه شاهد بعض المتظاهرين فور وصولهم لمنطقة ماسبيرو ويحملون المصاحف وقيامهم بتمزيقها وإلقائها على اﻷرض”.

تحريات اﻷمن العام بوزارة الداخلية

حملت أوراق القضية شهادات متفرقة خرجت عن الخط العام لرواية أفراد الجيش و الشرطة للواقعة و تضمنت وقائع أو بدايات مختلفة للأحداث فمثلا جاء في بعض الشهادات أن المسيرة التي بدأ بسببها الاشتباك كانت قادمة من ميدان التحرير وليست من شبرا, أو أن المسيرة كانت بها سيارات محملة بالأسلحة، غير أن جهات التحقيق المختلفة لم تحقق في هذه الشهادات، فلم تسال النيابة الشهود، أو تدقق في البحث عن أرقام السيارات فيما عدا أخذ شهادة ضابط لا تحمل إلا هذه اﻷرقام.

في 21 فبراير 2012 قام العميد أنور سعيد مفتش اﻹدارة العامة للمباحث الجنائية بفتح محضر للرد على طلبات قاضي التحقيق. والتي كان من بينها تحريات اﻷمن العام، بوزارة الداخلية، عن ظروف الواقعة الخاصة بأحداث ماسبيرو، وصولا إلى الجرائم التي ارتكبت بشأنها، والقائم على ارتكابها، مع تحديد دور كل متهم في هذا الخصوص.
ضم المحضر تفاصيل عدة بشأن التحريات التي تتعلق باﻹحداث، ففي البداية، أشارت التحريات إلى السبب الممهد للأحداث، “أنه في 29 سبتمبر 2011، قام بعض مسلمي قرية الماريناب، مركز إدفو بمحافظة أسوان، باقتحام مبنى مضيفة مملوكة لمطرانية أسوان للأقباط اﻷرثوذكس، تمارس بها الشعائر الدينية، وإشعال النيران بمخزن مجاور لها، وهدم قبابها، وإشعال النيران ببعض إطارات الكاوتشوك بالطريق العام؛ وذلك اعتراضا منهم على تحويلها من مضيفة إلى كنيسة بدون ترخيص، وإسباغ الطابع الكنسي عليها”.
وعن الدعوة ومن اطلقها، أشارت التحريات إلي “قيام بعض كهنة الكنيسة اﻷرثوذكسية بالتخطيط، وبمشاركة بعض الائتلافات السياسية، ذات التوجه الليبرالي واليساري والمنظمات القبطية، داخل وخارج البلاد، عرف منها (حركة 6 أبريل – حركة ائتلاف شباب من أجل العدالة والحرية، ائتلاف اتحاد شباب ماسبيرو، حركة أقباط بلا قيود – حركة أقباط من أجل مصر)، باستثمار أحداث قرية الماريناب، في القيام بمسيرات واعتصامات، لخدمة أغراضها وتوجهاتها السياسية بالمرحلة الراهنة، والضغط على المجلس العسكري لتنفيذ مطالبهم بشأن إقامة الكنائس، ومحاكمة المسئولين عن التعديات التي وقعت على الكنائس خلال الفترة الماضية”.
عن بداية المسيرة تقول التحريات “بتاريخ 9|10|2011 تجمعت أعداد كبيرة من اﻷقباط بمنطقة دوران شبرا، بمشاركة عدد من القساوسة، وذلك استجابة للدعوة من خلال المواقع اﻹلكترونية على شبكة الإنترنت، وكذا بعض القنوات المسيحية، وخاصة قناة الطريق الفضائية القبطية (تبث من ولاية جورجيا بأمريكا)، لحشد أبناء الطائفة من جميع المحافظات، للمشاركة في مسيرة تتوجه إلى منطقة ماسبير،و يرتدي بعضهم تيشيرتات مدون عليها (شهيد تحت الطلب)، مرددين هتافات (اليوم الغضب المسيحي). وأشارت المصادر السرية، أن بعضهم يحمل اﻷسلحة النارية والبيضاء والعصى وزجاجات المولوتوف، وقاموا بتوزيع بعض المنشورات اعتراضا منهم على فض اعتصام اﻷقباط السابق أمام ماسبيرو بالعنف، ومطالبين بإقالة محافظ أسوان، وإصدار مرسوم بقانون يقضي بترخيص أماكن دور العبادة المقام بها الشعائر الدينية. وأثناء مرور المسيرة بمنطقة القللي، حدثت اشتباكات بينهم وبعض قاطني منطقة الحكر المجاورة لمنطقة القللي تراشقوا خلالها بالحجارة والزجاجات الفارغة قام على أثرها بعض المشاركين في المسيرة بإشعال النيران وأحداث تلفيات بعض السيارات المارة بالطريق والمتوقفة على جانبيه وكذا بعض المحال التجارية بالمنطقة وحدوث إصابات ببعض المواطنين”.
وعقب وصول المسيرة إلى منطقة ماسبيرو والتي تجاوزت أعدادها حوالي عشرة آلاف متظاهر، قاموا بقطع طريق الكورنيش بالاتجاهين، وإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف وإشعال النيران بعدد من المركبات التابعة للقوات المسلحة وبعض مركبات المواطنين التي كانت متواجدة بالمنطقة حيث قامت القوات المسلحة بمحاولة السيطرة على الموقف ببعض آلاليات العسكرية بمناورات بين المتظاهرين لتفريقهم ألا أن المتظاهرين قاموا بإشعال النيران في مركبة فهد تابعة للقوات المسلحة والاستيلاء على اﻷسلحة النارية من داخلها وصعدوا من تعديهم على القوات والسيارات بالمنطقة مما تسبب في إشعال النيران بأتوبيس وسيارة جيب تابعتان للشرطة العسكرية مما دفع بعض أفراد القوات المسلحة للهرب بمعداتهم خشية التعدي عليهم واصطدامهم ببعض المتظاهرين مما أدى إلى وفاة وإصابة عدد منهم دهسا (يتولى القضاء العسكري التحقيق في اﻷحداث) وتجمع عقب ذلك بعض اﻷهالي المتضررين من منطقة بولاق (أصحاب المحلات والباعة) وحدثت اشتباكات بينهم وبين المتظاهرين استخدمت فيها اﻷسلحة النارية وزجاجات المولوتوف والعصى والحجارة وقد أسفرت تلك اﻷحداث عن وفاة (24) متظاهر منهم 13 دهسا وعدد 7 بطلقات نارية وعدد 4 نتيجة الضرب والطعن ومجند من القوات المسلحة وإصابة عدد من ضباط وجنود القوات المسلحة واﻷمن المركزي وعدد من مركبات القوات المسلحة واﻷمن المركزي وعدد من المدنيين (أقباط – مسلمين)…. تم ضبط عدد (29) من المتهمين وتم التحفظ عليهم بمعرفة القوات المسلحة”.
وتشير التحريات “بتاريخ 9 / 10 / 2011، تبلغ لقسم شرطة روض الفرج، من المواطنين/ على عبد الفتاح حسن عبد الفتاح… شريف محمد عبد الرحيم أحمد إبراهيم… بمشاهدتهما مجموعة من المتظاهرين اﻷقباط، يقومون بإشعال النيران في سيارة تابعة للقوات المسلحة (مدرعة)، والتعدي على جنودها بالسب والضرب، وقيام أحدهم بالاستيلاء على السلاح اﻵلي من أحد الجنود، مما أثار حفيظتهما، فتوجها خلفه حتى مطلع كوبري أكتوبر، وإيهامه أنهما من اﻷقباط، وتمكنا من الاستحواذ على السلاح وتسليمه للقسم، وتبين أنه عبارة عن بندقية آلية عيار 7,62 × 39 مم ماركة كلاشينكوف رقم 5158395 – 1988، بها عدد خمس طلقات، من نفس عيار السلاح “فشنك”، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 61 أحوال القسم بتاريخ 9 / 10 / 2011، وأرسل لقسم شرطة بولاق، لإرفاقه بالمحضر اﻷصلي”.
وكذا تشير التحريات إلى “تمكن العقيد/ أحمد خيري “مفتش مباحث فرقة شرطة غرب” من ضبط أحد المتظاهرين وبحوزته بندقية آلية عيار 7,62 × 39 مم يحمل رقم 5158460 به عدد 9 طلقات من نفس عيار السلاح “الفشنك” من بين اﻷسلحة التي تم الاستيلاء عليها من القوات المسلحة.. ألا أن عدد من المتظاهرين تمكنوا من تهريب المتهم.. وتحرر عن واقعة ضبط السلاح محضر 4 أحوال بتاريخ 10 / 10 / 201 قصر النيل وأرسل لقسم شرطة بولاق لإرفاقه بالمحضر اﻷصلي”.

تحريات قطاع اﻷمن الوطني
قام الرائد عمر حماد الضابط بقطاع اﻷمن الوطني فتح محضر يضم تحريات اﻷمن الوطني بناء على طلب قاضي التحقيق حول الواقعة.
وقال الرائد فيما يخص التحريات وهنا نستعرض أهم ما جاء بالتحريات منعا للتكرار بين التحريات المختلفة سالفة الذكر أنه “توافرت معلومات من مصادرنا السرية والتي أكدتها تحرياتنا السرية الدقيقة بما يلي:
– واكب خروج مسيرة أخرى تم الدعوة لها بمعرفة بعض القساوسة ومنهم القس/ فلوباتير جميل عزيز (راعي كنيسة السيدة العذراء بمنطقة الطوابق – فيصل-جيزة) أطلق عليها مسيرة الغضب والتي دعا القس المذكور إليها مرددا (أنها ستكون بمثابة الخروج الجديد للأقباط وستنتهي داخل ماسبيرو) وأثناء تحر تلك المسيرة بمنطقة نفق شبرا حدثت بعض المشاحنات مع أهالي منطقة القللي…
– أضافت المعلومات والتحريات مشاركة عدد من أبناء الطائفة ورجال الدين المسيحي وبعض النشطاء والحقوقيين السياسيين في مسيرة من دوران شبرا اتجاه شارع رمسيس رافعين لافتات ومرددين شعارات تستهدف اﻹساءة للدين اﻹسلامي والهجوم على المسئولين بالدولة ومحاولتهم اقتحام مبنى اﻹذاعة والتليفزيون إلا أن قوات الجيش منعتهم من ذلك فقام بعضهم باستعمال القوة والعنف تجاه قوات الجيش وأتلفوا وأشعلوا النيران ببعض المركبات العسكرية والسيارات الخاصة والمحلات والممتلكات العامة والخاصة فضلا عن قيامهم بترويع المواطنين والمارة والاستيلاء على بعض اﻷسلحة من مجندي القوات المسلحة.
– وأضافت معلومات المصادر عن قيام/ مايكل جيروم منييه إسكندر وشهر ته “مايكل منير” من مواليد 23/ 7/ 1968 أبو قرقاص- المنيا- مهندس ومقيم: 380 شارع كورنيش النيل- المعادي “رئيس جمعية ايد في ايد” بعقد لقاء بتاريخ 6/ 10/ 2011 بملحق فندق هيلتون رمسيس بالقرب من منطقة اﻷحداث مع كل من القس/ فلوباتير جميل والقس/ متياس نصر بهدف دعم وحشد المتظاهرين لتنفيذ مخططاتهم.
– أكدت المعلومات التحريات اضطلاع بعض رجال الدين المسيحي والنشطاء السياسيين بالتحريض والمشاركة على ارتكاب تلك اﻷعمال وقد عرف منهم”. (مكتوب بالمحضر 12 اسم).

المخابرات العامة
في 14 مارس 2012 أرسلت المخابرات العامة مذكرة إلي قاضي التحقيق بناء على المخاطبة التي طالب فيها المخابرات العامة بإرسال معلومات عن أحداث ماسبيرو في 28 فبراير 2012:
تتضمن المذكرة التالي:
1. لا تتوافر لدينا أية معلومات بخلاف ما تم التنسيق بشأنه وتتضمن اﻷتي:
أ. معلومات عن بعض العناصر المشتبه في تورطهم باﻷحداث.
ب. عدد “2” CD تحتوي على بعض مقتطفات ومقاطع فيديو ﻷحداث ماسبيرو والعناصر التي قامت بالاعتداء على أفراد القوات المسلحة.
ج. صورة خطاب من رئيس قطاع اﻷمن بالتليفزيون بشأن اﻷحداث التي شهدتها منطقة ماسبيرو.
2. استعدادنا الكامل للتعاون مع سيادتكم بشأن أية معلومات تطلب منا للتوصل لنتائج تفيد التحقيقات”.
وتتضمن مذكرة رئيس قطاع اﻷمن باتحاد اﻹذاعة والتليفزيون إلي نائب رئيس هيئة اﻷمن القومي التالي:
“نحيط علم سيادتكم بأنه يوم اﻷحد الموافق 9/ 10/ 2011 سعت 1800 مساء تجمعت أعداد كبيرة من اﻷقباط أمام مبنى ماسبيرو للاحتجاج والتنديد ببعض اﻷحداث التي تعرضوا لها (أحداث إمبابة-كنيسة صول) فضلا من سابقة فض اعتصامهم بالقوة أمام مبنى ماسبيرو.
حدثت اشتباكات بين المتظاهرين اﻷقباط وأفراد الشرطة العسكرية والشرطة المدنية نتج عنها العديد من اﻹصابات فضلا عن حالات وفاة بين المتظاهرين وحالة الوفاة ﻷحد جنود الشرطة العسكرية.
التفصيلات:
– تم تشكيل لجنة تقصي حقائق من المجلس القومي لحقوق اﻹنسان وانتهت نتائجها فيما يخص اﻹعلاميين على النحو التالي:
إدانة السيد/ إبراهيم الصياد رئيس قطاع اﻷخبار والسيد/ عبد العزيز الحلو رئيس اﻹدارة المركزية للبرامج الإخبارية فضلا عن المذيعة/ رشا مجدي باتهامات تتعلق ببث مواد إعلامية تنطوي على التحريض ضد القائمين والمشاركين في المسيرات والتظاهرات التي جرت ذلك اليوم وتصويرهم على أنهم يبادرون بمهاجمة قوات الشرطة والجيش ويعتدون على الممتلكات العامة والخاصة وإتلافها ويحاولون اقتحام مبنى اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون على نحو تسبب في حدوث مصادمات أسفرت عن مقتل مجند وكذلك مقتل عدد من المدنيين والحاق اﻹصابة باخرين.
– قامت النيابة العامة بالتحقيق مع المذكورين بعالية وقررت منعهم من السفر وتغريم كل من السيد/ إبراهيم الصياد والسيدة/ رشا مجدي مبلغ عشرة الاف جنيه وتغريم السيد/ عبد العزيز الحلو مبلغ خمسة الاف جنيه.
– نشير لعدم حدوث أي محاولات لاقتحام المبنى من قبل المتظاهرين وانحصرت الخسائر في تعرض عدد (3) سيارة مملوكة للعاملين بالمبنى للحرق نتيجة تواجدهما خارج المبنى”.

لجنة تقييم اﻷداء الإعلامي المشكلة بقرار وزير اﻹعلام:
بناء على قرار أسامة هيكل وزير اﻹعلام، يوم 10 أكتوبر 2011، بتشكيل لجنة من خبراء إعلاميين لتقييم التغطية اﻹعلامية لقطاع اﻷخبار وقناة النيل للأخبار ﻷحداث ماسبيرو، والتي جرت يوم 9 أكتوبر 2011، وبعد الحصول على مواد فيلمية محددة من اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون تمثل تغطية قطاع اﻷخبار وقناة النيل للأخبار، تمكنت اللجنة من التوصل إلي مجموعة من النتائج نذكر منها:
1. اتسمت التغطية (التي ظهرت على القناة اﻷولي وقناة النيل للأخبار) بعدم الحياد في معظم اﻷحيان، ورواية القصة من جانب واحد دون عرض معلومات تخص وجهة نظر الطرف اﻷخر للحدث والمتمثل في المتظاهرين.
2. خرجت المذيعة رشا مجدي عن دورها المحدد ك”مذيعة أحداث جارية، يجب أن تلتزم الحياد والبعد عن اﻹدلاء بالآراء والتصورات الشخصية”، ومن ذلك قولها “إن هناك من يطلق الرصاص على أبناء الجيش”، و “الجيش الذي وقف إلى جوار الثورة”، و”ثلاثة شهداء و20 مصابًا كلهم من أبناء الجيش”، و “وبأيدي من؟ بأيدي فئة من أبناء الوطن”، و “أي فئة لها مطالب شرعية وقانونية.. بناء مبنى أو عدم بناءه..هل يستحق أن نحرق وطنا بأكمله”.
3. الضعف المهني الواضح لدى العديد من المقدمين والمراسلين والمحررين والمعدين، لا سيما عند تغطية اﻷحداث المفاجئة واﻷزمات.
4. عدم القدرة على معالجة بعض المشكلات التي تطرأ جراء البث المباشر، ومنها عدم الاعتذار الفوري من قبل المراسل حينما تورط أحد المجندين المصابين في سب المواطنين المسيحيين، وقد استغرق اﻷمر أكثر من 35 دقيقة كاملة قبل اعتذار التليفزيون عن هذه الإساءة.
5. اتسمت التغطية عموما بعدم التوازن، الذي انعكس في عدم ذكر ضحايا اﻷحداث من المتظاهرين.
أما فيما يتعلق بالتوصيات كانت كالتالي:
– البدء في إجراء تحقيق فوري مع المسؤولين عن التغطية، لتحديد المسؤولية عن اﻷخطاء والخلل والارتباك الذي شابها، من كافة الجوانب الميدانية والداخلية، واتخاذ الإجراءات المناسبة حيال من يثبت تقصيره وخطؤه، وكذلك للخروج بدروس وعبر للمستقبل.
– اتخاذ خطوات عملية عاجلة لدعم عملية تحول التليفزيون المصري إلى نمط الخدمة العامة، بما يتناسب مع التغيرات السياسية التي أنتجتها ثورة 25 يناير.
– ضرورة الاعتذار للرأي العام عما بدر من محتوى إعلامي اتسم بالقصور المهني، الذي قد يخلق الفرصة للتأثير السلبي على استنتاجات الجمهور أو استفزاز مشاعره.
وفي 20 يناير 2012 قام قاضي التحقيق باستدعاء المذيعة رشا مجدي لسماع أقوالها حيث أقرت خلال التحقيق أنها عقب أن أخذت المقدمة – التي قامت بقراءتها – من رئيس تحرير البرنامج -عبد العزيز محمد البسطاويسي الحلو – والذي يتولى هو إعداد وكتابة المقدمة وعرضها على رئيس قطاع اﻷخبار – إبراهيم كامل إبراهيم الصياد – للموافقة عليها، قامت هي بتقديمها وقراءتها يوم 9 أكتوبر 2011 الساعة الثامنة وسبع وعشرين دقيقة، ومضمونها كالتالي: “ما الذي يحدث اﻵن أمام ماسبيرو؟ وما الذي يحدث للشعب المصري؟ أي فئة لها مطالب قانونية أو شرعية بناء مبنى أو هدمه. هل هذا يستدعي حرق الوطن؟ هذا الجيش، الذي يحدث له اﻵن، هو الذي حمى الثورة، ولم يطلق رصاصة واحدة. بل هو الذي يطلق عليه اﻵن الرصاص وبأيدي من؟ ليس بأيدي إسرائيليين، ولكن بأيدي فئة من أبناء الوطن. أي فئة لها مطالب لا يستوجب مثل هذا العمل. اتقوا الله في وطنكم! اتقوا الله في مصر! وأين انتم يا عقلاء الوطن، الذين تتحدثون ليل نهار؟ أين أنتم اﻵن، لسماع صوت العقل، ووقف نزيف الدماء؟”
وأردفت خلال التحقيق “أنه ليس لها علاقة ببث الخبر العاجل، على شاشة التليفزيون المصري، بقتل وإصابة عدد في صفوف ضباط وجنود القوات المسلحة لأن هذا النوع من العمل هو مسئولية رئيس قطاع اﻷخبار وأنه طلب قراءة الخبر العاجل والذي يتعين عليه أن يقوم بعرضه على وزير اﻹعلام قبل بثه”.
وفي 1 فبراير 2012 فتح قاضي التحقيق محضر لسماع أقوال عبد العزيز الحلو رئيس اﻹدارة المركزية لقطاع اﻷخبار والذي أنكر ما أسند إليه وأضاف “أنه بصفته مدير عام البرامج السياسية بقطاع اﻷخبار يتولى إعداد وكتابة المقدمة والتي يقوم المذيع القارئ بقراءتها في برنامج اتجاهات”. وأنه قام بالفعل بتحرير نوتس “إذا كان هناك فئة لها مطالب فلا يستدعي كل ذلك وهناك طرق شرعية لتحقيق المطالب إين عقلاء اﻷمة وحكمائها المطلوب هو تحكيم العقل في مثل هذا الوقت” وفعلا أنا كتبت بالنص عبارة (اتقوا الله في وطنكم) والباقي كان ارتجال من المذيعة”.أما بشأن إذاعة الخبر العاجل فإنها مسئولية رئيس قطاع اﻷخبار.
وبسؤال إبراهيم الصياد رئيس قطاع اﻷخبار باتحاد اﻹذاعة والتليفزيون، أنكر ما أسند إليه وأضاف أنه بصفته رئيس قطاع اﻷخبار لا يعلم عما إذا كان رئيس تحرير البرنامج قد قام بإعداد وكتابة مقدمة البرنامج الذي قامت المذيعة رشا مجدي بتقديمه بتاريخ 9 أكتوبر 2011 وأنه -رئيس التحرير – المنوط به إعداد وكتابة تلك المقدمة والذي يتعين عليه في بعض اﻷحيان عرض تلك المقدمة بعد كتابتها على نائب رئيس القطاع أو رئيس البرامج اﻷخبارية أو على رئيس قطاع اﻷخبار والتي لم يتم عرضها عليه كرئيس لقطاع اﻷخبار ولا يعلم عما إذا كان قد تم عرضها على غيره من المسئولين من عدمه أما عن بث اﻷخبار العاجلة البالغ عددها أربعة اﻷول عبارة عن (اشتباكات بين اﻷقباط والجيش) والثانية عبارة عن (تعديل للأول وحذف كلمة اﻷقباط) والثالث (سماع دوي إطلاق نار) واﻷخيرة (عدد القتلى في جانب القوات المسلحة) وإن رئيس التحرير هو المنوط به بث هذه اﻷخبار العاجلة وقد كان يتم البث في مثل هذا اليوم خلال الفترة الزمنية من الساعة الثامنة وحتى الساعة التاسعة بدون أخذ موافقة على بث الخبر العاجل.
وبأجراء المواجهة التي قام بها قاضي التحقيق بين كلا من إبراهيم كامل الصياد وعبد العزيز محمد البسطاويسي الحلو بالتحقيقات قرر اﻷول بأنه إذا كان عبد العزيز الحلو هو من كتب ما قرأته المذيعة رشا مجدي فأنه يعتبر خطأ مهني جسيم يسأل عنه.
وقرر الثاني بأنه قام بكتابة العبارة التي قرأتها المذيعة رشا مجدي عوض بناء على تعليمات إبراهيم الصياد وأخذ الموافقة بعد عرضها عليه وأنه طلب منه أن تقوم المذيعة رشا مجدي بقراءة الخبر العاجل الذي يظهر على الشاشة والمتضمن مقتل ثلاث جنود وإصابة ثلاثون جراء أطلاق المتظاهرين اﻷقباط النار عليهم وأن تعليمات اﻷول له أنه في حالة إجراء تحقيقات في هذا الموضوع يقوم بتحميل المذيعة رشا مجدي كامل المسئولية عما جرى وأضاف أنه لن يكون كبش فداء ﻷحد.
عن اﻷسلحة وتقارير الطب الشرعي بشأنها (التقرير رقم 129):
بناءً على قرارات نيابة وسط القاهرة الكلية في القضية رقم 2840 لسنة 2011، قام الدكتور حمدي مصطفى عبد الرحمن الطبيب الشرعي بالمكتب الفني لكبير اﻷطباء الشرعيين بفحص الحرز المقيد برقم 127/ م جزئي وذبك لبيان نوع تلك الذخيرة وعيارها ولمطابقة فوارغ الطلقات المضبوطة مع ما عسى أن يستخرج من مقذوفات من جسم أو أجسام المجني عليهم ومطابقة فوارغ الطلقات مع اﻷسلحة النارية المرسلة للفحص لبيان عما إذا كانت تلك الفوارغ مما يستخدم على تلك اﻷسلحة من عدمه، وكذا فحص الحرزين رقمي 128/ 1، 2 مضبوطات وذلك لفحص السلاح الناري لبيان نوعه وعياره ومدى صلاحيته للاستخدام من عدمه ولبيان عما إذا كان قد سبق اﻹطلاق منه في وقت قريب من عدمه وبيان عما إذا كان قد استخدم في أحداث أي من إصابات المجني عليهم من عدمه، وكذا فحص الطلقات المضبوطة لبيان نوعها وعيارها ومدى صلاحيتها للاستخدام من عدمه، وبيان عما إذا كان استخدمت على السلاح سالف البيان وفي حالة كون تلك الطلقات حية وبيان ما إذا كانت من مثيلات محدثة إصابات المجني عليهم من عدمه، وكذا فحص الحرزين رقمي 126/ 1، 2 مضبوطات لبيان عما إذا كان الحرز اﻷخر يحوي ذخيرة من عدمه وعما إذا كانت الطلقات نارية من عدمه وفي الحالة اﻷولى عما إذا كانت من المتصور تسببها في إحداث إصابات أي من المجني عليهم من عدمه.
أولًا: بالنسبة إلى حرز الخمسة طلقات فهي نحاسية الشكل عيار 7.62 * وغير مقذوفة الكبسولة، جميعها كاملة وسليمة ولا يوجد بها مقذوفات نارية وقمتها مغلقة على نفسها فقط وقد تم إطلاق أربعة طلقات منهم لتجربة السلاحين المرسلين ووضع فوارغ الطلقات داخل مظروف مرة أخرى.
ثانيًا: حرز يضم 9 طلقات نحاسية الشكل عيار 7.62 * 39 جميعها كاملة وسليمة وغير مقذوفة الكبسولة وجميعها من النوع (الفشنك) ولا يوجد بها مقذوفات نارية وقمتها مغلقة على نفسها فقط.
ثالثًا: حرز يحتوي على فارغ طلقة دخان مسيل للدموع معدنية أسطوانيه الشكل لها جسم معدني وقاعدة من نفس المعدن يتوسطها كبسولة للإطلاق والتي وجدت مقذوفة قذف شبه مركزي ومكتوب على جسم الطلقة أنها من نوع C.S. smoke صناعة أمريكية تنتهي صلاحيتها في أغسطس 2015 ومحفور على قاعدتها الحروف C.T.S
ويضم الحرز أيضا عدد اثنان طلقة نحاسية الشكل من عيار 7.62 * 39 مقذوفة الكبسولة قذف شبه مركزي وسابق إطلاقها وهما من النوع (الفشنك) الذي لا يوجد به مقذوفات وقمتها منطبقة على نفسها ومفتوحة فتحة صغيرة دالة على عملية اﻹطلاق السابق.
رابعًا: حرز يحتوي بداخله على سلاح ناري (بندقية آلية) ذات دبشك ينطوي ويد خشبية بنية اللون مثبت بها حزام من القماش زيتي اللون مرفق بها الخزينة الخاصة بها والبندقية من اللون اﻷسود وملفوفة بالشاش اﻷبيض مضبوطة بمعرفة العقيد أحمد خيري في القضية رقم 2840 لسنة 2011 إداري بولاق. والبندقية من عيار 7.62 * 39 والجانب اﻷيمن من السلاح يحمل رقم 5158460 / 1988 على الجزء الثابت بالجانب اﻷيمن من السلاح رقم 8460 على الجزء الخلفي من غطاء السلاح ومثبت به حزام من القماش بلون زيتي وابره ضرب النار موجود في مكانها وسليمة وأجزاء السلاح الرئيسية كاملة وسليمة وتعمل وفق اﻷصول الميكانية المتعارف عليها وبشكل سلاح ناري صالح للاستخدام واشتممنا من فوهة السلاح رائحة بارودية تشير إلى سبق إطلاق في زمن يتعذر تحديد وقته على وجه الدقة ومرفق بالسلاح خزينة معدنية من ذات العيار وجدت فارغة ولا يوجد بها طلقات. وقد تم إطلاق طلقتين من الطلقات الفشنك المرسلة من ذلك السلاح التي تم إطلاقها بنجاح.
خامسًا: حرز يضم سلاح ناري عن بندقية آلية عيار 7.62 * 39 لها دبشك حديدي ينطوي على الجانب اﻷيمن من السلاح ويحمل رقم 5158395/ 1988 على الجزء الثابت من السلاح بالجانب اﻷيسر رقم 8395 على مؤخرة غطاء السلاح وتبين إبرة ضرب النار موجودة وسليمة وأجزاء السلاح الرئيسية كاملة وسليمة وتعمل وفق اﻷصول الميكانيكية المتعارف عليها وبشكل سلاح ناري صالح للاستخدام وملحق بالسلاح خزينة معدنية من ذات عيار وجدت فارغة ولا يوجد بها طلقات وتم إطلاق طلقتين من السلاح لتجربة اﻹطلاق والتي تمت بنجاح.
سادسًا: حرز يحتوي على مقذوف مستخرج من الإلية اليمنى من المصاب بشوي كميل سام، معدني بلون رصاصي طرفة الأمامي مدبب والجزء الخلفي منه منبعج ومتطور يبلغ طوله حوالي2 سم وقطره حوالي ¾ سم يشبه المقذوفات النارية المتطورة من عيار 7.62 * 39 ولا يصلح ﻹجراء أبحاث مقارنة على حالته الراهنة.
سابعًا: حرز يحتوي على مقذوف مستخرج من جثة المتوفي سامح ميخائيل والذي تم تشريحه بمستشفى شبرا العام. والمقذوف من عيار 7.62 * 39 متطور في معظم أجزائه وعليه آثار أربعة انطباعات ميزابية تبدو يمينية الاتجاه ومتآكلة وغير واضحة ولا يصلح ﻹجراء المقارنة الميكروسكوبية عليه.
وانتهى الطب الشرعي إلى النتائج التالية:
1. السلاحين المرسلين كل منهما عباره عن بندقية آلية عيار 7.62 * 39 أجزاء كل منهما الرئيسية كاملة وسليمة وتعمل وفق اﻷصول الميكانيكة المتعارف عليها، ويشكل كل منهما سلاح ناري صالح للاستخدام وقت فحصنا له ولا يوجد لدينا من الوجهة الفنية ما يتعارض وجواز حدوث وفاة المجني عليهم المصابين بطلق ناري من مثل هاذين السلاحين أو ما في حكمهما.
2. الطلقات السليمة المرسلة عبارة عن طلقات من عيار 7.62 * 39 كاملة وسليمة وغير مطلقة وهي عبارة عن طلقات فشنك (صوت) قمتها مغلقة على نفسها وغير مزودة بمقذوفات نارية وإطلاق تلك الطلقات لا يحدث ثمة إصابات نارية بجسد الشخص الموجهة إليه.
3. فوارغ الطلقات المرسلة عبارة عن طلقات من عيار 7.62 * 39 سابق إطلاقها من النوع الفشنك أيضا (صوت) ولا تحدث إصابات نارية بأجساد اﻷشخاص الموجهة إليهم وقت إطلاقها. ومن ثم فلا دخل ﻹطلاقها في إحداث وفاة أي من المجني عليهم الذين تم فحصهم وتشريحهم في اﻷحداث.
4. فارغ الطلقات الدخان المرسل عبارة عن فارغ طلقات دخان مسيل للدموع صناعة أمريكية تنتهي صلاحيتها في أغسطس 2015 منبعجة وسابق إطلاقها في وقت سابق يتعذر تحديده على جه اليقين من الناحية الفنية.
5. المقذوف المرسل من النيابة العامة عبارة بقايا لمقذوف ناري يشبه المقذوفات من عيار 7.62 * 39 وهو متطور بشدة ولا يصلح ﻷجراء أبحاث المقارنة المجهرية (الميكروسكوبية) عليه.
6. المقذوف الناري المستخرج من جثة المتوفي سامح جرجس ميخائيل تبيناه متطور في معظم أجزائه وعليه أثار أربعة انطباعات ميزابية تبدو يمينية الاتجاه وهي متآكلة وغير واضحة ولا يصلح ﻹجراء المقارنة المجهرية (الميكروسكوبية) ووجدناه من عيار 7.62 * 39 وهو عيار مشابه لعيار السلاحين المرسلين، ويتعذر الجزم فنيا بما إذا كان هذا المقذوف قد أطلق من أي من هذين السلاحين المرسلين من عدمه نظرا لتعذر إجراء المقارنة المجهرية (لتطور ذلك المقذوف).
وفي 2 نوفمبر 2011 أرسلت وزارة الدفاع إدارة اﻷسلحة والذخيرة خطاب بعنوان “نموذج قرار حالة أسلحة صغيرة (مضبوطات/ احراز) يضم بيانات السلاح وهي كالتالي:
الاسم القانوني للسلاح: رشاش متعدد اﻷغراض باللوحة الخلفية، الجنسية: بلجيكي، ورقم السلاح: 145355، علامة مميزة شمال: FN.
وعن الحالة الفنية للسلاح أشار الخطاب أن السلاح صالح للاستعمال وصالح لخروج طلقات.
وقد تم تسليم الرشاش إلى الوحدة ك (1) شرطة عسكرية، حيث قام النقيب محمد السيد إبراهيم بتسليم الرشاش المتعدد باللوحة الخلفية 7,62*51مم الجنسية بلجيكي – رقم السلاح 145355 العلامة المميزة شمال FN تنفيذا لقرار نيابة شرق القاهرة العسكرية.
والمتهم بسرقة هذا السلاح المدعو مايكل عادل نجيب فرج.

عن تحقيقات قاضي التحقيق والنتيجة التي توصل إليها:

بعد إجراء التحريات اللازمة من قبل إدارة الشرطة العسكرية، فرع التحريات، وإدارة المباحث الجنائية، ، وإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وجهاز اﻷمن الحربي، وجهاز اﻷمن العام، وقطاع اﻷمن الوطني، وجهاز اﻷمن القومي (المخابرات العامة)، أفادوا أنه بالبحث والتحري تم تحديد بعض العناصر المحرضة والمتسببة في وفاة وإصابة الجنود والمتظاهرين، وأمكن ضبط تسعة وعشرين شخصًا، منهم ثلاثة مسلمو الديانة والباقون مسيحيو الديانة.

قاضي التحقيق وشهادات الزور:
ومن خلال الاطلاع على مذكرة حفظ الدعوى (ضد المتهمين المدنيين). تناول قاضي التحقيق العديد من الشهادات التي ثبت زيفها. ومنها الشهادات التالية:
شهادة حنان خواسك
– وبعد سؤال حنان محمد محمد خواسك التي قررت بمشاهدتها علاء أحمد سيف اﻹسلام عبد الفتاح أثناء سيرها بسيارتها فوق كوبري 6 أكتوبر أمام مبني رمسيس هيلتون ومعه مجموعة من اﻷشخاص يعتدون على سائق لوري مملوكة للقوات المسلحة وسرقة ثلاث بنادق طويلة كانت بالسيارة بجوار السائق وأثناء حملة لها بدأ يترنح بسبب ثقل تلك البنادق حال عبوره في اتجاه المتحف المصري وكان ذلك في حدود الساعة السادسة مساءا بتاريخ 9 أكتوبر 2011 ولم تستطع مشاهدة أرقام السيارة اللوري التي كانت أمامها مباشرة وأضافت بتعرضها قبل اﻷحداث للتهديد من قبل أعضاء حركة 6 أبريل على هاتفيها الخاصين بها وذكرتهما بالتحقيقات، وبالاستعلام عن هاذين الخطين الخاصين بها وعن النطاق الجغرافي بتاريخ اﻷحداث وردت إفادة من شركتي الاتصالات أن الخط اﻷول مخصص للنيابة اﻹدارية، والخط الثاني مخصص لوزارة الدولة لشئون البيئة، وأن نطاق الهاتفين الجغرافي في يوم 9 أكتوبر 2011 من الساعة الخامسة مساءًا وحتى الساعة السابعة مساءًا بتواجدها بمدينة نصر وذلك يدل على عدم تواجدها بأعلى كوبري أكتوبر في تمام الساعة السادسة مساءًا ذات اليوم وهو دلالة على شهادتها زورا.
شهادة عبد العزيز فهمي
– وبسؤال عبد العزيز فهمي عبد العزيز المقدم، قرر أنه أثناء سيره أمام مبنى اﻹذاعة والتليفزيون، شاهد في الساعة الخامسة والنصف تقريبا مساء، بتاريخ 9 أكتوبر 2011، [كل من] علاء أحمد سيف اﻹسلام حمد عبد الفتاح، وبصحبته بهاء صابر صميدةعلى السيد، ووائل عباس، وأحمد عزام، أثناء قيام اﻷول بالاعتداء على فرد من أفراد القوات المسلحة، وسرقة السلاح الناري الذي بحوزته، والعدو به، والفرار من المكان. وبالاستعلام عن خط الهاتف المحمول لعبد العزيز فهمي عبد العزيز المقدم، وعن النطاق الجغرافي بتاريخ اﻷحداث، وردت إفادة من شركة الاتصالات، أن الخط باسم عبد العزيز فهمي عبد العزيز مقدم، وأن النطاق الجغرافي للهاتف، بتاريخ 9 أكتوبر 2011، لم يغادر مدينة طنطا –محافظة الغربية– طول اليوم؛ مما يدل على عدم تواجده أمام مبنى اﻹذاعة والتليفزيون، في تمام الساعة الخامسة والنص مساء ذات اليوم، وهو دلالة على شهادته الزور.
شهادة زينب المهدي
– وبسؤال زينب الصغير المهدي، قررت إنها أثناء سيرها بكورنيش النيل أمام مبنى اﻹذاعة والتليفزيون شاهدت مجموعة من اﻷشخاص يقومون بالاعتداء على أفراد القوات المسلحة المعتلين إحدى المدرعات وقام أحدهم باﻹمساك بفرد من أفراد القوات المسلحة وطرحه أرضا من على المدرعة وإخراج مطواة من بين طيات ملابسة والتعدي بها على ذلك الجندي في رقبته ولم يتركه إلا غارقًا في دمائه وأضافت بأنه تم عرض ثلاثة متهمين عليها بالنيابة العسكرية وتعرفت عليهم أنهم من ضمن المشاركين في المسيرة ولكنهم ليسوا المعتدين وبمواجهتها بأقوالها بالنيابة العسكرية من إن اﻷداة المستخدمة سنجه وليست مطواة صممت على أقوالها ومضمون شهادتها أمام قاضي التحقيق ولم يحدد شخص بعينة مرتكب اﻷفعال.

من حيث التكييف القانوني تم تصوير الواقعة في أوراق القضية بحيث تتضمن الجرائم التالية:
محاولة احتلال مبنى مخصص لمصلحة حكومية (مبنى اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون) بالقوة، واستعمال القوة والعنف مع المكلفين بخدمة عامة (ضباط وجنود قوات تأمين المبنى من الجيش والشرطة)، والتعدي عليهم أثناء تأدية وظيفتهم، والإتلاف العمدي ﻷسلحة ومهمات القوات المسلحة، وسرقتها، واﻷموال المملوكة للغير، والقتل العمد مع سبق اﻹصرار، والضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، وحيازة وإحراز أسلحة وذخائر بدون ترخيص, وهي جرائم تعاقب عليها المواد 78هـ،90 مكرر، 136، 137، 137 مكرر (أ)، 230، 231، 235، 240، 241، 242، 316 مكرر/1، 361 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 26/ 3/ 7 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالبند (أ) من القسم الثاني من الجدول رقم 3.حيث أنه في مجال اﻹسناد كانت التحقيقات التي تمت واستخلاصا من أقوال جميع من سئلوا فيها أكانوا شهود اثباتا أو نفيا ومجني عليهم – مصابين – مدنيين أو عسكريين قد جاءت قاطعة الدلالة بعدم تحديد شخص معلوم بذاته قد قام بارتكاب تلك الجرائم أو مشاهدته حال ارتكابها أو حتى اﻹرشاد عنه، ولا يدخل في ذلك ما قرر به البعض من انعقاد مسئولية المتظاهرين الأقباط أو مسئولية أفراد الشرطة العسكرية وقيدتها من ناحية أخرى عن وقوع هذه الجرائم إذ أنها أقوال مجملة في مضمونها دون تخصيص أو تحديد لشخص بذاته قام بارتكابها واﻷفعال المادية التي بدرت منه في هذا الشأن سواء من صفوف المتظاهرين أو من جانب أفراد الشرطة العسكرية المكلفة بتأمين مبنى اﻹذاعة والتليفزيون. لا سيما وأنه من خلال التقارير الفنية – بالنسبة لجرائم الاعتداء على النفس – قد تعذر الوقوف على نوعية السلاح الناري المستخدم وعيار المقذوف المفرد الذي أدى إلى الوفاة لعدم استقراره بجثة أي من المتوفيين فضلا عن أن فوارغ الطلقات التي عثر عليها بمسرح الجريمة هي من النوع الصوت (الفشنك) والتي لا تؤدي بطبيعتها لإحداث الوفاة بل واﻷكثر من ذلك لا تحدث أي أثر بجسد أي منهم.
وهو ما تأيد بتحريات إدارة الشرطة العسكرية واﻷمن الحربي واﻷمن العام واﻷمن الوطني وأقوال القائمين عليها والتي لم تتوصل إلى معرفة الفاعل اﻷمر الذي تكون معه اﻷوراق قد باتت خلوا من متهم معين يمكن إسناد الاتهام إليه ومن ثم بات الفاعل مجهولا لم تكشف عنه التحقيقات مما يتعين معه التقرير في اﻷوراق بألا وجه ﻹقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل.

أحداث من وقائع ملف القضية
سيارة الأسلحة :
ورد ذكر وجود سيارة، أو سيارات، تحمل أسلحة، أو مكبرات صوت، في شهادات بعض الجنود و الضباط. وفي بعض الشهادات، كان وصول تلك السيارة هو بداية الاشتباك بين المتظاهرين و القوات. فقد ورد في شهادة النقيب محمد احمد عبد الجليل (نقيب بجهاز الأمن الحربي) أمام نيابة امن الدولة، “يجدر الإشارة إلي وجود سيارة نصف نقل في مقدمة المسيرة، اقتحمت الكردون الأمني، وساعدت المتجمهرين في التقدم نحو المبني؛ مما أدى إلى تقهقر أفراد القوات المسلحة إلى الخلف. وقد نتج عن ذلك تواجد بعض المركبات التابعة للقوات المسلحة حيث كانت تلك المركبات مصطفة بجوار الكردون”.
و جاء ذكر تلك السيارة، أو السيارات، بشكل متتال في اكثر من شهادة للجنود، وقت أخذ شهاداتهم أمام جهات التحقيق المختلفة. فبحسب أقوال المجند احمد سليمان صابر (قوة مركز تدريب الشرطة العسكرية)، أمام النيابة العسكرية، كانت السيارة نصف النقل محملة بالسلاح الآلي و المولوتوف. فعند سؤاله أمام النيابة عن شهادته بخصوص واقعة ماسبيرو أجاب “أنا كنت واقف مع أفراد الشرطة العسكرية بنأمن مبني الإذاعة والتليفزيون، وبنأمن المتظاهرين قدامه، وبعد كدة، لاقينا عربيات نص نقل، محملة ناس، معاهم سلاح آلي وسلاح أبيض وبدأوا يعتدوا علينا”.
أما في رواية النقيب حسام نبيه (بسلاح المدرعات) أمام قاضي التحقيق، فالمسيرة قادمة من ميدان التحرير، تتقدمها السيارة، “فوجئت بمسيرة ضخمة من الأقباط تقدر بحوالي أربعة آلاف فرد، منظمة ومتماسكة ومترابطة، وعلي رأسها القس فولباتير. كان علي عربة نصف نقل صغيرة، عليها سماعات من الـجناب، ومحملة في الوسط بالحجارة، و بعصي، وكسر الرخام. وكانت المسيرة قادمة من ناحية ميدان التحرير “.
النقيب احمد عبد الجليل، الضابط بقطاع الأمن الحربي، قد حدد أعداد السيارات التي تحمل أسلحة، في ذلك اليوم، خلال أقواله أمام قاضي التحقيق، “هي عددها إحدي عشرة سيارة، ومنها سيارة كانت نصف نقل. وقامت بإنزال صندوق، به ست عشرة زجاجة ملوتوف، وتم إنزالهم لإشخاص. وقامت بالسير في اتجاهها. وسيارة أخرى، كانت تحمل أسلحة بيضاء. وكانت رقم (أ ن ف 214)، وكذلك سيارة أخرى رقم (و ن ط 283). والباقين كانوا يحملون أسلحة نارية. وأنا ذكرت أرقامهم بالتفصيل، أثناء التحقيق، وساعة ومكان رصدهم “.
اللانش البحري:

جاء في الأوراق، علي لسان البعض من الشهود، سواء من الجنود أو من الضباط، وجود لانش بحري، أطلق الرصاص الحي علي قوات الشرطة العسكرية. فمثلا في أقوال النقيب محمد أنور عبد الغني، (نقيب بقوات س21 شرطة عسكرية). أمام النيابة العسكرية: “جاءت مسيرة من المتظاهرين، عددهم كبير جدا، فوق العشرة آلاف. وكان معاهم سنج وسكاكين وسيوف وزجاج مكسر. وبمجرد حضورهم، قاموا مباشرة بالتعدي علي عناصر القوات المسلحة الموجودة، والرشق بالحجارة من جميع الاتجاهات. كان في إطلاق نار حي من أعلي الكوبري. وكان في لانش في المية، بيضرب نار، وبيفرق العساكر. وحدث إصابات بالعديد من العساكر.” وفي شهادة الجندي إسماعيل حسن صالح، أمام النيابة العسكرية، “اللي حصل إني كنت معين ضمن أفراد تامين مبني الإذاعة والتليفزيون. وأثناء ذلك فوجئنا بتجمع الأقباط أمام مبني الإذاعة والتلفزيون. وبعد كدة، جاءت عربية هناك، تجمع عليها كل الأقباط، وأخذوا منها أسلحة نارية وبيضاء وشوم وملوتوف. وفوجئنا بيهم بيقوموا بالتعدي علينا بالضرب. وكان هناك لنش في النيل، بيضرب علينا ذخيرة. والضرب كان نازل علينا زي المطر. وما كناش عارفين نعمل أي حاجة. ونتج عن ذلك حدوث إصابتي وإصابة بعض زملائي”. أما النقيب حسام نبيه، فشهد عن مكان اللانش، وعن الأسلحة الموجودة به. فشهد “ضرب النار كان مستمر من بداية الأحداث، وحتي أن هدات الأمور. وكان بيزيد ويقل. وكان، في نفس الوقت، هناك طلقات نارية، يتم إطلاقها من بندقيتين آليتين. وكان مصدر هذه الطلقات الأخيرة، من مركب متحركة بالنيل أمام مبني الإذاعة والتلفزيون، وبهذه المنطقة.” وأضاف “بالنسبة للطلقات اللي مصدرها المسيرة مقدرتش أحدد شخص اللي أطلقها, وبالنسبة للطلقات اللي مصدرها المركب، أنا شايف مركبين نورهم مطفي، وبيتحركوا بالطول والعرض، ذهابا وإيابا، ومن الصعب الإرشاد عن مصدرها، عشان كل تركيزي هو حماية المبنى، والقوة المرافقة”.

و علي الرغم من أن محضر التحريات العسكرية قد حدد عدد القتلي من جانب الجيش بواحد فقط، وهو الجندي (محمد علي شتا.) فإن أقوال بعض الضباط قد جاء فيها وجود أعداد أخرى من القتلي في جانب الجيش. فمثلا النقيب حسام نبيه إبراهيم، عند سؤاله في النيابة العسكرية بتاريخ 10/10 “هل أسفرت أفعال الاعتداء، سالفة البيان، عن وقوع أية وفيات أو إصابات، بين عناصر التأمين، سالفة الذكر؟” أجاب “أيوة في ثلاث جنود شرطة عسكرية توفوا, وعدد آخر كبير أصيبوا، وتم نقلهم إلى المستشفيات المختلفة لتلقي العلاج”.

وقائع الدهس :

بخصوص وقائع الدهس، لم تأت سيرة وقائع الدهس في أغلب شهادات أفراد قوات الأمن، سواء من الجيش أو الشرطة. وحتى عند سؤال النيابة عن الوقائع، أو الإشارة إلى أن تقارير الطب الشرعي لوفاة بعض المدنين من المتظاهرين عن طريق الدهس أو الاصطدام بسيارة، كانت غالبية الإجابات تشير إلى عدم رؤية الواقعة، أو عدم حدوثها علي الإطلاق، أو أن الشاهد لم يكن في نفس مكان الدهس. ولم يأتي ذكر وقائع الدهس، بعد محضر التحريات العسكرية، إلا في أقوال عدد قليل من الضباط الشهود. ولم يأتي ذكر لها في أي من شهادات الجنود. حتي شهادة الجندي المذكور اسمه في محضر التحريات العسكرية بأنه قائد المركبة فهد التي صدمت المتظاهرين.
فيتابع المحضر التحريات العسكرية أنه ( و بعد فحص مقاطع فديوهات تسلمتها إدارة التحريات العسكرية من المخابرات الحربية)، بوجود واقعة اصطدام أحد مركبات الجيش، (مركبة وليد) بأحد أوتوبيسات القوات المسلحة. وكذلك تصطدم بسيارتين أخريين. وأنه بسؤال قائدي تلك السيارة – المجند احمد ربيع خلف -اجاب انه نتيجة رشق المتظاهرين للمركبة بالحجارة اختل توازنه و اصطدم بسيارتان جيب و اتوبيس نقل و ان المتظاهرين بعدها اعتلوا المركبة و القوا بداخلة قطعة كبيرة من الحجارة .
و أيضا واقعة سير مركبة أخرى (فهد) بين المتظاهرين بسرعة كبيرة و صدمها للمتظاهرين و أيضا مرورها بجوار مركبة أخرى محترقة و انه عند سؤال قائدها – المجند محمود سيد عبد الحميد – أجاب أنه شاهد احد المركبات و بها احد زملائه متوقفه و المتظاهرين يعتدون علي قائدها و انه خشي ان يحدث فيه المثل فقام بقيادة المدرعة بسرعة عالية فاصطدم بالمتظاهرين .
“أثناء ذلك قامت القوات المسلحة بمحاولة السيطرة علي الموقف ببعض الاليات العسكرية بمناورات بين المتظاهرين لتفريقهم إلا أن المتظاهرين صمدوا و استمروا في إشعال النيران و التعدي علي القوات المتواجدة بذلك المكان مما اضطر القوات القائدة للمدرعات بالاصطدام ببعض المتظاهرين مما ادي لحدوث إصابات و وفيات عديدة ” من أفوأل العميد انور سعيد علي عن شهادته أمام قاضي التحقيق عن التحريات التي أجراها عن الواقعة و عاد فأضاف عن سؤاله عن كيف تم الاصطدام ” هو لما الجنود شافوا أن المتظاهرين يقوموا بحرق أوتوبيس خاص بالقوات المسلحة و سيارة جيب خاصة أيضا بالقوات المسلحة و سرقة الأسلحة النارية من بعض الافراد المجندين و الاعتداء عليهم قاموا بالهروب بتلك المدرعات قبل حرقها و سرقة ما بها من اسلحة نارية و أيضا تعرضهم للقتل فقاموا بالهرب بها يمنا و يسارا للتمكن من الهرب الا انها اصطدمت ببعض منهم مما أدى لحدوث إصابات و وفيات ببعض منهم”.
اما النقيب احمد محمد عبد الجليل فوصف واقعة الدهس بشكل مختلف فبحسب شهادته فالذي قام بالدهس هم ثلاثة مدنين فهو قد شهد أمام قاضي التحقيق : تم رصد في نفس اليوم ثلاثة أقباط و هم ( بيتر حنا سمعان و جو جرجس سمعان و ارغست عيسي مرقص و كان الساعة من الثامنة الي التاسعة مساءا يقومون بالاعتداء علي سائق عربة لوري و قام احد بقيادة تلك السيارة و سار بها للامام و كانت أمامه عربة جيب بخلاف أمام العربة الجيب مدرعة قام باصطدامها و تحريكها للأمام و كان بجوار تلك السيارات و أمامها مجموعة من المتظاهرين تم اصابتهم عن طريق هؤلاء السيارات الثلاثة و لم يمشوا بها اكثر من خمسة أمتار و تم إيقاف السيارة و النزول منها و تم تتبعهم حتي تم التعرف علي شخصيتهم “.
“بخصوص المدرعة فهد الي كانوا بيقولوا إنها بتدوس الناس المدرعة دي كانت ماشية فقط وسط الناس و لما بيجي حد امامها ثابت بتقف و مبتدوسش حد و اكبر دليل علي ذلك ان السواق و هو بيفادي الناس المدرعة طلعت منه فوق الرصيف و و عطلت و راح المتظاهرين مولعينها وأخدوا السلاح إلى فيها بما فيه الرشاش المتعدد الي راكب فوق المدرعة” من أقوال الملازم محمود ضياء أمام النيابة العسكرية .

اشتباك الأهالي :
تم فض المسيرة بمشاركة أهالي منطقة بولاق و السبتية بحسب بعض الشهادات الواردة بالتحقيق و ايضا بحسب مذكرة ضبط المتهمين الذين تم القبض عليهم من الواقعة .. لكن واقعة الاشتباك م يتم ذكرها في محضر التحريات العسكرية .
” بعد تعدي المسيحين علي أفراد القوات المسلحة أخدت أفراد القوة المرافقة ليا و طلعت إلى أول كوبري 6 أكتوبر فضل المتظاهرين يتتبعونا و يحدفوا طوب و اصوات نارية جاية من اعلي الكوبري و بعد مرور نص ساعة تقريبا خرج أهالي بولاق أبو العلا من بين أفراد الأمن المركزي و معاهم شوم و عصي و أسلحة بيضاء و طلعوا علي المتظاهرين المسيحيين و تعدوا عليهم بالضرب و فضلوا يتتبعوهم حتي وهما بيهربوا لكوبري أكتوبر و تحت الكوبري و أنا حاولت و أفراد القوة اللي معايا نمنع الاعتداء عليهم ” من أقوال العقيد محمد عبد الحميد توفيق (عقيد من قوة ادارة الشرطة العسكرية) أمام النيابة العسكرية.
” كيف تم فض هذه التجمعات” سؤال وجهته النيابة العسكرية للنقيب اشرف محمد عبد الغني فأجاب ” بصبر و جلد الجنود و إصرارهم علي حماية مركباتهم و المبني المراد تأمينه و قمنا بالحافظة عليهم حتي تم استهلاك قوتنا تماما و بفضل من الله سمعت انهم بوجود أفراد من أهالي بولاق و المناطق المجاورة قاموا بالتصدي لهم من الشوارع الجانبية مما أدى إلى تفرقهم حتي أتانا الدعم من إدارة الشرطة العسكرية “.
فوجئنا أيضا بان مجموعة من الأهالي قادمون من منطقة بولاق أبو العلا في اتجاه مبني الإذاعة و التلفزيون و بعد ان تجمعوا بدأت اشتباكات و تعدوا علي الأقباط المتظاهرين و حصل تبادل ضرب بينهم بالعصي و الحجارة حتي السيارات التي كانت تمر اعلي كوبري 6 أكتوبر كانت تتوقف و أصحابها كانوا ينزلوا يضربوا الأقباط من الخلف اعلي كوبري أكتوبر و بعد ان هدأت الأمور إلى حد ما و السبب الرئيسي في تهدئة الأمور هو تدخل الأهالي المدنين الذي جاء من ناحية بولاق و احدث خلل في تنظيم الأقباط و بعد ذلك قامت عناصر من أفراد الشرطة العسكرية و كذلك الأهالي المدنين بإلقاء القبض علي حوالي عشرين من المتهمين”. من أقوال النقيب حسام نبيه رمضان أمام قاضي التحقيق .

أما عن سبب اشتراك اهالي منطقة بولاق في الاشتباك مع المتظاهرين فان العميد أنور سعيد قرر انه بحسب تحرياته انه بسبب تضررهم من الأحداث و غالبيتهم كانوا من اصحاب المحلات التجارية المجاورة و العاملين بها و بعض من أهالي المنطقة الذين خشوا علي حياتهم و حياة أطفالهم , و أجاب عند سؤاله عن هل كانت تلك المشاركة بسبب دعوة من احد أجاب بالنفي ؛ و هذا يختلف عن شهادة العقيد احمد الحراني أمام قاضي التحقيق. فبحسب روايته أن من أسباب اشتراك أهالي بولاق، كان ما أشيع علي وسائل الإعلام المختلفة. فهو في شهادته عن الواقعة يصف تدخل أهالي بولاق “و ما أن علم أهالي بولاق أبو العلا بوجود تعدي علي أفراد الشرطة العسكرية و سماع دوي إطلاق النيران الذي استمر من بداية قدوم المسيرة و كذلك مما أشيع علي وسائل الإعلام المختلفة من قيام الأقباط بمحاولة دخول مبني الإذاعة و التلفزيون، قامت مجموعة من هؤلاء الأهالي من منطقة بولاق والسبتية بالقدوم لمنطقة ماسبيرو وحدث بينهم و بين المتظاهرين اشتباكات سواء بالعصي او بالأسلحة البيضاء “.

شارع رمسيس و محيط المستشفي القبطي :
بحسب محضر التحريات فانه بعد فض المسيرة و السيطرة علي منطقة ماسبيرو تجمع حوالي 3500 شخص ممن كانوا في المسيرة في شارع رمسيس و قاموا باطلاق الاعيرة النارية و اشعال النار باحد الاتوبيسات و الذي امتدت منه النيران الي مبني بجوار الهيئة القومية للانفاق.

لجنة تقصي الحقائق عن أحداث ماسبيرو
في 10 أكتوبر أصدر السيد المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل القرار رقم 10014 لسنة 2011 بتشكيل لجنة تقصي الحقائق في أحداث ماسبيرو برئاسة المستشار عمر مروان. وانتقلت اللجنة فور تشكيلها إلى محافظ أسوان، وأعدت تقريرا مفصلا عن أحداث المريناب، وعادت فجر يوم السبت 15 أكتوبر 2011 وباشرت عملها ذات اليوم إلى أن انتهت من مهمتها في 22 أكتوبر 2011.
اعتمدت اللجنة في منهجية العمل كما هو وارد بالتقرير على استقصاء المعلومات من مصدرها مباشرة وتوثيقها قبل الاعتداد بها، وانتقلت إلى مناطق اﻷحداث للاستماع إلى أقوال ذوي الشأن، وجمع أكبر عدد من المشاهد المسجلة، إجراء المعاينات، والاتصال بالجهات المعنية ذات الصلة باﻷحداث. وقد أثمر هذا العمل عن انفراد اللجنة بإعداد اسطوانة مدمجة مسجل عليها أحداث يوم 9 أكتوبر 2011 ابتداء من دوران شبرا ومرورا بمنطقة القللي وانتهاءا بماسبيرو وذلك بامكانياتها الذاتية المتاحة حرصا على السرية.
وعن النتائج التي توصلت إليها اللجنة:

أولا: حالات الوفاة واﻹصابة:
1. المتظاهرون:
أ. بلغ عدد القتلى 23 حالة توفي منهم 13 حالة نتيجة الهرس و7 حالات نتيجة إطلاق أعيرة نارية وثلاث حالات نتيجة الضرب والطعن.
ب. عدد المصابين (216) حالة من بينهم ست حالات إصابة بطلق ناري والباقي كدمات وسحجات وطعنات وكسور واختناقات.
2. القوات المسلحة والشرطة:
أ. قتيل واحد على اﻷقل نتيجة إطلاق عيار ناري (حسب بيان هيئة القضاء العسكري).
ب. عدد المصابين (75) حالة (حسب بيان هيئة القضاء العسكري).
3. المسئولية عن حالات الوفاة واﻹصابة:
أ. تسأل القوات المسلحة عن قيام ثلاثة من جنودها – جرى تحديدهم بالاسم – بقتل (13) من المتظاهرين هرسا بآلياتها إذ لم يثبت تسليحها بذخيرة حية خلال فترة اﻷحداث.
ب. كما تسأل القوات المسلحة عن اﻹصابات التي لحقت بالمتظاهرين، وعلى جهة التحقيق حصر وتحديد المتهمين.
ج. يسأل أهالي المنطقة المحيطة بماسبيرو عن حالات القتل لسبعة من المتظاهرين نتيجة اﻷعيرة النارية عليهم باﻹضافة إلى ثلاثة آخرين ضربا وطعنا وكذلك عن إحداث اﻹصابات بعدد من المصابين وعلى وجهة التحقيق تحديد مرتكبي الجرائم.
د. يسأل المتظاهرين عن قتل وإصابة بعض جنود القوات المسلحة وعن حرق وإتلاف عدد من آلياتها وعلى جهة التحقيق تحديد مرتكبي الجرائم.
هـ. تسأل القوات المسلحة والمتظاهرون عما لحق من اتلاف ممتلكات عامة وخاصة ببعض المواطنين وسياراتهم.
4. حدث اعتداء بالحجارة من بعض اﻷهالي على المتظاهرين أثناء سيرهم في نفق شبرا، وسمع دوي إطلاق نار – وإن لم تحدث إصابات – وعلى جهة التحقيق الوصول إلى مرتكبي الواقعة.
ثانيا: يختص هيئة القضاء العسكري دون غيرها وفقا للقانون 25/ 1966 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 45/ 2011 بتحقيق وقائع أحداث ماسبيرو.
ثالثا: المساهمون في اﻷحداث:
– تجري هيئة القضاء العسكري تحقيقات موسعة في أحداث ماسبيرو، وأمرت بحبس ثلاثة من جنودها مرتكبي جرائم القتل بالدهس. كما أمرت بحبس 29 متهما من المسيحيين والمسلمين، وأمرت بضبط وإحضار عددا آخرا منهم لتورطهم في اﻷحداث.
– أفادت هيئة القضاء العسكري ان البلاغ المقدم من اﻷب/ متياس ورائف أنور فهيم ضد اللواء/ إبراهيم الدماطي يجري التحقيق فيه ومقيد برقم 544 لسنة 2011 عسكرية.
رابعا: انتشار اﻷسلحة بكافة أنواعها والذخائر بشكل ملحوظ في اﻵونة الخيرة، ويتضح ذلك من خلال اﻷحداث وحجم الضبطيات للأسلحة والذخائر المهربة مختلفة العيار والنوع وبعضها إسرائيلي الصنع وضبطت اللجنة طلق ناري منها.
خامسا: البطء في تطبيق القانون على جميع أفراد المجتمع، وحجب المعلومات عن المواطنين بصفة عامة والمعنيين بالموضوع بصفة خاصة، مما أفقد البعض ثقته في فعالية هيئات الدولة كما ألجأ البعض إلى تطبيق القانون بمعرفته.
سادسا: الدور السلبي لبعض وسائل اﻹعلام في إثارة المشاعر بتضخم اﻷحداث وزيادة الهوة بين طوائف المجتمع وعدم الدقة في نشر المعلومات أو إذاعتها جذبا ﻷكبر عدد من المشاهدين ولو على حساب المصلحة العامة.
وأخيرا التوصيات:
توصي اللجنة ببعض اﻵليات لدرء المخاطر عن الوطن وانتشاله من العبثية:
1. الجدية في تطبيق القانون بمفهومة الواسع في جميع مناحي الحياة واﻷخذ على يد المخالفين لتأكيد هيبة الدولة.
2. وضع مشروع قومي يلتف حوله المصريون جميعا لجذب انتمائهم إلى مصر دون غيرها. وعدم انخراطهم في مسائل طائفية أو فئوية.
3. التركيز على السلوكيات والمعاملات والحض على احترام اﻵخر من خلال الخطاب الديني اﻹسلامي والمسيحي، واتخاذ موقف حاسم تجاه الخارجين عليه.
4. وضع قانون لتنظيم التظاهرات وليس منعها.
5. اﻹسراع في تنظيم بناء دور العبادة.
6. توحيد جهة إصدار التراخيص للقنوات الفضائية ووضع آلية دقيقة لمراقبة أدائها.
7. تشجيع الشفافية وسرعة إعلان الحقائق إلى المواطنين من جميع هيئات ومؤسسات الدولة.

خاتمة التقرير

لا يدعي هذا التقرير انه يقدم الحقيقة الكاملة حول أحداث ماسبيرو، لكنه بلا شك يقدم حقائق عن الحدث. فهدا التقرير يحاول لم شتات وإحياء رواياته بعد مرور أكثر من خمس سنوات عليه، وكتابة تفاصيله كما يراها الضحايا أنفسهم، لتكون رواية مغايرة في وجه ما تحاول السلطة ترسيخه في الأذهان عن هذا اليوم، أملين في أن تكون مسودة يمكن استخدامها لكتابة أكثر عمقًا عن الأحداث، أو في أن تكون مع غيرها وثائق يمكن الرجوع إليها لتحقيق العدالة والقصاص للضحايا، خاصة في ظل السياسة العامة للدولة التي دائمًا ما تحاول السيطرة على رواية الأحداث لصالحها، والمضي قدمًا دون مكاشفة ومحاسبة.
فقد مثلت أحداث ماسبيرو نقطة تحول كبيرة في إحساس الأقباط بالمواطنة، خاصة أنها حدثت وسط أجواء شحن طائفي، وصل حد استعانة الدولة بالتلفزيون الرسمي ليكون محرض أساسي ضد الأقباط في الأحداث، من خلال استعداء طرف على آخر، إلى أن وصل الأمر لمساهمته في قتل وسحل مواطنين على أساس هويتهم، كما كان التلفزيون الرسمي أداة الدولة الأولى في تسيد روايتها عن الأحداث، فخلال هذه السنوات استخدمت الدولة سلطات أجهزتها المختلفة للإفلات من العقاب، ومحو ما حدث بدعوى المضي قدمًا.
فعلى مدى أكثر من خمس سنوات مرت على يوم المذبحة، كان جرم الإفلات من العقاب يلاحق الحكومات المتعاقبة بدءً من قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتي كانت تدير البلاد وقتها وحتى الآن، فكانت هذه الحكومات شريكًا أساسيًا في اساله دماء الأقباط، فبجانب سياسات الدولة ومسئوليتها في ترسيخ المناخ الطائفي الذي يتفجر مع كل حادث جديد، كانت هناك مسئولية التقاعس عن إجراء تحقيقات وافية ومستقلة، فقد تجاهلت مطالب سياسيين ومحامين باستدعاء قادة القوات المسلحة الميدانيين للتحقيق، والمسئولين عن إعطاء الأوامر بالتعامل مع المتظاهرين، كما لم تستجيب لمطالب فحص الأقراص المدمجة لكاميرات اتحاد الإذاعة والتليفزيون التي سجلت الأحداث110، فكان هناك تعمد لطمس الأدلة، وإخفاء الأحراز والتلاعب بالتقارير الطبية الصادرة بحق الشهداء والمصابين، ورفض التعاون وتعطيل أي جهة في طريقها لاستجلاء حقيقة مع حدث وتقديم المتورطين للمحاكمة العادلة، كما لم تضمن إجراءات عدالة المحاكمة بوضعها القضاء العسكري طرفًا للتحقيق في مقتل المتظاهرين على يد قوات الجيش بدلًا من تكليف جهة تحقيق مستقلة ومحايدة، وهو ما كان الدافع الأساسي لانسحاب هيئة الدفاع عن المتهمين المدنيين من النظر القضية في منصف أبريل 2012.
كما لم تنجح مطالبات أهالي الضحايا بفتح تحقيقات عادلة وجدية للقصاص لذويهم فاستمرت إجراءات التقاضي في ساحة المحكمة العسكرية على مدار أكثر من عام بعد الأحداث، ليغلق ملف القضية بالحكم بسجن المجندين الثلاثة المتهمين بموجب المادة 238 من قانون العقوبات، عامين للمتهمين الأول والثاني و3 أعوام للمتهم الثالث بتهمة القتل الخطأ، كما قضت محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار صلاح رشدي، في فبراير 2013، كما تقرر حفظ التحقيقات مع 29 متهمًا نظرًا لعدم كفاية الأدلة بحقهم.
فكانت مذبحة ماسبيرو جريمة هؤلاء، التي لن تسقط بالتقادم، والتي لا يمكن تصور المضي قدمًا والتصالح مع ما حدث، دون إعادة فتح التحقيقات، وتقديم المسئولين الحقيقيين عن ارتكاب هذه الجريمة للمحاكمة أمام القاضي الطبيعي بغض النظر عن موقعهم في السلطة.

محتوى المدونة منشور برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 4.0