يصدر اليوم برنامج الحق في المعرفة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، ورقة تحليل سياسات بعنوان “الحق في معرفة الحقيقة وانتهاكات حقوق الإنسان”، وذلك تزامنًا مع إحياء الذكرى الثانية لأحداث “محمد محمود”، حيث يعتبر مفهوم “إحياء الذكرى” من الآليات الأساسية التي يستعان بها في الحفاظ على ذاكرة التاريخ وضمير الأمة، والتعويض المعنوي لضحايا الانتهاكات المختلفة.
تأتي هذه الورقة في ظل ما اتخذته الحكومة الحالية من إجراءات؛ كتشييد نصبين تذكاريين في ميداني رابعة والتحرير، وبيانات، وتضامن مع ذكرى أحداث الثورة، التي لم يعاقب من قاموا بانتهاك حقوق المشاركين فيها وجبر ضرر ضحاياها حتى الآن.
تستهدف هذه الورقة فتح نقاش موجّه للمهتمين بقضيتي العدالة الانتقالية والحق في المعرفة، حول حق المجتمع في معرفة الحقيقة؛ من حيث مفهوم هذا الحق وأساسه القانوني، وعلاقته بباقي الأركان الأساسية للعدالة الانتقالية، مع استعراض تجارب لجان تقصي الحقائق المصرية، في ضوء المعايير المستقاة من تجارب أخرى ناجحة، والتي تنوعت تسمياتها بين لجان التوضيح التاريخي، ولجان الحقيقة، والتي استهدفت توثيق الانتهاكات ومصارحة المجتمع والضحايا وذويهم بملابساتها.
تناقش الورقة، الشكوك الكثيرة حول إمكانية بناء نظام للعدالة الانتقالية في مصر على المدى القريب، بسبب غياب الإرادة السياسية اللازمة، التي ميّزت النخب الحاكمة، التي صعدت لسدة الحكم على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة. ولكن، تظل هناك ضرورة للبحث وكشف حقيقة ما وقع في الأحداث التي خلّفت هذه الانتهاكات “28 يناير، ماسبيرو، محمد محمود، مجلس الوزراء، العباسية، سجن بورسعيد ورابعة العدوية”، كل هذه الأحداث قتل فيها آلاف المتظاهرين، دون أن تفصح السلطات المصرية عن الظروف التي ارتكبت فيها هذه الانتهاكات، أو عن مرتكبيها، ودون محاسبة جديّة أو إرادة سياسية حقيقية لتحقيق العدالة الانتقالية اللازمة، لعلاج الجراح الاجتماعية التي خلّفتها هذه الانتهاكات.
كما تعرض الورقة دور لجان تقصي الحقائق في مصر؛ منذ اندلاع ثورة يناير حتى تاريخ كتابة هذه الورقة، ويرى العاملون على هذه الورقة أن تجارب لجان تقصي الحقائق المصرية التسع التي تم ذكرها في الورقة، قد أخلّت بكافة معايير إنشاء تلك اللجان؛ من إفصاح وشفافية وتلبية للحق في معرفة الحقيقة. وهذا لعدم الالتزام بنشر ميثاق عمل اللجان، وقواعد عملها، وأهدافها التي قامت من أجلها، والكشف عن ميزانيتها، مما كان إخلالًا جسيمًا بالسياسات المعلوماتية التي إن توفرت لدلّت على شفافية اللجنة ومصداقيتها.