مصدر الصورة : العربية
تعبر مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن استيائها الشديد لقرار مجلس جامعة القاهرة، الصادر في الخميس الماضي الموافق 3 أبريل 2014، بالسماح لقوات الشرطة بدخول الحرم الجامعي وتمركزها بداخله وفق الخطط التي تراها لتأمين الجامعة، وترى المؤسسة أن هذا القرار بمثابة اعتداء جديد على استقلال الجامعة، الذي كفلته المواثيق الدولية وأحكام القضاء المصري.
كما ترى أيضًا أن القرار المتسرع لمجلس جامعة القاهرة يهدد أرواح الطلاب والأساتذة والعاملين بالجامعة، إذ أنه لم تكد تمر 24 ساعة على التفجير الإجرامي الذي طال قوات الشرطة المتمركزة في محيط جامعة القاهرة، حتى صدر هذا القرار بدخول الشرطة للحرم الجامعي، ما يفتح الباب على مصراعيه لنقل الأعمال العنيفة والصراع بين قوات الشرطة والجماعات الإجرامية المسلحة إلى داخل الجامعة، مما يعد استهانة واستهتار من قبل المسئولين عن جامعة القاهرة بأرواح الطلاب والأساتذة.
وتستنكر مؤسسة حرية الفكر والتعبير الطريقة التي خرج بها هذا القرار، من حيث كونه تحايلًا على حكم المحكمة الإدارية العليا، الذي ألزم بطرد وحدات الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية لإضرارها باستقلال الجامعة، وقد جاء في حكم المحكمة الإدارية العليا لطعون 5545 و5742 و29491 و33299 لسنة 55 القضائية
“إن وجود قوات للشرطة تابعة لوزارة الداخلية متمثلة في إدارة الحرس الجامعي داخل حرم جامعة القاهرة وكلياتها ومعاهدها بصفة دائمة، يمثل انتقاصا من الاستقلال الذي كفله الدستور للجامعة وقيدا على حرية الأساتذة والباحثين والطلاب فيها وهم يرون أن ثمة جهة أخرى لا تتبع الجامعة متواجدة بصفة دائمة داخل الجامعة تراقب تحركاتهم وتتحكم في ممارستهم لأنشطتهم بالمنح أو المنع”.
ومن جانبها رصدت المؤسسة تصريحات لوزير التعليم العالي وبعض رؤساء الجامعات والعمداء، التي تحدثوا فيها عن خشيتهم من عودة وحدات الحرس الجامعي ذات الأعداد المحدودة، ودعوا لدخول قوات أمنية كبيرة ومسلحة إلى حرم الجامعة، بل إن عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة – أحد المشاركين في اتخاذ هذا القرار – أعلن بشكل واضح أن قوات الشرطة التي ستدخل إلى جامعة القاهرة لديها صلاحية إطلاق النار على الطلاب في حال حدوث أعمال عنف أو شغب. ولم يوضح القرار إذا ما كان هذا التواجد استثنائيًا لبضعة أيام أم أنه تواجد دائم.
لذا تعبر مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن قلقها العميق على سلامة أرواح الطلاب والأساتذة والعاملين بالجامعة، وعن خشيتها من تصاعد العنف والعنف المضاد داخل الجامعة، إذ أن تاريخ التعامل الأمني مع الجامعات وطلابها لا يخلو من التوتر، بالإضافة إلى الدور القمعي الذي تلعبه الأجهزة الأمنية لإهدار استقلال الجامعات والتضييق على الحريات الطلابية والأكاديمية، وهو ما أدى حتى الآن إلى سقوط 12 قتيلًا من طلاب الجامعات في مواجهات مع الشرطة، واعتقال ما لا يقل عن 1300 طالب، وما يقرب من 80 أستاذًا جامعيًا، واتساع دائرة المواجهات بين قوات الشرطة والطلاب، والتي لاحظت المؤسسة أنها تزداد كلما ازداد التدخل الأمني في الجامعات، على عكس ما يروج له البعض من ربط لاستقرار الجامعات بدخول الشرطة إلى حرمها.
إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تؤكد على عدم وجود أي ضمانات حقيقية؛ سواء مما حدث في الماضي أو متضمنة في هذا القرار، تدل على تدخل الشرطة للحماية فقط، واضعين نصب أعيننا الفشل الذريع الذي يلاحق الحل الأمني في مصر، فالقرارات المتسرعة واللجوء للاختيار الأسهل بالتعامل مع أي ملف من خلال قوات الشرطة والعنف والاعتقال والقبض العشوائي، لن يفيد في حالة الجامعات المصرية، وسيؤدي لعواقب وخيمة تهدد صراحة استقرار الجامعات وانتظام العملية التعليمية.
إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تهيب بالمسئولين عن إدارة جامعة القاهرة ورئيس الجامعة سرعة إلغاء هذا القرار، والتعامل بمسئولية مع الخطورة التي ستترتب عليه، وتدعو الجهات المعنية إلى إبعاد الجامعة عن مسلسل الصراع الدائر بين الأجهزة الأمنية والمجموعات الإجرامية المسلحة، وألا يتم ابتزاز المجتمع الجامعي بمصطلحات فضفاضة كالحرب على الإرهاب وحماية الأمن القومي، فلا يمكن قبول تحويل الجامعات لثكنات عسكرية وإطلاق الرصاص على طلابها في أي حال، لأن ذلك يعد إعلانًا رسميًا بإهدار استقلال الجامعة، وكل المكتسبات التي حققتها الجامعات المصرية على مستوى الحقوق والحريات الطلابية والأكاديمية.