تابعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بقلق بالغ ما تم تداوله بشأن تسريب إحدى الرسائل التي وجهها وزير التعليم العالي الدكتور، وائل الدجوي، لرؤساء الجامعات الحكومية المصرية، جاء فيها “أتشرف بالإحاطة بأنني تلقيت كتاب السيد اللواء أ. ح. أمين عام مجلس الوزراء بشأن تقرير لجنة إدارة الأزمات بوزارة الدفاع عن يوم 12 مارس 2014، بخصوص المشاكل التي يتعرض لها الشباب وطريقة الاستفادة من طاقاتهم الإيجابية، والذي انتهى، فيما يخص الجامعات المصرية، إلى التوصيات التالية:
1- تنظيم ندوات مختلفة داخل الجامعة تتناول سلبيات جماعة الإخوان الإرهابية، وكشف مخططاتها بالاستعانة بقيادات التنظيم المنشقة.
2- دراسة إمكانية إنشاء ما يسمى بالأمن الذاتي للطلاب داخل الجامعات لمساعدة الأمن الإداري.
3- قيام رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المعنية، للتحرك الفوري للقضاء على العناصر المتداخلة بالمدن الجامعية، من خلال تطبيق قواعد وإجراءات حازمة على المخالفين لتلك القواعد.”
بعدها أصدر الوزير بيان صحفي توضيحي جاء نصه فيما يخص مسألة الأمن الذاتي للطلاب “هذا الأمر يرتبط بقيام الطلاب بدورهم في حماية المنشآت الجامعية التي يتعلمون فيها من الاعتداء عليها أو تخريبها، خاصة بعد ما تعرضت له بعض الجامعات من أعمال تخريب وعنف في العام الدراسي الحالي، ولا يوجد أي سبب آخر”.
إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تؤكد كامل رفضها لما جاء برسالة وزير التعليم العالي لرؤساء الجامعات شكلًا وموضوعًا، وترى أن الرسالة تحمل توجهًا صريحًا لاستعادة القبضة الأمنية على الجامعات المصرية، ولكن بشكل أكثر خطورة مما عانت منه الجامعات المصرية قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، كما أن الرسالة تثير لدى المهتمين بالشأن الجامعي مخاوف حول طريقة إدارة ملف الجامعات والتعليم العالي في مصر، وما هو الدور الذي تلعبه الوزارة والمجلس الأعلى للجامعات في هذا الشأن؛ وخاصة حينما تدار الجامعات بهذا الشكل العشوائي، الذي يجعل من مجلس الوزراء ولجنة إدارة الأزمات بوزارة الدفاع طرفًا في اتخاذ قرارات بشأن أهم المخاطر التي تواجه العملية التعليمية في الجامعات المصرية اليوم، وهو الأمر الذي يزيد من حدة التخوفات حول مدى ملائمة تلك القرارات التي تتخذها هذه الجهات لمفاهيم استقلال الجامعة وحقوق وحريات الطلاب.
إن ما جاء من قرارات في متن رسالة الوزير لرؤساء الجامعات يعبر عن انتكاسة حقيقية لاستقلال الجامعات، فاستغلال الطلاب كطرف في عملية الصراع الدائرة بين السلطة القائمة وحركة “طلاب ضد الانقلاب” التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أمر يهدد بشكل صريح السلم الجامعي، وينذر بعنف أكثر خطورة على حياة وأرواح الطلاب، وكذلك على سير العملية التعليمية مثل ما حدث في العام الدراسي الحالي.
كما تؤكد المؤسسة أن غياب الفهم الحقيقي لمضامين استقلال الجامعة لدى القائمين على العملية التعليمية بالجامعات، هو الدافع وراء خروج مثل تلك الاقتراحات التي تحاول معالجة فشل الإدارة، من خلال إقحام الطلاب ومن ثم الجامعة في مستنقع العنف، الذي بدوره يعيد إلى الأذهان ما كان يحدث داخل الجامعات في السبعينيات، عندما استخدمت إدارات الجامعات المختلفة -بتوجيه من السلطة- طلاب التيار الإسلامي لمواجهة طلاب اليسار في الجامعة آنذاك، وهو الأمر الذي تسبب في الكثير من أعمال العنف والتخريب الواسعة.
كما أن اللجوء لمثل تلك الحلول من أجل حفظ الأمن داخل الجامعة، يثير القلق حول مدى قدرة السلطة الحالية؛ والمتمثلة في الحكومة وخاصة وزير التعليم العالي، على مواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه القائمين على إدارة الشأن الجامعي في مصر،
ومن هنا تطالب المؤسسة الجهات المعنية أن تضطلع بمسئوليتها في حفظ الأمن داخل الجامعة، مما يحفظ سلامة حياة وأرواح الطلاب، ويصون استقلال الجامعة وحريات طلابها، ويبعد الطلاب عن دوائر الصراع العنيف بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، وتدعو المؤسسة كل المهتمين بالشأن الجامعي واستقلال الجامعة، وكل الحريصين على ما أنجزته الجامعة من مكتسبات بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أن يتصدوا بكل قوة لما تنتهجه وزارة التعليم العالي من سياسات، تؤكد المخاوف من رغبة السلطة في السيطرة الأمنية شبه الكاملة على الجامعات مرة أخرى.