الوحدة القانونية – برنامج الحريات الرقمية
خلفية
أحمد أنور مدون شاب من مواليد مدينة طنطا، بمحافظة الغربية، شارك في ثورة 25 يناير، وأصيب في أحداث محمد محمود الشهيرة في شهر نوفمبر عام 2011. يقوم أحمد بالتدوين والتواصل عبر عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص موقع يوتيوب الذي يستخدمه في إعداد ونشر فيديوهات ساخرة، تتضمن نقد سياسي لأداء بعض أجهزة الدولة، والتعبير عن وجهة نظره بطرق طريفة بالنسبة للأحداث التي تمر بها مصر منذ قيام ثورة 25 يناير حتى الآن.
في مطلع عام 2012 وبعد تعرض المدون أحمد انور للإصابة على يد قوات الشرطة في أحداث محمد محمود، قامت وزارة الداخلية بتنظيم حفل فني اجتماعي لأسر الضباط، وقد استضاف الحفل فنانة استعراضية شهيرة تدعى ( مروى )، وقد قام أنور بتصوير مقطع فيديو ساخر بمساعدة أحد أصدقائه بعنوان \” علاقة الفنانة مروى بالداخلية \” وتناول في هذا المقطع ضباط وزارة الداخلية بالسخرية بسبب إفلاتهم من العقاب في قضايا قتل المتظاهرين، وتسببهم في وجود حالة من الانفلات الأمني بسبب عدم القيام بعملهم بجدية، مستعيناً ببعض الأداء الحركي الراقص، ثم قام بنشر هذا المقطع المصور بواسطة حسابه على موقع يوتيوب في 5 مارس 2012.
تقدم اللواء / علي محمد عبد المولى مدير الإدارة العامة للشئون القانونية بمديرية أمن الغربية ببلاغ لقسم أول طنطا ضد أحمد أنور برقم 4502 لسنة 2012 متهما إياه بسب وزارة الداخلية والتشهير برجال الشرطة، ثم أحيل البلاغ للنيابة العامة التي بدأت التحقيق في مضمونه بتاريخ 17/5/2012 بإستدعاء مقدمه لسؤاله حول مضمون شكواه.
لم يستجب ممثل وزارة الداخلية للمثول للتحقيق أمام النيابة للإدلاء بأقواله منذ 17/5/2013 وحتى 17/3/2013، ولم تقوم النيابة العامة بإستدعاء أحمد أنور لسؤاله في الإتهامات الموجهة إليه طوال هذه الفترة التي اقتربت من عام
تم تكليف العقيد خالد شملة بتمثيل وزارة الداخلية أمام النيابة العامة في التحقيقات الخاصة بالقضية، وقد مثل أمام النيابة العامة بتاريخ 17/3/2013 وجاء في أقواله أن وزارة الداخلية تقدمت بشكواها بسبب الفيديو الذي قام أنور بنشره، وأن هذا الفيديو يسىء لوزارة الداخلية وأفرادها، وأنه يسىء استخدامه لشبكة الإنترنت في التشهير بأفراد الداخلية.
بعد انتهاء التحقيقات مع العقيد خالد شملة ممثل وزارة الداخلية، كان من المفترض أن تقوم النيابة العامة باستدعاء أحمد أنور لسؤاله كما تم استدعاء ممثل وزارة الداخلية، إلا أن النيابة العامة أصدرت أمراً بالقبض على أنور، إلا أن الشرطة لم تتمكن من القبض عليه بسبب عدم تواجده في منزله.
ثم بتاريخ 27/3/2013 أصدرت النيابة العامة قرارها بإحالة أحمد أنور لمحكمة جنح طنطا، بعد اتهامه بارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 من قانون العقوبات والتي تنص على أن
\” كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة، بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة الالاف جنيه\”
والجريمة المنصوص عليها في المادة 75 من قانون تنظيم الإتصالات رقم 10 لسنة 2003 والتي تنص على أن
\” يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بإفشاء، أو نشر أو إذاعة أية معلومات حصل عليها بحكم وظيفته، أو بسببها عن منشأة عاملة في مجال الإتصالات متى كان من شأن ذلك أن يؤدي إلى قيام منافسة غير مشروعة بين المنشآت العاملة في هذا المجال.
والجريمة المنصوص عليها في المادة 76 من قانون الإتصالات والتي تنص على أن
\” مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من :
1- استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات.
2- تعمد ازعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الإتصالات.
وقد حددت محكمة جنح طنطا جلسة 4/5/2013 لبدء محاكمة أحمد أنور.
الرأي القانوني
1- الاتهامات الموجة لأحمد أنور تنتهك حرية الرأي والتعبير.
قام أنور بانتقاد وزارة الداخلية من خلال الفيديو الذي تتم محاكمته بسببه، وذلك باعتبارها أحد أجهزة الدولة، التي يكفل الدستور المصري والمواثيق الدولية نقدها، في إطار ممارسة حرية الرأي والتعبير، وإذا كان القانون قد وضع بعض القيود على نقد الأشخاص فيما يتعلق بحقهم في السمعة والاعتبار، إلا أن نقد المؤسسات مباح، نظراً لأن نقدها والتعبير عن الرأي بشأن أدائها ليس فقط حق لكل مواطن، بل هو واجب عليه، باعتبار أن نقد المؤسسات من قبل المواطنين يمثل نوع من أنواع الرقابة الشعبية عليها، ومن شأنه تقويم أدائها إذا خالفت القانون.
كذلك فإن الإتهامات الموجهة لأنور بموجب قانون العقوبات وقانون تنظيم الإتصالات هي اتهاماتمعادية لحرية التعبير، فضلا عن أن عباراتها مطاطة بشكل كبير، وتعطي للقائمين على تطبيق القانون فرصة كبيرة للتوسع في تفسيرها، وهو ما يشكمل خطراً كبيراً على حرية التعبير، ويؤدي إلى احتما عقاب أحد الأبرياء مثلما هو الحال بالنسبة لأنور
فعبارات السب، والقذف، وإساءة استعمال شبكات الاتصال ليس لها تعريف واضح يمكن من خلاله معرفة اذا ما قام أنور بارتكاب الجرائم المنسوبة له أم أنه فقط مارس حقه الدستوري والقانوني في حرية التعبير.
2- عدم جدية تحقيقات النيابة العامة.
النيابة العامة بصدد تحقيقها لهذا النوع من الجرائم تصطدم بمسائل فنيه، مثل ضرورة إثبات قيام أنور بنشر الفيديو المنسوب إليه، والتأكد من بصماته الصوتية ومطابقة صورته بالصور الموجودة في الفيديو، ولذلك يجب عليها في مثل هذه الحالة أن تحيل القضية إلى خبير فني لإثبات ذلك، ثم ومواجهة المتهم بالأدلة والإتهامات المنسوبة له، إلا أنها لم تفعل أي شىي مما سبق، واكتفى المحقق بسماع أقوال ممثل وزارة الداخلية فقط، دون سماع أقوال أنور بصفته المشكو في حقه، وهو ما يتسم بعدم العدالة، حيث لم تتاح لأحمد أنور فرصة الدفاع عن نفسه أثناء مرحلة التحقيق وقبل إحالته للمحاكمة.