عن محمد محمود والصراع حول الحكاية… تقرير عن احداث محمد محمود 19-25 نوفمبر 2011

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter

مقدمة

هناك معركة موازية للمعارك التي تدور في الشوارع والسجون وأقسام الشرطة بشكل يومي وهى معركة تذكر ما حدث وكتابة تاريخه. دائما ما تحاول الأطراف المختلفة صياغة التاريخ ليناسب سياستها وأهدافها، وعادة ما يندثر الكثير من الروايات في النسخة النهائية من ذلك التاريخ المختار.  وكثيرا ما يهمش المواطنون العاديون الذين يغيرون الحاضر من خلال مقاومتهم اليومية في تاريخ الدول، لأنه بالأساس تاريخ للرؤساء والوزراء ومن في السلطة. وحيث أن من في السلطة يملكون قنوات التأريخ التقليدية ويعدون مناهج التاريخ لطلبة المدارس ويسيطرون على وسائل الإعلام الأكثر انتشارا. ويسيطرون على حفظ الحاضر فيحددون من الجاني ومن المجني عليه، كما يقومون بمحاولة محو المصادر التي تشكك في مصداقية رواية ذلك التاريخ “الرسمي” أو تطرح تساؤلات حول هذه النسخة من الماضي. ويستخدمون سلطتهم في الرقابة والحد من وسائل التوثيق والتأريخ المختلفة.

ولأن السلطة واعية بالقوة الممنوحة لمن يسيطر على رواية الأحداث. فإنها تدعم فكرة التاريخ الواحد، وتختزل الرواية التاريخية في رواية موحدة “معتمدة”، وبذلك تشكك تلقائيا في أي رواية موازية. ويصحب ذلك خطاب عام يتكلم في معظمه عن موضوعية التاريخ وكأن التاريخ شيء واحد، يأتي من  أعلى ليمثل حقيقة مطلقة علمية يصعب التشكيك فيها، بدلا من أن يكون التاريخ رواية بين روايات أخرى، تحكي أحداثا حقيقية من وجهة نظر من يرويها. فنحول بذلك التاريخ إلى نسخة نهائية من الماضي بدلا من أن يكون مجموعة من مسودات مختلفة غير كاملة. فنصنع تاريخا لا مكان فيه للذكريات أو الذاكرات الشخصية. وبالتالي تكون مقاومة هذه الرواية صعبة، “وصعوبتها تكمن إلى حد ما في عدم قدرتنا نحن على التخلي عن اعتقاد رسخناه في أذهاننا مفاده أننا لا نصنع تاريخنا بأيدينا، وأن علينا أن ننتظر من سيهبط علينا من السماء لينتشلنا من وهدتنا التي لا نستطيع إزاءها شيئا”[1]. وهنا يأتي دور المحاولات المختلفة لكتابة تاريخ وإتاحة سرديات مختلفة تُروى فيها قصص من لم يكونوا جزءا من التاريخ الرسمي لأن روايتهم لا تتماشى مع الخطاب العام والقصة الواحدة.

وفي سياق الأحداث التي تمر بها مصر منذ اندلعت ثورة 25 يناير في عام 2011 وما يصاحبها من حراك سياسي واجتماعي، تكون معركة التذكر والتاريخ أكثر صعوبة. فهذه المرحلة محملة بحالة استقطاب سياسي حادة، وانتهاكات وقتل وتعذيب واعتقال من قبل السلطات المتعاقبة. مما يجعل رواية السلطة جزء من الثورة المضادة. وكما شرح خالد فهمي عندما تحدث عن لجنة توثيق أحداث الثورة التي تولى رئاستها “سرعان ما أن وجدنا أنفسنا نطرح أسئلة عويصة لم نمتلك إجابات عنها: “كيف لنا أن نجمع شهادات هذا الكم الغفير من البشر الذين شاركوا في الثورة؟ وكيف سنفهرس ونحفظ هذه الشهادات؟ “[…] “هل بوسعنا فعلا أن نضمن أن الشهادات التي سنجمعها لن تقع في أيدي الأجهزة الأمنية، وتلك المسماة “سيادية”، وهو الأمر الذي قد يفضي بصاحب الشهادة لأن يجد نفسه متهما وأن تكون شهادته هو نفسه دليل إدانته؟” وعلى قدر ما كانت هذا الأسئلة صعبة، فإنها لم تكن أكثرها صعوبة. كانت هناك أيضا أسئلة تتعلق بالتاريخ: “متى انتهت الثورة؟ ومتى نتوقف عن التوثيق؟ عندما أجري الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟ أم عندما أجريت الانتخابات البرلمانية؟ أم عندما أجريت الانتخابات الرئاسية؟”[2].

كل هذه الأسئلة وأكثر تجعل من عملية التوثيق، وجمع الشهادات والكتابة عن الأحداث المتتالية منذ 2011 مهمة صعبة ولكن أساسية. فمنذ عام 2011 وحتى اليوم تتوالى أحداث ترسم شكل هذه الفترة من التحول السياسي والاجتماعي في مصر. وفي حين أن هذه الفترة الثورية تحمل شعارات وأمال للتغيير فهي أيضا أتت ولا تزال تأتي بعدد كبير من الانتهاكات والقتلى والمصابين والمفقودين. ولا شك في أن عملية تأريخ هذه الفترة ومنحها مساحة في الذاكرة الجمعية للمجتمع ذات أهمية بالغة؛ فمن خلال سرد الأحداث وكشف الانتهاكات يمكن للمجتمع أن يشكل ضميره وأن يعبر بانتهاكات الحاضر والماضي لمستقبل أكثر شفافية.  ولكن الحكومات المصرية المتعاقبة تراخت عن الحفاظ على الحقيقة وإتاحتها، وقصرت رواية الأحداث على رواية السلطة، من خلال إعلام وقضاء وقوانين تدين أشخاصا معينين وأحداثا معينة وتمجد أخرى لرسم صورة محددة للثورة منذ 2011 تناسب خطاب السلطة. يتحول فيها شباب الثورة إلى بلطجية، وعملاء وطابور خامس من بين أشياء أخرى ويمجد فيها دور القوى السائدة، فيعاد تدريجيا كتابة تاريخ الثورة من خلال أحكام القضاء وإعلام الدولة واﻹعلام الخاص، وتهمش فيه الآلاف من التظاهرات والشهداء والمعتقلين وتصبح قصصهم مشوشة. وهنا تكمن أهمية بداية تجميع رواية وتاريخ هذه الفترة قبل أن ننسى. هذا التقرير هو مجرد بداية لسلسلة من التقارير او الأوراق التي ستحاول أن تقدم سردا موازيا للأحداث المختلفة التي مرت علينا منذ 2011. محاولين بذلك ألا تكون رواية من في السلطة هي الرواية الوحيدة التي سيجدها من يرغب في معرفة تاريخ ما حدث بعد يناير 2011.

من هذا المنطلق بدأ ملف الضمير والذاكرة في مؤسسة حرية الفكر والتعبير في العمل على سلسلة أوراق تحاول إتاحة جزء من تاريخ هذه الفترة. وهذه الورقة هي أولى تجارب هذه السلسة. الهدف من هذه الورقة ليس سرد الحقيقة ولكنه طرح لحقائق وروايات مختلفة كل منها يمثل حقيقة لصاحبها. هذه الورقة ليست تقريرا لتقصي حقائق يحكي بالتفصيل ما حدث بعد دراسة دقيقة لجميع المستندات والأوراق والأحراز. ولكنه مجرد تجميع لعدد من الروايات والقصص التي بدورها تشكل جزءا من تاريخ أحداث لعبت وما زالت تلعب دورا في تكوين المستقبل.

هذه الورقة هي محاولة لسرد أحداث محمد محمود التي وقعت بين 19 – 25 نوفمبر 2011، من خلال مجموعة من اللقاءات المختلفة التي أجراها فريق عمل الملف في صيف 2015 ومجموعة من الأخبار والأرشيفات المختلفة من هذه الفترة التي تم جمعها من الباحثين بالإضافة إلى أوراق القضية المعروفة ب “أحداث محمد محمود” وكذلك القضية المعروفة ب “قناص العيون”.

منهجية الورقة

موضوع الورقة هو أحداث محمد محمود منذ19/11/2011 حتى انتهاء الاشتباكات في 25/11/2011. و تحاول الورقة أن تغطي الحدث وترصد سياقه والأطراف التي دعت للتظاهر ومطالبها وانتهاكات حقوق الإنسان التي تخللته وعمليات التقاضي التي تحركت نتيجة له. تكمن أهمية الورقة في دورها التوثيقي والكاشف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال أحداث محمد محمود في سياق الحراك السياسي والثورة التي قامت منذ 25 يناير والتي لم توثق ويكشف عنها بشكل وافٍ. وتهتم الورقة، بشكل خاص، بفتح مجال أوسع لدى وعي وضمير المجتمع المصري لإشراك روايات ضحايا الانتهاكات.

ويأتي هذا العمل كرد فعل للدور الضعيف الذي قامت به الحكومة المصرية للحفاظ على الحقيقة وإتاحتها. فقد امتنعت الحكومة المصرية عن نشر تقارير لجان تقصي الحقائق التي تولت التحقيق في هذا الحدث وأحداث أخرى، كما أنها أحجمت عن التحرك القانوني حيال الانتهاكات التي وقعت من قتل أو إصابات أو تعذيب، وامتنعت عن ضم التقارير أو إطلاع المتهمين من المتظاهرين عليها لتلبية حقهم في الدفاع عن انفسهم في مواجهة الاتهامات الموجهة إليهم.

كذلك الحال في السياق الأعم لأحداث الثورة فقد قامت الحكومات المتتابعة منذ بدء الثورة بإتلاف وإخفاء الكثير من الوثائق والمعلومات حول الأحداث التي تتالت منذ بدء الثورة، بل وصل الأمر إلى تزوير حقائق واحتكار رواية الأحداث وحصرها في رواية السلطة. فقد قامت الحكومات المصرية المتتالية، على سبيل المثال لا الحصر، بحجب أغلب تقارير لجان تقصي الحقائق باستثناء التقرير المتعلق بأحداث 30 يونيو. كما أنها شيدت نصبان تذكاريان لإحياء دور الشرطة والجيش في حماية المتظاهرين أثناء الثورة، ولم تشر إلى الضحايا الذين سقطوا على يد الجيش والشرطة، بالإضافة إلى دور الإعلام الحكومي والخاص لخدمة سياسات الدولة وسوء سياسات حفظ وإتاحة الوثائق الحكومية وغير الحكومية.

ولذا ثمة ضرورة لإساهم المجتمع المدني في رواية أحداث الثورة والصراع الناشب  في سياقها، وخلق قواعد معلوماتية مستقلة عن قواعد السلطة يسهل تداولها والوصول إليها. لتعمل تلك القواعد على تعزيز مفهوم ذاكرة وضمير الضحايا والمجتمعات وتحافظ عليها وتعززها في مجابهة رواية السلطة.

مصادر المعلومات في التقرير

يعتمد التقرير على مجموعة من المقابلات التي أجراها باحثو ملف الضمير والذاكرة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير مع مجموعة ممن شاركوا في أحداث محمد محمود. تكلم المشاركون عن ذكرياتهم لهذه الفترة، وحكوا عما تعرضوا له من انتهاكات مختلفة من قبل قوات الأمن. كما تحدثوا عن أحداث محمد محمود في سياقها الأوسع. وفي هذا التقرير تم استخدام مقتطفات من المقابلات المختلفة التي أجريت في الفترة ما بين مايو وسبتمبر 2015. تم تسجيل هذه اللقاءات بعد أخذ الموافقات اللازمة من المشاركين، وشرح كيف ستقوم مؤسسة حرية الفكر والتعبير باستخدام هذه الشهادات داخل التقرير. كما تم حجب أسماء المشاركين في التقرير للحفاظ على أمنهم. لم يتمكن فريق العمل من القيام بعدد كبير من المقابلات لضيق الفترة الزمنية. كما واجه فريق العمل صعوبات أثناء إجراء اللقاءات، فقد مر حوالي 4 أعوام على تاريخ وقوع الأحداث، كما جاء بعدها الكثير من الأحداث المشابهة، فكانت ذاكرة المشاركين في المقابلات تخونهم في بعض الأحيان، ولم يتمكنوا من حكي الكثير من التفاصيل. لذلك اعتمد الباحثون في كتابة التقرير على مجموعة من الشهادات التي جمعها ونشرها مركز النديم في تقرير “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر” يعرض الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون المصريون على يد السلطات (شرطة، أمن مركزي، جيش، شرطة عسكرية،…الخ) في الفترة الممتدة ما بين أول يناير2011 وحتى نهاية عام 2011.

كما أجرينا أيضا لقاءً مع الدكتور عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق في الفترة من 7 مارس 2011 إلى 20 نوفمبر2011، تحدث فيه عن الفترة التي كان فيها في منصبه حتى قدم استقالته يوم 20 نوفمبر 2011 اعتراضا على استخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين خلال أحداث محمد محمود.

اعتمد التقرير أيضا على مجموعة من الأخبار والتقارير والأوراق والمقالات والتصريحات التي تم نشرها أثناء الأحداث. وتم تجميع هذه المادة بمساعدة وحدة الرصد والتوثيق بالمؤسسة. بالإضافة إلى مجموعة من الفيديوهات التي صورت الأحداث، والبرامج التليفزيونية ونشرات الأخبار التي تم إذاعتها أثناء فترة الأحداث.

وقامت وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، بتسجيل وأرشفة حالات الاستيقاف والقبض والملاحقة القضائية خلال أحداث محمد محمود بالقاهرة منذ 19 حتى 23 نوفمبر من عام 2011. وكانت المصادر الرئيسية التي تم الاعتماد عليها هي أوراق القضية نفسها التي تتضمن محاضر الضبط وأمر الإحالة، بالإضافة إلى ما رصدته جهات حقوقية مختلفة منها “جبهة الدفاع عن متظاهري مصر” والتي تضم العديد من المنظمات الحقوقية، وأيضاً تم الاستعانة بشكل محدود ببلاغات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشطاء وشهود على الوقائع. ووفقاً لما قامت وحدة الرصد والتوثيق بتسجيله، فقد تم إلقاء القبض على 379 شخصاً تم عرضهم على النيابة باتهامات ترتبط بالواقعة ثم إحالتهم لمحكمة جنايات القاهرة، بينما كان هناك 52 متهماً آخرين تم استبعادهم من الإحالة للمحكمة بعد تحقيقات النيابة معهم، وأيضاً تم تسجيل 38 شخصاً آخر تعرض للاستيقاف والاحتجاز غير القانوني من قبل أجهزة الأمن، حيث تم صرفهم قبيل العرض على النيابة ولم يتم مواجهتهم بأية اتهامات، بينما كانت هناك 18 حالة “ادعاء اختفاء قسري” تأكد ظهور حالتين منهم بعد الواقعة بعدة أيام وفقاً لما رصدته الجهات الحقوقية وقتها، بالإضافة إلى شخص وحيد “ياسر عبد الفتاح” مفقود منذ ذلك الحين وفقاً لحملة “هنلاقيهم” الحقوقية المعنية برصد وتوثيق حالات المفقودين على خلفية الثورة المصرية، ليصل إجمالي المتضررين من وقائع الاستيقاف والقبض والملاحقة على خلفية تلك الأحداث بالقاهرة إلى 488 شخصاً. وبشأن مدى دقة البيانات المذكورة، فالحالات المُحالة لمحكمة الجنايات مُوثقة من خلال الورق الرسمي للقضية الذي تحصلت عليه المؤسسة، وحالات المستبعدين من القضية موثقة عبر محاميي الجهات الحقوقية المختلفة الذين تناوبوا على حضور التحقيقات اليومية مع جميع المتهمين، أما حالات  الاستيقاف فتم الاعتماد فيها على بلاغات لشخصيات ونشطاء حقوقيين ذوي ثقة ومصداقية ودقة في نشر وتداول المعلومات. وتؤكد الوحدة إنه لم يتسن لنا توثيق ومتابعة حالات ادعاء الاختفاء القسري المذكورة نظرا لتقادم البيانات بعد مرور 4 سنوات كاملة على الوقائع، وقد يُرجح أنها قد ظهرت جميعها لأسباب مختلفة لعدم تداول معلومات لاحقة بعدها عن استمرار حالة الاختفاء. وقد تم إرفاق ملف “إكسل” مفصل لجميع تلك الحالات، حيث يشمل البيانات الأساسية المرتبطة بالشخص الموقوف أو المقبوض عليه أو المُتهم والوضع القانوني وكافة البيانات الإجرائية والقانونية المرتبطة بكل شخص على حدة مع تحديد مصادر كل معلومة.

وأخيرا، يعتمد التقرير في طرح رواية الداخلية للأحداث على أوراق قضية محمد محمود والتي تضم 4593 ورقة تحتوي على محاضر ضبط المتظاهرين المحررة بمعرفة رجال الشرطة، باﻹضافة إلي أقوالهم أمام النيابة العامة عن تفاصيل الوقائع الواردة بتلك المحاضر، هذا بخلاف أقوال قيادات وضباط ومجندي قوات اﻷمن المركزي التي شاركت في اﻷحداث، ومحاضر جرد اﻷسلحة التي تحدد كمية الذخيرة المستهلكة والمفقودة في اﻷحداث. والتقارير الصادرة من الطب الشرعي والمستشفيات عن اﻹصابات، ومحاضر إجراءات النيابة العامة بعد الانتهاء من التحقيقات. وقد تم استبعاد أقوال المتهمين أمام النيابة العامة، ﻷن الهدف من هذا الجزء هو طرح رواية وزارة الداخلية للأحداث.

فمن خلال تلك الوثائق نحاول استيضاح الرسائل التي حاولت وزارة الداخلية رسمها لمشهد اﻷحداث بدءًا من أسباب فض الاعتصام مرورا بالروايات المختلفة التي روجت لها الوزارة مع تطور اﻷحداث وارتفاع وتيرة العنف المستخدم وتبريره.

أما فيما يتعلق بالجزء الخاص بالقضية المعروفة ب “قناص العيون” فقد تم الاعتماد على أقوال المتهم، باﻹضافة إلي أقوال قائد قطاع اﻷمن المركزي التابع له المتهم. وكذلك رأي اللجنة المشكلة من أعضاء اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون للتأكد من صحة اﻷسطوانة المدمجة وهل ثمة تلاعب بها من عدمه، وأخيرا اﻷوراق الرسمية المتعلقة باﻷسلحة وتشكيل القوات.

يركز هذا التقرير على قصص مختلفة ولكنه لا يشمل باي شكل كل الروايات الخاصة بأحداث محمد محمود، ولكنه يحاول من خلال المادة التي تم تجمعها رسم الخطوط الأساسية للحدث والقاء الضوء على مجموعة من الشهادات والقصص. كما انه يناقش الخطاب العام الذي تم استخدامه في هذه الفترة من قبل الأطراف المختلفة التي لعبت دور في هذه الاحداث. وأخيرا يحاول التقرير اتاحة مادة مجمعه يمكن إعادة استخدمها من المؤرخين لكتابة تاريخ هذه الفترة.

ملخص أحداث محمد محمود

محمد محمود بالأرقام

الزمان: 19 – 25 نوفمبر 2011

  • المكان: ميدان التحرير – شارع محمد محمود – شارع منصور – شارع البستان – شارع القصر العيني – شارع الفلكي – شارع التحرير – شارع الشيخ ريحان – ميدان عبد المنعم رياض – شارع طلعت حرب – عمر مكرم – شارع باب اللوق – شارع قصر النيل.
  • مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي ضحايا العنف: “تأتي المذبحة التالية في نوفمبر في شارع محمد محمود فيسقط فيها 43 شهيد ويفوق عدد مصابيها الألف، خاصة ممن فقدوا نور عيونهم برصاص قناص الثوار!”
  • تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي أصدره المجلس القومي لحقوق الإنسان: ” وقد بلغ عدد الشهداء خلال أحداث ميدان التحرير وشارع محمد محمود وتداعياتها في أنحاء البلاد 41 حالة من بينها 36 حالة في القاهرة وحالتان في الإسكندرية وأخريَان في الإسماعيلية وحالة واحدة في مطروح وذلك حتى يوم 25 نوفمبر 2011، وفقاً لبيانات وزارة الصحة المنشورة على موقعها الإلكتروني، وقد ارتفع هذه العدد إلى 46 شهيداً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير .كما بلغ عدد المصابين وفقاً لنفس المصادر منذ بدء الأحداث وحتى 25/11/2011 عدد 3256 حالة من بينهم 1308 مصابين تم نقلهم إلى المستشفيات و1948 تم إسعافهم في موقع الأحداث”.
  • عدد 379 متهماً  تم إحالتهم للجنايات. عدد 52 متهماً آخرين تم استبعادهم من القضية الرئيسية بعد تحقيقات النيابة معهم. عدد 38 شخصاً تعرضوا للاستيقاف والاحتجاز، ثم تم صرفهم قبل العرض علي النيابة، مما تم التوصل إليه. عدد 18 شخصاً آخرين هناك ادعاء إخفاء قسري بشأنهم – بعد استبعاد عدد من المنشورة أسماؤهم حيث تكررت مع المعروضين على جهات رسمية- ظهر منهم شخصان، ولم يتم التوصل أو متابعة وضع الآخرين

حكايات محمد محمود

ما قبل محمد محمود

أحداث محمد محمود -كما يطلق عليها إعلاميا- كغيرها من الأحداث الدموية التي مرت على مصر منذ 2011 وحتى من قبلها لا يمكننا تذكرها أو سرد رواياتها المختلفة دون وضعها في سياقها.  فأحداث محمد محمود لم تبدأ من فراغ ولم تكون هي الأولى أو الأخيرة. وإذا أردنا أن نجتهد فعلا في فهم ما حدث يجب أن نبدأ من البداية.

أعطى الدكتور عماد أبوغازي خلفية لأحداث محمد محمود فقال:

الأسابيع التي سبقت محمد محمود كان فيها حوار سياسي ساخن بين الأحزاب والقوى السياسية والائتلافات وبين الحكومة حول ما أطلق عليه وثيقة السلمي. هي الوثيقة التي أعدها الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء في الوقت ده، أعدها قبل ما يبقى نائب رئيس الوزراء للتحول الديموقراطي. كانت وثيقة بإعلان لمبادئ تحكم الجمعية التأسيسية اللي هتحط الدستور. وكانت الفكرة اللي وراها إن بعد ما المجلس العسكري قاد في اتجاه إن الانتخابات التشريعية تسبق صياغة الدستور؛ وده كان موقف مخالف لموقف الحكومة التي كانت ترى عكس كده. لكن حكومة الدكتور عصام شرف تولت بعد ما كان تم الدعوة على الاستفتاء للتعديلات الدستورية وكان رُفض تماما طلب الحكومة بوقف هذه الإجراءات وان إحنا نعمل مسار مختلف يبدأ بتشكيل جمعية تأسيسية تحط دستور وبعدين تتم الانتخابات البرلمانية والرئاسية على أساس الدستور. فكان فيه فكرة بدأت تراود بعض ما يمكن أن نسميه بالقوى المدنية إن يبقى فيه وثيقة تتفق عليها القوى السياسية تلزم الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور بمبادئ محددة كان أبرزها مدنية الدولة، احترام المواثيق الدولية اللي مصر موقعة عليها، احترام حقوق الإنسان، بالإضافة لمواد بتدي ضمانات للقوات المسلحة فيما يتعلق بموازنتها ووجود مجلس الدفاع الوطني ومجلس الأمن القومي وسلطتهم.

الوثيقة كانت فكرة وتراجعت لأسابيع وقت أزمة قانون الانتخابات – قوائم أم فردي وقد إيه قوائم وقد إيه فردي. المهم لما اقترب موعد الانتخابات طرحت الوثيقة مرة ثانية بناء على طلب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن يعاد طرح الورقة والنقاش حولها، وبالفعل أجريت نقاشات موسعة. وكان في اعتراض من كتير من القوى المدنية والديموقراطية على المواد الخاصة بالقوات المسلحة في الوثيقة، وفي المقابل القوى الإسلامية تقريبا قاطعت الحوار ورفضت المشاركة في النقاش وكانت رافضة مبدأ الوثيقة وإن يبقى في أي قيد على تشكيل الجمعية التأسيسية. الحاجة التانية اللي كانت الوثيقة بتحددها، طريقة تشكيل الجمعية التأسيسية؛ يعني يبقى فيها نسب قد إيه من نواب المجلسين الشعب والشورى، وقد إيه من خارجهم وتمثيل النقابات؛ بحيث إنها تضمن إن الجمعية التأسيسية تعبر عن قوى المجتمع كلها مش الأغلبية البرلمانية تنفرد بوضع الدستور وصياغته.

الأمور تصاعدت لاتجاه المطالبة من الإسلاميين بإقالة الدكتور علي السلمي، ووقتها كان محدد ليوم الجمعة 18 نوفمبر إنها تكون جمعة “المطلب الواحد”، كانت بدعوة مجموعة من القوى الثورية والائتلافات، وكان المطلب الواحد تسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني ووقف إجراءات الانتخابات وتعديل المسار السياسي. تحول المطلب ده بعد أزمة وثيقة السلمي إن المطلب الواحد هو إقالة الدكتور علي السلمي وسحب الوثيقة.

يوم الثلاثاء 15 نوفمبر، حصل في الـ48 ساعة السابقة عليه حوارات ممكن نسميها “مكوكية” بيني كعضو في المجموعة السياسية في مجلس الوزراء اللي بتدير الحوار مع القوى السياسية المختلفة وبين المهندس محمد الصاوي –وزير الثقافة السابق، واللي كان على صلة بمجموعة التحالف الديموقراطي اللي كانت نازلة الانتخابات، التي كان يقودها حزب الحرية والعدالة. وصلنا لصيغة توافقية تضمن مدنية الدولة والمسار الديموقراطي واحترام الاتفاقيات الدولية وفي نفس الوقت لا تضع قيود شديدة على عمل الجمعية التأسيسية. أنا كنت مسافر يوم ١٥ لحضور معرض الكتاب في الشارقة، وكان في اجتماع في مكتب الدكتور علي السلمي في مجلس الشعب، صباح يوم السفر، حضره ممثلين للتحالف الديموقراطي، بمجموعاته الحرية والعدالة والنور، كان في أربعة من التحالف الديموقراطي وحضرته أنا ووزير السياحة وقتها  منير فخري عبد النور والدكتور علي السلمي باعتبار إن إحنا كنا المجوعة السياسية التي تقود الحوار مع الأحزاب. ووصلنا لاتفاق وسافرت على أساس إن الاتفاق تم. عرفت تاني يوم، وكان فيه اجتماع مجلس الوزراء، وأنا كنت غائب لأني مسافر، فعرفت في المساء إن جه الدكتور محمد مرسي وعماد عبد الغفور، كرؤساء لحزب الحرية والعدالة والنور. قابلوا الدكتور عصام شرف وأبلغوه برفض هذه الوثيقة، وانهم حشدوا ليوم الجمعة وسيحتلون ميدان التحرير وضرورة إقالة الدكتور علي السلمي. فهو قدم طرح بسحب الوثيقة وتأجيل طرحها لبعد انتخابات مجلس الشعب؛ في الوقت ده كانت الأحزاب المدنية وممثلي التيار الديموقراطي، بعتوا رسالة بالفاكس لمجلس الوزراء، يعلنون فيها موافقتهم على الوثيقة بحالتها الأصلية، بعد تعديل بعض الصياغات في المادة 9 و10 بتاعة القوات المسلحة. الدكتور عصام شرف، حسب ما عرفت، طلب من الدكتور مرسي وعبد الغفور إلغاء دعوة يوم الجمعة، باعتبار إن تم تأجيل الوثيقة، فقالوا له، إحنا خلاص دعينا ومش هنقدر نتراجع في ده”[3]

عن اعتصام الأهالي ومليونية “المطلب الواحد”

في نفس الوقت الذي كان يدور فيه الحوار السياسي حول وثيقة الدكتور على السلمي والانتخابات البرلمانية وتسليم السلطة بين الحكومة والقوى السياسية، كان هناك اعتصام لأهالي الشهداء ومصابي الثورة في الحديقة المقابلة لمبنى مجمع التحرير بميدان التحرير. بدأ الاعتصام قبل أحداث محمد محمود بحوالي أسبوع. فكما حكى شاب معتصم مع مصابي الثورة لمركز النديم أن “المصابين كانوا معتصمين أسبوع قبل المليونية. أنا نزلت لهم يوم الأربعاء قبل المليونية.”[4] وقد حاول الأمن المركزي من قبل فض اعتصامهم إلا أنه فشل بعد أن قام أحدهم بلف أحبال الخيام حول رقابهم لمنع الأمن من الاقتراب من خيامهم وإلقاء القبض عليهم[5]. فكما حكى مواطن لمركز النديم “يوم الأربعاء بالليل بعتوا لنا تشكيل. رئيس مباحث قصر النيل و3،4 عربيات أمن مركزي، قلنا: ح نلف أربطة الخيم على رقبتنا ولو عايزين تشيلونا موتونا. لما لاقونا متمسكين بالخيمة مشيوا وبعتوا لنا نائب مدير أمن القاهرة لكن أصرينا. قالوا لنا: 3 منكم يروحوا لمجلس الوزراء بكرة يقابلوا مندوب ح يحل لكم المشاكل بتاعتكم. روحنا قالوا: اخلوا الميدان وإحنا ح نحقق لكم مطالبكم”.[6]

وجاءت مليونية “المطلب الواحد” يوم الجمعة 18 نوفمبر، التي دعا إليها بعض النشطاء السياسيين والحركات السياسية بالأساس من تيار الإسلام السياسي، ضد وثيقة السلمي ومطالبين بتسليم السلطة من المجلس العسكري لسلطة مدنية منتخبة. ومن بين من دعوا إلى هذه التظاهرة كان الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية في حينها، الذي أكد “أن مظاهرات اليوم الجمعة من أجل رحيل المجلس العسكري، وتسليم السلطة لمدنيين، وليس بسبب وثيقة على السلمي التي تتلاعب بها الحكومة”.[7] ومرت المليونية وفي حين كان كثير من المشاركين يتوقعون الاعتصام حتى تسليم السلطة كما شرح م.ش في لقاء أجري معه في أغسطس 2015[8]، انه شارك في المليونية وكان يتصور أنه سيكون هناك اعتصام حتى تسليم السلطة من المجلس العسكري لمجلس رئاسي مدني لكنه قد فوجئ بالشيخ حازم صلاح إسماعيل في مساء يوم الجمعة يصرف المتظاهرين معلنا “رفضه للاعتصام بميدان التحرير معللاً ذلك بأنها فرصة للحكومة وفلول النظام السابق للتلاعب في الانتخابات البرلمانية المقبلة”.[9] فقرر أن يبقى قليلا في الميدان ليرى من سيعتصم وقال أن “الناس اللي اعتصموا قالوا ساعتها إحنإ سنعتصم اعتصام رمزي ولا هنقفل الميدان ولا حاجة، علشان بس حق الشهداء والمصابين يتعالجوا” وأضاف “فضلنا في جنينة مجمع التحرير بنغني عادي. وأنا روحت على 2-3 الفجر”.[10]

واستمر أهالي الشهداء ومصابي الثورة في اعتصامهم كما شرح شاب معتصم معهم منذ يوم 15/11/2011: “كنا حوالي من 50 الى 60 معتصم قبل المليونية. وعدت مليونية 11/18 وفضلنا موجودين مع 200 آخرين”.[11] ووفقا لمقال نشر في بوابة الأهرام، انه بالإضافة لاعتصام المصابين وأهالي الشهداء انضمت مجموعات أخرى للاعتصام، “ففي الحديقة الوسطى للميدان، أقام “ائتلاف دعم المسلمين الجدد” غرفة كبيرة من الخشب، كما أعلن ائتلاف “الثائر الحق” الاعتصام لحين إعلان موعد محدد لتسليم السلطة للمدنيين في تاريخ غايته نهاية أبريل المقبل، في الحديقة المقابلة لمبنى مجمع التحرير، انتشرت عدة خيام لشباب الدعوة السلفية الذين قرروا الاستمرار في الاعتصام خروجا على قرار فض المظاهرة”.[12]

كما أضاف أبوغازي في مقابلته أن يوم الجمعة مر بسلام، “كان في حشد إسلامي قوي فيه. أنا كنت راجع من الشارقة فجر السبت، وأنا راجع عديت على التحرير وكان فيه مجوعة خيام أمام مجمع التحرير موجودة من فترة سابقة، كان فيها بعض مصابي الثورة وبعض أهالي الشهداء، عدد لا يتجاوز 60-70. ولقيت الخيام زادت شوية وعرفت إن حصل دعوة للاعتصام مع المجموعة الموجودة فزاد عدد الخيام. لكن كلها كانت في الحديقة لم يكن فيها أي حاجة معيقة للمرور”.[13]

أيام محمد محمود

يوم السبت 19 نوفمبر 2015

“في اليوم التالي، كان عندي افتتاح لمعرض ابتكارات أطفال المدارس مع الدكتور احمد جمال الدين موسى وزير التربية والتعليم، في حديقة الطفل التابعة لوزارة الثقافة في السيدة زينب، وأنا رايح عديت على ميدان التحرير كان الطريق عادي جدا مفيش أي مشكلة والطريق سالك والخيام زي ما هي. وإحنا خارجين من الاحتفال الحارس بلغني إن جاله اتصال ان ما نرجعش من ميدان التحرير لأن في اشتباكات في الميدان. اضطررنا نرجع من الجيزة لمكتبي في الزمالك. بدأت افتح التليفزيون وأتابع، فتبين إن قوات الأمن المركزي نزلت تفض بالقوة الاعتصام الموجود وحصل اشتباك مع المعتصمين وبدأ مجموعات من الشباب تتوافد على الميدان. أنا مش فاكر ترتيب الأحداث إمتى سقط أول شهيد، بس في حد استشهد في اليوم ده، وفي نفس الوقت عربية ترحيلات دخلت الميدان في وسط الاشتباكات وهي مفيهاش غير سواق تقريبا وتركها ونزل فالمتظاهرين أشعلوا النار فيها وفضل التليفزيون يذيع المشهد –التليفزيون الحكومي، لعدة ساعات. هنا دي قرايتي الشخصية، الرسالة واضحة إن اهو الشباب بيخرب وبيحرق. على آخر النهار كانت زادت الاشتباكات وزادت حدتها. بالليل تم إبلاغنا إن في اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء يوم الأحد صباحا”[14]

هكذا حكى أبوغازي عن اليوم الأول الذي بدأت بعده اشتباكات دامية استمرت أسبوعا وراح ضحيتها 43 شهيدا في القاهرة وآلاف المصابين الذين فقد عدد منهم بصره. في حوالي الساعة العاشرة من صباح يوم السبت 19 نوفمبر 2011، قامت “قوات الأمن بشقيها المدني والعسكري على نحو مفاجئ بفض اعتصام نحو200 شخص بميدان التحرير، وإزالة كافة الخيام التي أقيمت في الميدان”[15] كما “ألقي القبض على عدد من الشباب المحتجين منهم عماد الخواجة وكريم وعمرو السوسي الذين تواجدوا بالجزيرة الوسطي “الحديقة[16]“.

لم يكن الاعتصام يعيق الحركة المرورية وعلى الرغم من أن الاعتصام كان موجودا منذ اكثر من أسبوع من تاريخ فضه، قررت قوات الأمن فض الاعتصام كما حكى شهود العيان مستخدمين العنف المفرط فكما حكت إحدى المتواجدات أثناء الفض أن “الساعة 10 صباحا كنا في الصينية حوالي 15 نفر والعدد الآخر مشابه تقريبا، هجموا علينا في الصينية أكثر من 20 عربية أمن مركزي. في ثواني نزل من العربيات آلاف ويجروا هه هه بالعصيان الكهرباء والظباط أمامهم ودخلوا ضرب… يالا يا ابن كذا… أقذر الألفاظ، كنت واقفة أنا وبنت مصابة من 25 يناير وست عجوزة مش من أهالي الشهداء معاشها 100 جنيه وجاية متصورة إننا نقدر نساعدها. هجموا علينا ضربوني بالعصاية على ضهرى (ظهرها مصاب) وضلعي الشمال وضربوا البنت على رجليها وإيديها وفى الوش وكلمات قذرة للبنت حتى الست العجوزة الغلبانة إتضربت وضربوا المصابين وقبضوا على ستة وواحد معين ضربوه أكثر من 50 شخص لغاية ما مات وخرج نافوخه”.[17]

وروى آخر في شهادته عن الفض أنه في “صباح السبت 19/11 الساعة 10 ونصف لقينا اللي بيشد المشمع من علينا، ‘قوموا.’ قلنا ‘ح تتهد على جثثنا.’ قال: ‘طب إديهم على دماغهم.’ حوالي 3000 عسكري محوطين الصينية وطلعونا سحل وضرب هراوات وبالرجول والكفوف. أنا رحت على المجموعة الثانية. لقيتهم بيضربوا واحد، حاولت أحميه بجسمي، إنضربت جامد كتفي إتخلع وضربوه هو كمان. سحلونا ورمونا في نص الطريق. وقفوا العربيات”[18].

فيما كانت أعداد المصابين تتزايد بسبب استخدام الأمن للعنف المفرط أثناء فض الاعتصام الذي لم يتعدى المشاركون فيه العشرات أو المئات في أقصى تقدير. كانت الصورة التي يبعثها الإعلام المصري هي صورة سيارة شرطة تحترق، فكان الخطاب العام في الإعلام هو أن معتصمي التحرير يخربون ويحرقون وبالتالي فإن استخدام الشرطة للعنف ضدهم مبرر. فأشار تقرير لجنه تقصي الحقائق الصادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان أن “وزارة الداخلية فسرت هذا الإجراء بقيام المعتصمين بالاستيلاء على السدادات المرورية من شارع مجلس الشعب لإغلاق كافة مداخل الميدان لمنع سير الحركة المرورية والتواجد أمام مبنى مجمع التحرير لمنع سير العمل اليومي به وهو ما أدى إلى تعدد الشكاوى من المواطنين والمعنيين بالمناطق المحيطة والأجهزة الإدارية بالمجمع، وأنها أسدت النصح للمتظاهرين قبل فض الاعتصام بالقوة لكنها قوبلت بالاعتداء على القوات والاستيلاء على سيارة ترحيلات تابعة لمديرية أمن القاهرة تصادف مرورهما بشارع محمد محمود وإحراقها، وأن الشرطة تصدت للمتظاهرين وتمت السيطرة على الموقف وفتحت الحركة المرورية لميدان التحرير من كل الاتجاهات، وتم انصراف القوات ومغادرة الميدان .”[19] وفي نفس الوقت وفق شهود العيان كما أشار مقال في بوابة الفجر بعنوان “فض اعتصام التحرير بالقوة”، منعت قوات الأمن المارة المتواجدين على الرصيف من التصوير، واعتدت على عدد منهم بالضرب تحت إشراف اللواء “عادل بديري” مدير قطاع أمن القاهرة، ومساعده اللواء “جمال سعيد”.[20]

وبذلك يبدأ الصراع على الرواية دائما مع بداية الأحداث. فيستعمل كل طرف جميع أسلحته لرسم صورة مبدئية يكتبون منها تاريخا في المستقبل. فتحاول السلطة خلق رواية متماشية مع خطابها السياسي العام وإسكات أو التشكيك في أي صوت يحاول زلزلة هذه السردية في حين يحاول الطرف الآخر تدوين ما يمكن تدوينه أملا في أن يتح له الفرصة للحفاظ على روايته. في حالة أحداث محمد محمود بدأ الخطاب الذي تبناه الإعلام في محاولة تشويه الشباب المعتصم من خلال الصور التي يتم اختيار إذاعتها، والتعليقات والقرارات السياسية المختارة فيبدو للمشاهد أن المعتصمين هم مجموعة من المخربين وبالتالي لا بديل لدى قوات الأمن سوى استخدام القوة.

استمرت الاشتباكات طوال اليوم  بين قوات الأمن والمتظاهرين. ففي الوقت الذي تواصل قوات الشرطة إخلاء الميدان من المتظاهرين، قام عدد كبير منهم بالتجمع أمام المتحف المصري في محاولة للعودة إلى الميدان، بينما فر آخرون عبر الشوارع الجانبية المجاورة للميدان، وردد الثوار هتافات معادية للمجلس العسكري رافعين في أيديهم فوارغ القنابل المسيلة للدموع”.[21]

وقال أحد المعتصمين تضامنا مع مصابي الثورة منذ يوم الثلاثاء 15-11-2011: “أخدت مصاب إلى القصر العيني، والساعة 4 بدأ الغاز المسيل للدموع. يوم السبت 19 بعد الساعة 4 بدأ الضرب: قنابل أول مرة نشوفها وقنابل حارقة (حرق في الجلد والعين ويعيق التنفس) وذلك كان حتى فجر الأحد.”[22] وحكى آخر أنه كان “بتظاهر في ميدان التحرير الجمعة 18/11 تحت مطلب واحد هو تسليم السلطة، مشيت في حدود 12 مساءً روحت البيت في القليوبية وتاني يوم رجعت الساعة 2 ظهراً، الأمن المركزي كان بيضرب في المتظاهرين، في شارع محمد محمود وقفت معاهم أضرب بالطوب لأن الأمن كان عايز يهجم على الميدان وفعلاً ضربونا وطلعونا من الميدان على المغرب يوم السبت، نزلنا في الشوارع الجانبية عند طلعت حرب وقفنا، ضربونا بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والخرطوش وإحنا معانا فوارغ وأدلة (للقنابل والمطاطي) رجعنا الميدان ونجحنا في الإستيلاء عليه مساء السبت وفضل الضرب شغال في محمد محمود يسكتوا شوية وبعدين يضربونا مره واحدة”.[23]

ومع استمرار الاشتباكات أصيب الكثير من المتظاهرين من ضمنهم بعض النشطاء والصحفيين حتى وصلت الإصابات بين الصحفيين إلى أكثر من 10 إصابات واعتقل 2 منهم. فصرح الدكتور هشام شيحة وكيل وزارة الصحة لشئون الطب العلاجي “بأن إجمالي عدد المصابين في أحداث ميدان التحرير اليوم بلغ 81 مصابًا حتى الآن حالتهم جميعا مستقرة.”[24] كما “كشف الدكتور محمد جمال إخصائي الحالات الحرجة بقصر العيني، والمتواجد مع سيارات الإسعاف في ميدان التحرير، أن عدد الإصابات وصل حتى الآن إلى ما يقرب من 300 حالة منهم أكثر من 50 حالة إصابات بالعين”[25]. وأعلنت نقابة الصحفيين عن استياءها الشديد لما يتعرض له الصحفيين من انتهاكات أثناء تأدية عملهم وأدانت أعمال العنف التي تقوم بها الداخلية. وكانت معظم الإصابات في منطقة الوجه والرأس، كما فقد عدد من المصابين عيونهم في هذا اليوم.

وكان من بين المصابين ” الناشط والمدون الشهير مالك مصطفى الذي أصيب بطلق خرطوش في عينه اليمنى، وتم نقله إلى مستشفى لعلاجه وذكر نشطاء أن الصحفية والناشطة رشا عزب قد أصيبت بطلقة أخرى أسفل وجهها”.[26] وفي لقاء له مع قناة “أون تي في” المصرية في برنامج “آخر كلام” يسرد مالك مصطفي، الذي كان يصور عندما تم إطلاق النار عليه، وقائع إصابته فيقول: “كنت في طريقي مع بعض الزملاء لمساعدة بعض المتظاهرين الذين وصلتنا أخبار أنهم أصيبوا وتقطعت بهم السبل. كنا على اتصال مع البعض منهم وعلمنا أن بعضهم مصاب في الرجل ولا يستطيعون المشي. كنت في الصف الأمامي وأثناء محاولتنا التقدم أحسست بشيء يخترق عيني وسمعت صوت طلقة نارية. تداعيت قليلا لكنني وقفت على قدمي وحاولت مواصلة سيري لأجد طريقا إلى المستشفى لأنني أحسست أن إصابتي أثارت الخوف بين من حولي ولم أشأ أن ينشغلوا بي عن الآخرين لذا تحاملت على نفسي وواصلت السير لأجد وسيلة نقل أوصلتني إلى المستشفى”.[27]

كما حكى م.ر. في مقابلة أجريت معه في مؤسسة حرية الفكر والتعبير في سبتمبر 2015 عن اصابته هذا اليوم:

“صحيت الساعة اتنين وأنا متعود لما أصحى أبص على تويتر علشان أشوف الأخبار […] قريت إنهم بيفضوا الاعتصام […] كان معايا كاميرا واحد صاحبي فنزلت بيها عادي قلت اصور بالذات إني سمعت إن الأعداد قليلة. نزلت لقيت الأعداد قليلة جدا ومجموعة كده بس متجمعة في الميدان والضرب كله في شارع محمد محمود. دخلت شارع محمد محمود وابتديت أصور كده شوية لقيت ان الجو بتاعي مش الصور -أنا من إمبابة- فرحت مسكت طوب مع الناس وقعدت اضرب، تعبت شوية من الغاز فخرجت برة الميدان. كانوا جايين من شارع الشيخ ريحان من عند كنيسة قصر الدوبارة. كان في عربية امن مركزي معدية حدفنا عليها طوب وكسرنا الازاز بتاعها. أنا كنت في الوقت ده واقف في نص الطريق وببص للصور في الكاميرا اللي أنا صورتها وبرتاح كده شوية فالعربية كانت جاية وبتشيل كل الموجود قدمها ما كانتش شايفة أي حد. أنا نفسي كنت هتشال لولا أصوات الناس قالت لي حاسب مش عارف ربنا نجاني إزاي بعدها قلبي انقبض كده شوية. طبيعي يعني. بعد كده هما بدأوا يقربوا من شارع محمد محمود بس ما دخلوش الميدان. رجعنا شوية وناس كتير أوي أغمى عليها من الغاز. وتشنجات وكده. صورت اللي قدرت عليه برده وبعدين دخلنا اتقدمنا في الشارع كده شوية لحد ما رجعناهم بعد مدرسة الفلكي، في تقاطع مش فاكر اسمه ايه. قعدنا برده كده كر وفر الطبيعي بتاع كل معركة في الثورة. الساعة 5. فاكر الساعة علشان متسجلة عندي في الصور. كان في مجموعة كده اتجمعت وبيصلوا المغرب على اول شارع محمد محمود بالضبط عند هارديز. الشرطة هجمت سعتها هجوم غبي جدا. القوات الكانت موجودة نفسها بقى – كلنا عارفين طبعا عساكر الأمن المركزي اكبر واحد فيهم بيبقى في جسمي كده رفيع، الكان موجود حتى موجود معايا في الصور على الكاميرا كانوا أجسام كده كبيرة معظمهم مش كلهم.  هما دول اللي كانوا بيضربوا وكان في شوية مدنيين بس كان عدد بسيط يعني مثلا 5، 6 الله اعلم بقى مخبرين، من الأهالي، ناس بتتفرج. الضرب كله كان من الشرطة. غاز، خرطوش. في الوقت ده كان الضرب زاد. زاد بطريقة غبية اوي بالذات الغاز. المهم قعدنا ننقل المصابين، والمكن طبعا بيشتغل (دراجات نارية) وعربيات الإسعاف […] الساعة خمسة وخمسة بالضبط كانت آخر صورة أنا صورتها بعيني الإتنين. كانت الناس لسة بتصلي وحصل هجوم بالخرطوش مش الغاز بس. الناس قطعوا الصلاة كمان. هي آخر صورة ديه بعد كده حسيت بحاجة في عيني. أول لما اتصبت ووقعت كنت فاكرها طوبة أو ما كنتش عاوز أصدق إن ده خرطوش. ما كنتش قادر استوعب ده. وقعت على الأرض وناس كتير بره وقعت مش أنا بس، فالعساكر بدأت تتقدم والمدرعات والكان ربنا بيقدرهم عليه بيشدوه ويسحلوه […] واحد شالني ونزلني عند عربية إسعاف بس ما رضيتش أركب ومشيت لوحدي في الميدان وكل ده كنت فاكر إن ديه طوبة طلعت واخد طلقتين خرطوش مش طلقة وحدة”.[28]

كما حكى أيضا المصور الصحفي بجريدة المصري اليوم، أحمد عبد الفتاح، عن أصابته في لقاء مصور أجري معه يوم الإصابة ونشرته المصري اليوم على موقعها على الإنترنت، وقال في الفيديو:

“الاشتباكات كانت اغلبها مركزة في شارع محمد محمود. يعني بيبقى في كر وفر كده من أول محمد محمود لحد قبل الداخلية كده بناصية عند مكتبة الجامعة الأمريكية. كان في إصابات طول الوقت بتقع. ساعتها خدت في يدي هنا طوبة عملت لي كدمة، وخدت في رجلي خرطوشة بس اتشالت في ساعتها ما سابتش برده غير كدمة. وأنا وسط المتظاهرين وبصور، بدأ الأمن المركزي يزود جامد في ضرب الخرطوش. كنت بصور. بالضبط كنت عند يمين هارديز في أول شارع محمد محمود ما بين هارديز والجامعة الأمريكية. فوجئت مرة واحدة حسيت بأن في حاجة داخلة من تحت النظارة عند عيني اليمين كده عند الجفن بالضبط. وبعد كده حسيت بألم شديد جدا في عيني. وما قدرتش أشوف خالص بعيني اليمين. نقلنا القصر العيني القديم لغاية ما طلبوا مني أطلع الدور التاني في قسم اسمه 16 رمد. طلعت فوق الدكتور عمل كشف مبدأي كده عليها فقالي إنت عندك انفجار في العين اليمين. وده لازم نعمل له أشعة مقطعية وبعد كده تخش أوضة العمليات بس ده هياخد مده طويلة لأن في ناس كتير عندها إصابات كده. أخدوني نقلوني هنا على مستشفى فيني اللي هى مستشفى العيون الدولي في ميدان فيني عشان اعمل عملية أو اشوف هعمل إيه. الدكتور تحت تقريبا قال نفس التشخيص اللي قاله الدكتور الأول. والمفروض إني دلوقتي قاعد مستني علشان أدخل أوضة العمليات. في الأحداث اللي زي ديه بنبقى متوقعين إن يحصل حاجات زي كده كتير، لكن ما كنتش متوقع إن هتبقى في عيني. يعني طول الثورة، من يوم 25 يناير، بأخذ رصاص مطاطي كتير في رجلي. وأخذت طوب كتير في رأسي وفي جسمي، ومتخيط قبل كده غرز وكلام من ده. لكن إصابة في الوش ديه كانت أول مرة. يمكن الإصابة مش عادية لأن أنا كنت بقوم بوظيفتي اللي يمكن ما اعرفش أقوم بها تاني بعد كده. أنا لو أطول دلوقتي أنزل تاني التحرير هنزل. نفسي الدكتور يخلص بسرعة وأنزل لهم تاني. مفيش مشاكل يعني. عندي عيني الشمال لسة هقدر أشتغل بها. ربنا ييسر بس. إحنا مش هنبطل ده شغلنا وده اللي بنعرف نعمله وهنفضل نعمله طول عمرنا.”[29]

استمرت أعداد المصابين في التزايد، حيث استمرت الاشتباكات قرابة ال 18 ساعة حتى حصلت هدنة في السابعة من صباح اليوم التالي بعد أن انتهت ذخيرة الأمن المركزي. بدأت أعداد المتظاهرين في التضاؤل حيث أنهم قد انهكوا من المعارك التي استمرت طوال الليل. فكما حكى م.ش. في لقاء معه في سبتمبر 2015: “أنا ما كنتش دخلت في اشتباكات قبل كده. دي كانت أول مرة. فضلوا يضربوا فينا لحد ما وصلنا قصر النيل. بنحدف طوب وهم غاز وخرطوش وكده. حتى قنبلة غاز نزلت جنب رأسي بالضبط فاكر اللحظة. وفضلنا لحد لما رجعناهم تاني محمد محمود. وفضل الضرب طول الليل. فضلوا هما يضربوا وإحنا بنرد عليهم والناس تتصاب بينا. حصل هدنة على الفجر وبت في عمر مكرم بعدين روحت.”[30] وأعلن مساعد أول وزير الصحة دكتور هشام شيحة مساء السبت 19 نوفمبر: “ارتفاع عدد المصابين في أحداث التحرير إلي 676 مصابا . وأوضح أنه تم إسعاف حوالي ٤٢٢ مصابا في الميدان حيث يوجد حوالي ٥٠ سيارة إسعاف, فيما نقل ٦٥ مصابا إلى المستشفيات نصفهم من عساكر الأمن المركزي.”[31] كما قال مسؤول بوزارة الداخلية لجريدة النهار المصرية أن اشتباكات يوم السبت أسفرت “عن إصابة 21 ضابطا بكسور وجروح بالوجه والرأس، بالإضافة إلى إصابة 59 مجندا من قوات الأمن المركزي، و5 أفراد شرطة بإصابات تتراوح بين حروق وكسور وجروح قطعية كما أكد المصدر أن “تعامل قوات الشرطة مع المتجمهرين يوم السبت كان وفقا للصلاحيات التي يتيحها القانون ودون تجاوزها أو الخروج عنها، وبما يكفل الحفاظ على حالة الأمن العام وحماية الممتلكات العامة والخاصة. لافتا إلى أن أجهزة الأمن تمكنت حتى الآن من إلقاء القبض على 55 من مثيري الشغب واتخذت حيالهم الإجراءات القانونية.”[32]

ومن جانب المتظاهرين أدلى عدد ممن تم إلقاء القبض عليهم بشهاداتهم لمركز النديم فقالت شابة “كانت ايديهم تقريبا في كل حته في جسمي.” وكان قد ألقي القبض عليها يوم السبت 19 نوفمبر، 5.30 مساءً: أنا اتمسكت في شارع موازي لمحمد محمود. الشارع آخره من ناحية قيادات داخلية ومعاهم ناس لابسه مدني ومن الناحية التانية أمن مركزي. لما مسكوني أنا كنت كويسة. لما ودوني على القيادات كنت خلاص مش قادرة آخذ نفسي والغاز ريحته مالية مناخيري.”[33] وحكى شاب اخر “خطفوني من وسط الناس، ساعتها كان فيه ناس كتير كله كان بيضرب، جرجروني من هدومي من فوق. بقيت أقول ‘أنا لو إسرائيلي مش هتعملوا كده.’ دخلوني مكتب كله من الخشب قعدوا يضربوا فيا جوه. كنا حوالي 63 نفر وكل شوية يورد علينا ناس تاني والضرب بالأيدين. وإحنا داخلين العربية شتمونا شتايم أبيحة وضربونا بالشوم، كنا في العربية حوالي 18 وكذا عربية طلعت، مش عربية واحدة. وصلنا قسم عابدين حوالي 10 بالليل قعدونا حتى 2:30 صباح الاثنين. وقعدوا يقولوا لنا ‘أنتوا غلطانين. إيه اللي يوديكوا التحرير؟’ كان معانا حوالي 3 أفراد من 15 ل 16 سنة وبنت سمرا ورفيعة. أخدونا على النيابة. دخلونا الحجز وكل شوية يطلعوا 5 أو 10 أنفار، لما دخلت عند وكيل النيابة قال لي أقلع هدومك وكتب كسر في الركبة، وصورني. جابوا عربية 6:30 مساء ودتني الدرب الأحمر (كتيبة شرطة) كلنا فيشوا ايدينا واللي مش عليه حاجة مضوه على ورقة إننا نروح الطب الشرعي. تاني يوم خفت أروح الطب الشرعي ولسه ما رحتش.” (صور الأشعة: كسر بالركبة اليسرى).[34]

كما أسفرت اشتباكات هذا اليوم عن سقوط عدد من الشهداء، من بينهم الشهيد “أحمد محمود أحمد” (أول شهيد في مستشفى المنيرة)، الذي أعلن عن وفاته الدكتور هشام شيحة مساعد أول وزير الصحة في مداخلة هاتفية مع برنامج “ممكن” على قناة “سي بي سي” الذي يقدمه الإعلامي خيري رمضان قائلا إن اسم المتوفي “أحمد محمود أحمد – 23 سنة –وأن المعاينة الأولية لجثة المتظاهر أشارت إلى أن الوفاة نتجت عن طلق ناري في الصدر. وأنه تم انتداب لجنة من الطب الشرعي لمعاينة جثة المتوفي.”[35]

في هذه الأثناء كان التلفزيون المصري يصور ما يحدث في ميدان التحرير على أنه أعمال تخريبيه يقوم بها أشخاص مأجورين يرغبون في تعطيل المسار الديموقراطي وعرقلة الانتخابات. بدون الإشارة للجرائم التي كانت قوات الأمن ترتكبها من قتل وإصابة واعتقال في ذلك الوقت. ففي مداخلة تليفونية الساعة السابعة مساءً يوم السبت 19 نوفمبر على قناة المصرية –التليفزيون الحكومي- قال الدكتور حفظي زايد رئيس حزب السلام الاجتماعي “في شيء غريب بيحصل علشان الانتخابات ما تحصلش، وعلشان الحياة تقف وتشل. وأنا أطالب المجلس العسكري بأقصى سرعة بتفريق المجموعة اللي بتعمل بلطجة في ميدان التحرير لأن دية مجموعة لا يمكن تكون تنتمي لمصر. مستحيل علشان تنزل تخرب النهار ده.” وذلك مجرد مثال للخطاب العام الذي تبناه الإعلام أثناء أحداث محمد محمود وغيرها من الأحداث لتشويه الثورة ومن يمثلها.

“إيه اللي وداهم هناك؟”: الخطاب حول محمد محمود

“جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده ظهر اليوم “الاثنين” اللواء سعيد عباس أمام مبنى وزارة الداخلية بشارع الشيخ ريحان وسط القاهرة. وقال عباس إن الشرطة لا تذهب إلى الميدان، لكن الثوار هم الذين يذهبون إلى مكان تواجد قوات الشرطة في شارع محمد محمود في محاولة منهم للتقدم تجاه مبني وزارة الداخلية.”[36]

الخطاب العام الذي استخدمته الدولة من خلال قنواتها المختلفة من إعلام وحملات إلكترونية وبيانات ومؤتمرات صحفية كان يصور ما يحدث في التحرير على أنه محاولة لاقتحام مقر وزارة الداخلية وبالتالي يبرر الانتهاكات التي يرتكبها الأمن. واستمر هذا الخطاب الذي حول الشباب المعتصمين إلى مدمنين للترامادول يهاجمون مقر وزارة الداخلية. وأصبحت هذه هي سردية السلطة والرواية الرسمية لما حدث حتى إن لم تكن الاشتباكات في محيط الداخلية ولكن السؤال الذي كان يطرحه من يرى المشهد من الخارج هو “إيه اللي وداهم هناك؟”  حكى ع.ع في مقابلة أجريت معه في سبتمبر 2015 حول هذا السؤال قائلا: “لو كنا عاوزين ندخل على وزارة الداخلية كنا هجمنا من شارع تاني. بالعكس الداخلية هي التي هجمت وفضت الاعتصام المصابين والأهالي. فالداخلية هي التي تعتدي على مظاهرة سلمية، فده اللي خلاها مش سلمية. مش إن الناس صحيت قالت يا جماعة نهجم فهجموا. لا هو حصل أحداث والأحداث دي حصل إن في ناس إتأذت، والناس اللي إتأذت  دي في ناس نزلت تدافع عنها، فلما نزل ناس تدافع عنها الداخلية توحشت وابتدى يبقى في ناس أكتر بتتضرب وتتخبط فبدأ يطلع النظام الإيكولوجي بتاع الميدان. بمعنى الصف أو الصفوف الواقفة في الأول، والمستشفيات، والناس اللي في النص اللي بتتكلم. ابتدأ يطلع حالة الميدان تاني.” وأضاف “أنا فاكر برضه وإحنا قدام النقاش كان ‘طب وهنفضل نزق الداخلية لغاية إمتي؟’ لأن ساعات كانت الداخلية بتكون على آخر محمد محمود من ناحية الميدان، والداخلية ساعات بتكون رجعت لغاية الفلكي. وبيحصل مد وجزر. في ناس هدفها بتقول ‘يا جماعة إحنا هنسيطر على وزارة الداخلية،’ الرأي ده كان موجود. والرأي التاني اللي هو ‘لأ يا جماعة إحنا بندافع عن الميدان.’ انا كنت من معسكر ‘أنا بدافع عن الميدان، أنا مش رايح اقتحم وزارة الداخلية.’ مش هقدر أقول النسب دلوقتي. وفاكر كانت بوادر إن الناس تفكر وتحاول تعمل تكتيكات.”[37]

تواجد الشباب في التحرير لأسباب مختلفة. من الممكن أن يكون البعض قد راودته فكرة اقتحام مبنى الوزارة، ولكن هذا لم يكن هو سبب الأحداث. سبب الأحداث وبدايتها كان فض اعتصام المصابين وأهالي الشهداء من قبل قوات الأمن مستخدمين القوة المفرطة، ومن هنا بدأت سلسلة اشتباكات استمرت لمدة أسبوع. لا يمكن الجزم فيما يتعلق بنوايا كل شخص في الميدان، وليس هذا هو الهدف من هذا التقرير، ولكن الهدف هو تسليط الضوء على بعض القصص الشخصية التي بدورها تشكل جزء من تاريخ هذه المرحلة.

“إحنا بنحاول نكسب أرض وبنحاول نبعد الداخلية عن الميدان على قد ما نقدر. بنحاول إن يكون في مساحة الميدان تاني. وإن الميدان يكون مكان آمن، لأن دايما كان في إحساس إن المكسب بالنسبة لي إن الميدان يبقى مكان آمن إن الناس تيجي ونقدر نعيش فيه ونقدر نبني من خلاله الكوكب بتاعنا. إن الناس تعرف تتكلم، وإن الناس تعرف تفكر، وإن الناس تعرف تحلم. الحتة بتاعة اللي هو الجمال في الشيء الجماعي ده. فأنا كان الهدف هو إن الميدان يبقى محمي، وإن فيه وقت الضرب سيقف ومهم لما يقف يكونوا هما أبعد حاجة  من الميدان […] أنا كان هدفي الشخصي ان الميدان يبقى آمن للكلام […] لما الضرب طول إبتدى يبقى في أسئلة في دماغي هي ‘هل ده الشكل الصح للمعركة اللي إحنا فيها وألا لأ؟’ كنت حاسس إن إحنا محتاجين نتكلم أكتر من إن إحنا نكسب أرض. اللي إحنا عملناه هو إن إحنا بنقف في دائرة وجبنا قزازة مية فاضية وبنحطها في نص الدورية واللي عاوز يقول حاجة يأخذ قزازة المية وعنده دقيقتين يتكلم، يا إما يقول رأيه، يا إما يسأل سؤال عاوز المجموعة تجاوب عليه، وبعدين يرجع يحط القزازة في وسط الدايرة وحد تاني اللي عايز يتكلم بعديه يأخذ القزازة. وديه وسيلة أصلا بنستخدمها كميسرين وقلنا نجربها في الميدان ونفعت. […] ساعتها كانت الانتخابات جاية فكان فيه سؤال’ يا جماعة المفروض ننزل ننتخب وألا لأ؟ ونقاطع الانتخابات ديه وألا لأ؟’ فكان فيه أسئلة كتيرة عاوزين نجاوب عليها كمجموعة ناس مع بعض، بنفكر بصوت عالي مع بعض في الميدان.”[38]

يوم الأحد 20 نوفمبر 2015

لم تدم هذه الهدنة التي انتهت بها اشتباكات يوم السبت التي استمرت لصباح الأحد. فقد قامت قوات الشرطة بخرق هذه الهدنة وقامت بالاشتباك مع المتظاهرين من اتجاه شارع محمد محمود. وأسفر ذلك عن إصابات متعددة بالاختناق في صفوف المتظاهرين لكثرة إطلاق الغاز. وقد استمرت هذه الاشتباكات في الشوارع المؤدية الى التحرير وبالأخص في شارعي محمد محمود والقصر العيني، الذين شهدا حرب شوارع ومعارك شرسة بين المتظاهرين وقوات الشرطة. فكما أشار موقع جريدة اليوم السابع: “كثفت قوات الأمن المركزي من تواجدها بشارعي القصر العيني ومحمد محمود، حيث قامت بضرب متظاهري التحرير بالقنابل المسيلة للدموع بكثافة، الأمر الذي أدى إلى انحصار المتظاهرين داخل ميدان التحرير. من جانبهم قابل المتظاهرون قوات الأمن بإلقاء زجاجات المولوتوف عليهم، يأتي هذا فيما ألقت قوات الأمن ما يقرب من 50 قنبلة مسيلة للدموع في بضعة دقائق قليلة على المتظاهرين بطريقة عشوائية.”[39]

استمرت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة ومعها استمر ازدياد عدد المصابين. فحكى مواطن في شهادته لمركز النديم في مقابلة أجريت معه في 4 ديسمبر 2011: “رحنا التحرير الأحد قبل اللي فات (20 نوفمبر)، فطبيعي بنلف في الميدان لغاية ما جينا عند محمد محمود. لقينا ناس بتجري علينا إلحقوا فيه ناس بتقع وما حدش لاحق يجيبهم. كان معايا 3 أصحابي وسامعين ناس بتصرخ وراهم فجرينا. فيه ناس لحقت الناس اللي واقعة قدام. رحنا نشيلهم. سمعت حد ضرب طلقة. اللي جنبي ده نص وشه طار وقع وما حطش منطق، مات في ساعتها جنبي اتضرب في وشه ونزل زي أعصابه ارتخت ونزل في الأرض. أنا ببص على مصدر ضرب النار مخضوض ومش فاهم، فكان اللي ضرب إتحرك من ورا المصدة الحديد، وجه واحد نقيب (3 نجوم). لقيت عمود، وقفت وراه، فجت الطلقة دي هي دخلت من فخدي هنا وخرجت من الجيب اللي ورا. الدكاترة قالوا لمست العصب فشلت قدمي اليمين ونص رجلي مش حاسس بيه. أنا ساعتها حسيت بصدمة كهربائية جامدة في رجلي، وقعت على الأرض ناس شالوني وودوني المستشفى طبعاً كانت الطلقة دخلت وخرجت فما فيش حاجة يشيلوها. شالوا الرايش (ده المستشفى الميداني)، وقالوا طالما رجلك مش حاسس بها لازم تطلع على المستشفى، رحت السلام الدولي.” وفي عصر يوم الأحد “شبت النيران […] في إحدى العمارات السكنية في شارع محمد محمود نتيجة للقنابل الحارقة التي أطلقتها الشرطة على المتظاهرين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى مقر وزارة الداخلية. ولم تتمكن سيارات الدفاع المدني من الوصول إلى مكان الحريق بسبب كثافة إطلاق القنابل والمتاريس الأمنية.”[40]

عدد المتظاهرين استمر في الازدياد واستمرت الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين في شارع محمد محمود. حتى الساعة 4:40 مساء الأحد حين بدأت قوات مشتركة من الجيش والشرطة في اقتحام الميدان ومحاولة إخلائه. وكانت هذه هي أول مرة تظهر فيها قوات الجيش وليس فقط الشرطة العسكرية في هذه الأحداث. وتدخلت قوات من الصاعقة والشرطة العسكرية من اتجاه القصر العيني.   في خلال 10 دقائق تم فض الميدان بشكل عنيف وقامت قوات الأمن المركزي بحرق الخيام والدراجات النارية الموجودة.[41] أسفر هذا الفض عما يزيد عن 214 إصابة مما رفع أعداد المصابين النهائية إلى 1700، ومقتل 10 متظاهرين وإلقاء القبض على آخرين، وتم إسعاف ٨٢ حالة بموقع الأحداث.

وأوضح بيان أخير لوزارة الصحة عن الأحداث الجارية أنه “تم نقل ١١٠ حالات إلى مستشفيات المنيرة وقصر العيني والفرنساوي وأحمد ماهر.”[42] كما قامت قوات الأمن أثناء الهجوم بإطلاق الغاز المسيل للدموع  على المستشفى الميداني مما دفع لإخلائها، وأقيم مستشفى ميداني بكنيسة  قصر الدوبارة التي “ألغت اجتماعها الأسبوعي مساء اليوم، وفتحت أبوابها لحماية المعتصمين، وتقديم وحدة علاج لاستقبال المصابين.”[43]

من ضمن الشهداء الذين سقطوا في عملية الفض شهاب الدين أحمد الدكروري، العضو بحزب “التيار المصري” بالفيوم، وكتب عبد الرحمن فارس، عضو ائتلاف شباب الثورة، والمتحدث الإعلامي باسم حزب التيار المصري، على صفحته على موقع الفيسبوك : “يا رب! ليه بقى مكتوب علينا نقف قدام المشرحة كل يوم ونشيع شباب من سننا؟ صديقي شهاب الدين أحمد قابلني إمبارح في التحرير حوالي الساعة 2.30 بالليل، وكان قاعد لوحده سلمت عليه ومشيت، لأني كنت مهموم لأن صديق آخر استشهد في الإسكندرية. شهاب جالي خبر استشهاده من شوية. آخر مرة قابلته في الفيوم كانت من قبل العيد. كان بيكلمني في إزاي لازم نتحرك ونعمل شغل كويس حتى لو مفيش إمكانيات في ايدينا، عشان لازم مرشح الشباب ينجح. وقال لي ‘انت أملنا في إننا نشوف حد بيعبر عننا جوه البرلمان.’ شهاب مات يا مجلس يا عسكري! شهاب إتقتل يا مصريين بدون أدنى كرامة، ورموه جنب الزبالة ملعون أبوك يا سكوت.”[44]

حمل هذا اليوم شهادات مختلفة من بين مصابين وممن تم القبض عليهم ومن شاهدوا آخرين يسقطون بجوارهم. كان الفض عنيفا بشكل غير مبرر، مليء بالغل. فكان أكثر من مجرد إخلاء للميدان. فحكاية م.ر. في شهادته عن هذا اليوم وعن كيف تمت مطاردته حتى شارع الجلاء حيث أصاب بطلق ناري في قدمه تلخص فكرة الانتقام التي كانت واضحه في هذا اليوم. فم.ر. لم يكن في ميدان التحرير عندما أصيب، ولم يكن في موقع هجوم، ولكنه كان يركض من رصاص الداخلية بعيدا عن الميدان. قال م.ر. وهو يحكي عن هذا اليوم “تاني يوم رجعت […] صدري كان تعبني من الغاز؛ لان كان ضرب غاز كتير، وكان معي واحدة زميلتي، فما كنتش اقدر اخش جوه، فكنت بعالج الناس من برة. بعد كده جه الجيش هجم على الميدان. وطبعا الناس كانت بتقع. أنا جريت على ناحية كوبري قصر النيل، وفضلوا يجروا ورانا،  وكان في أيديهم عصاية خشب كده، وحطين فيها مسامير، على أساس لما تيجي في دماغ حد تخلص عليه. المجموعة اللي كانت بتجري ورائي كان فيها جيش ووصلنا تقريبا لغاية كوبري الجلاء. وطبعا اللي كان بينزل في مترو الأوبرا كانوا بينزلوا وراه ويتضرب ويتجاب. وبعد كده الطلقة جات في رجلي. كنت أنا أصلا ما أعرفش إيه تأثير الرصاصة فأنا إفتكرتها طوبة، وفضلت ماشي بالعافية ولكن شوية ولقيت الألم بيزيد قلت إتضربت بالخرطوش، وبعدين لقيت رجلي مش شايلاني.”[45]

شهادة م.ر. ليست الوحيدة عن إصابته هذا اليوم، فقال مواطن لمركز النديم “في 20 نوفمبر رحت على الميدان على الظهر، وكان معي أدوية وكمامات وميكوجيل. من الساعة 12 إلى 4 رحت مع أصحابي نريح عند المجمع. على 4.30 لقينا الناس كلها بتجري. فجأة جيت على جنب لقيت مدرعات داخلة، والناس بتكمل جري، طلعت على الرصيف واتزنقت هناك، ولقيت عساكر الجيش نازلين ضرب فينا، من الزنقة بقينا كلنا على الأرض، وهما بالعصيان الكهربا، بس سامع صوتها, كنت حاطط إيدى على رأسي عشان أحمي نفسي، ومعي محلول جلوكوز. الناس إبتدت تجرى في اتجاه ميدان التحرير، وعلى الناصية هناك عسكري ضربني على وشى بالعصاية وفضلت على الأرض شوية. أنا أكيد فقدت الوعى، وواحد ابن حلال أخذني وركبنى المترو. أول ما خرجنا لقينا عربية إسعاف ركبني العربية، وإتنقلت مستشفى الهلال. كان وشى كله دم، والقورة اتفتحت، وأنفى إنكسر، وكسر في أصابع اليمنى واليسرى، وكسر في الأسنان، وكدمات في جميع أنحاء الجسم الناتجة عن الضرب والوقعات.” (التقارير الطبية موجودة)[46]

وحكى آخر قائلا :” كنت متواجد من 9 الصبح. أنشطة تدوينية. قعدت لغاية بالليل. بصور لحد الساعة 5 ونص المغرب (كنت في شارع متفرع من محمد محمود) لقيت تشكيل من الجيش جاي من ناحية الشمال ماسكين العصيان في إيديهم (جيش مش شرطة عسكرية) الناس جريت. استنيت شوية عشان التدافع، لقيت تشكيل تاني جاي من اليمين، فبقيت في كماشة. عملوا علينا نص دايرة في الحيطة ضرب. ضرب بالعصيان وشتيمة: ‘انتوا بتموتوا زمايلنا.’ الضرب كان على دماغي. أخدت ضرب على دماغي وقعت. كملوا ضرب على كل جسمي. حاولت أقوم، ضربوني تاني. جه واحد تاني افتكرني لسة ما اتضربتش، فكمل ضرب. وقعدوا يدفعونا لحد ما دخلونا مكتب سياحة (المكتب اللي جنبه اسمه رمسيس) (نفس المكان اللي متصور فيه الفيديو بتاع جثة الزبالة). دخلونا جوا. كنا حوالي 40 واحد، وكان معانا بنات. الميدان كان كله فضي قدامنا، واحنا اتبقينا، اتفزعنا (قطعوا الكهرباء عن الميدان فيما عدا بعض عمدان، العمارات في محيط الميدان كانت ضلمة). جه عساكر مجموعة جديدة (جيش). افتكروا إن احنا ما اتضربناش. وحصل خلاف بين المجموعتين حجزونا حوالي نص ساعة. فيه بنت جالها انهيار عصبي (قعدت تصرخ)، قالوا: ‘خلاص هنطلعكم عشان الحريم.’ بدأوا يطلعونا على دفعات. كانوا سيطروا على الميدان كله والشوارع المؤدية إليه. لما جم يطلعونا من مكتب السياحة كانوا كل مجموعة من الضباط تنادي على المجموعة اللي بعدها عشان يعدونا. ضابط شرطة شدني وقال: انت من الثوار. الجيش شاور له عدوهم سابون.. كان علينا نمشي في شوارع جانبية عشان نطلع من المنطقة. ساعتها انتبهت للإصابات. وواحد زميلنا طبيب قال ‘انت لازم تروح مستشفى.’ أخدت تاكسي ورحت ‘القبطي’. الإصابات: غرز في الدماغ. كسر في المشطية الخامسة الإيد اليمين.”[47]

كما حكى آخر عن ضربه من قبل قوات الأمن في نفس المكان قائلا “يوم الأحد 20/11/2011 كنت متواجد في ميدان التحرير من الساعة 1 الظهر، لأن المقر بتاعي في 31 ش محمد محمود. مقر حزب “أنت مصري”، حزب سياسي تحت التأسيس، ومشرف على تأسيسه الإعلامي وائل الإبراشي، وأنا وكيل المؤسسين.  أحد أصدقائي اتصل الساعة 4 العصر، نزلت قابلته  في الميدان، ومشيت معاه ووقفنا شوية عند مكتب “سفير” للسفريات على ناصية الشارع اللي بيوصل للفلكي، وبعدها تحركنا لأول شارع محمد محمود أسفل محل هارديز، فوجئت إن وفود من المتظاهرين بيجروا، بصراحة أنا ما جريتش عشان كان معي بنات، وبسبب تدافع الناس السور الحديد الأخضر وقع على رجلينا. كان وراهم قوات الجيش بعصيان وخرزانات ضخمة (اللي هي طول الذراع). ولقيته بيضرب بهمجية وبربرية، وكان بيشتم وبيقول ‘أنتوا عاوزين تموتونا يا ولاد الكلب.’ حاولت أكلمه وأقول له إننا أخوات والمفروض نتحاور، فضل يضرب على دراعي وراسي جامد، أنا فقدت الوعي للحظات ووقعت وبعدين قمت وجريت. هجموا علينا تاني حوالي 9 عساكر جيش ومعاهم 3 عساكر أمن مركزي، وعملوا علينا كردون حبسونا فيه داخل محل سفير، وفضلوا يتناوبوا علينا ضرب؛ حوالي خمسة بيضربوني في وقت واحد. حاولت استخبى وراء المكاتب لأن الضرب مش منقطع. نجحت أخيرا إني استخبى. وفضلت اسمع الشتيمة والضرب شوية. بعد شوية لقيتهم بيقولوا ‘المصاب يطلع بره.’ طلعت برا المحل. أخدني عسكري  امن مركزي وداني العيادة الميدانية وسلمني للدكتور. رحت العيادة فوجئت بواحدة زميلتي مضروبة وبتتعالج. عالجوني وغطوني بشاش وصورت معايا مراسلة برنامج العاشرة مساءا.”[48]

هذه بعض الشهادات لمصابين هذا اليوم، التي ترسم بشكل ما صورة للفض. هناك مئات الشهدات الأخرى التي لم نتمكن من جمعها، والتي ستتشابه مع هذه القصص من ناحية وتختلف معها من نواحي أخرى. وتفاصيل كل حكاية ترسم بشكل ما تاريخ هذا اليوم وتاريخ هذه الفترة بشكل عام.

بالإضافة إلى مئات الإصابات، تم اعتقال عدد من الشباب والشابات أثناء هذا الفض العنيف، حكى بعضهم شهادته لمركز النديم. فقالت شابة “كنت في الشوارع الجانبية من شارع محمد محمود يوم الأحد 4.30 مساء. كنت بصور اللي بيحصل. فجأة دخل الأمن المركزي الشارع  الجانبي اللي كنت واقفة فيه. الكل جرى وأنا ما لحقتش أجري. لقيت حوالى 7 عساكر أمن مركزي وواحد لابس مدنى ماسك جهاز لاسلكي وابتدا ضرب بالعصيان على كل حتة في جسمي وعلى دماغى. ضربوني وسحبوني من شعري على أول الشارع وأخذوا الكاميرا وسلموني لمجموعة تانية كان فيها ضابط 3 نجوم عمليات خاصة شرطة، وكان معاه عصاية كهربية، وكان هو عمال يضربنى بالعصاية في كتفي وهم بيضربونى بالشلاليت، ونقلوني لواحد لابس مدني، خنقني وضربني. عدينا من قدام وزارة الداخلية وعدينا على كشك أمن مركزي في شارع الشيخ ريحان حواليه حوالي 40 عسكري امن مركزي. دخلونى الكشك والضرب مستمر والتحرش مستمر. وأنا داخل الكشك وقف ضابط ورفع ايده وقال ‘ما تضربوش عشان دى بنت.’ فتحوا شنطتي وفتشوها، وأخذوا بطاقتي وبطارية الموبايل، وجه واحد وقف قدامى وحماني وقال لى ‘هحميكى.’ لحد ما الكشك امتلأ بحوالي 30 شاب، وكلهم بيتضربوا جامد جدا. ضابط وعساكر الأمن المركزي كانوا بيخبطوا على الكشك وبيقولوا’ عايزين البنت عشان نضربها’ […]  وأنا خارجة من الكشك فضلوا يضربوني لحد البوكس. نزلوني في قسم عابدين، واستقبلني ضابط مباحث، مش فاكرة اسمه، وكان بيشتمني شتائم رهيبة، ويهددني ويقول لي ‘انتى هتتعلقى هنا.’ طلعنا وقعدوني في مكتب الأمن، وضابط تانى (بيقولوا له كريم بيه) جه وقعد يشتمني. فضلت في القسم لحد الساعة واحدة بالليل في طرقة ضيقة جدا. مفيش حمام ولا أكل. كنا حوالى 40 واحد وحوالينا الدم على الحيطان. أخذوا شنطتي تانى، وأخذوا منها شريحة الموبايل. ركبنا عربية الترحيلات لمجمع محاكم مصر الجديدة؛ عشان نتعرض على النيابة. قعدوني في الحجز وكنت وحدي في حجز قذر جدا. اتعرضنا على النيابة الساعة 5 الصبح. منعوني من الاتصال بأي حد من أهلي أو أصحابي، لحد ما قابلت عسكري ووافق ياخد نمرة صاحبتي ويتصل بها يبلغها باللي حصل لى. ركبونا عربية الترحيلات الساعة 5.30 يوم الاثنين على أساس نروح قسم عابدين لإخلاء سبيلنا. كنا في عربيتين، واحدة هتروح الموسكي وواحدة هتروح عابدين. قعد يلف يلف وما راحش الطريق بتاع القسم، وبعدين سمعتهم بيقولوا إننا روحنا معسكر جيش (الجبل الأحمر) التشكيلات. بصينا لقينا قوات بتتقدم (مارش) جيش وأمن مركزي ودخلونا على حجزين، واحد اسمه إداري، وواحد اسمه المحكوم. عساكر الشرطة العسكرية كانوا بيفتشوا الشباب بضرب واهانة وأخذوا كل المتعلقات. بس محدش ضربني، ولا فتشني. وطلبت منهم بطانية عشان البرد جابوها متأخر.  الساعة 10 عرفت إنهم هيخرجوني، وفعلا خرجت الساعة11.”[49]

كما حكى مواطن آخر “كنا في ميدان التحرير تقريبا بعد صلاة العصر في شارع محمد محمود. كنا بنحاول صد الأمن عشان ما يدخلش ميدان التحرير، قبل المغرب بنص ساعة  دخل علينا جنود الجيش. حاصرونا بجوار حائط وبدأ يضربونا بمنتهى العنف، وكانوا بيضربوا على الدماغ، وطبعا في كل الجسم. جه عسكري جيش دخلني جوه في شارع محمد محمود، سلمني لعسكري أمن مركزي وعسكري امن مركزي تاني ضربني بالدبشك في صدري، رأسي كانت بتنزف. ضابط شرطة شافني – كانت رأسي بتنزف دم كتير-  حماني من الضرب. في المكان ده بالقرب من مبنى وزارة الداخلية كانت الناس بتنسحل وكان فيه ناس ايديها مكسرة. تركونا على جنب، وبعدين أخذوا البطاقة وودونا قسم عابدين. في الحجز بدأت أدوخ وطلبت العلاج. ردوا علي قالوا لى ‘انت إيه اللي وداك التحرير؟’ الساعة واحده بالليل رحنا لنيابة الأميرية في مصر الجديدة. التحقيق بدأ الساعة 4 الفجر. دوري كان الساعة 7 صباحا. طبعا مفيش محامين. وكيل النيابة كان بيسأل ويجاوب هو. إحنا قلنا إننا كنا متفرجين. ووكيل النيابه كان بيكتب إجابات في نفس الاتجاه. طبعا ده كان مقابل إننا ما نسجلش الضرب ولا الإصابات وإلا في الحالة دي هنبات عندهم. نزلونا في حجز النيابة تحت وتانى يوم المغرب رحلونا قسم عابدين (الاثنين). ولكن إحنا رحنا معسكر أمن مركزي. وكان الأهالي ماشيين ورانا بالعربيات، لقينا عساكر أمن مركزي واقفين بره. شكلهم كان هيضربنا. بس لما لقوا الأهالي، العربية لفت ورحنا الجبل الأحمر. سحبوا الموبايلات. أصلا الشريحة كانت مسحوبة في قسم عابدين.”[50]

وفي نفس الوقت الذي كان يحدث فيه الفض والقتل والقبض “قدم وزير الثقافة، الدكتور عماد أبو غازي، استقالته بعد فض الاعتصام بالتحرير بالقوة من جانب الأمن المركزي والشرطة العسكرية.”[51] في حين أن مجلس الوزراء في بيان له “أكد التزامه الكامل بإجراء الانتخابات في موعدها، وأن التوتر المفتعل حاليا يستهدف تأجيل الانتخابات أو إلغاءها؛ لمنع إعادة بناء مؤسسات الدولة، مشدداً على دعم الحكومة لوزارة الداخلية بشكل كامل في إجراء الانتخابات، ومساندتها في مواجهة أعمال العنف، وأنها توجه الشكر لها على تحلى الأفراد والضباط بأقصى درجات ضبط النفس للتعامل خلال الأحداث. وشدد مجلس الوزراء في بيان صادر عنه مساء اليوم الأحد، على حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، إلا أنه يرفض بشدة محاولات استغلال هذه التظاهرات لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفرقة، في وقت تحتاج فيه مصر إلى الوحدة والاستقرار.
وأشار مجلس الوزراء إلى استمرار الاتصال والتنسيق بين الحكومة ومختلف القوى الوطنية وصولا إلى توافق وطني عام على القضايا السياسية لوضع معايير الجمعية التأسيسية التي ستقوم بوضع الدستور المصري، وقضية مدنية الدولة.[52]

وحكى أبوغازي عن هذا اليوم قائلا “وصلت مجلس الوزراء الساعة 10 الصبح، كان أول واحد موجود وزير الداخلية، اللواء منصور العيسوي، وكان في حالة ثورة شديدة. قال لي إن المرة ديه هو مستقيل ومش هيرجع في استقالته. وحاولت أفهم منه بس كان في حالة غضب شديد جدا من اللي بيحصل. دخلنا الاجتماع، بدأ بالكلام، وقال ان فض الاعتصام تم بالمخالفة لأوامره. وإن هو ابلغ من مساعديه بأنهم سيتوجهوا لفض الاعتصام صباح يوم السبت، وأنه قال لهم إن ده ما يحصلش. لكنه حصل، وأبلغوه بعد التنفيذ وقالوا له  إن ده طلب من المجلس العسكري إن الاعتصام يتفض قبل الظهر. هو اعتبر إن ده تدخل في عمله، ومن وجهة نظره إن الاعتصام مش مسبب مشكلة، وإن حتى لو عاوزين نفضه ممكن يتفض بهدوء بالليل بدون ما تحصل خسائر.

أثناء الاجتماع كانت بتيجي أخبار تصاعد الاشتباك كل شوية وازدياد عدد الضحايا، شهدا كانوا أو مصابين. كان مسار الجلسة كله حول الموقف اللي ستأخذه الحكومة. إن الحكومة ستطرح استقالتها وإن إذا الاستقالة تم رفضها، سيكون فيه شروط للاستمرار. إن يبقى في لجنة تقصي حقائق تعلن نتيجة أعمالها للشعب، وقف العمل بحالة الطوارئ، وقف المحاكمات العسكرية، مجموعة مطالب إذا الحكومة استمرت.

بعد العصر تقريبا جالي مكالمة من بنتي، حكت لي الحالة وتصاعد الاشتباكات والقتلى الذين يسقطوا والاقتحام اللي بيحصل لميدان التحرير. فبعد ما كنا أوشكنا على الانتهاء، طلبت الكلمة، وقلت إن بيحصل كذا كذا. في نفس الوقت، تم استدعاء مجلس الوزراء بكامل هيئته للاجتماع مع المجلس العسكري. برضه كلمت صديق صحفي شاب موجود في الثورة من أول يوم أشوف الأخبار منه. اكد لي الأخبار اللي قالتها لي بنتي وزود عليها تفاصيل تانية. وزير الداخلية وقتها اتصل بالوزارة بمساعديه ادعوا إن مفيش اقتحام لميدان التحرير، وقال ده في مجلس الوزراء. بعد لحظات جاءت مكالمة لوزير الإعلام من التليفزيون يحكوا له عن الاشتباكات في ميدان التحرير، ويقولوا له إن الكاميرات هناك بتصور نذيع ولا ما نذعش، وقال ده في مجلس الوزراء. ساعتها أنا أعلنت إن أنا مستقيل من الحكومة، وقلت للدكتور عصام شرف أنى مش رايح معاكم للاجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولما قعد يؤكد عليا قلت له إني ما أقدرش ارفع عيني في عين بنتي لو استمريت في الحكومة بعد اللي حصل، ولا اقدر امشي في الشارع وسط جيراني والناس اللي اعرفهم بعد اللي بيحصل ده. ونزلت وقابلت بنتي والصديق الصحفي وبلغتهم أنى استقلت وطلبت منهم يخرجوا الخبر. لما ركبت العربية جالي مكالمة من صديق تاني قال لي ‘إذا كنت بتفكر في الاستقالة ده الوقت المناسب.’ فقلت له إن أنا استقالت فعلا. رحت المكتب لميت حاجتي وكتبت الاستقالة وبعت نسخة لمجلس الوزراء ونسخة لبيت الدكتور عصام”.[53] تضيف هذه الشهادة طبقة جديدة للأحداث تسعدنا على فيهم الحكاية بشكل اشمل.

وظهرت مجوعة من الفيديوهات التي سجلت عملية الفض العنيفة. أشهر هذه الفيديوهات هو فيديو لقوات الأمن تقوم بسحل جثث المتظاهرين وتركها بجوار القمامة. كما ظهر الفيديو الشهير باسم فيديو قناص العيون الذي يظهر فيه محمود صبحي الشناوي وهو يصيب عيون المتظاهرين عمدا، ويحييه الجنود من حوله، وكما شرح ع.ع “اعتقد أنها كانت أول مرة يطلع فيديو من وراء، هم شايفين إيه وهم بيقولوا إيه، الحاجات دي انت بتشوفيها في الشارع. بتشوفيهم وهم بيشتموا وكده بس ما بتبقيش واقفة معاهم. بتبقي واقفة قدامهم وبتتشتمي منهم. بس فكرة إن الكاميرا واقفة معاهم، وإن واحد قال له ‘جدع يا باشا،’ والتفاعل ده متوقع بينهم، لكن إنهم يتفقوا إنهم ينشنوا على العيون! لو ده كان مؤشر لشيء فان المعركة دي مش هنكسبها. وبما إن المعركة دي مش هنكسبها وبعد كده يقى واضح إن المعارك اللي بالشكل ده مش هنكسبها. […] كنت حاسس إن الناس محتاجين تشوفها علشان حاجة شريرة قوي. فكرة إن فيه ناس مش بتعور الناس لكن بتعمي الناس اللي قدامها. كأن كان في خط كده وهما عدوه.”

وبعد أن تم فض الميدان بوحشية، انسحبت قوات الأمن، وعاد المتظاهرين، وبدأت من جديد عمليات الكر والفر والاشتباكات. كما حكى شاب في شهادته لمركز النديم، “يوم 20 نوفمبر سمعت عن اللي بيحصل في محمد محمود – كنت متنرفز ومش مصدق قوى إن في ضرب بالطريقة دي. قررت أنزل وأشوف بنفسي كانت الساعة وقت ما وصلت ما بين 9.30: 10.00 مساء. مشيت لحد أول تقاطع..كان فيه مدرعة تبدو مدرعة جيش وفيه شرطة وجيش بيضربوا نار. طلعت قعدت فوق سور عشان أشوف المنظر كله. طفوا النور عن المنطقة وكان نور المدرعات في عيني. أصبت بطلق ناري، دخل من أعلي ذراعي الأيمن وطلع من الظهر بجوار العمود الفقري. ما عرفتش إنى انضربت بطلق. ما شفتش في الضلمة. أنا دخت وحسيت إني تعبان قوى، لكن لم أفقد الوعي. جه دكتور من الميدان. تخيل إن في كسر ولا خلع في المفصل. مسك كتفي ما لاقاش حاجة. قال ما فيكش حاجة. كنت لابس سويت شيرت أحمر فالدم ما كانش باين خاصة مع قطع النور. طلبت عصير ولا حاجة بسكر ما لقتش وقتها. فطلبت حد يروحنى البيت. جه شاب بموتوسيكل أخذني وراه لحد المتحف المصري وركبنى ميكروباص لرمسيس. بأتكلم مع شاب جنبي في اللي حصل، قال لي ‘ما فيش خرم في التى شيرت؟’ وبعدها بص لقي خرم. نزل معايا علي صيدلية في الميدان. قلعوني التي شيرت، لقوا الفانلة اللي تحت البيضا غرقانة دم. فأخذوني لمستشفي الهلال. قعدت هناك حتى عصر الثلاثاء. الأطباء قالوا تثبيت مش جراحة.”[54]

يوم الاثنين 21 نوفمبر 2015

يأتي يوم جديد من أيام محمد محمود تستمر فيه الاشتباكات ويسقط خلاله المزيد من الضحايا. كما “أفاد أطباء من المستشفى الميداني في ميدان التحرير، فجر اليوم الاثنين، وصول العديد من المتظاهرين المصابين برصاص (حي) إضافة إلى العديد من إصابات بالرصاص المطاطي والخرطوش، واختناق العشرات بالغاز المسيل للدموع.”[55] في حوالي السابعة صباحا، اشتعلت النيران بشقة في شارع محمد محمود، أثناء الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وحكى عن الحادث مواطن من بني سويف في شهادته لمركز النديم:

“أنا شغال في المعادي الجديدة في شركة أمن، كنت قاعد حراسة. خلصت شغل الساعة 7 صباحاً يوم 21/11/2011 الاثنين. خلصت ورحت على التحرير على طول. لفيت الميدان حوالين الصينية. كنت في شارع جانبي خلف الجامعة الأمريكية وكان الضرب شغال والغاز المسيل للدموع وخرطوش وضرب نار. سمعنا إن فيه ولعة (شقة بتولع) في شارع محمد محمود. رحنا ننادي المطافي أو أي حد ييجي يطفي النار. ضربوا فينا نار زيادة. لمينا طفايات حريق من العربيات وطلعنا الدور الثاني اللي فيه الحريق. بس النار كانت كتير ما عرفناش نطفيها. بعد ساعة ونص، المطافي جت. كانت الحريقة كلت الشقة كلها. وقفنا مع المطافي لحد ما طفت الشقة كلها، واحنا واقفين، الشرطة ضربت غاز مسيل للدموع عشان نمشي. ما رضيناش نمشي لحد ما طفينا الشقة كلها. الناس كلها رجعت الميدان تاني. أنا دخلت شوارع جانبية. الشرطة كانت واقفة فوق العماير. أخدت رصاصة في كتفي الشمال وطلعت من ضهري. جريت استخبيت ووقعت على الأرض لحد ما الناس شالتني وودتني المستشفى الميداني. اتعمل لي الإسعافات الأولية. ودوّروا على عربية إسعاف ما لقوش إسعاف. أكتر من ربع ساعة. جت الإسعاف وشالتني ودتني القصر العيني. عملوا لي إشعات وتحاليل. ومشيت الساعة 6 ونص مساءً.”[56]

كما حكى أيضا والد الشهيد/ مصطفى محمد عبد المنعم، 20 سنة وهو يحكي عن استشهاد ابنه يوم الاثنين 21/11/2011:

“حوالي الساعة 11 الصبح، جالنا أصحابه وقالوا إن مصطفى في مستشفى القصر العيني، اتصلوا من تليفونه، أنا كنت بره البيت والبيت أتصل بيّ وقالوا إنه في المستشفى. وأنا في طريقي للقصر العيني أتصل بيّ الدكتور “أياد” وقالي إحنا في مشرحة زينهم وهو يبكي، رحت المشرحة ودخلت بالكاد، فتحوا لي واسمه كان مكتوب على باب الثلاجة، شفته وتعرفت عليه. ابني كان مع اصحابه متطوعين مع أطباء الميدان، لقوا نار شبت في دور تالت في عمارة، سمعوا صراخ الأولاد جريوا على باب العمارة لقوه مقفول بجنزير وقفل لقوا منفذ وانقذوا الناس من الحريق، بعد كده شافوا إطلاق نار في شارع (بستان بن قريش) شارع متفرع من شارع التحرير، ناصية الشبراوي. اللي يقف في الشارع ممكن يشوف العمارة اللي كان عليها القناص ويشوف السطوح وأثر الرصاص موجود على الحيطان هناك، وفي شهود من أصحاب المحلات شافوا كل حاجة. شافوا دكتور خد رصاصة ووقع على الأرض، ابني جري على الدكتور عايز ينقذه ووطى عشان يجيبه فأخد رصاصة في دراعه، وكيل النيابة حرزها. ورغم الرصاصة اللي في كتفه شال الدكتور المصاب من على الأرض وبعد ما شال الدكتور على كتفه، اخد رصاصة تانية في راسه من الخلف خرجت من خده الأيسر، وقع على الأرض وأصبح هو تحت والدكتور المصاب فوقه، واحد تالت حاول ينقذهم جاتله رصاصة في فخده ووقع عليهم وفضل ينزف لحد ما مات، وأصابة الدكتور كانت قاتلة والتلاتة ماتوا. بعد الضرب ما وقف الأسعاف دخلت وشالت الجثث.”[57]

استمرت الاشتباكات طوال اليوم، وفي منتصف اليوم انضم الألتراس إلى جموع المتظاهرين و”ألقى متظاهرون من “الألتراس” بالشماريخ والألعاب النارية على جنود الشرطة والأمن المركزي في شارع محمد محمود في محاولة لشغلهم. وقد رد الجنود عليهم بإطلاق القنابل الغازية والرصاص المطاطي ما تسبب في حدوث إصابات.”[58]  كما “قال شهود عيان إن متظاهرين صدوا هجومًا جديدًا لقوات الأمن، التي تحاول إخلاء ميدان التحرير من المعتصمين. وذكر الشهود أن الشرطة أطلقت قنابل غاز مسيل للدموع طويلة المدى من نهاية شارع محمد محمود دون تقدم نحو الميدان، فيما هاجمت القوات مستشفى ميدانيًا مؤقتًا لعلاج المصابين. ويستعمل الأمن، منذ مساء السبت، خطة الهجوم المرحلية، ليرهقوا المتظاهرين بين فترة وأخرى في الوقت الذي يحصلون هم فيه على وقت لاستبدال عناصر الأمن المركزي في الاشتباكات.”[59]

وكان يتم قطع الكهرباء عن شارع محمد محمود والمنطقة المحيطة به من الشوارع المؤدية لميدان التحرير. وفي أثناء انقطاع الكهرباء كانت قوات الأمن تقوم بهجوم على الميدان. استمرت المواجهات بين قوات الأمن المركزي والمتظاهرين في حين كانت قوات الجيش في الشوارع الجانبية. و”أعلن اللواء سعيد عباس عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومساعد رئيس المنطقة المركزية أن قوات الجيش الموجودة قرب ميدان التحرير مهمتها حماية مبني وزارة الداخلية فقط، ولا علاقة لها بالمتظاهرين المتواجدين في ميدان التحرير، مشيرا إلى أن قوات الجيش مستعدة لحماية المتظاهرين بقوات غير مسلحة. وأكد عباس أن عناصر القوات المسلحة نزلت أمس فقط بناء على طلب من وزير الداخلية منصور عيسوي، وتصديق القائد العام للقوات المسلحة، للمساعدة في تأمين وزارة الداخلية، وليس لفض الاعتصام فى ميدان التحرير.”[60] وهذا هو الخطاب الذي استخدمته القوات المسلحة حتى نهاية الأحداث، مع أن هناك فيديوهات واضحة وشهادات صريحة أن قوات الجيش قد سحلت وضربت المتظاهرين أثناء فض يوم الأحد.

في المساء “نجح آلاف المتظاهرين في السيطرة على شارع محمد محمود وأجزاء واسعة من شارع منصور، وانضمت إليهم أعداد متزايدة من ميداني التحرير وباب اللوق، ليحتشدوا على بعد نحو 20 مترًا من وزارة الداخلية في شارع منصور. وتوقفت الاشتباكات لدقائق، بينما اصطفت 4 مدرعات تابعة للقوات المسلحة حول الوزارة، ووقف أمامها جنود يرتدون زي الأمن المركزي، ومعهم الهراوات ومدافع إطلاق قنابل الغاز، بينما ظهر قرب الوزارة مجموعات بزي مدني تحمل الهراوات وقطع الحديد وبعض الأسلحة البيضاء، وقال المتظاهرون إنها «مجموعات من البلطجية تستعين بها قوات الجيش والشرطة لقمع الثوار». وتجددت الاشتباكات بعد نحو نصف ساعة، وفي الثانية والثلث من فجر الثلاثاء، أطلقت قوات الأمن المركزي، المتمركزة في نهاية شارع عبد المجيد الرمالي، قرب البوابة الرئيسية لوزارة الداخلية، طلقات خرطوش وقنابل غاز بكثافة على المتظاهرين، مما أدى لسقوط المزيد من الضحايا.”[61] أكد الدكتور هشام شيحة، وكيل وزارة الصحة للطب العلاجي،” وقعت حالة وفاة جديدة وتم نقلها إلى مستشفى قصر العيني، ولم تنقل بعد إلى مشرحة زينهم، ليرتفع عدد القتلى بسبب أحداث ميدان التحرير إلى ٢٤ قتيلا، جميعهم تحت تصرف النيابة والطب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة.[…] بالإضافة إلى ٧٢ مصابا جديدا اليوم، حيث تم نقل ٦٩ منهم إلى المستشفيات و٣ تم إسعافهم وتركوا، ليصل العدد النهائي من المصابين إلى ١٩٠٢ جميعهم خرجوا ماعدا ٨١ ما زالوا يتلقون العلاج.”[62] كما “أوضح مصدر أمنى مسئول الليلة أن عدد المصابين من قوات الأمن جراء أحداث ميدان التحرير ارتفع إلى 24 ضابطا، بالإضافة إلى إصابة 81 مجندا من قوات الأمن المركزي نتيجة الإصابة بطلقات خرطوش وزجاجات مولوتوف وحجارة.”[63]

الشهيد عمرو محمود البحيرى، 20 سنة، طالب بكلية التجارة جامعة القاهرة.              مكان الاستشهاد: شارع محمد محمود.

اعتدت عليه الشرطة ثم أطلق الأمن المركزي النار على رأسه بجانب عينه- وبعدها تم ضربه على وجهه وجسده، ثم نقله إلى مستشفى القصر العيني حيث توفي في العناية المركزة فور وصوله الساعة 11 مساءً. وأثناء نقل عمرو في سياره الإسعاف كان بيتشاهد ويقول: ‘سامحيني يا أمي.'”[64]

وعلى صعيد آخر ترددت أنباء عن قبول استقالة الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة، التي رفضها المجلس العسكري.[65] كما أصدر المجلس العسكري بيانا دعا فيه “جميع القوى السياسية والوطنية إلى حوار عاجل لدراسة أسباب تفاقم الأزمة الحالية، ووضع تصورات الخروج منها في أسرع وقت ممكن، حرصا على سلامة الوطن. وأهاب المجلس بكافة القوى السياسية والوطنية وجميع المواطنين الالتزام بالهدوء، وخلق مناخ من الاستقرار، بهدف مواصلة العملية السياسية، التي تتم من أجل الوصول إلى نظام ديمقراطي يضع مصر في المكانة اللائقة لها بين الأمم. وأعرب المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن بالغ أسفه لسقوط ضحايا ومصابين في هذه الأحداث المؤلمة، وقدم خالص التعازي لأسر الضحايا وتمنياته بالشفاء العاجل لجميع المصابين. وأصدر المجلس أوامره لقوات الأمن باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتأمين المتظاهرين والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس في إطار القانون. وأكد المجلس في بيانه إيمانه العميق بأن التظاهر السلمي حق مشروع للمواطنين إلا أن الأمر لا ينبغي أن يخرج عن نطاق التظاهر السلمي، مهما كانت الظروف حرصا على سلامة جميع أبناء الوطن. ودعا المجلس المتظاهرين وجميع أطياف الشعب إلى التحلي بأعلى درجات ضبط النفس، حتى لا يؤدي الأمر إلى سقوط المزيد من الضحايا والمصابين. وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة وزارة العدل بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وأسباب وملابسات ما حدث، التي أدت إلى وقوع ضحايا من المتظاهرين وتقديم النتائج في أسرع وقت ممكن واتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يثبت تورطه.”[66] واستمر المجلس العسكري من خلال هذا البيان في رسم صورة لنفسه كطرف خارجي ينعي الشهداء ويستاء لوجود قتلى ومصابين وكأنه لا يلعب دورا في هذه المعركة. في حين أن مجموعة من المنظمات الحقوقية، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز هشام مبارك للقانون ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في بيان لها أكدت “أن مندوبيها شاهدوا بأنفسهم قوات الشرطة العسكرية وهي تقتحم الميدان في حوالي الساعة الخامسة من يوم الأحد 20 نوفمبر وتعتدي على المتظاهرين بوحشية باستخدام الهراوات قبل أن تقوم بإشعال النيران في خيام ومتعلقات المعتصمين وعدد من الدراجات النارية. كما تبين مقاطع فيديو بثها كل من موقع المصري اليوم وقناة الجزيرة مباشر مصر هجوم أفراد الشرطة العسكرية والمدنية على متظاهرين عزل من ثلاث نواح للميدان، مستخدمين المدرعات والقنابل المسيلة للدموع والعصي، وتظهر ضرب متظاهرين عدة مرات على رؤوسهم بعد ما طرحوا أرضا بالعصي وأقدام العساكر، حتى بعد أن توقف المتظاهرون تماما عن الحركة.”[67]

وأخيرا، دعت الأحزاب والقوى السياسية إلى تنظيم مليونية في اليوم التالي (الثلاثاء 22 نوفمبر) تحت عنوان “مليونية التوافق المدني” للمطالبة بإقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات رئيس جمهورية. “وحملت جماعة الإخوان المسلمين، المجلس العسكري، مسؤولية الأحداث، وطالبت بوقف ما سمته القتل والعدوان على المتظاهرين، وإحالة المسؤولين عنها إلى المحاكمة، وسحب جميع الجنود والآليات من التحرير وغيره من الميادين، وتحديد جدول زمني لتسليم البلاد إلى سلطة منتخبة.”[68]

يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2015

في فجر يوم الثلاثاء، اليوم الرابع من الاشتباكات، وصل المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة حازم صلاح أبو إسماعيل إلى ميدان التحرير وسط حشد كبير من أنصاره. وردد المتظاهرون الهتافات التي تندد بحكم العسكر قائلين “يا طنطاوي قال لك إيه قبل ما يمشي سعادة البيه … قال لك ارفع في الأسعار. قال لك اذبح في الأحرار. قالك اقتل في الثوار.” و”يعني إيه ضابط في الداخلية؟ يعني فاشل في الثانوية. لم معاه شوية حرامية.”[69]

لم تتوقف الاشتباكات بين قوات الأمن المركزي والمتظاهرين في محيط وزارة الداخلية داخل شارع محمد محمود، فاشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن في الصباح “بعد أن تسلل أفراد من قوات الأمن المركزي إلى سطح الجامعة الأمريكية من خلال شارع محمد محمود، وعبروا إلى شارع التحرير للتصدي للمتظاهرين، الذين يشتبكون بعنف مع قوات الأمن عند سوق باب اللوق، وذلك بعد أن حاول الأمن اقتحام المنطقة للسيطرة عليها، حيث تجمع آلاف المتظاهرين عند الشوارع الجانبية لباب اللوق، محملين بالحجارة لصد هجمات الأمن المركزي وإجبارهم على التراجع […]وعندما شاهد المتظاهرون قوات الأمن وهى تعبر سطح الجامعة الأمريكية قاموا على الفور بإلقاء الطوب عليهم، الأمر الذي أدى إلى صدامات دامت لنصف الساعة، أسفرت عن سقوط ثلاثة جرحى من المتظاهرين، وتراجعت قوات الأمن إلى مناطق تمركزها بعد أن فشلت في مهمتها.”[70] ومع استمرار الاشتباكات استمرت أعداد المتظاهرين في التزايد بالإضافة إلى توافد الآلاف على الميدان استجابة لدعوة مليونية الإنقاذ الوطني.

في الوقت الذي اشتددت فيه الاشتباكات، تقابل عدد من القوى والأحزاب السياسية مع نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان.  وقال الدكتور سليم العوا أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على “تشكيل حكومة إنقاذ وطني مهمتها تنفيذ أهداف ثورة 25 يناير [… و] على تسليم السلطة إلى رئيس مدني منتخب في موعد لا يتجاوز نهاية يونيو 2012.”

وأضاف العوا أنه تم أيضا الاتفاق على “عدة موضوعات من أهمها الاتفاق على وقف العنف بجميع صوره، ومحاسبة المسئولين عن إصابة المتظاهرين والتحقيق مع المتسببين تمهيدا لمحاكمتهم، وعلاج المصابين على نفقة الدولة وتعويض أسر الشهداء.
كما تم الاتفاق على الإفراج عن جميع من اعتقلوا وتم احتجازهم على ذمة الأحداث، التي بدأت في ميدان التحرير منذ يوم السبت، وكفالة بقاء ميدان التحرير مفتوحا لحق التظاهر السلمي دون تعطيل المصالح العامه والخاصة، وعودة قوات الأمن إلى مواقعها.”[71]

مع استمرار الأحداث استمر الخطاب العام للدولة الذي يحاول من كل اتجاه رسم صورة سلبية لما يحدث، ففي محاولة من الإعلام لرسم صورة محددة عن الشباب المتواجد في الميدان وكجزء من خطاب المؤامرة أذاع التليفزيون المصري نبأ القبض على 3 أجانب يلقون مولوتوف على قوات الأمن و”أعلن مصدر مسئول بوزارة الداخلية الثلاثاء ضبط ثلاثة أجانب خلال مشاركتهم في إلقاء عبوات حارقة وقنابل ‘مولوتوف’ على قوات الشرطة المعينة لتأمين مبنى وزارة الداخلية.” وقال المصدر إنه “جاري اتخاذ الإجراءات القانونية حيال هؤلاء الأشخاص وتحديد هويتهم, وإحالتهم لجهات التحقيق القضائية لمعرفة البواعث والدوافع وراء قيامهم بذلك.”[72] ومن ناحيته أكد الطالب الأمريكي ديريك سويني الذي تم ترحيله للولايات المتحدة، “أن الأمن المصري أجبره على الرقود على الأرض لمدة 7 ساعات في الظلام بعد القبض عليه على خلفية الهجوم على الأمن في شارع محمد محمود، ثم قاموا بربط يديه وراء ظهره. وقال سويني لوكالة رويترز “ما حدث لي أمر مرعب”، مشيرا إلى أن “المعاملة تطورت، وأصبحت أفضل ولم نعرف لماذا؟”. وقال سويني أن أفراد الأمن الذين اعتقلوه هددوه بالقتل، هو والطلاب الأمريكان الآخرين، وأجبروهم على شرب البنزين. ودافع سويني عن نفسه قائلا “لم أشارك ولم ألق أو أتعامل أو أرى حتى قنابل مولوتوف. كل ما فعلته أنني ذهبت لميدان التحرير لمشاهدة “الديمقراطية وهى في حالة فعل”. وقال إن أربعة أفراد كانوا يرتدون ملابس مدنية اقتربوا منه عندما كان يقف في شارع قريب من مبنى وزارة الداخلية، وطلبوا منه وزملائه الابتعاد، “وعندما رفضنا قاموا بدفعنا على الأرض وبدؤوا في ضربنا باستمرار. وبعد ذلك تم إدخالنا في مبنى، وبدأ الجميع يصيح ‘جواسيس جواسيس’ وتم نزع شنطة الظهر.” وقال “وقفنا بعد ذلك أمام 15 من رجال الأمن والجيش وطلبوا منا وضع أذرعنا في جوانبنا، ثم عقدوا جلسات استجواب معنا، وبعد ذلك تم إجبارنا على الرقود على الأرض.” وأعتبر “سويني” أن الشعب المصري طيب جدا وودود، وعبر عن أمنيته العودة لمصر مرة ثانية، وقد رفض الطالبان الآخران اللذان تم اعتقالهما التعليق على ما قاله زميلهما سويني، وقالا إنهما سعيدان بالعودة لأمريكا من جديد. (الشروق)”[73]

استمرت الاشتباكات طوال اليوم، وفي المساء في حوالي السابعة والنصف مساء ألقى المشير محمد طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة خطابا يعلق فيه عن أحداث التحرير. وبدأ المشير طنطاوي خطابه قائلا: “نتابع جميعًا داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة تطورات الأحداث في مصر خلال الأيام الماضية ونشعر جميعا بالأسف الشديد لوقوع ضحايا ومصابين من أبناء الوطن في هذه الأحداث التي تعود بنا إلى الخلف، ونقدم خالص العزاء إلى أهالي الضحايا”. في خطابه تكلم طنطاوي عن دور الجيش في إدارة البلد في المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط النظام السابق، وعن عدم رغبة المجلس العسكري في الحكم، كما اكد التزام المجلس بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، وإجراء انتخابات رئاسية قبل شهر يونيو 2012. كما أضاف ” إن القوات المسلحة كانت ولا تزال على قرارها الأول منذ اندلاع ثورة 25 يناير، فلم نطلق رصاصة على مواطن مصري”. وتكلم أيضا المشير في خطابه عن دور وزارة الداخلية قائلا “كان هدفنا الأول منذ بدء المرحلة الانتقالية هو إعادة الأمن إلى الشارع المصري، وتذكرون جميعا كيف كانت الحالة الأمنية خلال هذه الفترة، وقدمنا كل دعم ممكن لوزارة الداخلية بهدف رفع كفاءتها وزيادة قدرتها على حفظ الأمن في إطار القانون، وربما لم يكن البعض يرضي عن أدائها، ولكن المؤكد أن أداءها في تطور مستمر برغم محاولات إضعاف همتها وكسر إرادتها.” وعلى الرغم من الدور الذي لعبته قوات الجيش في الأيام السابقة للخطاب من فض وضرب للمتظاهرين من ناحية، والوقوف في صمت أمام الانتهاكات المكررة التي ترتكبها قوات الشرطة المدنية، “أعلنا مرارا وتكرارا أننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، لا ننحاز لطرف على حساب أطراف أخرى، فنحن القوات المسلحة التي تحمي الشعب دون تصنيف أو انتقاء. وبرغم ذلك يتهمنا البعض بالانحياز.” وفي نهاية الخطاب أعلن المشير أنه قرر “قبول استقالة حكومة الدكتور عصام شرف وتكليفها بالاستمرار في العمل لحين تشكيل حكومة جديدة لها الصلاحيات التي تمكنها من استكمال الفترة الانتقالية بالتعاون مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.”[74]

قابلت حشود المتظاهرين في ميدان التحرير كلمة المشير طنطاوي بغضب شديد. و”تجددت الاشتباكات بشارع محمد محمود، والأخرى المطلة على وزارة الداخلية، بعد خطاب المشير طنطاوي، حيث دخل المئات من الشباب، ومجموعات من ألتراس الأهلي والزمالك، في مشاجرات مع قوات الأمن، ورد الأمن بإطلاق العديد من القنابل المسيلة للدموع، وطلقات الخرطوش لمحاولة تفريقهم.”[75]  أكد الدكتور عادل عدوي مساعد وزير الصحة للطب العلاجي، “وقوع حالتي وفاة جديدتين بميدان التحرير اليوم، تم نقلهما إلى مستشفى قصر العيني، وبذلك يرتفع عدد القتلى في أحداث ميدان التحرير منذ بداية الأحداث إلى ٣١ حالة وفاة، كما وقعت اليوم أيضًا ٦٩٠ حالة إصابة جديده، تم نقل ٢٢٣ منهم إلى المستشفيات والباقي تم إسعافه بالميدان.”[76] كما وقعت آلاف الإصابات بالاختناق إثر إطلاق قوات الأمن لقنابل الغاز بشكل عشوائي ومستمر. ونشر مركز النديم على صفحته الإلكترونية قائمة بأسماء 38 شهيدا سقطوا منذ يوم 19 نوفمبر 2011 حتى 22 نوفمبر 2011. (القائمة مرفقة مع التقرير). كما أعلن محمد مصطفي، عضو جمعية أطباء التحرير، “أنه حصل على تقرير من مستشفي قصر العيني يشير إلى حالات الوفاة، التي جرى نقلها إلى مستشفي القصر العيني القديم الناتجة عن أحداث شارع محمد محمود التي بلغت 13 حالة منها 5 حالات سقطت بأعيرة نارية. وأشار التقرير إلى أن الحالة الأولي سقطت بطلق ناري بالرأس، والثانية طلق ناري بالعين والثالثة بالقلب والرابعة بالبطن والخامسة طلق ناري بالصدر. وأضاف محمد مصطفي أنه وفقا للتقرير، فإن يوم 22 نوفمبر الماضي سجل أعلى معدل للإصابات في مستشفى القصر العيني القديم، حيث وصل إليه 185 إصابة منهم 42 لا يزالون تحت العلاج، يليه يوم 21 نوفمبر، حيث بلغت الإصابات 162 منها 32 ما زالت تحت الإشراف الطبي.”[77]

يوم الأربعاء 23 نوفمبر 2015

استمر المتظاهرون في اعتصامهم لليوم الخامس على التوالي. كما “كثفت اللجان الشعبية من تواجدها على مداخل ومخارج ميدان التحرير منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، فيما انخفض عدد المتظاهرين في الميدان بسبب توجه المتظاهرين إلى عملهم […] وانحسرت حدة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن عند شارع محمد محمود.”[78] وطالب المعتصمون في التحرير بتنحي المجلس العسكري وتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني وحكومة إنقاذ وطني.

واستمرت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين مما أسفر عن سقوط المزيد من المصابين والشهداء. فأكد “الدكتور محمود النجار، الطبيب في أحد المستشفيات الميدانية، وقال: ‘عدد المصابين سجل رقماً قياسياً الأربعاء، ما يدل على سخونة الاشتباكات.’ وأضاف النجار: ‘4 شهداء قتلوا بطلقات الرصاص الحي، بينهم شهيد اخترقت الرصاصة شريان فخذه ففقد حياته على الفور، وهناك العديد من الإصابات بالرصاص الحي تم نقلها إلى مستشفى قصر العيني.’ وغطى الدخان سماء شارع محمد محمود والمناطق المجاورة بعد أن كثفت الشرطة إطلاق القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، ما أسقط العشرات منهم مغشياً عليهم.”[79]

كما حكى طالب في شهادته عن الاشتباكات في ذلك اليوم لمركز النديم قائلا: “نزلت التحرير يوم الأربعاء 23/11 لنقل المصابين من محمد محمود للمستشفى الميداني. الساعة 12 أصبت ونقلت للقصر العيني الفرنساوي وأجريت عملية في عيني اليسرى لوقف النزيف وبعد ذلك أجريت عمليتين أخرتين: انفصال شبكي وتركيب عين زجاجية. أنا أصبت وأنا بشيل مصاب من على الأرض وبحطه على الموتوسيكل بتاعي، واللي صابني ضابط بثلاثة نجوم (نقيب) كان على بعد حوالي 30 متر. أنا شفته بعد ما أصبت وهو بيضحك، أنا مش بتهمه هو كشخص بس باتهم وزارة الداخلية ككل.”[80]

لم تتوقف هذه الاشتباكات حتى، كما أشار مقال منشور على بوابة الأهرام، عندما نجحت “مسيرة مكونة من 100 داعية من شيوخ الأزهر والأوقاف والأطباء في التوصل إلى هدنة بين الطرفين لنحو نصف ساعة، فصلت خلالها القوات المسلحة بينهما بعدد من الجنود و4 سيارات مدرعة، وأعلن المتظاهرون العودة للتحرير وسط هتافات «الشرطة انسحبت.. وع الميدان.. ع الميدان»، وفجأة تجددت الاشتباكات العنيفة وسط اتهامات متبادلة بخرق كل طرف الاتفاق.”[81] وبدأت قوات الشرطة بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين من فوق قوات الجيش. وابل قنابل الغاز اسفر عن حريق في مبنى الجامعة الأمريكية بشارع محمد محمود.  و” تمكنت قوات الدفاع المدني من إخماد الحريق الذي نشب بمبنى المكتبة القديمة للجامعة الأمريكية، حيث أفسح المتظاهرون بشارع الفلكي الطريق أمامها لإخماد النيران قبل تفاقمها، وامتدادها إلي العقارات المجاورة.”[82]

واستمرت الاشتباكات المتقطعة طوال اليوم. وفي أثناء أحد هجمات قوات الأمن على الميدان، القت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة على المستشفى الميداني مما أسفر عن استشهاد الدكتورة رانيا فؤاد الطبيبة في المستشفى الميداني، نتيجة إصابتها بالاختناق. “قال شهود عيان إن الطبيبة كانت موجودة داخل المستشفى الميداني الذي أقامه المتظاهرون في جامع عباد الرحمن بشارع محمد محمود، وأكدوا أن قوات الأمن المركزي تقدمت في الشارع حتى تراجع المتظاهرون، ثم أطلقت القوات قنابل الغاز مباشرة على المستشفى لتصاب «رانيا» بحالة إغماء، وتدخل في غيبوبة. وأضاف شهود العيان أن أصدقاء الطبيبة حاولوا إخراجها من المستشفى الميداني لإسعافها، ومنع تفاقم حالتها، لكن قوات الأمن منعتهم، لتلفظ «رانيا» أنفاسها الأخيرة، قبل أن ينجح المتظاهرون في إجبار القوات على التراجع للخلف.”[83] وقد ارتفع مع مساء اليوم الخامس عدد المصابين من المتظاهرين إلى 3256 وعدد القتلى إلى 36 شهيد.

في حين تزايدت أعداد الضحايا لم يتغير خطاب الدولة، فنفى المجلس العسكري في بيان نشره بصفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، الأربعاء، أن تكون القوات المسلحة قد استخدمت قنابل الغاز ضد المتظاهرين في القاهرة والإسكندرية أو أي مناطق أخرى، مؤكدا أن القوات المسلحة «لم ولن نستخدم السلاح أيا كان نوعه ضد أبناء الوطن، حفاظا على الدم المصري الطاهر». وطالب «العسكري» في بيانه «الشباب الثوري بأن يتوخى الحيطة والحذر من الشائعات».”[84] وعلى نفس الخط صرح مصدر أمنى بوزارة الداخلية “بأن الوزارة قد أخطرت السيد المستشار الدكتور/ النائب العام لندب أحد مساعديه للقيام بمعاينة فورية لموقع الأحداث للتحقيق وإثبات الواقع فيما يثار من اتهامات حول قيام قوات الشرطة المكلفة بحماية مبنى الوزارة بعدم الالتزام بأماكن ارتكازها في محيط الوزارة والتقدم باستمرار للتعدي على المتظاهرين السلميين المتواجدين بالميدان وهو ما يتنافى مع الواقع الحقيقي للأمور. وتعلن وزارة الداخلية أنه من خلال متابعة الأحداث الأخيرة التى تمر بها البلاد فقد تم رصد وضبط بعض مثيري الشغب لقيامهم باستغلال الأحداث الراهنة التي تشهدها البلاد لإحداث حالة من الفوضى والفراغ الأمني من خلال محاولاتهم اقتحام بعض المواقع الشرطية بعدد من المحافظات للإستيلاء على الأسلحة وتهريب المسجونين والتعدى على رجال الشرطة. حيث تمثل ذلك فى محاولة اقتحام مقر وزارة الداخلية ومديريات أمن “القاهرة – الإسكندرية – الدقهلية – الغربية – الشرقية – السويس – الإسماعيلية – بورسعيد – دمياط – الفيوم – بنى سويف – المنيا – أسيوط – قنا. وقامت قوات الشرطة من الضباط والأفراد والمجندين وبمساندة وتدعيم كبير من مواطني مصر الشرفاء الذين جسدوا أفضل صور التعاون من خلال تعاونهم المخلص مع الشرطة وهى تؤدى واجبها وبتفاني. وقد تمكنت قوات الشرطة من التصدي لكافة تلك المحاولات والسيطرة على الموقف في إطار كامل من الشرعية والقانون. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية في تلك الوقائع. وقد أسفرت تلك المواجهات عن إصابة عدد ‘187’ من رجال الشرطة المصرية من بينهم عدد ‘5’ ضباط و ’11’ مجندا بطلقات نارية وخرطوش. وتوجه وزارة الداخلية التحية والتقدير إلى مواطني مصر الشرفاء على مواقفهم المشرفة ومؤازرتهم لأجهزة الأمن في تصديها لمظاهر الخروج عن الشرعية والقانون.”[85] وهكذا يمكننا أن نرى كيف رسمت السلطة بأطرافها المختلفة خطابا محكما لا يدين سوى الشباب الذي يفقد أرواحه في ميدان التحرير ومحمد محمود. وبالتالي منذ هذه اللحظة ومن خلال هذا الخطاب ترسم السلطة الخطوط الأولى في كتابة تاريخ هذه الفترة.

وبدأت بعض ردود الفعل الدولية في الظهور فأعرب وزير الخارجية البريطانية ويليام هيج يوم الأربعاء (23 نوفمبر)، “عن قلقه إزاء ‘العنف غير المقبول وفقدان الأرواح’ في مصر، وأدان استخدام ‘الأنواع الخطيرة من الغاز’ ضد المتظاهرين. كما حث السلطات المصرية على احترام حق التظاهر السلمي، وطالب بالإنهاء الفوري لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، الذي يشمل ‘الرصاص الحي واستخدام الغاز.’ وقال هيج، ‘يجب محاسبة جميع المسئولين عن العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين.’ كما دعا لإطلاق سراح المحتجزين لمشاركتهم في المظاهرات السلمية. وأضاف: ‘من أجل إنجاح المرحلة الانتقالية في مصر من المهم أن تكون الانتخابات البرلمانية شفافة ونزيهة وموثوق بها، على أن تجرى في مناخ آمن يسمح للمصريين بالتعبير عن إرادتهم السياسية بحرية’. كما طالبت الحكومة الألمانية بنهاية للعنف فى مصر، وبتوفير الظروف الأمنية المناسبة للانتخابات البرلمانية التي ستبدأ يوم الاثنين المقبل. ومشيرا لذلك قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايبرت اليوم الأربعاء:’لا يمكن أن يكون هناك مكان للقمع والعنف ضد المتظاهرين المسالمين في مصر الجديدة، التي تريد أن تكون حرة وديمقراطية.'”[86]

وأخيرا دعا الطلاب الاشتراكيون الثوريون من خلال بيان وزع في ميدان التحرير إلى مليونية يوم الجمعة التالية تحت شعار “جمعة القصاص،” لإقالة المجلس العسكري ومحاكمة المسئولين عن مجازر التحرير وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية ثورية.[87] كما دعا أيضا ائتلاف شباب الثورة لمليونية تحت عنوان “جمعة الشهيد” وإقامة صلاة الغائب على أرواح شهداء أحداث الأيام السابقة. ودعا عدد من القوى السياسية، “إلى تنظيم مظاهرة مليونية الجمعة المقبل، للمطالبة بضرورة تنحي المجلس العسكري، وتشكيل حكومة ثورية. وأصدر شباب ثورة الغضب الثانية، واللجان الشعبية للدفاع عن الثورة، واتحاد شباب الثورة، وتحالف القوى الثورية، بيانات دعت فيها جموع المواطنين إلى المشاركة في المظاهرة. وقال بيان ثورة الغضب الثانية إن الجمعة المقبل سيكون جمعة الغضب الثانية لإسقاط المجلس العسكري، تحت شعار «ارحل»، للتأكيد على الرفض التام لبقاء المجلس على رأس السلطة، بعد فشله في إدارة المرحلة الانتقالية – على حد تعبير البيان – وأنه لا بديل عن تسليم السلطة إلى حكومة إنقاذ وطني. ودعا اتحاد شباب الثورة إلى التظاهر في جميع ميادين مصر، للتأكيد على الرفض التام لبقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة في السلطة، بسبب ما أسماه الاتحاد فشل المجلس في إدارة المرحلة الانتقالية. وقال تحالف القوى الثورية إن المطالب الأساسية المقرر إعلانها في المظاهرة، في مقدمتها رحيل المجلس العسكري فوراً، وتولى مجلس رئاسي مدني الحكم حتى إجراء الانتخابات الرئاسية، والتحقيق الفوري في مقتل المتظاهرين في ميدان التحرير، ووقف المحاكمات العسكرية، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.”[88]

يوم الخميس 24 نوفمبر 2015

استمر خطاب المجلس العسكري الذي يوحي بان المجلس طرف صامت يراقب من بعيد ما يدور؛ فاعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في رسالة على صفحته على الإنترنت “عن أسفه و’اعتذاره الشديد’ لسقوط ‘الشهداء من أبناء مصر المخلصين’ خلال أحداث ميدان التحرير الأخيرة، وتقدم بالعزاء لأسر الشهداء في جميع محافظات الجمهورية.” وأكد المجلس، في رسالته رقم 84 على صفحته الرسمية على فيس بوك، التزامه بفتح تحقيق “سريع وحاسم” لمحاكمة “كل” من تسبب في الأحداث، وتقديم الرعاية الكاملة لأسر شهداء الأحداث الأخيرة “فورا” من صندوق رعاية الشهداء والمصابين.كما قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فتح مستشفى عسكري ميداني متكامل بميدان التحرير، لتقديم الرعاية الطبية للمتواجدين في الميدان، وتقديم الرعاية الطبية المتكاملة “فورا” لكافة مصابي الأحداث وحتى “تمام الشفاء الكامل”.[89] هنا نقرأ كلمات مثل “اسفه الشديد” التي لا معنى لها. كما نرى استمرار المجلس في محاولته تبرئة نفسه فتنشر صفحة القيس بوك (أدمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة) صبح الخميس: “استمرارا لتواصلنا […] سيتم عرض مجموعة من الفيديوهات بالتتالي توضح ما سبق وأشرنا إليه منذ عدة أشهر بوجود بعض العناصر الخارجة عن القانون والتي تقوم بإشعال نار الفتنة بين الجيش والشعب وذلك عن طريق الاعتداء على قوات الأمن تارة وتارة أخرى يقومون بالاعتداء على المتظاهرين ، علماً بأنه قد تم إلقاء القبض على مجموعة منهم ويتم عرضهم على النيابة العامة حالياً وقد اعترفوا بتقاضي مبالغ مالية نظير هذه الاعتداءات كما تم إلقاء القبض على عدد من الأجانب يقومون بالاعتداء على قوات الأمن المصرية بواسطة زجاجات المولتوف ويتم حالياً التحقيق معهم في النيابة العامة ، كما نمتلك عدة أدلة أخرى على تورط الكثير في الوقيعة بين الجيش والشعب وسيتم نشرها تباعاً.”[90] ونشرت الصفحة لاحقا عددا من الفيديوهات التي ليست على الإنترنت الآن. ولكن تبقى تدوينات بعنوان “اعتداءات بلطجية بالمولوتوف على قوات الأمن” وأخرى بعنوان “اعتداءات بلطجية بالمولوتوف على قوات الجيش من فوق الأسطح”. هذا الخطاب  ليس سوى حجر الأساس لسياسة النظام الصارمة للنسيان، التي تبناها منذ بداية الثورة في 2011 حتى يومنا هذا. وفي هذا السياق يكون اعتذار المجلس العسكري في هذه الحالة هو محاولة لتخطي الحدث في أسرع وقت. ودعم هذا الخطاب بخطاب الإعلام الذي حول الثوار إلى بلطجية ومدمني مخدرات وإرهابيين وامتنع في معظم الأحيان عن إذاعة أي صور لأعمال المقاومة المختلفة، وإذا صورها يصورها كأعمال تخريب، تخالف القانون ولا تلحق سوى الضرر. ومن هنا يمكننا القول بأنه في نفس الوقت الذي كان النظام فيه يقتل ويصيب ويعتقل الشباب في الشارع كان يكتب تاريخ ما يحدث.

كان المعتصمون في الميدان مصرون على مطالبهم وأولها تسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني وتشكيل حكومة ائتلاف وطني ومحاسبة المسؤولين عن قتل الثوار، في حين تدور مناقشات جانبية بين الثوار عن ‘ماذا بعد؟’ وما هي الخطوة القادمة؟ وفي حين رأى البعض أن الاستمرار لابد منه رأى البعض الآخر أنه يجب إيقاف سيل الدماء. فكما شرح ع.ع. في حواره “محمد محمود كان فيه غموض للمفروض يحصل وإيه الحل، وواضح إن المعركة مطولة، فهل إن إحنا نكمل في المعركة ديه ليها أي فوايد خصوصا إن كانت جاية علينا بخسارة؟ فكرة إن الناس كانت مصدقة إن إحنا عاوزين ندخل على الدخلية. أنا شخصيا في وقت ما بدأت افكر هل صح؟ هل هي ديه الطريقة اللي هنقدر نحارب بيها؟ وما كنتش عارف هل ده لأن أنا طاقتي خلصت واتضربت واتخبطت وما بقاش في حيل. وألا عشان فعلا لازم نفكر في طرق تانية لأن خلاص الثورة مش هتحصل تاني في الميدان.”[91]

ساد منذ صبح يوم الخميس هدوء حذر في ميدان التحرير بعد أن انسحبت الشرطة ووضع الجيش أسلاكا شائكة بالطرق المؤدية لوزارة الداخلية.[92] ونقل عن اللواء إبراهيم الدماطي، نائب رئيس الشرطة العسكرية، في تصريح للقناة الأولى بالتليفزيون المصري “إن الهدوء عاد مرة أخرى إلى ميدان التحرير منذ الساعة الثالثة فجر ‘الخميس’ حيث تمت السيطرة تماما على الموقف من خلال التعاون مع الشباب المخلصين من رجال الثورة. وأضاف الدماطي أن شباب الثورة تفهموا جيدا أن ما يحدث وتتناقله وسائل الإعلام يسيء إلى مصر. مشيرا إلى أننا ‘دخلنا في حوار مع الثوار الذين استجابوا تماما وتم التوصل إلى هذا الاتفاق، ولم تحدث بعد ذلك أية مشاكل داخل شارع محمد محمود،’ مؤكدا أن الأمور مستقرة وهادئة تماما داخل الشارع. وحول اتخاذ أي إجراءات ضامنة لعدم تجدد العنف مرة أخرى قال الدماطي إن بعض شباب الثورة ما زالوا متواجدين وهم لهم مطلب واحد الآن، هو الإفراج عن المعتقلين، مشيرا إلى انه سيتم التنسيق مع وزارة الداخلية لبحث حالات المعتقلين، تمهيدا للإفراج عن شباب الثوار.”[93] بعد اعتذار المجلس العسكري بدأ الخطاب العام في التغير حيث أصبح المعتصمون في التحرير ثوارا بعد أن كانوا خونة ومدمني ترامادول وأصبح الجيش لا علاقة له بما حدث. كما تم الإفراج عن 69 معتقلا تم القبض عليهم من محيط التحرير في الأيام السابقة كما تم إخلاء سبيل اﻷمريكيين الثلاثة.

وأكدت القوات المسلحة المصرية انه “تم الفصل نهائيا بين الثوار في ميدان التحرير وشارع محمد محمود ، وقد توقف تماما إطلاق القنابل المسيلة للدموع من قبل عناصر وزارة الداخلية حيث تقوم القوات المسلحة بتأمين شارع محمد محمود والشوارع الجانبية.”[94] كما “الجيش المصري [أقام] جدارا عازلا من الكتل الخرسانية على بعد نحو 200 متر من ميدان التحرير في شارع محمد محمود المؤدي إلى وزارة الداخلية والذي شهد اشتباكات استمرت أياما بين الشرطة ومحتجين يرفضون استمرار الحكم العسكري.”[95] من خلال بناء الجدران الأسمنتية والبوابات والحواجز وإقامة نقاط تفتيش، كانت بذور تحول المدينة إلى ما يشبه أرضا محتلة، وهو ما بدأ حتى في عهد مبارك – فمبارك قد بنى جدرانا وأسوارا حول المباني العامة والمتاحف والمكاتب الحكومية وفنادق الخمسة نجوم وحتى الأرصفة في المواقع الرئيسية.[96] كان ذلك يحدث بالتوازي مع سياسة النسيان الذي يتبناها النظام. وواصلت الأنظمة المختلفة منذ 2011 إرث مبارك، حتى حولت محيط التحرير إلى ما يشبه المستعمرة. ففي أغسطس 2011، وقفت قوات الأمن المركزي في الشمس خلال شهر رمضان، كتفا إلى كتف ليشكلوا جدارا بشريا حول الصينية (الحديقة الوسطى) في ميدان التحرير. ثم جاء هذا الجدار الذي بناه الجيش لينهي اشتباكات محمد محمود ليكون بداية لسلسلة من الجدران. فبحلول نهاية عام 2012، كانت منطقة وسط البلد تحتوي على أكثر من ثمانية جدران تحول بعضها لاحقا إلى بوابات دائمة مما يعيق الحركة ويشلها.

وعلى صعيد آخر، “استقبل المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق وذلك بمقر وزارة الدفاع بكوبري القبة مساء […] الخميس […] على صعيد متصل أكدت مصادر مقربة من الجنزوري أنه وافق على تولي رئاسة الحكومة الجديدة وأنه أعلن ذلك فور خروجه من لقائه مع المشير طنطاوي، الذي التقاه لتكليفه بتشكيل حكومة إنقاذ وطني.”[97] وأعلنت القوى الثورية المعتصمة بميدان التحرير رفضها المطلق، “لاختيار د.كمال الجنزوري، رئيس الوزراء في عهد نظام الرئيس حسنى مبارك البائد، رئيسا لحكومة الإنقاذ الوطني، واعتبرته محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق، وشددت على تمسكها بحكومة إنقاذ وطني تتمتع بصلاحيات كاملة ولا تضم بين صفوفها أي من رجال هذا النظام.”[98]

في أثناء ذلك أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد وفيات أحداث التحرير إلى 38 حالة وذلك بعد وفاة حالتي إصابة بمستشفى قصر العيني. وأصبحت حصيلة الإصابات منذ اندلاع المواجهات بين المتظاهرين في التحرير وبين الشرطة “إلى ٣٢٥٦ مصابًا من بينهم ١٣٠٨ مصابين تم نقلهم إلى مستشفيات صيدناوي ومعهد ناصر والهلال وأحمد ماهر والمنيرة وبولاق العام وغيرها، و ١٩٤٨ تم إسعافهم في موقع الأحداث وتركوا بعد تحسنهم، [… أما] من يتلقون العلاج بالمستشفيات فهم ٩٦ حالة فقط[99]

يوم الجمعة 25 نوفمبر 2015

في صباح يوم الجمعة، “توافد العشرات من المتظاهرين على ميدان التحرير ، للمشاركة في مليونية “الفرصة الأخيرة” التي دعت لها قوى وتيارات سياسية للمطالبة بتنفيذ مطالب الثورة.  ويطالب المشاركون في المليونية بتشكيل مجلس رئاسي مدني، وحكومة إنقاذ وطني، ولجنة تحقيق قضائية مستقلة برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز للتحقيق في مقتل المتظاهرين بميدان التحرير، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين على الفور، وإلغاء جميع الأحكام العسكرية السابقة وإعادة المحاكمات أمام المحاكم المدنية.”[100]

ومر اليوم بسلاسة ولكن”أعلنت عددًا من القوي الثورية بالتحرير اعتصامها المفتوح أمام مجلس الوزراء لمنع دخول الدكتور كمال الجنزوري المكلف برئاسته. وقال عصام الشريف، منسق الجبهة الحرة للتغيير السلمي، في مداخلة هاتفيه مع قناة الجزيرة، أن مطالب الثوار تتمثل في تسليم السلطة لحكومة إنقاذ وطني برئاسة الدكتور محمد البرادعي وذلك بكافة الصلاحيات، وعودة الجيش لثكناته. وأضاف ‘نطالب بتعيين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، نائبًا للشئون السياسية، والمستشار أشرف البارودي، نائبًا للشئون الأمنية، والدكتور أحمد النجار، نائبًا للشئون الاقتصادية.’ وكان المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد كلف الجنزوري بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، خلفًا للدكتور عصام شرف.”[101]. وكان هذا القرار واعتصام الثوار رفضا له بداية لمذبحة أخرى معروفة إعلاميا باسم أحداث مجلس الوزراء.

ما بعد محمد محمود

في هذا الجزء حاولنا سرد قصص محمد محمود من خلال الشاهدات والمقالات الصحفية والبيانات التي صدرت عن جهات حكومية وغير حكومية في فترة أحداث محمد محمود وعنها. هذا السرد ليس سردا كاملا متكاملا ولكنه هيكل يمكن أن يبنى عليه ويضاف إليه آلاف القصص والروايات المختلفة. فلكل شخص عشرات المواقف والحكايات عن كل يوم من هذه الأيام.

سرد هذه الحداث لا يتم فقط بتعديد المصابين والقتلى والمعتقلين، ولكن ثمة أيضا كل ما خلقه هذا الحدث من قصص وروايات ومبادرات. فمحمد محمود هو أيضا الرسومات التي ملأت جدران هذا الشارع وحاولته إلى مكان للتذكر والتدوين والتاريخ. هو أيضا سائقي الموتوسيكلات الذين تحولوا إلي عربات إسعاف تنقل المصابين من الخطوط الأولى إلى المستشفيات الميدانية. وهو أيضا المستشفيات الميدانية وخاصة مستشفي كنيسة قصر الدوبارة التي تحولت إلى رمز من رموز هذه الفترة. وهو علم مينا دانيال الذي كان دائما يلوح في الصفوف الأولى خلال الأحداث. كل هذه التفاصيل وتفاصيل أخري يمكن أن نحكي من خلالها عن محمد محمود. ولهذا فإن السردية المطروحة هي مجرد بداية لخلق سرديات متعددة لأحداث الثورة في مواجهة سياسة النسيان التي تتبناها الأنظمة المتتالية التي تحكم  وتكتب تدريجيا تاريخا أحاديا لتلك الفترة الثورية.

أحداث محمد محمود من واقع ملف القضية

تضم قضية محمد محمود 4593 ورقة تحتوي على محاضر ضبط المتظاهرين المحررة بمعرفة رجال الشرطة، باﻹضافة إلي أقوالهم أمام النيابة العامة عن تفاصيل الوقائع الواردة بتلك المحاضر، هذا بخلاف أقوال قيادات وضباط ومجندي قوات اﻷمن المركزي التي شاركت في اﻷحداث، ومحاضر جرد اﻷسلحة التي تحدد كمية الذخيرة المستهلكة والمفقودة في اﻷحداث. والتقارير الصادرة من الطب الشرعي والمستشفيات عن اﻹصابات، ومحاضر إجراءات النيابة العامة بعد الانتهاء من التحقيقات. وقد تم استبعاد أقوال المتهمين أمام النيابة العامة، ﻷن الهدف من هذا الجزء هو طرح رواية وزارة الداخلية للأحداث.

فمن خلال تلك الوثائق نحاول استيضاح الرسائل التي حاولت وزارة الداخلية رسمها لمشهد اﻷحداث بدايًة من أسباب فض الاعتصام مرورا بالروايات المختلفة التي روجت لها الوزارة مع تطور اﻷحداث وارتفاع وتيرة العنف المستخدم وتبريره.

الاستثناء الوحيد في الشهادات المستخدمة بخلاف الواردة على ألسنة مجندي وأفراد وضباط قوات اﻷمن هو شهادة لمواطن على المعاش بالقوات المسلحة.

أما فيما يتعلق بالجزء الخاص بالقضية المعروفة بـ”قناص العيون” فقد تم الاعتماد على أقوال المتهم، باﻹضافة إلي أقوال قائد قطاع اﻷمن المركزي التابع له المتهم. هذا بخلاف رأي اللجنة المشكلة من أعضاء اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون للتأكد من صحة اﻷسطوانة المدمجة وهل ثمة تلاعب بها من عدمه، وأخيرا اﻷوراق الرسمية المتعلقة باﻷسلحة وتشكيل القوات.

وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بالعفو عن المتهمين في القضية….

معلومات أساسية

رقم القضية:

 7106 لسنة 2011 جنايات عابدين المقيدة برقم 925 لسنة 2011 كلي وسط القاهرة. المعروفة باسم “أحداث محمد محمود”

الاتهامات وفقا لقرار اﻹحالة:

أولا: المتهمون جميعا

تجمهروا وآخرون مجهولون بغرض ارتكاب جرائم الاعتداء على رجال السلطة العامة والخاصة حال كونهم حاملين ﻷسلحة وأدوات من شأنها إحداث الموت واﻹصابات وقد وقعت منهم تنفيذا للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم اﻷتية:

  1. استعملوا وآخرون مجهولون القوة مع موظفين عموميين وأشخاص مكلفين بخدمة عامة لحملهم بغير حق [على] الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم حال كونهم حاملين ﻷسلحة ناريه وبيضاء وأدوات من شأنها إحداث الموت والإصابات، بأن تعدوا على ضباط وأفراد الشرطة المنوط بهم تأمين مقر وزارة الداخلية والمباني الحكومية المتواجدة بالمنطقة المحيطة بها ولمنعهم من حماية هذه المنشآت مستخدمين اﻷسلحة النارية والبيضاء والعبوات الحارقة والحجارة مما أحدث ببعضهم اﻹصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة ولم يبلغوا بذلك مقصدهم على النحو المبين بالتحقيقات.
  2. أحدثوا عمدا وآخرون مجهولون بضباط وجنود الشرطة المبينة أسماؤهم بالتحقيقات اﻹصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أعجزتهم عن أعمالهم مدة أقل من عشرين يوما ببعضهم وأكثر من عشرين يوما بالبعض اﻵخر على النحو المبين بالتحقيقات.
  3. خربوا وآخرون مجهولون عمدا أملاكا ومباني مخصصة لمرافق عامة وهي السيارات المملوكة لوزارة الداخلية ومبنى مأمورية ضرائب عابدين وقصر النيل بأن اقتحموا وأتلفوا كافة محتوياته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
  4. وضعوا عمدا وآخرون مجهولون في مبان ليست مسكونة ولا معدة للسكنى وهو مبنى مأمورية ضرائب عابدين وقصر النيل بأن ألقوا عليه عبوات حارقة تحوي مواد معجلة للاشتعال (جازولين) فأضرموا بها النيران على النحو المبين بالتحقيقات وتقرير مصلحة اﻷدلة الجنائية.
  5. أتلفوا وآخرون مجهولون أملاكا معدة للنفع العام (السيارات المملوكة لوزارة الداخلية) بأن ألقوا عليها الحجارة وأضرموا بأحدها النيران فأتلفوها على النحو المبين بالتحقيقات وتقرير مصلحة اﻷدلة الجنائية.
  6. أتلفوا وآخرون مجهولون عمدا أموالا خاصة ثابتة ومنقولة بأن قذفوا العقارات والمحال والسيارات المبينة وصفا باﻷوراق بالحجارة والعبوات الحارقة مما نتج عنها أضرارا مالية جسيمة وعرضوا حياة الناس وأمنهم للخطر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وتقارير مصلحة اﻷدلة الجنائية.
  7. حازوا وأحرزوا أسلحة نارية غير مشخشنة الماسورة.
  8. حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستخدم في أسلحة نارية غير مرخص لهم بإحرازها أو حيازتها.
  9. حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء مما تستعمل في اﻻعتداء على اﻷشخاص بغير ترخيص أو مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية.

ثانيا: المتهم التاسع: (أحمد السيد درديري عبد الكريم 26 سنة)

أحرز بقصد التعاطي أقراص مخدره لعقار (الترامادول) في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

مواد اﻻتهام:

المتهمون قد ارتكبوا الجنايات والجنح المؤثمة بالمواد  90\1 ، 137\مكرر ا ، 162\1 ، 241، 242، 253، 361\1 ، 2 ، 3. من قانون العقوبات والمواد 2، 3،3 مكرر، 4. قانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر، ,والمعدل بقانون رقم 78 لسنة 68 والمواد 1\1 ، 26\1 ، 5 ، 30\1. من القانون 394 لسنة 1954 بشأن اﻷسلحة والذخائر والمعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبندين 3 ، 7 من الجدول المعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والجدول رقم 2 الملحقين بالقانون اﻷول والمواد  2، 95، 111، 112، من القانون 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008 بشأن الطفل.

والمواد 1، 2، 27\1، 37\4، 42\1 من القانون 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانونين 61 لسنة 1977 و122 لسنة 1989 والبند رقم 3 من الفقرة ء من الجدول الثالث الملحق بالقانون اﻷول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 122 لسنة 2004.

قوات اﻷمن المشاركة في اﻷحداث:

 

 

قوات من الجيش

 

قوات اﻷمن المركزي      
أقسام الشرطة

        

روايات من ملف القضية

كيف بدأت وتطورت اﻷحداث

حاولنا قدر اﻹمكان في هذا الجزء من التقرير عرض أهم الروايات الصادرة عن وزارة الداخلية حول اﻷحداث من خلال أقوال القيادات والضباط والمجندين من قوات الشرطة واﻷمن المركزي المشاركين في فض الاعتصام  واستخدام القوة ضد المتظاهرين على مدار أيام.

واعتمدنا في ذلك على أقوال قوات اﻷمن أمام النيابة العامة، ومحاضر الضبط وجرد اﻷسلحة، والتقارير  الطبية، باﻹضافة إلى اﻷوراق الرسمية المتعلقة بتشكيل قطاعات اﻷمن المركزي وتسليح تلك القوات وغيرها من الوثائق الواردة بملف القضية.

الرواية اﻷولى: بداية اﻷحداث “تعطيل مصالح المواطنين وقطع الطريق”

التفاوض مع المعتصمين:

بدأت اﻷحداث يوم 19 نوفمبر 2011 عندما تلقى قسم قصر النيل بلاغا تقدم به اﻷهالي وأصحاب المحلات التجارية بسبب تضررهم من تواجد عدد كبير من المحتجين بالميدان وقيامهم بقطع الطريق وإعاقة حركة السير وتعطيل مصالح المواطنين.[102]

لذا تحرك مأمور قسم قصر النيل وقيادات من مديرية أمن القاهرة وقوات اﻷمن المركزي لرفع الخيام وفض الاعتصام، وحسب رواية رئيس عمليات قسم قصر النيل بدأ اﻷمر بـ”التفاوض مع المعتصمين والالتزام بأقصى درجات ضبط النفس في التعامل معهم وتقديم  النصح والإرشاد لهم  بإزالة الخيام وفض الاعتصام وإعادة حركة المرور، وبمجرد بداية التفاوض رفضوا الاستجابة للنصح والإرشاد وقاموا بتصعيد الموقف وقطع الطريق بميدان التحرير مما أدى لتعطيل المرور والمواصلات العامة”[103]، وعقب قيامهم بذلك قامت القوات المتواجدة برفع الخيام وإزالتها، وعلى أثر رفع الخيام قام المتجمعين برشق القوات بالحجارة مما أدى إلي حدوث إصابة ضابط وعدد من المجندين، ولعدم تصاعد الموقف التزمت القوات بأقصى الدرجات من ضبط النفس وتم صرف الخدمات من الميدان.

وحال انصراف سيارتي اللوري التابعتين ﻹدارة الترحيلات بمديرية أمن القاهرة المتوقفتين بشارع محمد محمود، قام المتجمعين برشق السيارتين بالحجارة مما أدى إلى تهشيم زجاج السيارة اﻷولى وإصابة قائدها ومستقليها نتيجة تناثر الزجاج المهشم وتمكن قائدها من الانصراف بها، بينما لم يتمكن قائد السيارة الثانية من التحرك بها لقيام المتجمعين بالتعدي عليه والقوة المرافقة بالضرب محدثين ما بهم من إصابات مما دعاهم لترك السيارة والانصراف عقب إحاطة المتجمعين بالسيارة.[104] ثم قاموا بالاستيلاء على السيارة وقيادتها إلي ميدان التحرير حيث قاموا بتحطيمها وإشعال النيران فيها.

وعليه انتقلت قيادات المديرية والأمن المركزي للمكان للعمل على احتواء الموقف وسحب السيارة المحتجزة إلا أن المحتجين اعترضوا القوات بشارع محمد محمود وقاموا برشقهم بالحجارة والزجاجات لمنعهم من الوصول لموقع السيارة وأشعلوا النيران بها كما اشعلوا النيران بعدد أربع دراجات بخارية بالميدان مملوكة للمواطنين.

لذا قامت القوات بالتعامل مع مثيري الشغب والسيطرة على الموقف  بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وتفريقهم بمناطق ميدان عبد المنعم رياض ومناطق أخرى متفرقة وتم فتح الميدان للحركة المرورية في جميع الاتجاهات وصرف القوات عقب عودة الحياة لطبيعتها.

وخلال الأحداث كما جاء بأقوال الرائد ياسر زعتر أمام النيابة العامة أثناء قيام المتجمعين بالتعدي على القوات أدى ذلك إلى استثارة العديد من المواطنين المارين بالميدان نتيجة وجود العديد من اﻹصابات بالقوات مما دفع هؤلاء المارة بالوقوف أمام رجال الشرطة وبمبادلة هؤلاء المحتجين بإلقاء الحجارة عليهم.

أما قائد قطاع أبو بكر الصديق للأمن المركزي العميد أحمد إسكندر محمد فيقدم رواية مختلفة عن نجاح التفاوض  حيث يقول ” أن المأمورية في البداية كانت التجمع بتشكيلات بميدان عابدين وهناك صدرت لنا التعليمات الخاصة بطبيعة المأمورية إزالة التعديات المتواجدة بميدان التحرير وكذلك الخيام المتواجدة بميدان التحرير”، “وبالنسبة للتشكيلين اللي بصحبتي تم تحديد تمركز التشكيل اﻷول بجوار فندق هيلتون والتشكيل الثاني تم تمركزه بشارع التحرير هو والميكروباص المدرع والمجموعات تم تكليفها بإزالة التعديات على صينية ميدان التحرير”، وعن الفض وإزالة التعديات قال “تمت بدون أي مقاومة عن طريق الحوار مع المعتصمين واقتنعوا تماما بالانصراف وتم مغادرتهم وإخلاء الصينية بالكامل بدون أي اشتباكات أو حدوث أي إصابات من الطرفين“، وأكد مرة أخرى على عدم حدوث أي اشتباكات من قبل المتظاهرين وقت الفض عند سؤاله فقال “أثناء الفض وبعد الفض لم يحدث أي محاولات للتعدي من أحد.”[105]

بداية مختلفة للأحداث

هناك رواية مختلفة نسبيا لبداية اﻷحداث تطرح العديد من اﻷسئلة حول حقيقة إن  كان قد تم التفاوض مع المعتصمين بالفعل قبل فض الاعتصام ورفع الخيام؟ وهل قام المعتصمون بالفعل بتعطيل حركة المرور وازعاج أصحاب المحلات واﻷهالي أثناء الاعتصام؟

قال مدير إدارة اﻷمن  برئاسة اﻷمن المركزي في أقواله أمام النيابة العامة بتاريخ 20 نوفمبر عن أحداث الفض وسبب إصابته[106]:

“اللي حصل أن أنا نزلت إمبارح بمر على خدمات اﻷمن المركزي اللي نزلت على ميدان التحرير لفض اعتصام الناس اللي موجودة في الميدان وبعد فضهم لقيت الناس اللي عند مجمع التحرير أهالي الشهداء ومصابي الثورة يحاولون الدخول للحديقة الوسطى في ميدان التحرير فصدرت تعليمات لقوات اﻷمن المركزي المتواجدة بأخلاء الحديقة وعند دخول أهالي الشهداء ومصابي الثورة للحديقة الوسطى قاموا بالهجوم علينا مستخدمين الطوب والحجارة والعصيان وأثناء ذلك جات طوبة في وجهي.”

وبسؤاله عن حالة الطريق من حيث المارة أثناء تلك الواقعة قال “الطريق كان ماشي عادي والناس متواجدة في الشارع.”

أما رئيس نقطة قصر النيل فقد قال أنه:

“حال قيامنا صحبة الخدمات اﻷمنية المعينة من كافة الجهات بالمديرية والقوات المعينة من اﻷمن المركزي وذلك لرفع الخيام المتواجدة بمنطقة حديقة مساحة مجمع التحرير وكذا بالحديقة الدائرية بالحديقة الوسطى بمنتصف ميدان التحرير حيث تبين وجود عدد 13 خيمة بمنطقة المجمع وعدد خمسة خيام بالحديقة الدائرية ويوجد بها أفراد بداخلها وحولها وحال تقدم القوات ناحيتهم لرفع تلك الخيام لفض المواطنين منها فوجئنا بالمتواجدين بالخيام قاموا بقطع الطريق بمنتصف ميدان التحرير أمام السيارات والمارة اﻷمر الذي أدى إلي تعطل الحركة المرورية وتوقفها تماما مما أثر ذلك على جميع المحاور المرورية بمنطقة وسط المدينة وقاموا باعتراض السيارات المارة ثم قاموا بالتعدي على القوات المتواجدين بالسب والشتم وقاموا بإلقاء الطوب والحجارة والزجاجات الفارغة على القوات”[107].

هل كان مع المعتصمين أسلحة؟

لم تتضمن أي من المحاضر اﻷولي عن بداية اﻷحداث أشارة لوجود أسلحة مع المعتصمين باستثناء ما ورد بالمحضر رقم 71 أحوال المحرر بمعرفة مفتش مباحث فرقة غرب. حيث أكد في المحضر سالف اﻹشارة على أن  المتظاهرين استخدموا بخلاف الطوب والزجاجات أسلحة حية ومحلية الصنع.

“تم انتقال قوات الشرطة واﻷمن المركزي في محاولة ﻹعادة الهدوء وفتح الطرق ومنعهم من موالاة إتلاف سيارة الشرطة والتعدي على قائدها إلا أن المحتجين تصدوا للقوات وقاموا برشقهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف المشتعلة وإطلاق أعيرة نارية من أسلحة محلية وحية يحملونها مما نتج عنه إصابات عدد من الضباط واﻷفراد واشتعال النيران في عدد أربعة دراجات بخارية مملوكة للمواطنين حرر بشأنها المحضر رقم 9793 جنح قصر النيل لسنة 2011.”[108]

وفي أقواله أمام النيابة العامة أكد على نفس الرواية، ولكن عند سؤاله عن هل قاموا باستخدامها؟ قال “هو أنا سمعت أصوات إطلاقها وزجاجات المولوتوف المشتعلة والحجارة كانت تلقى علينا باتجاهنا”، وبسؤاله عن هل شاهدت أي من المحتجين يحمل تلك اﻷسلحة؟  قال “هو فيما يخص الحجارة وزجاجات المولوتوف أنا شاهدتها ﻷنها كانت تلقى علينا بواسطتهم أما اﻷسلحة النارية والمحلية فلم أشاهدها ولكن سمعت صوت إطلاق ناري يصدر من تلك اﻷسلحة من وسط هؤلاء اﻷشخاص”. وحين تم سؤاله عن هل تم ضبط أي من تلك اﻷسلحة قال “هو تم ضبط جركن بنزين بمعرفة أحد المضبوطين”[109]

إذًا تعتمد رواية وجود أسلحة نارية محلية وحية مع  المتظاهرين على سماع أصوات إطلاقها فقط، فلم يتم مشاهدتها أو ضبطها، بل أيضا لا يوجد في صفوف قوات اﻷمن أي إصابات في بداية اﻷحداث نتيجة طلق ناري، بل بالعكس وجدت إصابات بطلق ناري (خرطوش) في صفوف  المتظاهرين وفقا لما هو وارد بالمحضر اﻷساسي.

انتهت الساعات الأولى من اﻷحداث وعلى عكس رواية الداخلية حول التفاوض وضبط النفس، أو ما قيل عن أن المحتجين يحملون أسلحة حية ومحلية الصنع، نجد أن الإصابات الواردة بالمحضر اﻷساسي الذي أشرنا إليه سابقا في صفوف المحتجين تؤكد على العكس وهو استخدام قوات اﻷمن للعنف المفرط ضد المعتصمين الذي أدي إلي:[110]

  1. قتل المواطن محمود أحمد محمد 23 سنة حاصل على دبلوم فني تجاري عقب إصابته بطلق ناري بصدره.
  2. إصابة 12 من المحتجين برش خرطوش بالعين وبالجبهة وأماكن متفرقة من الجسم.
  3. باﻹضافة إلي إصابة 31 بجروح وكدمات متفرقة بالجسم.

أما عن اﻷسلحة المستخدمة هذا اليوم وفقا للمحضر 74 أحوال المحرر بمعرفة النقيب محمد احمد عبد الرحمن بتاريخ 21 نوفمبر 2011 عن نتيجة لجنة جرد اﻷسلحة وأدوات الفض والغاز المستخدمة من قطاع العبور باﻷمن المركزي وهي كالتالي:[111]

  1. استهلاك عدد 158 مقذوف غاز 3231.
  2. استهلاك عدد 208 طلقة دافعة.
  3. استهلاك عدد 300 طلقة كاوتش.
  4. استهلاك عدد 134 قنبلة غاز 581 بدون جهاز إشعال.
  5. فقد عدد 14 رادع غاز شخصي.
  6. فقد عدد 2 خوذة فبر لفض الشغب.
  7. فقد عدد 2 عصا بلاستيك طويل.
  8. استهلاك عدد 12 مقذوف غاز 3430.

هذا فقط جرد قطاع واحد من اﻷمن المركزي.

رواية رقم 2: محاولة اقتحام وزارة الداخلية:

استمرت الأحداث بين المحتجين وقوات اﻷمن وتصاعدت وتيرة العنف وانتشرت في مساحات وشوارع جانبية، وفقا لرواية العقيد عصام العزب مفتش مباحث فرقة عابدين وهو المختص وظيفيا بفحص أي بلاغات وتحرير محاضر بشأنها وعرضها على النيابة العامة وتحديدا فيما يتعلق باقتحام وزارة الداخلية حيث قال:

“منذ صباح 20/ 11 / 2011  بدأ المتظاهرين في استخدام العنف مع القوات الشرطية المتواجدة بميدان التحرير بدؤوا في الدخول إلى الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية بقصد اقتحامها والاستمرار في التعدي على قوات اﻷمن المركزي المتمركزة في محيط الوزارة وقاموا برشقها بالحجارة والزجاجات الفارغة والمولتوف وتم غلق كافة الطرق المؤدية إلى مبنى الوزارة، مما ترتب عليه إصابات لبعض المجندين وتعطيل حركة المرور والمشاة. وأحدثوا بعض التلفيات في المنشآت العامة والخاصة مما أدى إلى استخدام القوات إلى الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم. وبتاريخ أمس تمكنت قوات اﻷمن والشرطة العسكرية من ضبط عدد أربعة وخمسين متهم أثناء قيامه بارتكاب تلك اﻷفعال وكلفت من قبل مديرية أمن القاهرة بتحرير محضر بشأن تلك الوقائع.”[112]

ويرى العقيد عصام العزب في أقواله أمام النيابة العامة أن هدف المتظاهرين “هو التعدي على الضباط وإحداث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار واحتلال وزارة الداخلية والاستيلاء عليها.”

وعن تعامل قوات اﻷمن المركزي وبعض عناصر القوات المسلحة مع المتظاهرين من أجل منعهم من الوصول إلى غايتهم -الاستيلاء على الوزارة –  قال:

“بدأت الشرطة في تحذيرهم عبر مكبرات صوت لحثهم على الكف عما يرتكبونه،” وقامت القوات “بالاصطفاف بالدروع وإطلاق القنابل المسيلة للدموع حول الوزارة”، وعن سؤاله حول من الذي أوكل للمتظاهرين ذلك العمل تحديدا قال “هو غرفة عمليات في العمل وكذلك التعليمات الإدارية والقانونية له.” ولا يوجد بتحقيق النيابة أي تفسير أو توضيح لهذه اﻹجابة، أما عن سؤاله عن اﻷدوات المستخدمة في الاعتداء على قوات اﻷمن قال “حجارة ومولتوف وسمعت بعض طلقات الأعيرة النارية.” ووفقا ﻷقواله لم تستخدم قوات اﻷمن أسلحة نارية لمنع المتظاهرين وكذلك لم يتم ضبط أي أسلحة نارية مع المتظاهرين.

وبسؤاله عن سبب إصابة أحد المتهمين – إسماعيل رجب الششتاوي –  بطلق ناري خرطوش بالساق اليسرى والظهر قال “أنا فعلا كنت سامع صوت طلقات نارية في وسط المتظاهرين ومن الجائز حدوث إصابته بسبب ذلك وقام مجهول بإحداثها.”

أكد العميد ذكي أحمد زمزم مدير إدارة مباحث الآداب[113] معين خدمة لتأمين وزارة الداخلية من الساعة العاشرة مساءا يوم 20 نوفمبر وحتى الساعة الثامنة صباحا، على نفس أقوال العقيد عصام العزب في أقواله أمام  النيابة العامة عن قيام المتظاهرين “بإلقاء حجارة صوب القوات المتمركزة بشارع محمد محمود لمحاولة إقصاء تلك القوات، للوصول إلى مبنى وزارة الداخلية لاقتحامها”، لذا قامت قوات من اﻷمن المركزي بضبط مجموعة من المتظاهرين بمعاونة القوات المسلحة المتمثلة في الشرطة العسكرية وفرق من القوات المسلحة.

وعند سؤاله عن من تحديدا من قوات اﻷمن المركزي والقوات المسلحة ضبط المتهمين قال “بالنسبة للأمن المركزي لا أتذكر أما بالنسبة للقوات المسلحة فقام الملازم أول (محمد أحمد عبد العال) والملازم أول (أحمد عادل حسن) من قوة اللواء أول فهد التابعة للقوات المسلحة.

شهادة فتحي المنشاوي

تقدم بطلب إلى النيابة العامة[114] من أجل سماع أقواله بشأن أحداث شارع محمد محمود يوم 20 نوفمبر 2011 ، يحمل كارنيه القوات المسلحة لكنه على المعاش ويبلغ من العمر 63 عاما، يقول فتحي الحسيني المنشاوي “كنت راجع من عند بنتي في البساتين عن طريق المترو ولما نزلت الميدان شفت أن فيه متظاهرين كثير بالميدان وكان الجو ملآن بالغاز المسيل للدموع وأنا كنت عارف إن فيه اشتباكات عند وزارة الداخلية فأنا قلت أروح عند الوزارة علشان أحاول أوقف الاشتباكات وفعلا اتجهت ناحية شارع مجلس الشعب ومشيت في شارع مجلس الشعب لحد آخره وكان أثناء مروري باقابل تشكيلات من العساكر كنت بأسألهم عن الضباط علشان أتكلم مع حد منهم فدلوني على مكانهم ووصلت عند سور وزارة الداخلية من ناحية شارع مجلس الشعب وفعلا قابلت مجموعة من الضباط وقلت لهم حرام اللي بيحصل في البلد فرد علي مقدم قال لي إن المتظاهرين هم السبب علشان هم اللي كسروا المحلات وهجموا عليهم وبعد كدا اللواء اللي قاعد معاه قال لي “أنا عبد المأمور وعندك المجلس العسكري روح له.

بعد فشله في إقناع قوات اﻷمن بوقف الاشتباكات، ذهب المنشاوي إلى المتظاهرين في محاولة ﻹقناعهم بالتوقف، “وفعلا وصلت هناك وحاولت أهدي الجو وأوقف المناوشات وتكلمت مع المتظاهرين فقالوا إن الشرطة هي اللي بتهاجمهم علشان ترجعهم لحد ميدان التحرير وتهاجمهم في الميدان.” فشل مرة أخرى في إقناع المتظاهرين وحاول أكثر من مرة دون جدوى وانسحب بعد ذلك.

وعند سؤاله أمام النيابة العامة عن المسافة التي تفصل بين المتظاهرين والوزارة قال “هي كانت مسافة كبيرة حوالي 200 أو 300 متر”، وعن الحالة التي شاهد فيها الاشتباكات قال “هم كانوا بيضربوا في بعض المتظاهرين بيضربوا بالطوب واﻷمن بيرد بقنابل الغاز المسيل للدموع وبالخرطوش.”

رواية رقم 3: مجند مصاب بطلق ناري يحكي عن الأحداث في 20 نوفمبر وعن تشكيلات اﻷمن المركزي والتسليح[115]

داخل العناية المركزة بمستشفى أحمد ماهر التعليمي استمعت النيابة العامة إلى أقوال المجند أحمد عطية قطاع اللواء أحمد شوقي المصاب بطلق ناري وعن تفاصيل حدوث اﻹصابة قال:

“صدرت لنا اﻷوامر بالتحرك من القطاع يوم السبت اللي فات إلي شارع محمد محمود عند وزارة الداخلية […] ووصلنا إلى شارع محمد محمود حوالي الساعة الواحدة صباح اليوم التالي نزلنا لقينا زمايلنا بتوع اﻷمن المركزي مشتبكين مع ناس متظاهرين هناك بيرموا عليهم طوب وحجارة ومولتوف وزمايلنا كانوا بيضربوا عليهم غاز لحد لما الغاز أثر علينا إحنا وزمايلنا بتوع اﻷمن المركزي والضباط طلبوا منا إن إحنا نوقف ضرب الغاز وطلبوا منا إن إحنا نضرب المتظاهرين بالحجارة وكان في ناس لابسة مالكي معانا ما أعرفش منين كانوا بيجهزوا لينا زجاجات مولتوف وبنرميهم على المتظاهرين زي ما بيرموا علينا لحد لما في ناس من المتظاهرين رموا مولتوف على عمارة وولعة فيها جريت أنا وأربعة من زميلي على المطافي اللي جنب وزارة الداخلية طلبنا منهم يطفو الحريقة لكن بتوع المطافي رفضوا يروحوا معانا علشان الضرب شغال وكان قبلها الشباب المتظاهرين ضربوني كثير قوي وعوروا عساكر مننا كثير وإحنا زعلانين على زمايلنا اللى إتصابت وعايزين ندافع عن نفسنا فمشيت أنا وأربعة من زمايلنا عساكر في اﻷمن المركزي وكنت أنا شايل درع وعصا وعساكر معايا واحد شايل درع وعصا وزميلنا التالت كان معاه بندقية خرطوش وزميلنا الرابع كان معاه بندقية غاز ودخلنا الشارع اللي كان فيه العمارة المحروقة علشان نخلي المتظاهرين ونحاول نطفي الحريقة لكن في ضابط كان بينادي علينا وقال لنا ارجعوا بس إحنا رفضنا علشان كان في ناس من زمايلنا اتصابت ولما دخلنا الشارع ما لقيناش حد من المتظاهرين فيه لكن بعد خمس دقائق لقينا المتظاهرين جت تاني وبيضربوني أنا وزمايلي بالطوب والمولتوف وأثناء ذلك فوجئت بطلق أسفل بطني ووقعت على اﻷرض وزمايلي شالوني وجروا بي على عربية الإسعاف عند الوزارة ونقلتني على المستشفى.”

وعن سؤاله هل هناك ثمة أدوات أو أسلحة مع المتظاهرين؟ قال:

“المتظاهرين كان عددهم كبير جدا وكانوا بيحدفوا علينا الطوب والمولتوف ما كانش في أسلحة نارية بتطلق من ناحيتهم إلا الطلقة التي أحدثت إصابتي ممكن يكون معاهم أسلحة كاتمة للصوت بس إحنا ما شفناش حاجة.”

وعند سؤاله عن تسليح القوات واﻷدوات والأشياء التي كانت معهم قال:

“إحنا موجودين في شارع محمد محمود بتشكيلين قوام كل تشكيل 75 مجند وفي كل تشكيل يوجد 6 جنود كل واحد معاه بندقية فيدرال لإطلاق قنابل الغاز ويوجد 6 آخرين من الجنود كل واحد سلاحه مزود بكاس إطلاق لضرب قنابل الغاز وباقي العساكر معاهم درع وخوذة وبالإضافة إلى ذلك كان في مجموعة تأمين تشكيل واحدة للتشكيلين بتوع قطاع أحمد شوقي ودي عددها حوالي 5 مجندين وتسليحهم اثنين كل واحد معاه بندقية خرطوش واثنين مزودين ببنادق كأس أطلاق وواحدة فيدرال باﻹضافة لذلك كان يوجد تشكيلين من الدراسة والبساتين. التشكيلين بتوع الدراسة كان معاهم مجموعة تأمين واحدة بنفس التسليح، والبساتين كان معاهم مجموعتين تأمين بنفس التسليح اللي قولت عليه.”

وعن سؤاله هل قامت قوات اﻷمن بإطلاق اﻷعيرة الخرطوش أو النارية على المتظاهرين؟ قال:

“أيوة قوات اﻷمن المركزي ضربت أعيرة خرطوش.” وعن من تحديدا الذي قام بذلك؟ قال “عساكر مجموعات التأمين اللي أنا قلت عليهم.” وعن عدد أسلحة الخرطوش التي كانت بحوزة هذه القوات. قال “قطاع الدراسة باعت مجموعتين تأمين فيهم أربع بنادق خرطوش وقطاع البساتين كان باعت بردوا مجموعتين تأمين فيهم أربع بنادق خرطوش وقطاع أحمد شوقي 1 كان باعت مجموعة تأمين واحدة معاها بندقيتين خرطوش”

رواية رقم 4: “اقتحام الداخلية” بلطجية مش متظاهرين

يقول اللواء ماجد مصطفى كمال نائب رئيس قطاع اﻷمن المركزي والمشرف العام على خدمات تأمين وزارة الداخلية عن أحداث يوم 21 نوفمبر في تقاطع شارع محمد محمود والشيخ منصور أمام النيابة العامة أنه:

“بالوصول إلي مبنى وزارة الداخلية صباح يوم الاثنين وردت معلومات إلى وزارة الداخلية بأن القائمين على الاشتباك مع أفراد الشرطة والجيش المتواجدين لتأمين وزارة الداخلية هم بعض من البلطجية الذين لا ينتمون إلى المتظاهرين والمعتصمين بميدان التحرير من ذوي المطالب السياسية، وإنما هم مجرد بلطجية غرضهم اقتحام مبنى وزارة الداخلية وإشاعة الفوضى في البلاد. وبعض من تلك المعلومات مصدرها قيادات المتظاهرين والمعتصمين بالميدان، والذين أكدوا للسيد وزير الداخلية بأن هؤلاء لا ينتمون إليهم، ولا علم لهم بهم. فتم تكليفي من قبل السيد وزير الداخلية أثناء فترة توقف الاشتباكات بالتوجه إلى هذه العناصر الخارجة عن القانون رفقة اللواء سعيد عباس مساعد قائد المنطقة المركزية للقوات المسلحة والمهندس مجدي كمال، وهو شخص له ثقل بميدان التحرير، ولم أكن قد التقيت به من قبل، وذلك لمحاولة تهدئة الوضع وعمل درع بشري من المواطنين الشرفاء والمتظاهرين السلميين لحماية قوات اﻷمن المركزي حتى تتولى القوات المسلحة تأمين هذا الشارع وتأمين كافة المداخل المؤدية إلى مبنى وزارة الداخلية. وبالفعل توجه ثلاثتنا في اتجاه هؤلاء البلطجية، وقمنا بالوقوف في المسافة التي تفصل بينهم وبين الخط اﻷمامي لقوات اﻷمن المركزي. وأثناء قيام المهندس مجدي كمال بالتحدث معهم باستخدام ميكروفون رأينا لهب طلق خرطوش وسمعت صوت طلقة ثم شعرت بوجود بعض الإصابات بجسدي والدماء تسيل منه.”[116]

وعن المسافة التي تفصل بين المتظاهرين وقوات اﻷمن، قال “كانت قوات اﻷمن المركزي متواجدة بشارع محمد محمود بتقاطعه مع شارع الشيخ منصور، وهؤلاء البلطجية متواجدون بشارع محمد محمود وتفصل بينهم وبين قوات اﻷمن مسافة حوالي مائتين وخمسون مترا تقريبا. وكنت أنا واقف في منتصف المسافة بين الطرفين، وبالقرب من البلطجية. وكان متواجد في تلك المنطقة الفاصلة بعض من أهالي عابدين وشارع محمد محمود.”

أما مصدر معلوماته لوصف المتظاهرين بالبلطجية فيعتمد على ما قاله المهندس مجدي كامل، وفقا لرواية اللواء ماجد “أول مرة أشوفه وهو كان حضر إلى وزارة الداخلية واجتمع مع السيد الوزير وأبلغه بأن القائمين بالتعدي على قوات اﻷمن المركزي ليسوا من ضمن متظاهري ومعتصمي ميدان التحرير وإنما هم مجموعة من البلطجية.”

وعن القوات والتسليح، قال “جميع القوات المتواجدة بالمنطقة بما فيها ضباط الشرطة لم يكن مع أيا منهم أسلحة نارية. إنما تسليح الخط اﻷمامي مكون من الدروع والعصي والقنابل المسيلة للدموع. وكانت المهام المكلفين بها هي صد هجمات البلطجية إلى ديوان الوزارة.” وعن المسئول عن تسليح أفراد قوات اﻷمن المركزي، قال “هو قرار كتابي بيصدر من وزير الداخلية وصدر عقب ثورة 25 يناير بعدم تسليح أفراد قوات اﻷمن المركزي إلا في حدود الدروع والعصي والقنابل المسيلة للدموع فقط.”

رواية رقم 5: قناص العيون “جت في عين أمه! جدع ياباشا جت في عينه!”

“الذي يقوم بالتصوير شخص واقف وسط عدد من جنود اﻷمن المركزي يتمركزون في وسط الطريق وعلى أرصفته في مواجهة عدد أخر من من تجمع أعداد من اﻷشخاص، يظهر أنه مجموعة من المتظاهرين، تفصل بينهم وبين جنود اﻷمن المركزي مسافة تقدر بحوالي عشرين مترا أو أكثر. وحدث تبادل لقذف الحجارة بين الطرفين. ويسمع طلق أعيرة تم يأتي ضابط ويظهر في الكدر قادما من خلف المصور الذي أمامه. يظهر في البداية حاملا بندقية، ويتقدم للأمام مقتربا من أعداد المتظاهرين، ويتجه بجوار إحدى اﻷشجار الموجودة على جانب الطريق، ويصوب السلاح الناري تجاه اﻷعداد الواقفة في نهاية الطريق، ويطلق عدد خمس طلقات تقريبا باتجاه أفقي في مواجهة المتظاهرين ثم يعود إلى الخلف متجها صوب الكاميرا فيظهر وجهه في الفيديو. ويتبين أنه شاب متوسط الطول والبنية، قمحي لون البشرة، ذو شعر أسود، يرتدي زي اﻷمن المركزي أسود اللون، ويحمل رتبة ملازم أول. وعند رجوعه وظهوره في وجه المصور وحتى خروجه من الكادر نسمع بعض اﻷشخاص يتكلمون عن تصويبه النار على المتظاهرين ‘يلعن دين أمه بنت المتناكة.’ ‘جت في عين أمه! جدع يا باشا. جت في عينه.’”[117]

في 30 نوفمبر 2011 أصدرت النيابة العامة قرارًا بضبط وإحضار محمد صبحي الشناوي الضباط بقطاع اﻷمن المركزي، وبتاريخ 30 نوفمبر 2011 تواجد الملازم أول محمد صبحي الشناوي أمام النيابة العامة بسراي نيابة شمال الجيزة  للتحقيق معه.

قال الضابط صبحي الشناوي أمام النيابة العامة أنه يوم 20 نوفمبر 2011 كانت  خدمته بشارع محمد محمود بوسط البلد ومعي ثلاث تشكيلات بالإضافة إلى عشرة مجموعات دعم بهدف القبض على مثيري الشغب في هذه المنطقة وتأمين المنشآت الحكومية بهذه المنطقة وخاصة وزارة الداخلية. وعن طبيعة تسليح المأمورية، هل كان من ضمنها أسلحة نارية وذخيرة حية وبنادق خرطوش؟ إجاب بالنفي.

وعن سؤاله عن الشخص الذي ظهر بالفيديو قال:

“هذا الشخص هو أنا بالفعل والبندقية التي كنت أحملها لم تكن بها ذخيرة خرطوش حبة وإنما طلقات دافعة التي تحدث صوت فقط وكان الهدف من ذلك تهويش المتظاهرين للابتعاد؛ حتى لا يواصلوا التقدم نحو الوزارة. ومن الواضح من المشهد أنهم كانوا على مسافة بعيده جدا بيني وبينهم، ولا يمكن تصور حدوث إصابتهم من هذه المسافة باستخدام ذخيرة حية. وإحنا ما كانش معانا ذخيرة حية واللي يؤكد كلامي لو دققنا في المشهد مش هتلاقي أي من المتظاهرين قد سقط أو أصيب.”[118]

أما عن تعليقه على ما ظهر في الفيديو الذي تم عرضه عليه، وما استمعنا إليهم بوجود صوت بالمشهد يقول “جدع يا باشا جت في عين أمه”، مما يشير إلي إصابة أحد المتظاهرين بعينه جراء تصويب وإطلاق النار من السلاح الذي كنت تحمله، قال “الجملة دي ما اتقالتش في الواقع، وما سمعتهاش. ولهذا السبب أنا بشكك في تركيب الجملة دي على اﻷسطوانة، والدليل على كدة فهذا الكلام لا يطابق المنطق والعقل علشان كده أنا بشكك في الكلام اللي أتقال ده وإنه يكون متركب.”

في أقواله أمام النيابة العامة قال الدكتور حمدي مصطفى عبد الرحمن العياط الطبيب الشرعي بالمكتب الفني لكبير اﻷطباء الشرعيين بالقاهرة بتاريخ 8 فبراير 2012، واختصاص وظيفته إجراء الكشف الطبي والشرعي على المصابين وإجراء الصفة التشريحية على الجثث المتوفية بناء على قرارات النيابة العامة وفحص كافة ما يتعلق بتلك القضايا من أحراز أو أسلحة وكذا فحص مسرح اﻷحداث لرفع أي آثار تتعلق بالواقعة.

وعن ما إذا كانت البندقية التي يحملها الملازم محمود صبحي الشناوي ويصوبها نحو المتظاهرين هي خرطوش أم بندقية تطلق قنابل غاز قال:

“يتضح من الصور التي يظهر بها الملازم أول المذكور أنه يحمل بندقية خرطوش غير مثبت عليها كأس مما يشير إلى أن البندقية التي بحوزته تستخدم باﻷساس ﻹطلاق طلقات الخرطوش.” كما قال أيضا “تلك البندقية إذا تم تثبت كأس على فوهتها يتم إطلاق قنابل غاز مسيل للدموع من خلالها وذلك باستخدام طلقات يطلق عليها طلقات دافعة. أما في حالة عدم وجود كأس ﻹطلاق قنابل الغاز فيكون استخدام تلك البندقية باﻷساس ﻹطلاق طلقات الخرطوش العادية المعروفة.”[119]

وبعد عرض مشهد اﻷسطوانة المدمجة سالفة اﻹشارة على الطبيب لمعرفة رأيه في المشهد قال “ما دار من حديث بذلك المشهد عقب إطلاق الضابط سالف الذكر ﻷعيرة من البندقية التي يحملها وأن البندقية أصابت الشخص المتحدث عليه في عينه، يشير إلى أن البندقية المستخدمة يطلق منها في ذلك الوقت طلقات خرطوش أدت ﻹصابة ذلك الشخص في عينه كما ورد بالفيديو وليس طلقات دافعة ﻷن الطلقات الدافعة تتبع كمية كبيرة من الغازات تطلق بها قنابل الغاز.”

وفيما يتعلق برأي اللجنة المشكلة من اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون عن حقيقة اﻷسطوانة التي تضم مشهد الضابط محمد صبحي الشناوي وهو يطلق النار على المتظاهرين أكدت اللجنة على أن “تبين أن هناك حوار تم تفريغه في ورقة واحدة تحمل رقم 7 في التقرير ثابت بها ما يدور بين شخصين يقفون بجانب ضابط أثناء ضربه الطلقات على المتظاهرين وذلك في ورقة واحدة وأحدهم أثناء الحوار ذكر عبارة ‘جات في عين أمه ابن المتناكة.’ ويرد أخر ‘جدع يا باشا. جت في عينه. جدع’ وهذه أبرز الجمل التي ذكرت في هذا الحوار وتبين كذلك أنه لا يوجد ثمة تداخل في الحوارات أو مونتاج في التسجيلات والصور واﻷحاديث أي لا يوجد بها أي تركيبات صوت على الصورة. أي أنه تسجيل حقيقي ومطابق للواقع صوت وصورة.”[120]

تسليح قوات اﻷمن المركزي:

أما فيما يتعلق بتسليح قوات اﻷمن المركزي فقد حددها قائد قطاع أبو بكر الصديق العميد أحمد إسكندر محمد حسن في أقواله أمام النيابة العامة.[121] وكذلك القرار الصادر من رئاسة اﻷمن المركزي إدارة العمليات بتاريخ 27 نوفمبر 2011 هو كالتالي:

أولا: قوة تشكيل فض الشغب:

  1. قوة التشكيل عدد (75) مجند – مقسم إلي ثلاث فصائل – قوام كل فصيلة (25) مجند بقيادة ضابط باﻹضافة إلي قائد التشكيل.
  2. يضاف لكل تشكيل مجموعة تدعيم بعدد (4) مجند مرافقة لقائد التشكيل وإشرافه المباشر وذلك بإجمالي عام (75 مجند + 4 مجموعات تدعيم + 3 ضباط قائد فصيلة + قائد التشكيل).

ثانيا: تسليح الفصائل ومجموعات التدعيم بتشكيل الفض:

  1. فصيلة فض الشغب (25) مجند:

– عدد (21) مجند خوذة ودرع وعصا.

– عدد (2) كأس إطلاق (وطلقات دافعة).

– عدد (1) بندقية غاز عيار 1.5 بوصة.

– عدد (1) حرس لوري بدنك كاوتش أو كهرباء.

  1. مجموعة التدعيم (4) مجند (إشراف قائد التشكيل):

– عدد (2) مجند بندقية خرطوش (كاوتش – مطاط).

– عدد (1) مجند غاز 1,5 بوصة.

– عدد (1) مجند كأس إطلاق (وطلقات دافعة).

ثالثا: المجموعات الخاصة المسلحة:

– في حالة الاحتياج لاستدعاء المجموعات المسلحة فتكون من سرايا الدعم باﻷمن المركزي (5 مجند برئاسة ضابط) وتسليحهم (2 آلي – 1 بندقية 1.5 بوصة – 2 خرطوش) تحت اﻹشراف المباشر ﻷقدم رتبة موجودة بمسرح العمليات.

رابعا: تسليح قوة ميكروباص فض الشغب:

تتكون من (10) مجند برئاسة ضابط:

– عدد (2) مجند بندقية خرطوش وطلقات (كاوتش أو مطاطي).

– عدد (2) مجند كأس إطلاق (وطلقات دافعة).

– عدد (2) مجند بندقية غاز عيار 1.5 بوصة.

– عدد (4) مجند قبض (بقناع واقي ودنك)

الحكم:

في الخامس من مارس ٢٠١٣ أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها بالسجن ثلاث سنوات بعد إدانته لارتكابه  أفعالا إجرامية يعاقب عليها القانون ضد المتظاهرين خلال أحداث شارع محمد محمود في نوفمبر 2011.

رواية رقم 6: مدرسة الفلكي و “الطرف المجهول”[122]

“في ظل الظروف التي تمر بها البلاد وما استتبع ذلك من فوضى في الشارع المصري وتعريض أرواح المواطنين للخطر وإتلاف المال العام والمنشآت والتعدي على أفراد الشرطة والجيش حتى تستمر تلك الحالة من الفوضى والاضطراب والإخلال بالأمن والطمأنينة لسلامة أرواح المواطنين.”

هكذا بدأ رئيس مباحث شرطة عابدين المحضر 24 أحوال بتاريخ 23 نوفمبر ملحق 9793 لسنة 2011 قصر النيل عن مجموعة مدرسة الفلكي. “فأثناء تواجد خدمات مكثفة من الشرطة والجيش لتأمين مبنى وزارة الداخلية نظرا لمحاولة بعض من المتظاهرين اقتحام مبنى الوزارة والتعدي على الخدمات المعينة عليها في محاولة للوصول إلى مبنى الوزارة وإحداث حالة من الفوضى بتلك المنطقة.” وفقا لراويته الواردة بالمحضر، “فقد تمكنت القوات اﻷمنية المشتركة من الجيش والشرطة من ضبط مجموعة من اﻷشخاص قاموا بالتسلل إلى مدرسة الفلكي الإعدادية والكائنة في تقاطع شارع الفلكي مع شارع محمد محمود دائرة القسم، وذلك بالقفز من أعلى سور المدرسة، مرتدين ملابس بلاستيك سوداء اللون، “تشبه أكياس القمامة كبيرة الحجم،” ثم صعدوا إلى أعلى مبنى المدرسة؛ حتى يتمكنوا من السيطرة من خلال هذا المكان على إلقاء الطوب والأحجار وزجاجات المولوتوف وإطلاق الأعيرة النارية على القوات وعلى المتظاهرين في آن واحد وبالفعل قاموا بإلقاء العديد من تلك الزجاجات المعبأة بالبنزين والأحجار ورشقها وتمكنوا بالفعل من إحداث إصابات في كلتا الجانبين من القوات والمتظاهرين والذي تم نقلهم على الفور بمعرفة سيارات الإسعاف لإسعافهم وتقديم اللازم لهم.”

رئيس شرطة عابدين هو المكلف بتأمين وزارة الداخلية في الفترة من 8 صباحا وحتى الرابعة عصرا، وباستلام المتهمين المقبوض عليهم وتحرير المحاضر لهم وعرضهم على النيابة العامة في الخدمة المسائية، وفي حين لم يشهد اﻷحداث  تعتمد روايته على أقوال القوات المشتركة من الشرطة والجيش الذين قاموا بتسليم  المتظاهرين المقبوض عليهم، وهو لا يعلم أسماء أفراد هذه القوات أو أي بيانات عنهم، ففي أقواله أمام النيابة العامة عن هل شاهدت الوقائع الدائرة بالمنطقة؟ قال “لا. حيث أن موقع خدمتي وتمركزي هو بجوار الباب الرئيسي لوزارة الداخلية بعيدا عن الاشتباكات بحوالي ستمائة متر، حيث أن الباب الرئيسي لوزارة الداخلية موجود بشارع الشيخ ريحان. في حين أن جميع الاشتباكات الدائرة كانت في شوارع محمد محمود، ومنصور، وموقعي لم يتح لي رؤية هذه الأحداث إلا أنني أستطيع سماع بعض من تلك الاشتباكات ورؤية آثارها.”

يري رئيس مباحث عابدين، وفقا ﻷقواله أمام قاضي التحقيق بتاريخ 1 يناير 2012، ان اﻷشخاص المقبوض عليهم من أعلى سطح مدرسة الفلكي “كانوا موجودين علشان يطلقوا أعيرة نارية على الشرطة والجيش والمتظاهرين؛ ﻹشاعة الفتنة بين الجهتين، وليعتقد كل طرف أن الطرف اﻷخر هو الذي يطلق اﻷعيرة النارية عليه، قاصدين استثارة الطرفين، بما يترتب عليه وقوع المزيد من القتلى والجرح.”

يقول النقيب عمر لاشين محرر المحضر رقم 86 أحوال  أمام النيابة العامة أن المتظاهرين “كانوا بيحاولوا اقتحام وزارة الداخلية علشان يعملوا فوضى وهرجلة، ﻷن وزارة الداخلية لو وقعت، جميع المديريات هتقع. فأنا نسقت مع اﻷمن المركزي إن كل إلى يمسكوه يجيبوه لي وأنا أعمل لهم محاضر. ودول عيال عايزين يخربوا البلد.”

العمل من أوراق القضية

كان من الصعب محاولة اكتشاف الحقيقة في ظل سيل من الكذب والتضليل المتعمد الوارد بأقوال قيادات وزارة الداخلية حول اﻷحداث، وعلى الرغم من ذلك اعتمدنا  في الإجابة على مجموعة من اﻷسئلة لتبيان مدى الزيف والتضليل الوراد بروايات القيادات اﻷمنية، على أقوال القوات اﻷمنية المشاركة في اﻷحداث من ضباط ومجندين.

حاولنا الإجابة عن، ما هي أسباب فض الاعتصام؟ ومن الذي اتخذ هذا القرار؟ ما هي اﻷسلحة المستخدمة من قبل قوات اﻷمن؟ ومن الذي يجب أن يحاكم؟

فبدايًة من المحضر الرئيسي الذي زعم أن أسباب فض الاعتصام قيام المعتصمين بقطع الطريق وإعاقة حركة السير وتعطيل مصالح المواطنين، حيث تلقى قسم قصر النيل بلاغ تقدم به اﻷهالي وأصحاب المحلات التجارية بسبب تضررهم من تلك اﻷفعال.

وعلى الرغم من خلو اﻷوراق من هذا البلاغ المزعوم الذي يفترض أن قوات اﻷمن تحركت بناءً عليه، إلا أن أقوال بعض القيادات و الضباط المشاركين في اﻷحداث تقول عكس ذلك تماما، على سبيل المثال ما قاله مقدم شرطة وائل هاني مدير إدارة اﻷمن  برئاسة اﻷمن المركزي أمام النيابة العامة عند سؤاله عن حالة الطريق من حيث المارة أثناء واقعة الفض قال “الطريق كان ماشي عادي والناس متواجدة في الشارع.” وهناك العديد من اﻷقوال التي تؤكد على عكس ما هو وارد بالمحضر الرئيسي تم عرضها فيما سبق.

أما عن اﻹجابة على سؤال “من الذي اتخذ قرار الفض؟” نستعين هنا بالشهادة الخاصة بالدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق في اﻹجابة على هذا السؤال نظرا لوجوده في الوزارة في ذلك الوقت. كما نعتمد في ذلك على أقوال رجل على المعاش بالقوات المسلحة ساعده الكارنيه الخاص بتجاوز التشكيلات المختلفة لقوات اﻷمن وصولا إلى سور وزارة الداخلية والحديث مع بعض القيادات.

ففي شهادته قال الدكتور عماد أبو غازي “وصلت مجلس الوزراء الساعة 10 الصبح، كان أول واحد موجود وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي وكان في حالة ثورة شديدة. قال لي إن المرة دي هو مستقيل ومش هيرجع في استقالته. وحاولت افهم من،ه بس كان في حالة غضب شديد جدا من اللي بيحصل. دخلنا الاجتماع، بدأ بالكلام، وقال إن فض الاعتصام تم بالمخالفة لأوامره. وإن هو ابلغ من مساعديه بأنهم سيتوجهون لفض الاعتصام صباح يوم السبت، وانه قال لهم إن ده ما يحصلش. لكنه حصل. وأبلغوه بعد التنفيذ. وقالوا له إن ده طلب من المجلس العسكري، إن الاعتصام يتفض قبل الظهر. هو اعتبر إن ده تدخل في عمله، ومن وجهة نظره إن الاعتصام مش مسبب مشكلة، وإن حتى لو عاوزين نفضه ممكن يتفض بهدوء بالليل بدون ما تحصل خسائر.”

وفي أٌقواله أمام النيابة العامة قال المواطن فتحي الحسيني المنشاوي “وصلت عند سور وزارة الداخلية من ناحية شارع مجلس الشعب, وفعلا قابلت مجموعة من الضباط، وقلت لهم حرام اللي بيحصل في البلد. فرد علي مقدم قال لي إن المتظاهرين هم السبب علشان هم اللي كسروا المحلات وهجموا عليهم وبعد كدا اللواء اللي قاعد معاه قال لي ‘أنا عبد المأمور وعندك المجلس العسكري روح له.'”

أما عن اﻷسلحة المستخدمة من قبل قوات اﻷمن، وهل من ضمنها أسلحة نارية أم لا؟ يمكن الاستدلال هنا بأقوال المجند التي أشرنا إليها سابقا، والتي أكد خلالها على قيام المجندين من فرقة التأمين التابعة باستخدام بندقية خرطوش ضد المتظاهرين، حيث قال “أيوة قوات اﻷمن المركزي ضربت أعيرة خرطوش.” وعن من تحديدا الذي قام بذلك؟ قال “عساكر مجموعات التأمين اللي أنا قلت عليهم.” وعن عدد أسلحة الخرطوش التي كانت بحوزة هذه القوات، قال “قطاع الدراسة باعت مجموعتين تأمين فيهم أربع بنادق خرطوش وقطاع البساتين كان باعت بردوا مجموعتين تأمين فيهم أربع بنادق خرطوش وقطاع أحمد شوقي 1 كان باعت مجموعة تأمين واحدة معاها بندقيتين خرطوش.”

هذا بخلاف ما أكدته المحكمة في حكمها في القضية المعروفة إعلاميا بـ”قناص العيون” على استخدام  محمد صبحي الشناوي الضباط بقطاع اﻷمن المركزي بندقية خرطوش، ففي الخامس من مارس ٢٠١٣ أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها بالسجن ثلاث سنوات بعد إدانته لارتكابه  أفعالا إجرامية يعاقب عليها القانون ضد المتظاهرين خلال أحداث شارع محمد محمود في نوفمبر 2011.

هذا باﻹضافة إلي تشكيل قوات اﻷمن المركزي وفقا للقرار الموجود بملف القضية المعروفة بـ”قناص العيون” في البند ثانيا 2. مجموعة التدعيم (4) مجند تحت إشراف قائد التشكيل  عدد (2) مجند بندقية خرطوش (كاوتش – مطاط).

وبالتالي كل ادعاءات قيادات الداخلية وأقوالهم أمام النيابة العامة التي تنكر تماما وجود أسلحة نارية (خرطوش) ما هي إلا كذب وتضليل.

بخصوص أحداث محمد محمود الأولى، المتهم فيها 379 شخص، قوائم العفو الشامل تضم 377 اسماً فقط، وتبقى اسمان:

  • أحدهما لم يتم إدراجه في قوائم العفو، بسبب إتهامه بحيازة أقراص ترامادول بقصد التعاطي، وحصل علىالبراءة بعدها من محكمة الجنايات. المتهم رقم 9- أحمد السيد درديري عبد الكريم 26 سنة – القاهرة – المطرية – 16ش أولاد الشيخ – عامل بمحل ملابس.
  • الآخر، لا توجد معلومات بشأنه أمام محكمة الجنايات. المتهم رقم 138- محمد شعبان محمود عكاشة 24 سنة – القاهرة – حلوان – كفر العلو – 5 ش نصار رجب – نقاش معماريهناك شبهة تكرار في أمر الإحالة لمتهمان آخران، ولكنهما مدرجان معاً في قوائم العفو:

المتهم رقم 41- خالد محمد سيد 42 سنة – الجيزة – الهرم – نزلة السمان – 42 ش تقسيم أحمد أبو طالب – بدون عمل

المتهم رقم 167- خالد محمد سيد علي 25 سنة – الجيزة – الهرم – نزلة السمان – 42 ش أحمد أبو طالب – نقاش

أخيرا،

نؤكد على أن من اتخذ قرار فض الاعتصام هو المجلس العسكري دون علم وزير الداخلية، إلا أن كليهما يتحمل المسئولية الجنائية عن قتل عشرات المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة.

خاتمة

“فاكر إن أنا كنت فاكر إن خلص الموضوع وهنكسب معركة محمد محمود وإن فيه حاجة جديدة، يعني حتى كنت مسجل الناس على التليفون ثورة2. الناس اللي قابلتهم في محمد محمود. في ناس مثلا قابلتهم في الأول كان اسمهم فلان ثورة. ولما الموضوع ما حصلش جه محمد محمود، وكان بالنسبة لي من كتر ما أنا كنت حاسس إن دي الثورة التانية خلاص وهنعدي وهنوصل والكلام ده كان واضح بالنسبة لي […] أنا فاكر حماسي واندفاعي في التمنتاشر يوم، وفي الأحداث اللي حصلت بعديها. بجمع دلوقتي إن فعلا أنا من بعد محمد محمود بقيت متردد في المواجهات. دايما بعديها بقيت اسأل نفسي اكتر، هل أنا هارمي طوبة على بني آدم تاني وألا لأ؟ أنا أصلا جي من مدرسة اللا عنف زمان، أنا كنت شغال في المشاريع اللي لها علاقة بإزاي الدنيا تبقى أحسن، لكن السياسة ما كانش ليا علاقة بيها خالص ما كانتش الحاجة اللي عاوز أحط فيها طاقتي […] لما جت الثورة 25 يناير كان غالبا أول مرة أرمي طوبة على حد وتتحدف عليا طوبة واتخبط بطوبة. اول مرة أتحط في موقف كده. وكواحد جي من المدرسة ديه كانت خضة، لكن كانت منطقية ومبررة. وقتها كانت واضحة قوي، كانت واضحة قوي الخير والشر. أنتم هناك يونيفورمات لابسين اسود واحنا هنا مختلفين والناس اللي حواليا ناس كلها باثق فيها كمبادئ وعارف إن هم مش بيعملوا كده علشان أي حاجة وحشة وانت بتمثل النظام وكل حاجة بيني وبين النظام. فكانت الحتة ديه مبررة. اعتقد التردد بتاع هل إن أنا أدخل أواجه هو ده اللي هيعمل تغيير، حاسس أن هو ابتدى ييجي وقت محمد محمود”[123]

محمد محمود كان حدث فتح أفكار وحملات مثل التي تحدث عنها ع.ع. “نزلنا على 10 تماثيل بليل وجبنا سلم كبير وغطينا عين من عينيهم. ده كان جزء من حملة كنا بنحاول نعملها للتوعية برة الميدان عن إيه اللي بيحصل في الميدان. التطور الطبيعي كان ‘أكيد في حل تاني غير الميدان.’ فبدأنا نعمل أفكار مختلفة علشان الناس تتعاطف مع الناس اللي في الميدان. كنا بنحاول نعمل حاجتين إزاي نكسب تعاطف الناس اللي برة وإزاي نخلي الموضوع لا مركزي، لأن كان فيه مشكلة إن الحاجات بتعيد وتزيد. كان فيه درج أفكار والناس محدودة بدرج الأفكار ده وفي مشكلة هنفتح الدرج ونعمل الفكرة اللي عملناها آخر مرة، فكنا بنحاول نخرج برة الدرج ده. عملنا أكتر من محاولة، شوية منهم نجحوا وشوية فشلوا.”[124]

محمد محمود هو كل ذلك وهو أيضا كل شهادة وقصة وحكاية لكل شخص شارك في هذه الأحداث، وكما أشار الدكتور أبو غازي في لقائه “أعتقد لسة بدري لحد لما نقدر نقرأ الأحداث دي، لأن ما نقدرش نقرأ الحدث ده لوحده. هي سلسلة أحداث لازم نفهمها مع بعض في سياق ممتد من جمعة 8 إبريل، لأحداث البالون، لاعتصام يوليو، لـ9 سبتمبر الاقتحام الثاني للسفارة الإسرائيلية والتعدي على السفارة السعودية وعلى وزارة الداخلية، لماسبيرو لمحمد محمود، لمجلس الوزراء، لإستاد بورسعيد. هي سلسلة من الأحداث، أعتقد لسة محتاجين وثائق أكثر علشان نقدر نعرف هي حصلت ليه. لكن في كل الأحوال بشوفها في سياقين. جزء أساسي منه هو جر الثوار لمعارك يفقد فيها عدد من الناس حياتهم، جرهم لفخاخ فخ وراء فخ؛ واستخدام المعارك دي لشيطنة الثورة وعمل فجوة بين الناس وبين الثوار.”[125]  ولكن هذا التقرير هو خطوة أولى لفهم الأحداث وسرد جزء منها.

هذه الورقة ليست الحقيقة حول محمد محمود ولكنها مجرد محاولة لتذكر الأحداث في ظل سياسة عامة للدولة تدعم النسيان وتخطي الماضي. فمنذ يناير 2011، والدولة تدفع من خلال قادتها وإعلامها وممثليها إلى حالة عامة “لتخطي الماضي”، وتشويه الأحداث الثورية واحدة تلو الأخرى. كما تحاول أن تسيطر على رواية هذه الأحداث بشكل موحد في صالحها. ومن هنا كانت فكرة بداية سلسلة من التقارير أو الأوراق البحثية التي تحاول ان تبني هيكلا بديلا لسرد حداث الثورة.

هذا التقرير هو مجرد دعوة لبداية جمع ذكريات أحداث الثورة كي يصبح تاريخ هذه الفترة أكثر من مجرد رواية من في السلطة. فهو عمل بحثي مبدئي يمكن أن يبنى منه وعليه الكثير من الأوراق والأبحاث، ليكون هناك قاعدة من الروايات والحكايات والقصص المختلفة لهذه الفترة. هذه محاولة لفتح حوار حول كيفية توثيق وتاريخ هذه الفترة مما تحمله هذه العملية من صعوبات. سواء كان ذلك لأن الأحداث كثيرة وبالتالي أصبحت ذكرياتها مشوشة في أذهان من عاشوها، أو قلت المصادر المتاحة لتأريخ هذه الأحداث أو لكون الكلام عنها ثقيل على نفس الكثيرين.

[1]خالد فهمي، 1997. كل رجال الباشا: محمد علي وجيشه وبناء مصر الحديثة. ترجمة: شريف يونس، 2000. دار الشروق. ص.29

[2]خالد فهمي – 26 يناير 2015 – لماذا سننتصر: الثورة مستمرة – الشروق

[3]لقاء مع الدكتور عماد ابوغازي – في سبتمبر 2015

[4]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  لضحايا العنف

[5]19 نوفمبر 2011 -“الأمن المركزي يفض اعتصام “التحرير” بالقوة ويلقي القبض علي عدد من المحتجين” بوابة الأهرام

[6]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[7]اشرف عمران – 18 نوفمبر 2011 – “حازم أبو إسماعيل من منصة التحرير: السلمي طعم ضحى به العسكري للتلاعب بالشعب – بوابة الأهرام

[8] ش.م هو احد من تم إجراء مقابلة بهم بمؤسسة حرية الفكر والتعبير أثناء جمع المادة البحثية وتجميع الشهادات لكتابة هذا التقرير.

[9]اشرف عمران – 18 نوفمبر 2011 – “حازم أبو إسماعيل من منصة التحرير: السلمي طعم ضحى به العسكري للتلاعب بالشعب – بوابة الأهرام

[10]مقابلة مع م.ش. أجريت في مؤسسة حرية الفكر والتعبير في أغسطس 2015

[11]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[12]18 نوفمبر 2011 – ” الآلاف يغادرون ميدان التحرير… وقوى إسلامية ومصابوا الثورة يعلنون الاعتصام” –  بوابة الاهرام  أش أ

[13]لقاء مع الدكتور عماد ابوغازي – في سبتمبر 2015

[14]لقاء مع الدكتور عماد أبوغازي – في سبتمبر 2015

[15]31 يناير 2012 – “الفجر تنشر تقرير لجنة تقصى الحقائق – (4500) مصاب وتساؤلات حول توقيت فض الاعتصامات” – بوابة الفجر

[16]أميرة وهبة – 19 نوفمبر  2011- “الأمن المركزي يفض اعتصام “التحرير” بالقوة ويلقي القبض علي عدد من المحتجين” – بوابة اﻷهرام.

[17]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[18]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[19]31  يناير 2012 – “الفجر تنشر تقرير لجنة تقصى الحقائق – (4500) مصاب وتساؤلات حول توقيت فض الاعتصامات” – بوابة الفجر

[20] 19 نوفمبر 2011 – “فض اعتصام التحرير بالقوة” – بوابة الفجر

[21]شريف أبو الفضل حسام زايد أميرة وهبة – 19 نوفمبر 2011 – “انتشار المدرعات بالتحرير..والمتظاهرون يفرون من قنابل الغاز.. والمصابون 81 شخصا” – بوابة الاهرام

[22]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[23]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[24] شريف أبو الفضل حسام زايد أميرة وهبة – 19 نوفمبر 2011 – “انتشار المدرعات بالتحرير..والمتظاهرون يفرون من قنابل الغاز.. والمصابون 81 شخصا” – بوابة اﻷهرام

[25]محمود عبد الغنى وهاني الحوتي ومهاب محمود – 19 نوفمبر 2011– “طبيب بـ”قصر العيني”: ارتفاع الإصابات بالتحرير لـ300″ – اليوم السابع

[26]أ ش أ – 19 نوفمبر 2011 – “إصابة الناشطين مالك مصطفى ورشا عزب في اشتباكات التحرير.. وانتقادات للداخلية على فيسبوك وتويتر”- الشروق

[27]عائشة سيد احمد – 23 نوفمبر 2011 – ” سوريا ومصر: رصاص الشرطة يخطف أبصار المصورين” – مركز الدوحة لحرية الاعلام

[28]مقابلة مع م.ر في مؤسسة حرية الفكر والتعبير في أغسطس 2015

[29]فيديو المصري اليومhttp://www.almasryalyoum.com/videos/details/3788

[30]مقابلة مع م.ر في مؤسسة حرية الفكر والتعبير في أغسطس 2015

[31]محمد كساب – 19 نوفمبر 2011 – “صورة أول شهيد اليوم.. والصحة: سقط بطلق ناري وعدد المصابين بلغ 676” – البديل

[32]20 نوفمبر 2011 – “ارتفاع أعداد الإصابات الشرطية إلى 21 ضابطا و 59 مجندا ” – جريدة النهار المصرية

[33]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[34]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[35]محمد كساب – 19 نوفمبر 2011 – “صورة أول شهيد اليوم.. والصحة: سقط بطلق ناري وعدد المصابين بلغ 676” – البديل

[36] أميرة العناني – 21 نوفمبر 2011 – “بالفيديو.. مصدر عسكري: مستعدون لحماية المتظاهرين في الميدان”- المشهد

[37] مقابلة مع ع.ع اجرية من قبل باحثة ملف الضمير والذكرة- سبتمبر 2015

[38] مقابلة مع ع.ع أجري من قبل باحثة ملف الضمير والذكرة- سبتمبر 2015

[39]محمود سعد الدين ومحمد إسماعيل ومحمد حجاج – 20 نوفمبر 2011  – “الأمن المركزي يكثف تواجده بشارعي القصر العيني ومحمد محمود- اليوم السابع

[40]أيمن الشريف وعلي موسى – 20 نوفمبر 2011  – اشتعال النيران في إحدى العمارات السكنية بشارع محمد محمود – المشهد

[41] 20 نوفمبر 2011   – «التحرير» ينتصر على «كوبري القبة»  – المصري اليوم

[42]حسام زايد – 20 نوفمبر 2011 – “لصحة: ارتفاع عدد حالات الوفاة إلى 10 قتلى وحصيلة المواجهات بالتحرير 1700 شخصا” – بوابة الأهرام

[43]20 نوفمبر 2011 – “استقالة وزير الثقافة والإفراج عن بثينة كامل وأنباء عن احتجاز الثوار لعميد وثلاثة جنود” -الأقباط متحدون

[44]هبة عبدالستار – 21 نوفمبر 2011 – “يقدم شهيدًا آخر فى أحداث التحرير” – بوابة الأهرام

[45]مقابلة مع م.ر في مؤسسة حرية الفكر والتعبير في أغسطس 2015

[46]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[47]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[48]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[49]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[50] يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[51] 20 نوفمبر 2011 – “استقالة وزير الثقافة والإفراج عن بثينة كامل وأنباء عن احتجاز الثوار لعميد وثلاثة جنود” -الأقباط متحدون

[52]أشرف بدر – 20 نوفمبر 2011 – “مجلس الوزراء: الانتخابات فى موعدها ولا نية للتأجيل والتوتر الحالي “مفتعل””- بوابة الأهرام

[53] لقاء مع الدكتور عماد ابوغازي – في سبتمبر 2015

[54]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[55]مصطفى الاسواني – 21 نوفمبر 2011 – “أطباء ميدانيين يؤكدون وصول جثث تحمل آثار رصاص حي” – الشروق

[56]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[57]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[58] محمد نابليون – 21 نوفمبر 2011- “شماريخ الألتراس تنهال على جنود الأمن المركزي بالتحرير” – المشهد

[59] هشام عمر عبد الحليم – 21 نوفمبر 2011 – “المتظاهرون يصدّون هجومًا جديدًا لقوات الأمن وقنابل بعيدة المدى تطلق على الميدان “– المصري اليوم

[60] أميرة العناني – 21 نوفمبر 2011 – “بالفيديو.. مصدر عسكري: مستعدون لحماية المتظاهرين في الميدان” – المشهد

[61]عمر الهادي – 22 نوفمبر 2011 – “آلاف المتظاهرين على بعد أمتار من الداخلية ومدرعات الجيش تحيط بالوزارة “– المصري اليوم

[62]حسام زايد – 21 نوفمبر 2011 – “نقل جثة جديدة لقصر العيني لترفع الوفيات إلى ٢٤ منذ بداية أحداث التحرير” -بوابة الأهرام

[63]أ.ش.أ – 21 نوفمبر 2011 – “إصابة قائد قوات الأمن المركزي بطلقات خرطوش في شارع محمد محمود” -بوابة الأهرام

[64] يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[65] دندراوي الهواري ومحمد الجالي وأحمد إمام  – 21 نوفمبر 2011 – “أنباء عن قبول ‘العسكري’ استقالة شرف” – اليوم السابع

[66] ممدوح شعبان ومها سالم – 21 نوفمبر 2011 – “العسكري يدعو القوى السياسية إلى حوار عاجل لدراسة أسباب تفاقم الأزمة وتصورات حلها” -بوابة الأهرام

[67]22 نوفمبر 2011 – “بعد ثلاثة أيام من العنف الوحشي ضد المتظاهرين منظمات حقوقية مصرية تطالب بتقديم قيادات الداخلية والشرطة العسكرية إلى المحاكمة الجنائية” -المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

[68]21 نوفمبر 2011 –”القوى السياسية تدعو لـ«مليونية التوافق» الثلاثاء وتتهم «العسكري» بقيادة ثورة مضادة” _ المصري اليوم

[69]23 نوفمبر 2011  – ” اشتباكات جديدة بشارع محمد محمود فجر اليوم.. وأبوإسماعيل يصل الميدان –  أخبار مصر

[70]ايمن الشريف- 23 نوفمبر 2011 – ” بالصور.. “المشهد” ترصد اشتباكات الأمن والمتظاهرين داخل الجامعة الأمريكية” – المشهد

[71]أ.ش.أ – 22 نوفمبر 2011 – “العوا: اتفاق على تشكيل حكومة إنقاذ وطني خلال اجتماع القوى السياسية مع عنان” – بوابة الأهرام

[72]21 نوفمبر 2011 – “ضبط 3 أجانب أثناء مشاركتهم بإلقاء المولوتوف على قوات الشرطة” – شباب مصر

[73]يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[74]21 يناير 2012– “نص بيان المشير طنطاوي ردًا على الأحداث الجارية بميدان التحرير”- بوابة الأهرام

[75]أشرف عمران وأميرة وهبة – 22 نوفمبر 2011 – “تجدد الاشتباكات بشارع محمد محمود بعد خطاب المشير وإصابة المئات بالاختناق” – بوابة الأهرام

[76]حسام زايد – 22 نوفمبر 2011 – “حالتا وفاة بالتحرير ترفع الحصيلة إلى 31 قتيلاً”.

[77]أميرة هشام – نوفمبر 2011 – تقرير طبي من قصر العيني يؤكد استشهاد 5 في أحداث محمد محمود بأعيرة نارية – بوابة الأهرام

[78]ايمن شريف – 23 نوفمبر 2011 –”اللجان الشعبية تكثف تواجدها على مداخل ومخارج التحرير” – المشهد

[79]23 نوفمبر 2011 – “«العسكري» يبحث عن «مُنقذ» و«التحرير» يبحث عن «زعيم»” –  المصري اليوم

[80] يناير 2012 – “يوميات شعب ثائر تحت حكم العسكر”- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي  ضحايا العنف

[81] 23 نوفمبر 2011 – “«العسكري» يبحث عن «مُنقذ» و«التحرير» يبحث عن «زعيم»” –  المصري اليوم

[82] شريف أبو الفضل وهشام المياني – 23 نوفمبر 2011 – “إخماد حريق مكتبة الجامعة الأمريكية والمتظاهرون يرفضون مغادرة المبني” – بوابة الأهرام

[83] مصطفى المرصفاوي – 23 نوفمبر 2011 – “«رانيا».. أول شهيدة من أطباء المستشفى الميداني بـ «التحرير»” المصري اليوم

[84] 23 نوفمبر 2011 – “«المجلس العسكري»: لم نستخدم قنابل الغاز وعلى «الشباب الثوري» الحذر من الشائعات” – المصري اليوم

[85]23 نوفمبر 2011 – “تصريحات وزارة الداخلية حول الأحداث الحالية” – أخبار بلدي

[86] د.ب.أ – 23 نوفمبر 2011 – “بريطانيا وألمانيا تحثان مصر على وقف استخدام الرصاص الحي والغاز”  – ليوم السابع

[87] إمام أحمد – 24 نوفمبر 2011 – “دعوة لمليونية ‘القصاص’ بميدان التحرير الجمعة المقبلة” – مصراوي

[88]ابتسام تعلب – 24 نوفمبر 2011 – “قوى سياسية تدعو إلى مليونية «تنحي العسكري» الجمعة” – أخبار مصر

[89]محمد شوشة – 24 نوفمبر 2011 –”العسكري يعتذر رسميا ويعزي أسر الشهداء ويقيم مستشفى عسكريا ميدانيا بالتحرير” – بوابة الشروق

[90]24 نوفمبر 2011 – صفحة “ادمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة” – Facebook.com

[91] مقابلة مع ع.ع أجريت من قبل باحثة ملف الضمير والذكرة- سبتمبر 2015

[92]   https://www.youtube.com/watch?v=y44Khl0D1Po

[93]24 نوفمبر 2011 – “الثوار يغلقون محمد محمود ويبدؤون في تنظيف الميدان”

[94] 24 نوفمبر 2011 – صفحة “ادمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة” – Facebook.com

[95] 24 نوفمبر 2011 – “تلفزيون – الجيش المصري يقيم جدارا عازلا بشارع يؤدي إلى وزارة الداخلية”

[96] 24 نوفمبر 2011 – “تلفزيون-الجيش المصري يقيم جدارا عازلا بشارع يؤدي إلى وزارة الداخلية ”

[97]ممدوح شعبان ومها سالم وأشرف بدر- 24 نوفمبر 2011 –”المشير طنطاوي يستقبل كمال الجنزوري. ومصادر تؤكد قبوله تشكيل الحكومة الجديدة”.

[98]سمير السيد – 24 نوفمبر 2011 – “القوى الثورية بالتحرير: اختيار الجنزورى محاولة من “العسكري” لإعادة إنتاج نظام مبارك” – بوابة الأهرام

[99]حسام زايد – 24 نوفمبر 2011 – “ارتفاع وفيات أحداث التحرير إلى ٣٨ بعد وفاة مصابين بقصر العيني اليوم” – بوابة الأهرام

[100]26 نوفمبر 2011 – “توافد المتظاهرين على التحرير للمشاركة في “الفرصة الأخيرة

[101]محمد مصطفى – 25 نوفمبر 2011 – “قوى ثورية تعتصم أمام مجلس الوزراء لمنع الجنزوري من دخوله” – مصراوي

[102]–  المحضر الرئيسي رقم 9793 لسنة 2011 جنح  قصر النيل بتاريخ 19 نوفمبر 2011 الساعة 5 م بمعرفة رئيس عمليات قسم قصر النيل الرائد ياسر زعتر.

[103]– أقواله رئيس عمليات قصر النيل أمام النيابة العامة بتاريخ 20 نوفمبر 2011  عن الوقائع الواردة بالمحضر..

[104]– المحضر الرئيسي رقم 9793 لسنة 2011 جنح قصر النيل – مرجع سابق.

[105]– أقوال قائد قطاع أبو بكر الصديق للأمن المركزي أما النيابة العامة بتاريخ 1 ديسمبر 2011.

[106]– أقوال مقدم شرطة وائل هاني مدير إدارة اﻷمن  برئاسة اﻷمن المركزي أمام النيابة العامة بتاريخ 20 نوفمبر 2011.

[107]– المحضر رقم 35 أحوال ملحق بالمحضر 7814 إداري لسنة 2011 قسم قصر النيل المحرر بمغرفة رئيس نقطة قصر النيل.

[108]– لمحضر رقم 71 أحوال  بتاريخ 19 نوفمبر 2011 المحرر بمعرفة العقيد أحمد خيري مفتش مباحث فرقة غرب، مرفق بالمحضر رقم 9793 لسنة 2011 جنح قصر النيل.

[109]– أقوال العقيد أحمد خيري أمام النيابة العامة بتاريخ 20 نوفمبر 2011.

[110]– المحضر الرئيسي رقم 9793 لسنة 2011 جنح  قصر النيل بتاريخ 19 نوفمبر 2011 الساعة 5 م بمعرفة رئيس عمليات قسم قصر النيل الرائد ياسر زعتر.

[111]– المحضر 74 أحوال المحرر بمعرفة النقيب محمد احمد عبد الرحمن بتاريخ 21 نوفمبر 2011 عن نتيجة لجنة جرد اﻷسلحة

[112]– أقوال  العقيد عصام العزب مفتش مباحث فرقة عابدين أمام النيابة العامة بتاريخ 21 نوفمبر 2011. عن المحضر رقم11 أحوال المحرر بتاريخ 20 نوفمبر 2011..

[113]– أقوال العميد ذكي أحمد زمزم مدير إدارة مباحث اﻷداب أمام النيابة العامة بتاريخ 21 نوفمبر 2011.

[114]– شهادة  فتحي الحسيني المنشاوي  يحمل كارنيه القوات المسلحة لكنه على المعاش هو يبلغ من العمر 63 عاما أمام النيابة العامة بتاريخ 27 نوفمبر 2011.

[115]– تحقيق النيابة العامة مع المجند أحمد عطية عبد الحميد بتاريخ 22 /11 / 2011 ، كذلك سماع أقواله أمام قاضي التحقيق بتاريخ 29 / 2/ 2012 .

[116]– أقوال نائب رئيس قطاع اﻷمن المركزي والمشرف العام على الخدمات أمام النيابة العامة بتاريخ 22 نوفمبر 2011.- المحاضر أرقام 54 أحوال و72 أحوال ملحق 9793 لسنة 2011 قصر النيل بمعرفة النقيب كريم عبد العزيز معاون مباحث قسم عابدين بتاريخ 21 نوفمبر 2011.    – محضر تحقيق النيابة العامة بتاريخ 22 نوفمبر 2011 مع  ياسر محمد طلعت محمد رائد شرطة أمن مركزي بقطاع الشهيد محمد ناجي الشماشرجي.

[117]– محضر استماع ومشاهدة رئيس نيابة وسط القاهرة الكلية للأسطوانة المدمجة المرفقة بالعريضة رقم 6 لسنة 2001 عرائض أحداث وسط القاهرة بتاريخ 23 نوفمبر 2011

[118]– التحقيق مع الملازم محمد صبحي الشناوي أمام النيابة العامة بتاريخ 30 نوفمبر 2011.

[119]– أقوال الطبيب حمدي مصطفي عبد الحمن العياط الطبيب الميداني بالمكتب الفني لكبير اﻷطباء الشرعيين بالقاهرة أمام النيابة العامة بتاريخ 8 فبراير 2012.

[120]– أقوال أعضاء اللجنة المشكلة من اتحاد اﻹذاعة والتليفزيون أمام النيابة العامة بتاريخ 14 فبراير 2012.

[121]– أقوال قائد قطاع أبو بكر الصديق للأمن المركزي أما النيابة العامة بتاريخ 1 ديسمبر 2011.

[122]– يعتمد هذا الجزء على المحضر رقم 24 أحوال ملحق 9793 لسنة 2011 جنح قصر النيل بتاريخ 23 نوفمبر 2011 بمعرفة رئيس مباحث قسم عابدين الرائد وائل الشموتي. – أقوال الرائد وائل الشموتي أمام النيابة العامة بتاريخ 23 نوفمبر 2011. – أقوال الرائد وائل الشموتي أمام قاضي التحقيق بتاريخ 1 يناير 2011. – المحضر رقم 86 أحوال ملحق 9793 لسنة 2011 جنح قصر النيل بتاريخ 23 نوفمبر 2011 بمعرفة معاون مباحث عابدين النقيب عمرو لاشين. – أقوال النقيب عمرو لاشين أمام قاضي التحقيق بتاريخ 6 فبراير 2012.

[123]  مقابلة مع ع.ع اجرية من قبل باحثة ملف الضمير والذكرة- سبتمبر 2015

[124]مقابلة مع ع.ع أجرتها باحثة ملف الضمير والذكرة- سبتمبر 2015

[125]لقاء مع الدكتور عماد ابوغازي – في سبتمبر 2015

محتوى المدونة منشور برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 4.0