تدخلت مؤسسة حرية الفكر والتعبير أمس، في الدعوى رقم 8931 لسنة 65 ق المقامة من بعض المحامين أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الإعلام وآخرين ، والتي يهدفون من خلالها إلى وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بعرض المسلسل الإيراني \” يوسف الصديق \” على بعض القنوات التي تبث على القمر الصناعي المصري ” نايل سات “. هذا وقد استند رافعي الدعوى إلى بعض الفتاوى المتعاقبة لمؤسسة الأزهر التي تحرم دينياً تجسيد شخصيات الأنبياء في الأعمال المسرحية أو السينمائية أو التلفزيونية . وقد قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 8/1/2011 لاختصام قناتي ميلودى دراما والكوثر واتخاذ إجراءات تدخل المؤسسة في الدعوى .
وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن هذا النوع من الدعاوى القضائية، يشكل تهديداً لحرية الفكر والإبداع ، كما يشكل انتهاكاً لحق المواطنين الذين يشاهدون مثل هذا العمل الفني، في التعرف على الآراء المختلفة والمتعددة ، فضلاً عن أن الدستور المصري يكفل هذه الحرية بموجب المادة 49 منه دون أية قيود ، ومن ثم فان طلب وقف عرض هذا المسلسل استناداً إلى هذه الفتاوى يعتبر مخالفة للدستور ، وهو ما عانى منه الإبداع و المبدعين كثيراً.
وتعتبر مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن أسلوب إقامة دعاوى قضائية لفرض رقابة على أحد المبدعين أو الأعمال الإبداعية، هو أحد أشكال الرقابة المتعددة ، إلا أن هذا الأسلوب يأخذ طابعاً دينياً ، حيث أن الدافع الرئيسي لمن يقيمون تلك الدعاوى ينحصر بين فكرتي الحلال والحرام استناداً فقط لما انتهت إليه المؤسسة الدينية الرسمية المتمثلة في الأزهر من فتاوى في هذا الصدد ، وعلى سبيل المثال الدعاوى القضائية المتداولة الآن أمام القضاء للمطالبة بإغلاق بعض القنوات الشيعية مثل قناتي ( الأنوار ) و ( فدك ) لمخالفتها الاتجاه السني، والدعوى القضائية التي تطالب بحرق كتب المفكر \”جمال البنا\” بدعوى ازدراءه للدين الإسلامي .
كذلك ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن وقف عرض هذا المسلسل إن تم، فإنه سوف يمثل ضربة قوية لحرية المسرح والسينما والتلفزيون ، تلك الفنون التي تعتبر من أعظم ما أنتجته البشرية ، والتي تمنحنا صوراً مختلفة للحياة ، قد نختلف معها ، أو نتفق ، ولكن حتماً لا تجوز مصادرتها أو فرض قيود عليها طالما لا تدعو للكره أو العنصرية .
أخيراً ترفض مؤسسة حرية الفكر والتعبير المنطق الانتقائي لرافعي الدعاوى المطالبة بفرض قيود على بعض الأعمال الإبداعية ، حيث إنهم في نفس الوقت الذين يطلبون فيه وقف عرض مسلسل \” يوسف الصديق \” كانوا منذ أسابيع يطالبون ذات المحكمة بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بوقف بث بعض القنوات الدينية ، وهو ما تراه المؤسسة ازدواجية في فهم الحرية ، فالحرية لا تتجزأ، وإذا كان ينبغي اتخاذ موقف تجاه وقف بث هذه القنوات الدينية والدفاع عن حريتها ، فإن ذات المنطق يقتضى أن ندافع أيضاً عن بعض الأعمال الإبداعية حتى وإن رآها البعض مخالفة لاتجاهات دينية معينة ، وبغير ذلك فان حرية الإبداع تفرغ من مضمونها وتصبح مجرد حبرا على ورق الدستور دون أن يكون لذلك صدى في الواقع .