في إطار عملها كمؤسسة حقوقية تهتم برصد وتحليل كل ما يتعلق بانتهاكات حرية الرأي والتعبير، أصدرت مؤسسة “حرية الفكر والتعبير” تقريرا بعنوان “حُرية الإعلام في الجمهورية الثانية، حبس.. منع.. مصادرة”، والذي يهدف إلى إلقاء نظرة على أهم الانتهاكات التي حدثت في مصر منذ بداية الجمهورية الثانية وتحديدا في مجال الإعلام، مع الأخذ في الاعتبار إلقاء نظرة متعمقة على حزمة القوانين والقرارات التعسفية التي تزيد من شرعية الجهات السلطوية في ممارسة انتهاكات بالغة ضد حرية الرأي والتعبير تحت عدة مزاعم، تنال منها هنا حرية الإعلام تهم السب والقذف، ونشر أخبار كاذبة، والتحريض، وإهانة الرئيس، إلى آخره من المصطلحات المطاطة، وبذلك تحول دون بناء نظام تشريعي يحمي حرية الإعلام وباقي الحقوق الأساسية.
وفي الفترة الأخيرة، لاحظت المؤسسة تزايد الهجمات على وسائل الإعلام المختلفة، وإلصاق التهم السالف ذكرها بها، وبالتالي إيجاد المبرر المناسب للمنع أو المصادرة بدعوى سب الرئيس أو التطرق إلى ذكر سيطرة الإخوان على مجريات الأمور، كما حدث مع بعض الكتاب والصحافيين الوارد ذكرهم في التقرير، كما رأت المؤسسة أيضا جنوح بعض الجهات للاستخدام السيء للقوانين المقيدة لحرية الإعلام في الآونة الأخيرة بدعوى التحريض على العنف وما إلى ذلك من تهم غير محددة.
ومن هنا جاءت أهمية التقرير، حيث تم إلقاء الضوء على القوانين المقيدة لحرية الإعلام في القانون المصري، وتوثيق أهم الانتهاكات التي حدثت مؤخرا، والوقوف على الإشكاليات التي تتضمنها هذه الانتهاكات سواء من ناحية مدى التزامها بالمعايير الدولية لحرية الإعلام \”حيث يتضمن التقرير بعض التجارب الدولية للتعامل مع هذه القضايا الشائكة\”، أو من ناحية الضرورة الاجتماعية لتجريم هذه الأفعال، ومدى اتساق ذلك مع أهداف المرحلة الراهنة وما تحمله من طموحات نحو مزيد من الحرية في مجال الإعلام دون قيود، خصوصًا أن هذه المسائل أصبحت شائكة في ما يتعلق بالحديث عن التوازن بين حُريَّة التعبير والحق في السمعة والاعتبار والحق في الخصوصية وغيرها من الحقوق الأخرى التي يرى البعض أنه ينبغي عدم تجاهلها عند الحديث عن حُريَّة التعبير.
ولذلك فقد جاءت توصيات التقرير لتركز على أهمية العمل على تعديل القوانين الحالية، وسن قوانين جديدة لحماية وتعزيز حرية الرأي والتعبير، التي تستلزم بالضروررة توافر الإرادة السياسية التي تتحمل المسئولية في حماية حرية التعبير من خلال امتناع الحكومة عن ارتكاب الانتهاكات وكذلك حماية الإعلاميين وأصحاب الرأي من التعرض لأي انتهاك وفرض الرقابة عليهم من أي طرف كان.