بيان صحفي: مقترح تعيين القيادات الجامعية يعصف باستقلال الجامعة ويزيد من تدخلات الجهات التنفيذية والأمنية

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter

20-5-2014

تابعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال الآونة الأخيرة تصاعد الهجوم على مبدأ انتخاب القيادات الجامعية في وسائل الإعلام المختلفة، وهو المبدأ الذي أقر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، من قبل المجلس العسكري، في 15يوليو 2012، بمرسوم بقانون رقم (84) لسنة 2012، نصّ على تعديل المادة (13) مكرر من قانون تنظيم الجامعات رقم (49) لسنة 1972، بعد أن أقرت وزارة التعليم العالي آلية الانتخاب للقيادات الجامعية، منذ سبتمبر 2011، عقب مطالبات واحتجاجات واسعة من قبل أعضاء هيئة التدريس. وجاء إقرار مبدأ انتخاب القيادات الجامعية بعد عقود طويلة من استخدام آلية تعيين رؤساء الجامعات من قبل رئيس الجمهورية كضمانة أساسية لسيطرة السلطة التنفيذية على الجامعات المصرية.

كما شهدت الآونة الأخيرة أيضًا تصاعد الجدل داخل المجتمع الأكاديمي بعد توجيه عدد من الاتهامات المرسلة لبعض رؤساء الجامعات بانتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، ومساهمتهم في تأجيج العنف في الجامعات، وتم استخدام الصراع السياسي القائم لإقصاء عدد منهم من مناصبهم، كما حدث في حالة رئيس جامعة بورسعيد «عماد عبد الجليل»، الذي أقيل من منصبه، في 23 مارس 2014، بقرار من رئيس الجمهورية عدلي منصور، وكذلك الاتهامات التي وجهت لرئيس جامعة الإسكندرية «أسامة إبراهيم»، والتي أدت لمنعه من السفر، في 6 ديسمبر 2013، حتى تقدم باستقالته من حزب الحرية والعدالة لاحقًا، وهي الاتهامات نفسها التي وجهت لرئيس جامعة المنيا «محمد الشريف»، وزاد عليها اتهامه بالفساد الإداري، شكل على إثرها المجلس الأعلى للجامعات لجنة ثلاثية للتحقيق معه، وينتظر إحالته للنيابة العامة بقرار من مجلس الوزراء، وفقًا لتصريحات وزير التعليم العالي.

وترى المؤسسة أن طرح آلية اختيار القيادات الجامعية للنقاش العام، والجدل الدائر حاليًا حول التعيين أو الانتخاب، يأتي في ظل ظروف تشهد تزايد الهجوم على استقلال الجامعات وتوظيف الصراع السياسي للقضاء على المكتسبات، التي حققها أساتذة وطلاب الجامعات منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير.

وقد نشرت جريدة الشروق، في عددها الصادر في 15 مايو 2014، مقترحًا حصلت عليه من مصادر بالجامعات بشأن مقترح مقدم من المجلس الأعلى للجامعات لتعيين القيادات الجامعية، ولم يعلن المجلس الأعلى للجامعات عن هذا المقترح، مكتفيًا بإرساله لرؤساء الجامعات تحت وصف «سري للغاية»، وهو ما يعني غياب الحوار داخل المجتمع الأكاديمي حول هذا التصور، وعدم وصول معلومات دقيقة لأعضاء هيئة التدريس عن الآلية الجديدة لاختيار القيادات الجامعية، ورغم ذلك أرجع المجلس الأعلى للجامعات في صدر مقترحه اللجوء إلى التعيين إلى “رغبة غالبية المجتمع الأكاديمي”، دون أن يوضح الخطوات التي قام بها لقياس هذه الرغبة.

وقد فوجئت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بتأكيد أمين المجلس الأعلى للجامعات ووزير التعليم العالي، الذي صرح في 18 مايو الجاري أن التصور الذي أعده المجلس الأعلى للجامعات بشأن تعيين القيادات الجامعية، تم إرساله إلى مجلس الوزراء لمراجعته، وإرساله إلى رئيس الجمهورية لإقرار التعديلات على المادة 13 مكرر من قانون تنظيم الجامعات، وهو ما يطرح أسئلة حول اختصاصات المجلس الأعلى للجامعات، وانحيازه للسلطة التنفيذية بالدولة، دون مراعاة المصلحة الأعلى للمجتمع الأكاديمي بمختلف طوائفه وتوجهاته، ودون مشاركة حقيقية لأعضاء هيئة التدريس.

وقد برزت معارضة قوية من جانب أعضاء هيئة التدريس، ظهرت من قبل  في صورة بيانات وعرائض احتجاجية من بعض نوادي أعضاء هيئة التدريس والحركات الجامعية، والتي عبروا عنها بالتوقيع على عدد من البيانات التي قُدمت لرئيس الجمهورية للتمسك بمبدأ الانتخاب.

وفي السياق ذاته تعرب مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن قلقها الشديد من مضمون مقترح المجلس الأعلى للجامعات، والذي احتوى على العديد من الثغرات التي تجعل عملية تعيين القيادات الجامعية، عرضة لتدخلات الدولة وأجهزتها من جهة، وللأهواء الشخصية للقائمين والمسئولين عن اختيار القيادات الجامعية من جهة أخرى. فقد نصّ مقترح المجلس الأعلى للجامعات على تعيين لجان لاختيار المرشحين لتولي منصب (رئيس الجامعة، عميد الكلية، ورئيس القسم)، ولم يشترط في أعضاء هذه اللجان إلا “الخبرة الطويلة بالعمل الجامعي”، على أن تضم اللجنة المعينة لاختيار رئيس الجامعة 7 أعضاء، يعين المجلس الأعلى للجامعات 5 منهم، ويعين مجلس الجامعة المعنية اثنين آخرين.

وترى المؤسسة أن تشكيل اللجان المسئولة عن اختيار المرشحين وتزكية ثلاثة منهم للحصول على المنصب، يخلو من أي معايير أو ضوابط واضحة، ويمنح الفرصة لمجالس الجامعات والكليات المختلفة للتحكم منفردين في اختيار أعضاء هذه اللجان، كما يتيح للمجلس الأعلى للجامعات أن يعين العدد الكافي لاختيار رئيس الجامعة، بالإضافة إلى ذلك فقد أثيرت مخاوف عميقة من بعض التصريحات المنسوبة لأمين المجلس الأعلى للجامعات، والتي تتناول ضرورة وجود موافقة من الجهات الأمنية على المرشحين لمناصب القيادات الجامعية.

وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير على قلقها البالغ من الآليات المطروحة لاختيار القيادات الجامعية وتعرب عن رفضها لها  شكلًا ومضمونًا، وتناشد الجهات المعنية وقف إقرار مقترح المجلس الأعلى للجامعات الحالي لتعارضه مع مبادئ استقلال الجامعة. وتدعو المؤسسة إلى فتح مجال المشاركة لجميع أعضاء هيئة التدريس في صنع القرار المتعلق باختيار القيادات الجامعية، وذلك بعد تهيئة المناخ لعرض وتبادل كافة وجهات النظر، بما يضمن الوصول إلى آلية اختيار للقيادات الجامعية، بضمانات واضحة للحفاظ على استقلال الجامعة وضمان عدم العودة لعصور تدخل السلطة التنفيذية في الشأن الجامعي.

محتوى المدونة منشور برخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 4.0